الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
ع المصطبة.. لا تحبطوهم.. لا تفسدوهم

ع المصطبة.. لا تحبطوهم.. لا تفسدوهم

  مع ظهور نتائج الثانوية العامة ظهرت على السطح روح سلبية محبطة، وأحداث مفسدة مرفوضة.. تمثلت الروح السلبية فى هذا الكم من الطاقة السلبية التى وجدت رواجاً على «السوشيال ميديا»، سواء بقصد أو بحسن نية، إلا أنها تتسبب فى ضياع أجيال شابة بذلت جهودًا كبيرة من أجل النجاح والالتحاق بالجامعة وكلها أمل فى مستقبل أفضل.



اتسمت العديد من التعليقات بالتسخيف والتقليل من قيمة العلم والتعليم، البعض حصر مفهوم النجاح فى الحصول على الدرجات العظمى للالتحاق بما يسمى كليات القمة واعتبار ما دونها هو والعدم سواء، ولم يدرك هؤلاء أن مقاييس تصنيف الكليات اختلفت وتباينت، كما أنهم بتسخيفهم هذا يتجاهلون دور العلوم الأخرى التى يتلقاها الطلبة فى هذه الكليات.

مشكلة هذه الرؤية الضيقة للعلم والتعليم، أنها ترخى بظلال قاتمة ومحبطة بين خريجى الثانوية العامة ممن لم يحصلوا على درجات عالية فى الامتحان، بينما المؤكد أن من بينهم من سيكون خبيرًا فى مجاله العلمى ويقدم خدمات جليلة للمجتمع رغم أنه لم يتخرج فى كليات الطب أو الهندسة، فهل كان عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين أو الدكتور جمال حمدان، أو الأديب العالمى نجيب محفوظ، أو العالم الكبير أحمد زويل، وغيرهم الكثيرون ممن لم يحققوا فقط الإنجازات العلمية والإبداعية، بل استطاعوا أن ينهضوا بالمجتمعات حضاريًا، أقول هل كان جميع هؤلاء من خريجى كليات القمة؟

مثل هذه الروح السلبية، تعكس أزمة وعى مجتمعى عميقة، أزمة مرتبطة بعقدة الألقاب، فلم يعد مهمًا ما يمكن أن يقدمه الإنسان لمجتمعه بقدر الألقاب التى يحملها.. كما تعكس هذه الروح مدى عدم إدراك من يبثها فى المجتمع بما يجرى فى العالم من تطور تكنولوجى متسارع خلق مهنًا بالغة الأهمية فى مجالات تكنولوجيا المعلومات والبرمجيات تعتمد عليها اقتصاديات الدول المتقدمة القائمة فى المقام الأول على المعرفة والتكنولوجيا الحديثة.

بالطبع، هذا لا يقلل من أهمية الأطباء والمهندسين، لكن فى ذات الوقت علينا أن ندرك أن الأمم لا تقوم فقط على مهنتى الطب والهندسة، فكل متفوق فى مجال عمله ترس فعال لا غنى عنه فى ماكينة إنجاز وإنتاج ضخمة من دونه تتعطل هذه الماكينة.

هناك أيضًا من تمادى فى تعميق الروح السلبية من خلال تسخيف وازدراء التعليم برمته، وإحباط من اجتهد فى التعليم ومقارنته بنماذج أخرى حققت الملايين بل والمليارات دون أن يحصلوا على أى شهادات، وهى مقارنة ليست فى محلها، فمن حقق هذه الثروات لم يكن ليحققها دون الاستعانة فى أعماله بالمتعلمين ذوى الخبرات، بالإضافة إلى أنه لا وجه للمقارنة بين هاتين الفئتين، ووجود كل منهما ضرورى لدوران عجلة الحياة، كذلك لا يمكن حصر النجاح فى المال فقط، فكم من علماء خلدهم التاريخ بمنجزات خدمت البشرية، وماتوا دون أن يكونوا من أرباب الثروات.

أما الأحداث السلبية المرفوضة، فتتمثل فيما أثير حول تخصص بعض المدارس والمناطق، وإن كانت محدودة، فى تسهيل الغش للطلبة لتضرب بذلك مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص فى مقتل، وتشيع بين هؤلاء الناجحين بالغش روح مفسدة ستلازمهم طيلة حياتهم، وفى الوقت نفسه تصيب المجتهدين بالإحباط، فى حين أنه بإمكان وزارة التربية والتعليم ضبط لجان الامتحانات فى مثل هذه المدارس، ولعل اعتماد الوسائل التكنولوجية الحديثة فى عمليات التصحيح كفيلة بكشف لجان الغش ومن ثم تطبيق العقوبات الرادعة بحق القائمين عليها.

أخيرًا، عادت واقعة طالبة الصفر للظهور من جديد، بعدما حصلت إحدى الطالبات المعروف عنها التفوق على 12 %، فى واقعة تستوجب التحقيق لمعرفة الحقيقة وإقرار العدالة بين الجميع حتى لا نحبط ولا نفسد الأجيال الجديدة.