الإثنين 17 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
آثار «نجوم الشعب» من حق «الشعب»

آثار «نجوم الشعب» من حق «الشعب»

مقتنيات «نجوم الشعب» من المشاهير هى ليست فقط جزءًا لا يتجزأ من أصول مشوارهم؛ بل هى تمثل مساحة أصيلة من تاريخ الفن، ولهذا من الواجب الحفاظ عليها كآثار خاصة وكنوز ثمينة للأجيال القادمة وأيضا مصدر معلومات للباحثين فى تاريخ الفن.



 أقول قولى هذا على خلفية «مرمطة» مقتنيات كبار المبدعين على مدار الأيام الماضية وتلقى الوسط الفنى وغير الفنى صدمتين ترسمان حجم المأساة. الأولى تخص عبقرى التصوير السينمائى د.رمسيس مرزوق، وانفردت «روزاليوسف» بنشر تفاصيلها بالكامل وشرحت الزميلة «هبة محمد على» كواليس إهمال تراثه، والأسبوع الماضى تحديدًا كان الفنان الكبير نور الشريف هو أحدث ضحية وبطل قصة جديدة للإهمال بعد طرح مقتنياته للبيع على مواقع التواصل الاجتماعى فى مزاد إليكترونى وبثمن بخس.

حجم الكارثة من الممكن إدراكها إذا علمت أن من بين هذه المقتنيات أوراقًا وصورًا خاصة ووثائق فنية ومستندات مهمة لسيناريوهات أبرزها لفيلم «ناجى العلي» الذى أثار ضجة كبرى قبل عرضه، إلى جانب ألبوم كامل لصور الفيلم النادر والذى يعد وثيقة تاريخية إلى جانب نسخة أصلية نادرة من مسرحية «قطة على سطح صفيح ساخن» للمؤلف الأمريكى تينيس ويليامز التى تحولت إلى فيلم بحمل الاسم نفسه، وكتب ثمينة ونادرة فى تاريخ الفن والدراما وتاريخ مصر، وعلى رأسها مجلد «مصر ولع فرنسي» وبعض الأوراق الخاصة بخط يده وأشرطة بعض أفلامه والبرامج التى تحدث فيها عن تاريخه وكلها لها قيمة كبيرة للإعلاميين والباحثين والمؤرخين لأنها من الممكن أن توثق فترة مهمة، أما الكارثة الأكبر فهى عرضها للبيع بأسعار زهيدة، وفى المقابل صفحات ساخرة تقول: ‏نور الشريف على الرصيف فى سوق الروبابيكيا والاستنجاد لمن يهمه الأمر والقول: فين وزارة الثقافة فين دور الدولة فى الحفاظ على تراثنا وتاريخنا؟! مما أثار استياء عشاق نور الشريف الذين علقوا بأن هذه المقتنيات أهدتها أسرته إلى مكتبة الإسكندرية. لكن السؤال المهم هو كيف تسربت هذه المقتنيات ومن المسئول عن هذه الجريمة وإهدار تاريخ واحد من كبار النجوم.

السيناريو المأساوى نفسه،  تكرر أخيرًا مع ساحر الضوء رمسيس مرزوق قبل مرور عام من رحيله ومقتنياته التى وصلت رأسًا لأحد المهتمين بجمع الأرشيفات الفنية وأعلن عن تسويقها لمن يدفع أكثر فى صفحته الشخصية  ولا نعلم كيف وصل إليه وسط اتهامات متبادلة من الورثة وحتى الآن، لا نعرف أين وسام فارس الذى حصل عليه من إحدى الاكاديميات الشهيرة بفرنسا وشهاداته وجوائزه الثمينة وكاميراته الأثرية وأرشيف صوره ولا حتى مقتنيات زوجته الكاتبة عواطف صادق الزميلة بمجلة صباح الخير وما زال شقيقه الفنان زوسر مرزوق يبذل جهودًا لاستعادتها.

ضياع مقتنيات رمسيس مرزوق ونور الشريف أعاد للأذهان أيضًا سيناريو العبث بتاريخ فنان الأوبرا العالمى «حسن كامي» فى مواقع التواصل الاجتماعى عندما طرحت أوراق مهمة ومقتنيات ثمينة يملكها  من بينها مستندات تاريخية ومهمة تعود إلى أكثر من نصف قرن للراحل شكرى راغب رئيس الأوبرا الملكية إلى جانب مشروع متكامل لتطوير الأوبرا المصرية وخطط اجتذاب السياح وتقديم أوبرات عالمية فى عدد من الأماكن الأثرية وهو نفس الاتجاه الذى تسير فيه القيادة المصرية لبناء الجمهورية الجديدة ومن الممكن الاستفادة منه فى المشروع العملاق لمدينة الفنون بالعاصمة الإدارية.

»

إذا كانت تركة المشاهير وممتلكاتهم الخاصة من عقارات وحقوق الأداء العلنى وأرصدة بنكية -إن وجدت - من حق «الورثة»، فإن  المقتنيات الفنية فى المقابل تمثل كنوزًا حقيقية بوصفها جزءًا من تراث وثقافة المجتمع المصرى من حق«الشعب» ويجب تفعيل دور جمعية أبناء فنانى مصر برئاسة المستشار ماضى الدقن والنقابات الفنية ووزارة الثقافة للمحافظة عليها؛ سواء أوصى الفنان بذهابها للدولة أو لم يطلب ذلك بهدف حفظها وعرضها فى المتاحف القومية مثلما فعل موسيقار الأجيال الذى خصصت له الأوبرا متحفًا بمعهد الموسيقى العربية ولو تطلب الأمر إضافة تشريع تحت رقابة وزارة الثقافة يضع بنودًا ملزمة للورثة حتى لاتضيع هباءً.>