الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

قمة العلمين تحالف «التحديات» العربى المشترك

على مدار الشهور الماضية، شهد التعاون العربى بين مصر وأشقائها صورة من التكاتف المشترك للوقوف أمام التحديات الإقليمية والعالمية، عكست مدى عمق وتفاهم ووحدة الصف العربى أمام جميع التحديات.



وجاءت القمة الخماسية الأخيرة فى مدينة العلمين، بدعوة من الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى إطار التنسيق والتشاور المستمر بين هذه الدول، بما يخدم العمل العربى المشترك، ويدفع العلاقات العربية إلى مستوى متقدم، لمواجهة مختلف التحديات الدولية والإقليمية الراهنة، فى توقيت غاية فى الأهمية لما تمر به المنطقة من متغيرات استراتيجية وسياسية، كذلك التحديات والأزمات العالمية التى تؤثر بصورة قوية على مستقبل الدول والأمم، فكان أهم الملفات التى تم طرحها خلال قمة العلمين تداعيات وآثار الأزمة الروسية- الأوكرانية على دول المنطقة، والأزمة الراهنة فى العراق والأوضاع على كل من الساحة الفلسطينية والليبية واليمنية، وغيرها من القضايا الأخرى التى تؤثر على مستقبل شعوب عالمنا العربى.

 

شهدت مدينة العالمية لقاءً أخويًا يتوج العلاقات العربية المشتركة بين قادة الدول (مصر، الإمارات، الأردن، العراق، البحرين) ليكون استكمالًا لسنوات من التعاون الدبلوماسى والاقتصادى  بين القاهرة والأشقاء العرب.

وجاءت القمة العربية المصغرة تعزيزًا للعمل المشترك ووحدة الصف العربى فى مواجهة التحديات التى تشهدها المنطقة العربية والعالمية، ومن أجل توحيد جميع الجهود الرامية إلى التوصل إلى حلول دائمة للأزمات فى دول المنطقة؛ والتى تُسهم فى إرساء دعائم الأمن والاستقرار والسلام لشعوبها.

 

تعزيز التعاون

فى 22 أغسطس الجارى، استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والعاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى والبحرينى الملك حمد بن عيسى؛ ورئيس الوزراء العراقى مصطفى الكاظمى المشاركين بالقمة المصغرة التى جاءت فى لقاء «أخوى خاص» لتبادل وجهات النظر بين الزعماء بشأن تعزيز مختلف جوانب العلاقات الثنائية والاستغلال الأمثل لجميع المجالات المتاحة لتعزيز التعاون بينهم.

والقادة الذين يشاركون فى هذه القمة سبق أن شاركوا فى قمة العقبة العام الماضى، باستثناء ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، كما سبق أن عقد قادة مصر والعراق والأردن عدة قمم، وينظر إلى القمة الخماسية فى العلمين بأنها تطور لهذا المسار.

وقد شهدت الشهور القليلة الماضية العديد من اللقاءات التى جمعت قادة البلدان الخمس سواء فى لقاءات ثنائية أو ثلاثية ورباعية، مثل القمة الثلاثية بالقاهرة التى جمعت قادة مصر والإمارات والأردن فى 24 أبريل الماضى.

وتؤمن مصر والإمارات والأردن بصورة خاصة بأن التغيرات التى يشهدها العالم تستدعى تعميق الشراكات الاقتصادية بين دول المنطقة العربية وابتكار صيغ جديدة للتعاون فيما بينها وتعزيز تكاملها واستثمار الميزات النوعية لكل دولة، بهدف تحقيق التنمية المستدامة وتقوية الاستجابة للتحديات المشتركة والأزمات العالمية وتوسيع الاعتماد على الذات، خاصة فى القطاعات الحيوية ذات الصلة بالأمن الوطنى مثل الغذاء والصحة والطاقة والصناعة وغيرها.

كما أن هذا اللقاء يعد اللقاء الخامس فى عام واحد بين كل من العاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى بن الحسين والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، فقد التقيا هذا العام فى قمم ثنائية وأخرى مشتركة مع مصر ودول أخرى كان آخرها قمة ثنائية جمعتهما فى الإمارات فى 23 يونيو الماضى.

ولم تكن العراق غائبة عن المشهد ففى شهر مارس الماضى استضافت العاصمة الأردنية عمان قِمة رباعية شارك فيها قادة الأردن ومصر والعراق والإمارات.

وتشترك العراق مع مصر والأردن، فى آلية تعاون ثلاثى أخرى، تضمنت عقد قمم بين قادة الدول الثلاث، واجتماعات وزارية مشتركة بين مسئوليها، كان آخرها فى 25 مارس الماضى، وهو الذى شاركت به الإمارات لأول مرة.

وتعتبر اللقاءات الدورية التى تجمع البلدان الخمس تعبيرًا عن متانة العلاقات الأخوية المتجذرة وأهمية التنسيق بينها لتحقيق التطلعات المشتركة وتوحيد الصف العربى وتحصين دول المنطقة وحماية أمنها.

دبلوماسية القمة

ويُنظر إلى قمة العلمين أنها جاءت فى توقيت غاية فى الأهمية خاصة فى تأثيرات القضايا العالمية على دول المنطقة، لذلك كانت الأهمية للقاء القادة العرب لبحث قضايا المنطقة وتعزيز العلاقات ومواجهة التحديات الجديدة.

وكان البعد الاقتصادى حاضرًا بقوة فى القمة الخماسية، حيث تناقش الزعماء فى عدد من الملفات، من بينها التحضير للقمة العربية فى الجزائر (نوفمبر المقبل)، وبعض الملفات الاقتصادية والتعاون المشترك، بالإضافة إلى تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وملف الأمن الغذائى والطاقة.

وجاءت القمة بعد نحو شهر من قمة عربية أمريكية استضافتها السعودية، بمشاركة الدول ذاتها، إلى جانب قادة عرب آخرين.

ووفق خبراء، فإن هذه القمة يطلق عليها فى المصطلحات السياسية «دبلوماسية القمة»، وهى تعكس نهج الدبلوماسية النشطة الذى انتهجه الرئيس عبدالفتاح السيسى على مدار ثمانية أعوام لتكون مصر مركزًا لوحدة القرار العربى ووحدة الصف أمام جميع التحديات الحالية والمستقبلية، فمن المؤكد أن اتخاذ القرارات الموحدة فى ظل التحديات الراهنة يعكس قوة ومتانة الدول العربية لدعم واستقرار المنطقة كذلك التعاون العربى والأمن القومى بمفهومه الشامل.

التحالف العربى المشترك

وعلى مدار العامين الماضيين، نشطت اللقاءات العربية المشتركة والتى كان هدفها الأساسى الاتحاد أمام جميع الصعاب والعمل على إرساء روح التعاون المشترك، وخلال هذه اللقاءات رفيعة المستوى كانت مصر هى محور ارتكاز القوى الإقليمية وكان الرئيس عبدالفتاح السيسى يقدم استراتيجية جديدة لتوسيع نطاق التعاون الإقليمى بين الدول.

ويمكن النظر إلى قمة العلمين على أنها توسيع للقمة الثلاثية التشاورية التى بدأت فى عام 2019، ووُصفت بأنها آلية تشاور ثلاثية بين قادة مصر والعراق والأردن، لتشكل خطوة جديدة فى مسار متوسع تنتهجه آلية تشاور عربية رفيعة المستوى.

وفى 24 مارس 2019 احتضنت القاهرة قمة ثلاثية مصرية أردنية عراقية ضمت الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى، وعاهل الأردن الملك عبدالله الثانى، ورئيس وزراء العراق آنذاك عادل عبدالمهدى.

وناقشت القمة أفكارًا لتعزيز التعاون والتنسيق والتكامل فيما بين البلدان الثلاثة، لاسيما فى قطاع الصناعة والطاقة وإعادة الإعمار والبنية التحتية، فى ظل ظروف دقيقة تمر بها الأمة العربية وتحديات غير مسبوقة.

ثم عُقدت القمة الثلاثية الثانية بين مصر والأردن والعراق، فى 22 سبتمبر 2019، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك، وجمعت الرئيس السيسى والملك عبدالله والرئيس العراقى السابق عادل عبدالمهدى.

وبحثت نتائج اجتماعات عُقدت على مدار 6 أشهر، لتعزيز التعاون والتنسيق السياسى، مع الاستمرار فى إعطاء الأولوية للتعاون فى المجالات الاقتصادية والتعاون الأمنى.

وبحث القادة خلال قمة العقبة،  تعزيز علاقات التعاون بين الدول الأربع فى ظل الظروف العالمية، ووفق بيان المملكة الأردنية فإن الأطراف اتفقوا على العمل المشترك من أجل التخفيف من آثار الأزمة الاقتصادية فى قطاعى الأمن الغذائى والطاقة، كما تم بحث التنسيق العالى وتوسيع التعاون الاقتصادى وزيادة التبادل التجارى «بما يحقق مصالح الشعوب الشقيقة فى الازدهار والتنمية».

وفى 27 يونيو 2021، كانت أول زيارة للرئيس مصرى لبغداد منذ غزو العراق عام 1990، حيث حضر الرئيس السيسى والملك عبدالله قمة ثلاثية أخرى جمعت الأشقاء وتناولت «سبل تدشين مرحلة جديدة من التعاون فى ظل تحديات غير مسبوقة».

وفى 29 بندًا، جاء البيان الختامى للقمة، وشمل تأكيدات، أبرزها التنسيق الأمنى والاستخباراتى، وضرورة السير فى تنفيذ المدينة الاقتصادية، ومشروع الربط الكهربائى وربط شبكة نقل الغاز بين العراق ومصر عبر الأردن.

وغداة القمة، اعتبرت الخارجية الأمريكية ما تم بأنه «خطوة مهمة فى تعزيز العلاقات الاقتصادية والأمنية إقليميًا».

وفى 25 أغسطس 2021 جمعت قمة ثلاثية أخرى فى عمان تضمنت الرئيس السيسى ورئيس الوزراء العراقى مصطفى الكاظمى، وعاهل الأردن الملك عبدالله تناولوا خلالها سبل تعزيز التعاون فى عدد من المجالات، أهمها الطاقة والربط الكهربائى والبنية الأساسية والغذاء، فى إطار مواجهة «التحديات التى تهدد الاستقرار فى المنطقة».

وفى 29 مايو 2022، دشنت مصر والإمارات والأردن مبادرة شراكة صناعية بين البلدان الثلاثة، وانضمت البحرين إليها فى 25 يوليو الماضى.

وفى 6 يونيو 2022، نقلت وكالة الأنباء العراقية، عن وزير الخارجية الأردنى أيمن الصفدى، أنه تم الاتفاق مع بغداد على الربط الكهربائى وسيبدأ التزويد بداية العام المقبل، دون تفاصيل أكثر آنذاك.

وفى الختام كانت قمة العلمين هى أحد أهم اللقاءات الخماسية بين قادة الدول العربية لتعكس آلية جديدة من العمل المشترك لما يمثله القادة العرب لروح التعاون المشترك لإرساء استراتيجية الشراكة الإقليمية وإدراكًا منهم بأهمية التحالف النوعى بين بلدان المنطقة فى مجالات متعددة.

وكانت الأهمية الاستثنائية التى تحظى بها تلك القمة، نظرًا لأنها تنعقد فى ظل مشهد دولى عسر ملىء بالتحديات غير المسبوقة، جراء الحرب الروسية الأوكرانية التى انعكست على جميع مناحى الحياة فى دول العالم المختلفة.