الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

فى يوم المرأة الإفريقية.. زيتونة ناصر عبدالله: شيف تنزانية بدرجة سفيرة

«المرأة الإفريقية هى مَنعٌ حَصينٌ يمكنك أن تحتمى فيه من كل مساوئ الدنيا».. عبارة قيلت فى مَدح المرأة الإفريقية التى عانت لسنوات طويلة وخاضت حروبًا وصراعات ساهمت فى تشكيل وجدانها.. لكنها على مَرّ السنين لم تستسلم وكانت محرابًا للقوة وساهمت بشكل أو بآخر فى تحرير القارة سياسيًا والنهوض بوضعها الاقتصادى والاجتماعى. 



 

وإيمانًا بدورها المهم يتم الاحتفال بالمرأة الإفريقية فى كل أنحاء القارة، وذلك خلال المؤتمر الأول لمنظمة المرأة الإفريقية الذى عُقد فى يوليو 1962 فى دار السلام بتنزانيا..

وفى خضمّ الاحتفال بيوم المرأة الإفريقية قرّرنا أن نحتفى بواحدة من نساء إفريقيا على أرض مصر.. برهنت على قوة وشجاعة المرأة الإفريقية فى مواجهة الظروف كأمّ وحيدة مغتربة عن بلادها مع ثلاثة من الأبناء فى بلاد أجنبية بلا راعٍ بعد وفاة زوجها، فقررت أن تستغل موهبتها وتحوّلها إلى مشروع خاص بها لتستطيع مواكبة ظروف الحياة وتُمكن نفسها اقتصاديًا؛ لتصبح نموذجًا للمرأة الإفريقية القوية الناجحة.. وعلاوة على كونها بارعة وسيدة أعمال ناجحة استطاعت أن تكون خير سفيرة لبلادها بالمشاركة والتطوع فى العديد من الأنشطة واللقاءات المختلفة المتعلقة بإفريقيا والشأن الإفريقى داخل مصر لتستحق وبجدارة لقب سفيرة المطبخ التنزانى فى مصر.. بدأت تحكى لنا فى بداية حوارنا معاها عن مشوارها فى مصر فقالت..

أنا زيتونة ناصر عبدالله، تنزانية، أقيم فى القاهرة مع أبنائى الثلاثة، وصاحبة مشروع Zai Best Bites. جئت إلى مصر لأول مرة قبل عشرين عامًا برفقة زوجى؛ حيث كان يعمل كمترجم للغة السواحيلية فى الإذاعة المصرية «ماسبيرو» وذلك بعد أن أنهى تعليمه فى الأزهر الشريف فى كلية اللغات والترجمة. بعد سنوات من الإقامة فى مصر توفى زوجى إثر مرضه؛ حيث كان مريضًا لعامَين قبل وفاته. وهو ما كان يمثل أمرًا صعبًا علىَّ كونى وحيدة فى بلاد أجنبية أرعى ثلاثة من الأبناء بمفردى. وكان لا يمكننى البقاء هكذا من دون عمل فمن سيقوم بالصرف علينا أنا وأبنائى الثلاثة، ففكرت ما الذى يمكننى فعله لكى أستطيع مواصلة حياتى وتربية أبنائى، ولأننى أحب الطهو كثيرًا عندها قررت لِمَ لا أجعل منه مهنة تساعدنى على مواجهة الحياة بمشاقها.. فبدأت بالعمل فى مشروعى أونلاين منذ 10 سنوات، وبدأ يكبر تدريجيًا وتوسَّع، والآن لاقيت النجاح فيه.

وأضافت: «كانت الفكرة لى ولبعض معارفى التنزانيين ممن يعلمون عن مهاراتى فى الطهو وتذوقوا طعامى، أخبرونى لِمَ لا تقيمين مشروعك الخاص وبعض المصريين ممن تذوقوا طعامى دائمًا كانوا يقولون عنه رائع»، وقالت: لم يسبق لى العمل مسبقًا قبل قيامى بهذا المشروع، بدأت العمل فقط بعد وفاة زوجى. وساعدنى حبى للطهو على المُضى قدُمًا فى مشروعى، ولكن قبل أن أبدأ مشروعى اعتدتُ أن أطهو الطعام لعائلتى ولأصدقائى فى العُطلات وفى حفلات أعياد الميلاد وحفلات زفاف أصدقائى، لذلك قررت لِمَ لا يكون مهنة لى أستطيع التربح منها وتوفير حياة لى ولأولادى؟!.

وعندما بدأتُ فى العمل اقتصر الأمْرُ على نطاق العائلة والأصدقاء من تنزانيا ومن سكان شرق إفريقيا المقيمين فى مصر من دول مثل كينيا وأوغندا وزيمبابوى كانوا يحبون طعامى كثيرًا لأنه يتشابه مع طعام بلادهم. فالطعام الإفريقى متشابه إلى حد كبير لذلك أحبه الكثيرون من شرق إفريقيا. ثم بعد ذلك بدأت أتوسع عن طريق السوشيال ميديا فبدأت باستخدام الواتس آب ثم قمت بعمل صفحة على الفيس بوك باسم «zai Best Bites» أصبح لدىَّ الآن شبكة واسعة من العملاء.

واستطردتْ قائلة: أنا مَن يقوم بإدارة العمل ولكن أبنائى يساعدونى فى التسويق لأنهم على علم أكبر بالتكنولوچيا.. كما أنهم على معرفة أكبر باللغة العربية.. فلقد ولدتُ ابنى الأكبر «حسن» فى تنزانيا وجئنا به إلى مصر بينما كان عمره عامًا واحدًا وهو الآن يدرس اللغة الإنجليزية فى جامعة عين شمس وذاهب إلى عامه الثالث بينما أنجبت أولادى الأصغر هنا فى مصر. «حسين» انتهى من امتحاناته فى المدرسة الثانوية وسينتقل إلى الجامعة و«أحمد» الأصغر سينتقل للدراسة فى المرحلة الثانوية فى مدرسة بورسعيد فى الزمالك. 

وبدأت تحكى «زيتونة» عن أنواع الأكلات التى تقدمها فقالت: أقوم بطهو كل أنواع المقبلات التنزانية التقليدية، مثل التشاباتى، الفيتشيتو، الماندازى، والفيتومبو. والفيتشيتو هو عبارة عن لقيمات صغيرة تتكون من الدقيق عليه فانيليا وسكر وحَبَّهان. بينما الفيتومبو فهو عبارة عن دقيق رز وعليه خميرة وسكر وحَبَّهان وبعدما يخمر يتم تحميره فى الزيت.

وعن التحديات التى واجهتها قالت زيتونة: كان من الصعب علىَّ إقامة مشروع خاص بى فى مصر كأجنبية أن أقيم المطعم الخاص بى، فلا يمكننى توسيع مشروعى وعمل مطعم لى مباشرة كالمصريين؛ لأننى لكى أفعل ذلك لا بُد أن أتبع القواعد والقوانين وتقديم الأوراق اللازمة للسُّلطات.. لهذا قررت أن أفتتح مشروعى أونلاين، فالطريقة التى أعمل بها الآن أسهل بالنسبة لى.. إذا احتاج أى شخص لطلب يمكنه الاتصال بى وأنا أعد له الطعام.

وأضافت: معظم زبائنى من شرق إفريقيا أو من دول إفريقيا المتنوعة، لا يوجد مصريون بين زبائنى. ربما لأنهم لم يتذوقوه سابقا، فليس من السهل أن تطلب طعامًا لم تتذوقه مسبقًا.

وقالت: أشعر بالسعادة عندما أحصل على طلبات من السفارة التنزانية عندما يكون لديها أحداث، فى تلك الأوقات أشعر أننى فعلت أمرًا كبيرًا، فأنا أشعر بسعادة غامرة عندما أحصل على طلبيات كبيرة من مكان مثل السفارة أو عندما يكون لدَى أحد الأشخاص أفراح. فى تلك الأوقات عندما أنتهى من الطهو أشعر بالسعادة الغامرة لكن عندما أحصل على أجر مقابل تعبى فإننى أشعر بالروعة وكأننى شخص آخر.

وقالت: أنا عضو نادى المرأة الإفريقية فى الجمعية الإفريقية فى مصر. فبعدما تحركت كثيرًا فى مشروعى وعرفنى الناس وأصبح عندى صفحة على الفيس بوك تحمل اسم «zai best bites» جاءنى متابعون وأصبحت تأتينى طلبات طعام عليها، بدأ مشروعى يكبر وينجح وعندئذ رأت د.آمنة فزاع رئيس نادى المرأة الإفريقية مشروعى وتواصلت معى وجئت إلى نادى المرأة الإفريقية للمرة الأولى.. كان يومًا ممتازًا لى رُغْمَ أننى لم أكن أعرف لماذا جئت إليه. وماذا سأفعل إلا أننى عندما جئت تلقيت هدية ولم أكن أعرف ماذا فعلت لأتلقيها فقالت لى دكتورة آمنة لأنك كنتِ مُلهمة ومؤثرة لسيدات أخريات تساعدينهن على التحرك وأن يكن قويات، ثم أصبحت عضوة فى الجمعية هنا. ودعوت باقى النساء من تنزانيا أن نتجَمَّع سويًا ونقوم بعمل جمعية ونجحت فى ذلك، والآن معنا 40 سيدة تنزانية مقيمة فى مصر يحاولن البحث عن حياتهن ونأتى كثيرًا إلى الجمعية الإفريقية ونرى ماذا يفعل النساء الأخريات من الدول الأخرى والتقينا بفتيات من السودان ومن إثيوبيا ومن مصر.

وقالت: أذهب إلى تنزانيا لزيارة عائلتى، ثم أعود إلى مصر مرة أخرى لأن مدارس وجامعات أبنائى هنا. وأنا أعتبر مصر بلدى ولا أشعر بأى غربة هنا إطلاقًا. فبَعد كل تلك السنوات التى قضيتها فى مصر أصبحت اعتبر مصر بلدى ولا أشعر بأى غربة فيها مطلقًا على العكس تمامًا عندما أذهب إلى تنزانيا أقول لهم أرغب فى العودة إلى مصر سريعًا.

واختتمت كلامها معنا: «نصيحتى للنساء.. أيتها النساء نحن فى إمكاننا فعل المزيد.. فنحن قادرات على فعل العديد من الأشياء. فقط كل ما نحتاجه هو أن نؤكد لأنفسنا أننا نستطيع.. أعط لنفسك الأمل.. لا تنتظرى شخصًا ليعطيكِ الأمل.. لا تنتظرى شخصًا ليخبرك «افعلى ذلك».. إنه أنت وقرارك وقوتك النابعة من داخل قلبك.. كمثال على هذا عندما واجهت مشكلات بعد وفاة زوجى، قلت نعم أنا امرأة لكن لدىَّ يدان ويمكننى التفكير فلِمَ لا أربّى أولادى بالطريقة التى أرادها زوجى لأن زوجى دائمًا أراد أن يحصل أبناؤنا على تعليم عالٍ ويذهبون إلى الجامعات.

فأخبرت نفسى لِمَ لا يكون فى إمكانى فعل الأمر نفسه.. لذا واجهى الأمْرَ يا عزيزتى.. عليكِ أن تثبتى لنفسك أنكِ تستطيعين فعل ذلك».. وهنا أنهت كلماتها بقوة نابعة من أعماق قلبها قائلة: «حَمدًا لله لقد فعلتها».