الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

تعالى صوت العنف والنفعية فى المجتمع وراء جرائم قتل وانتحار الفتيات!

لطالما كان يدور سؤال مهم خلف جدران بيوتنا لاسيما بيننا وبين أمهاتنا ونحن مراهقات صغيرات نتطلع للدخول إلى الجامعة والجلوس بجانب زملائنا فى الدراسة، فكان السؤال هو الإجابة ببساطة مفاده أن أى علاقة تجمع بين شاب وفتاة رجل وامرأة مسئولية من تحديد نوع هذه العلاقة وحدودها وإلى أين ستصل وكيف سيكون مستقبلها، مسئولية من منهما أمام نفسيهما وأمام المجتمع!



فدائمًا ما كانت تحذرنا أمهاتنا بأن المرأة هى من بيدها زمام باب العلاقة وتحديد نوعها بعيدًا عن خيالات الرجل وذكوريته حتى وإن ظن أنه محدد العلاقة وقائدها.. وأن المرأة الواعية هى من تضع الحدود وترتب الأولويات حتى يعرف كل رجل حولها دوره الحقيقى فى حياتها دون لغط أو اختلاط فى الأمر، وهو ليس عيبًا لتكون هذه العلاقات صادقة بريئة بعيدة عن تلوث الخداع أو تضخيم الخيالات.

الحقيقة اليوم تقع الكثير من الفتيات فى كثير من المشكلات بسبب هذا الخلط اللاحدودى فى تحديد نوع العلاقة مع زملاء الدراسة أو العمل أو حتى هؤلاء الأصدقاء حولهن على مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة، الأمر الذى وصل إلى القتل فى أحداث مشابهة لثلاث فتيات على يد زملائهن، أو حتى إلى انتحار العديد من الفتيات اللاتى تم استغلال صور لهن على يد شباب ضال أرادوا ابتزازهن ليقتلن أنفسهن!، تعدد هذه الحوادث التى تفصل كل واحدة عن الأخرى شهور يجعلنا نسأل: من المسئول عن تطور الوهم لدى هؤلاء الشباب الذكور إلى حد الوصول لمشاعر الحب والهيام الكاذب الذى يصطدم مع واقع رفض الفتاة لهذا الشاب ومن ثم يحوله إلى جلاد يبحث عن الانتقام السريع حتى لو تحول إلى مجرم قاتل يفقد حياته ومستقبله؟!

فتحت الحياة على مصراعيها أمام شباب وشابات اليوم بفعل الزمن والتطور والتكنولوجيا ولم يعد فى مقدور أى أب وأى أم أن تغلق على بنات وشبان اليوم أبواب الغرف ويطمئن قلبهما أن أولادهما بخير، واهم من ظن ذلك!

هل من الرجعية أو التخلف لو نصحت كل أم ابنتها وأفهمتها أن وعيها بكيفية إدارة علاقاتها بالمجتمع هو من شأنه أن يعلى من شأنها وقيمتها، بل يحافظ عليها وعلى سمعتها.

من ناحية أخرى هل أصبح ضروريًا أن يفرق أى شاب أو رجل بين الشهامة وتقديم المساعدة لامرأة وبين امتلاك قلبها وعواطفها ومشاعرها، المرأة كائن حساس فى طبيعته قد تأسرها شهامة الرجل ويجعلها تشعر بالامتنان، ولكن هذا ليس قيدًا يضعه فى عنقها لتكون مرغمة لمبادلته مشاعر وعواطف لم تشعر بهما! يجب أن يفهم ذلك جيدًا.

وإذا كان دور الأم ثقيلاً مثقلاً على كاهلها مع أولادها نظرًا لانفتاح الحياة فإن دور المجتمع التثقيفى للشاب والفتاة لا يقلان أهمية عن دور الأم والأب والأسرة، كذلك دور المؤسسات الدينية ودور الدراما والإعلام وهو ما أكدته لى د. هالة منصور أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس وتقول: هناك سببان مهمان لوقوع الحوادث العنيفة التى حدثت مؤخرًا أولاً أصبح صوت العنف فى المجتمع هو الصوت الغالب سواء فى الدراما والأخبار والأغانى، وكل الخطاب الموجه حتى داخل الأسرة الواحدة هو خطاب عنيف نتيجة لضغوطات الحياة وصراع الأدوار لدى كل من الأب والأم وضغط اقتصادى واجتماعى حتى فى لغة الخطاب الدينى التى تتحدث عن العذاب بكل تفاصيله ولا تتحدث عن الرحمة مثلاً كل هذا أدى إلى تغذية حالة العنف فى المجتمع وكل واحد عاوز يأخذ حقه بيديه، الأمر الثانى هو بعد النفعية.. أصبحت كل العلاقات تحكمها درجة كبيرة من النفعية يعنى الرجل لما يقدم المساعدة يكون فى باله إيه المقابل والفتاة تستغله أيضًا وتوهمه بالحب والاهتمام ليحقق لها ماتريد من مساعدة وتتخيل أنها فى أى لحظة تنسحب والشاب أو الرجل يرى أنه مادام قدم نوعًا من أنواع المنفعة لها أصبحت ملكيته الخاصة ومن حقه أن يتعامل معها بالطريقة التى يريدها وأنه سيد الموقف، والغريب أن كل واحد منهما يجد من يتعاطف معه ويعطيه مبررًا، وهو ما وجدناه فى حادثة قتل نيرة أشرف، ووجدنا أن المجتمع انقسم متعاطفًا مع كل منهما ووجد كلاهما ضحية القاتل والمقتولة، وهو أمر خطير يخض بجد ولابد أن يقف المجتمع كله وقفة مع نفسه وتغيير لغة خطابه ومفاهيمه المضطربة.

وتؤكد الدكتورة عزة هيكل أن فتيات اليوم أصبحن أكثر قوة وانفتاحًا من الأمهات ولديهن أسرارهن التى تكون مخبأة عن الأم، لذا لا يمكن إلقاء اللوم على الأم وتربيتها فقط، وأقول هنا أين قوتنا الناعمة اليوم فى تصحيح الكثير من الأمور المغلوطة أين الأفلام التى تتحدث عن الحب الحقيقى بعيدًا عن العنف والقتل والمنفعة والانتقام!

للأسف شباب اليوم محاط بمفاهيم غريبة علينا سواء فى الألعاب الإلكترونية التى يتابعونها أو الأفلام الأجنبية التى تكرس لكثير من الأخلاقيات الشاذة والغريبة!

الحقيقة اليوم هناك كم كبير من الحرية والعلاقات المفتوحة بين الشاب والفتاة وكلاهما لايعرف كيفية ضبط هذه المسافة فى أى علاقة!

والفتيات اليوم أصبحن متابعات لكل المنصات الاجتماعية ويردن تقليد فتيات هذه المنصات الغريبات عن المجتمع المصرى، والشبان اليوم أيضًا لديهم الكثير من المشاكل النفسية التى يغذيها تعاطيهم للمخدر، لذا لا عجب أن كل من الشاب والفتاة مسئول عن خروج أى علاقة عن إطارها الطبيعى والوصول إلى جرائم بشعة تتعرض لها بناتنا اليوم، والحقيقة أن وضع الحدود لهذا الانفلات المجتمعى وتحديدًا فى العلاقات بين الفتاة والشاب مع تهذيب روح ونفس المجتمع من خلال قصص وأفلام ومسلسلات عن الحب الحقيقى والتضحية والشهامة لعودة الأخلاق بمفاهيمها الرزينة ومنع الأذى عن شبابنا شباب مصر المستقبل.