الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الأكثر تضررًا كيف تدفع إفريقيا «فاتورة» التغير المناخى؟

على الرغم من إسهامها بـ3 % فقط من انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة للتغير المناخى.. إلا أن القارة الإفريقية ودولها من أكثر المناطق المتأثرة بأزمات التغير المناخى، وما تحمله هذه التغيرات من تداعيات قد تعيق جميع السبل والجهود المبذولة للتنمية داخل القارة السمراء.



ووسط دعوات إقليمية وعالمية، جاءت المطالبات بزيادة الدعم الدولى للقارة الإفريقية، لما قد يواجهه شعوب البلدان الإفريقية من أزمات قد تكون «مميتة» بفعل التغيرات المناخية، ووسط اتخاذ بعض الدول الكبرى فى أوروبا وأمريكا وأيضًا فى شرق آسيا قرارهم بتأجيل المشروعات الخضراء، والعودة إلى الفحم والطاقة النووية، بسبب أزمة الغاز الروسى، كان على الجانب الآخر من العالم مطالبات بوقف «نزيف الكرة الأرضية»، وتوحيد العالم فى مواجهة هذه الأزمة الطاحنة، فالشعوب الإفريقية بالفعل داخل نفق يهدد بحياة الملايين، ويهدد أيضًا ببقاء بعض الدول والبلدان على سطح الأرض.

 التعاون الإقليمى

من أجل تعزيز العمل المناخى فى إفريقيا.. انطلقت فى «ليبرفيل» عاصمة الجابون فعاليات أسبوع المناخ لإفريقيا.. حيث تجتمع الحكومات والمؤسسات الدولية والمجتمع المدنى والمهتمون وأصحاب المصالح فى أسبوع المناخ لإفريقيا، فى الفترة من 29 أغسطس وحتى 2 سبتمبر، وسط دعوات قوية لتسريع تنفيذ اتفاق باريس للمناخ المبرم عام 2015، وقبل أشهر قليلة من انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة «COP27» الخاص بتغير المناخ فى نوفمبر المقبل فى شرم الشيخ، والذى يضع على رأس أولوياته كيفية التعامل مع تغير المناخ، وسبل خفض الانبعاثات والحفاظ على هدف 1.5 درجة، والتمويل المناخى اللازم لتحقيق الأهداف المناخية.

وخلال المؤتمر استعرض وزير الخارجية المصرى سامح شكرى، رؤية الرئاسة المصرية لمؤتمر «COP27» حول شتى موضوعات المناخ، وخاصة التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من تداعياته السلبية ومعالجة الخسائر والأضرار وحشد تمويل المناخ، معربًا عن تطلعه إلى أن يسهم هذا الحدث فى بلورة موقف إفريقى موحد خلال المؤتمر، بهدف إنجاحه وخروجه بالنتائج المنشودة لتعزيز عمل المناخ الدولى على شتى الأصعدة.

كما أوضح وزير الخارجية، أن القارة السمراء تملك فرصًا واعدة مع وجود عدد كبير من الشباب وتوافر الموارد الطبيعية والإمكانيات الاقتصادية، وعلى الرغم من أن القارة الإفريقية تساهم بـ 3% فقط من الانبعاثات فإن القارة تواجه آثار التغير المناخى التى تعيق جهود التنمية، وهذه التأثيرات تحدث بطريقة متسارعة مع كثافة فى القرن الإفريقى ومنطقة الساحل وجنوب إفريقيا وسواحل البحر المتوسط، والقارة الإفريقية إحدى المناطق الأكثر تأثرًا بتغير المناخ وفقًا لأحدث الإحصائيات والتقارير الخاصة باتفاقية تغير المناخ.

مخاطر الخارج

ووفق خبراء، فإن هناك دولًا أخرى يجب أن تتخذ خطوات جادة لحل هذه الأزمة، خاصة وأنها صاحبة الأرقام الأكبر فى هرم الدول من إجمالى الانبعاثات الضارة بالمناخ، ومنها روسيا بنسبة 4 %، والهند التى تصل نسبتها إلى 7 %، والولايات المتحدة مسئولة عن 14%، أما الصين فالنسبة فيها هى الأعلى عالميًا عند 30 %.

ووفقًا للرقم القياسى العالمى لمخاطر المناخ، فنصف الدول الأكثر تعرضًا للضرر فى إفريقيا، هى موزمبيق والنيجر وجنوب السودان وزيمبابوى ومالاوى. كما تأتى الدول الإفريقية فى مراتب المخاطر العليا فى شح المياه والأمن الغذائى. ووفقًا لمؤشرات الجوع وسوء التغذية، تحتل دول إفريقية مراتب الحالات الحرجة، ومنها الصومال وبوروندى وتشاد وإفريقيا الوسطى وجزر القمر والكونغو ومدغشقر وجنوب السودان. كما تستنزف حماية المدن الشاطئية وبنيتها الأساسية موارد ضخمة، مع ارتفاع مستوى البحر المهدد لسواحل القارة السمراء.

وقد دعت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، أوائل الشهر الجارى، إلى توفير المزيد من التمويل لمساعدة البلدان فى إفريقيا على التكيف ومواجهة تداعيات التغير المناخى، خاصة فى ظل حدة التغير، وارتفاع درجات الحرارة ومنسوب مياه البحر، وظروف الجفاف فى بعض الدول، والفيضانات فى بعض الدول الأخرى.

وعلى الرغم من أن انبعاثات القارة السمراء قليلة نسبيًا إلا أنه بشكل عام ترتفع درجة حرارة القارة بأسرع من المتوسط العالمى.

وكان العام الماضى واحدًا من أكثر أربعة أعوام حرارة على الإطلاق، حسبما ذكرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية فى تقريرها «حالة المناخ فى إفريقيا 2021».

كما ألقى تقرير المنظمة بالضوء على تزايد اضطراب أنماط الأمطار، والذى أدى إلى أسوأ موجة جفاف فى القرن الإفريقى منذ أكثر من 40 عامًا، بجانب فيضانات مدمرة فى مناطق جديدة من القارة بوتيرة أكثر تكرارًا.

وسجل جنوب السودان أسوأ فيضانات منذ 60 عامًا العام الماضى، والتى ألحقت أضرارًا بأكثر من 800 ألف من السكان، بينما شهدت تشاد هذا العام أكثر هطول للأمطار خلال ما يزيد على 30 عامًا، لتواجه مع العديد من البلدان الأخرى فى وسط وغرب إفريقيا فيضانات موسمية.

أزمة البشر

وفق خبراء، فإن الحرارة الشديدة والأمطار الغزيرة تفاقمت بسبب تغير المناخ الذى يسببه البشر، وسوف تزداد شدتها وتواترها مع استمرار ارتفاع درجة حرارة الأرض.

وقال الأمين العام المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، بيتيرى تالاس، إنه لتحسين مقاومة البلدان الإفريقية، فمن الضرورى أن تسرع القارة الجهود لتأسيس أنظمة إقليمية ومحلية قوية للإنذار المبكر وخدمات مناخية».

وأوضح أنه من المستبعد أن تحظى أربع من كل خمس دول إفريقية بموارد مياه مدارة على نحو مستدام فى غضون سبع سنوات، ومن المتوقع أن يؤدى الإجهاد المائى وحده إلى نزوح ما يصل إلى 700 مليون شخص فى الفترة نفسها.

كما أوضح تالاس، أن الحاجة إلى مزيد من الاستثمار فى التكيف مع المناخ أمر بالغ الأهمية، وأن التأثيرات المناخية يمكن أن تكلف الدول الإفريقية 50 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2030، ويأتى الجفاف والفيضانات فى مقدمة بواعث القلق.

 مطالبات للحل

ولوقف نزيف القارة السمراء من تداعيات هذه الأزمة فيجب العمل على الالتزام ببعض الأسس أهمها، التزام تعهدات اتفاق باريس لعام 2015، وما يرتبط بها من إجراءات تخفيف الانبعاثات الضارة بالمناخ، حتى لا تتجاوز حرارة الأرض 1.5 درجة مئوية ارتفاعًا عن متوسطاتها قبل الثورة الصناعية الأولى، علمًا بأن العالم يعانى ما يعانيه اليوم من أزمات مرتبطة بتغيرات المناخ ودرجة حرارة الأرض لم تتجاوز 1.1 درجة مئوية. ولكن تجدر الإشارة إلى أن مناطق إفريقية، خصوصًا فى شرق القارة، تجاوزت مستويات حرارة الأرض فيها المتوسطات العالمية حتى بلغت 2.2 درجة مئوية، أى ضعف المتوسط العالمى.

يرى خبراء، أنه يجب إعطاء الأولوية المستحقة لإجراءات التكيف مع تغيرات المناخ، والتى لم تحظَ بنصيب عادل من الاهتمام فى السياسات العامة، أو التمويل الدولى المخصص لها الذى لا يتجاوز 20% من إجمالى التمويل، كما لا تستفيد القارة الإفريقية من التطورات التكنولوجية فى مجال التكيف، وهو ما قطعت فيه البلدان المتقدمة أشواطًا بعيدة فى تعزيز مقاومة بنيتها الأساسية، وفى إدارة موارد المياه، وما يرتبط بالزراعة والغذاء، فضلًا عن حماية السواحل وغيرها من مجالات يتضافر فيها تأثير التقدم التكنولوجى مع التمويل اللازم للاستثمارات المطلوبة، للتكيف مع تغيرات المناخ.

من جهة أخرى، فإن بناء نظام متكامل للإنذار المبكر، مع تطوير القدرات المحلية فى البلدان الإفريقية للاستجابة السريعة لتغيرات المناخ. كما ستستفيد الدول من مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة، لإنشاء نظام عالمى متكامل فى خلال 5 سنوات، والتى أعلن عنها فى شهر مارس الماضى، للتعامل مبكرًا مع مخاطر تغيرات الطقس والمناخ الحادة. وحتى تتحقق هذه الاستفادة فى إفريقيا التى يغيب عن 60% من سكانها خدمات نظم الإنذار المبكر، يجب الاستثمار فى الإمكانيات المؤسسية فى جميع المجتمعات المحلية، وعدم قصرها على العواصم والمدن الكبرى، فالفيضانات والأعاصير وتقلبات الطقس الحادة لا تفرق بين ريف وحضر.

وأخيرًا، من الممكن لإفريقيا أن تلعب دورًا محوريًا فى تطوير سوق متكاملة للكربون، بما تمنحه أراضيها الشاسعة وغاباتها ومواردها الطبيعية من فرص؛ خصوصًا فيما يمكن أن يمزج بتوازن بين متطلبات التخفيف والتكيف فى إطار العمل المناخى. ولكن هذا يتطلب تعاونًا دوليًا ومشاركة مع القطاع الخاص، لكى تكتسب سوق الكربون عمقًا وسيولة.