الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
لماذا توقفت عن الضحك؟!

لماذا توقفت عن الضحك؟!

يقولون فى الأمثال إن هناك هما يضحك وهما يبكى، وما دام كلاهما هما سواء المضحك أو المبكى، فمن ناحيتى اقتنعت أنه يجب التوقف عن الضحك تمامًا حتى لا أموت، مخالفًا فى ذلك الكاتب المسرحى الراحل «لينين الرملى» الذى سبق أن كتب مسرحية عرضت على خشبة المسرح القومى تحت عنوان «اضحك لما تموت»، وعلى الرغم من أن علماء النفس أكدوا فى أبحاثهم أن الضحك يطيل العمر، ولكن الواقع الفعلى وظروف الحياة تؤكد أنه لم يعد هناك أدنى مجال للضحك، فكيف أضحك وأنا أرى يد الإرهاب الأسود تسعى بجل جهد للنيل من خيرة شبابنا فتترمل الزوجات وييتم الأولاد دون ذنب، لمجرد أن دعاة الإرهاب يحللون القتل والاعتداء على الأبرياء، طالما ابتعد أملهم وخاب عن العودة إلى حكمنا مرة أخرى.. وكيف يمكن لى أن أضحك وبعض أصحاب النظريات والتكليفات الخاصة يخرجون علينا بين الوقت والآخر، طالبين منا ضرورة إجراء مصالحات مع هذا الفصيل الإرهابى عاشق الدم والهدم والخراب، تحت حجج وأوهام أن استبعادهم يضر أكثر مما يفيد.



وكيف يمكن أن أضحك ومواقع التواصل الاجتماعى والسوشيال ميديا، أصبح لها اليد العليا فى تسيير أمور حياتنا، بخلاف كونها أكبر مصدر لهدم استقرار الأسرة المصرية عقب استحضارها فى غير محلها لهتك الأعراض وإفشاء الأسرار والابتزاز، حتى وصل معها الأمر إلى أنها أصبحت المتحكمة فى البعض من المسئولين الذين يهابون التعرض لهم أو ذكر اسمهم على هذه المواقع، حتى ولو كان ما ينالهم من هجوم وانتقاد ليس له أى أساس من الصحة.

وكيف يمكن أن أضحك ونحن لا نكف عن الكلام (فى الفاضى والمليان) وكأننا تحولنا بين عشية وضحاها إلى خبراء نفهم ونفتى فى السياسة والاقتصاد والاجتماع والقانون والصحة، حتى المشاكل العاطفية نخترع حلولاً وتخريجات لها، ورغم فتاوانا وكلامنا فى كل شىء رغم كونه غير مؤسس على علم أو منهج، أجد البعض أيضًا وبقدرة قادر يعملون على توجيه النقد وإشاعة الإحباط والتحذير مما هو قادم، لكل مشروعات وخطط التنمية التى تقدمها الدولة لتلبية احتياجات مواطنيها فى جميع المجالات، يحدث هذا فى الوقت الذى أهدرنا فيه بقصد وتعمد قيمة العمل والاجتهاد والسعى لتحقيق معيشة أفضل.. وكيف أضحك وخطر الزيادة السكانية يلتهم جميع عمليات التنمية والإصلاح الاقتصادى بفضل نظرية (العزوة) التى ما زالت تتحكم فى مقدرات المجتمع المصرى. 

وكيف يمكن لى أن أضحك وقرارات ترشيد الاستيراد التى تم إقرارها لجلب المزيد من العملة الصعبة لخدمة اقتصاد البلد ساوت فى المعاملة بالمنع بين السلع الاستفزازية والسلع أو المواد الخام التى تدخل فى تصنيع العديد من المنتجات التى كان يتم تصديرها أصلاً للخارج ويحصّل ثمنها بالعملة الصعبة.

وكيف أضحك وغلاء الأسعار يستنزف ما فى الجيوب نتيجة لجشع بعض التجار، أو لتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع معدلات التضخم، رغم محاولات الحكومة التصدى له بقدر استطاعتها، لدرجة وصل معها الأمر إلى قتل رب أسرة لجميع أفراد أسرته لعدم قدرته على الوفاء بمتطلباتهم اليومية.

وكيف يمكن أن أضحك وعدد لا بأس به من الأطباء أسعار الكشف فى عياداتهم تخطى دخل المواطن فى أربع أو ثلاثة أشهر، فى حين أن بعضهم لا يذهبون أصلاً إلى مقار عملهم، لذلك نرى يوميًا على صفحات الجرائد إيقاف العديد منهم عن العمل وتحويلهم للتحقيق، أما الأطباء حديثو التخرج فأغلبهم الآن يفضلون الهجرة خارج مصر للعمل فى العديد من الدول التى تجزل لهم العطاء.

وكيف يمكن أن أضحك وحال التعليم فى مصر لا يسر عدوًا أو حبيبًا؟! تعليم يسير طبقًا لمنهج الحفظ لا الفهم، تعليم يزيد من أعداد البطالة فى المجتمع ولا يسهم فى حل مشكلاته، تعليم ما زالت كثافة فصوله من حيث حضور التلاميذ والتلميذات مرتفعة، ويتم ضربهم وكسر أياديهم فى حالة الخطأ من قبل بعض المدرسين والمدرسات الذين لا يفقهون شيئًا عن العملية التعليمية برمتها، فتزيد أعداد المتسربين منه بفضل ما يفعله بعض مدرسى وزارة التعليم.

وأخيرًا كيف يمكن أن أضحك ولاعب الكرة فى مصر تعدى سعره الـ 50 مليون جنيه، فى حين أن العلماء لا يجدون مَن يقدرهم ويقدر جهدهم وبحثهم فى المعامل عما ينفع مصر ويصلح من شأنها؟! وكيف أضحك وجماهير الرياضة فى مصر تكاد تعصف بها حرب أهلية بسبب تصريحات غير مسئولة تشعل الفتن بينها وبين بعضها البعض وبين أطراف أخرى خارجية تصدر من قبل بعض مسئوليها!

لهذا ولغيره كثير سأظل ممتنعًا عن الضحك على نفسى أو على غيرى حتى لا أموت.. لحين ظهور بصيص أمل فى غد أفضل، أتمنى أن يتحقق بجهود مشتركة بين الدولة ومواطنيها.. وقتها فقط أستطيع أن أضحك بملء العين والفم.