الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
ع المصطبة.. الملابس الجاهزة كنز لم يستغل بعد

ع المصطبة.. الملابس الجاهزة كنز لم يستغل بعد

بالتوازى مع النهضة المرتقبة فى صناعة الغزل والنسيج فى مصر، التى تحدثنا عنها فى مقال سابق، حيث تحاول الدولة بكل جدية استرداد عرش مفقود، فإن هذه النهضة تستوجب علينا أن تكتمل دائرة هذه الصناعة الاستراتيجية المهمة من خلال تعظيم صادرات الملابس الجاهزة، الأمر الذى يؤدى إلى مضاعفة القيمة المضافة لمنتجات الغزل والنسيج، وفتح آفاق أوسع من فرص العمل فى صناعة تعتمد بشكل كبير على العمالة الكثيفة.



ولأن لغة الأرقام لا تكذب ولا تتجمل، نجد أن قطاع الملابس الجاهزة فى مصر استطاع أن يقفز خلال السنتين الماضيتين، ويحقق ارتفاعًا فى الصادرات بنحو 50 % ليصل إجمالى هذه الصادرات إلى 2.4 مليار دولار، إلا أن هذا الرقم لا يزال بعيدًا عن الهدف المطلوب؛ فيكفى أن نعلم أن صادرات دولة مثل بنجلاديش فى هذا القطاع بلغت 35 مليار دولار، أى أن الصادرات المصرية من الملابس الجاهزة بالكاد توازى 7 % مما تصدره بنجلاديش، فى حين نجد أن دولة مثل فيتنام استطاعت أن تنافس بنجلاديش لتأتى فى المرتبة الثانية بعد الصين التى تهيمن على هذه الصناعة عالميًا، من حيث قيمة الصادرات، إذ ركزت فيتنام على الملابس التى تستهلكها الطبقات متوسطة وعالية الدخل، بعدما أدت جائحة كورونا إلى قلة الطلب على ملابس الطبقة منخفضة الدخل.

ولا تزال منتجات الملابس الجاهزة المصرية بحاجة إلى فتح أسواق جديدة وتعظيم صادراتها إلى أسواقها الحالية؛ حيث تؤكد نشرة الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أن الصادرات المصرية من الملابس الجاهزة جاءت فى المرتبة الأولى بنسبة 47.6 % من إجمالى الصادرات للولايات المتحدة الأمريكية، بقيمة بلغت 1.2 مليار دولار عام 2021، لكن إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية تعد أكبر الأسواق لاستقبال صادرات قطاع النسيج، تليها السوق الأوروبية، إلا أن حصة مصر من تلك الأسواق لا تتجاوز 1 % من الصادرات المتوجهة إليها.

كما تحتل صادرات مصر من الملابس الجاهزة فى السوق الإفريقية المرتبة الثالثة، بينما كان يتوجب عليها أن تكون فى المرتبة الأولى، حيث إن السوق الإفريقية تستورد الملابس المستعملة وملابس الماركات العالمية الشهيرة المعروفة بملابس «البالة» من الأسواق الأوروبية، بينما لدى المصانع المصرية القدرة على التوسع فى السوق الإفريقية عن طريق تصدير ملابس الماركات العالمية بدلًا من الملابس المستعملة.

وتلجأ شركات الملابس العالمية إلى مصانع الدول الآسيوية لتصنيع منتجاتها نظرًا لرخص الأيدى العاملة ورخص عملتها مقابل الدولار، وهذان الأمران متوافران لدينا، بل تتميز مصر بقربها من الأسواق الأوروبية والإفريقية، مما يوفر ميزة تنافسية فى تكاليف النقل، ناهينا عن الطفرة التى يشهدها قطاع الغزل والنسيج حاليًا، الأمر الذى يجعلها مهيأة لأن تصبح مركزًا إقليميًا وعالميًا لصناعة الملابس الجاهزة.

ومن أجل تحقيق ذلك لابد أن يتم النظر لهذه الصناعة عبر حزمة حوافز ضريبية، وتوفير الاعتمادات اللازمة لاستيراد مستلزمات الإنتاج، والتوسع فى التعليم الفنى الخاص بصناعة الملابس لتخريج عمالة ماهرة تحتاجها تلك المصانع، مع ضرورة تركيز هذه المصانع على احتياجات الأسواق العالمية.

هناك أيضًا مشكلة إغراق السوق المحلية بمنتجات أجنبية رخيصة، وهى غالبًا ما تدخل البلاد بطرق غير مشروعة، مما يؤذى المنتج المحلى.

ورغم كل الظروف الاقتصادية العالمية، فإن معدلات زيادة الصادرات المصرية من الملابس الجاهزة خلال العامين الماضيين، تشير إلى أن هذا القطاع واعد ومبشر، ويمكن أن يصبح ركيزة أساسية فى تعظيم مصادر العملة الصعبة وخلق فرص عمل كثيرة نحن فى أمسّ الحاجة إليها.