الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

9 سنوات من التحركات المكثفة محليًا ودوليًا الرئيس السيسى يصيغ (استراتيچية جديدة) لإدارة ملف القضية الفلسطينية

نجاحُ الدولة المصرية فى وقْف إطلاق النار بغزة (بَعد الأحداث التى شهدها القطاع مَطلع الشهر الجارى) ما هى إلا حلقة من حلقات الجهود التى تقوم بها القيادة السياسية فى إدارة الملف، والتى وضعها الرئيس «عبدالفتاح السيسى» على رأس أولوياته منذ اليوم الأول لتوليه مسئولية البلاد، والذى وضع أمام عينيه هدفًا واحدًا هو حماية دماء وحقوق الشعب الشقيق وفْق استراتيچية تعامُل جديدة فى إدارة القضية الأكثر تعقيدًا فى العالم.



سرد بعض التحركات والجهود المبذولة فى تعامُل الدولة المصرية مع ملف القضية الفلسطينية خلال السنوات التسع الماضية سواء من الرئيس «السيسى» شخصيًا أو بناءً على توجيهاته يكشف لنا مدَى الجدّيّة فى الوصول لحلول جذرية تضمن حقوق الفلسطينيين مَهما كان الانتماءُ السياسى.

 الرئيس والأمم المتحدة

أمام رؤساء العالم.. وقف الرئيس السيسى داخل أروقة الأمم المتحدة فى 24 سبتمبر 2014، متحدثًا عن القضية الفلسطينية مُعلنًا أنها تبقَى على رأس اهتمامات الدولة المصرية، فلا يزال الفلسطينيون يطمحون لإقامة دولتهم المستقلة على الأراضى المحتلة عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية؛ تجسيدًا لذات المبادئ التى بُنِيت عليها مَسيرة السلام بمبادرة مصرية، منذ سبعينيات القرن الماضى، وهى مبادئ لا تخضع للمساومة، وإلا تآكلت أسُس السلام الشامل فى المنطقة، وضاعت قيم العدالة والإنسانية، فإن استمرار حرمان شعب فلسطين من حقوقه؛ يوفر مدخلًا لاستغلال قضيته لتأجيج أزمات أخرى، ولتحقيق البعض لأغراض خفية، واختلاق المَحاور التى تُفَتِتُ النسيجَ العربى، وفرض الوصاية على الفلسطينيين؛ بزعم تحقيق تطلعاتهم.

التحرك اتجاه السلام

فى سبتمبر 2016، ناشد الرئيسُ الشعبَ الإسرائيلى وقيادة دولة إسرائيل بالتحرك تجاه السلام مع فلسطين، جنبًا إلى جنب مع الشعب الإسرائيلى، وقال السيسى: «اسمح لى سيادة الرئيس أن أخرج عن النص المكتوب، ومن خلال المنبر هذا الذى يمثل صوتَ العالم أتوجَّه بنداء للشعب الإسرائيلى وقيادته، فى أهمية إيجاد حل للأزمة الفلسطينية، لدينا فرصة حقيقية لكتابة صفحة مضيئة فى تاريخ المنطقة للتحرك فى اتجاه السلام، التجربة المصرية رائعة ومتفردة، ويجب تكرارها مَرّة أخرى لحل مشكلة الفلسطينيين، وإيجاد دولة لهم بجانب الدولة الإسرائيلية، تحفظ الأمن والأمان».. حديث «السيسى»، أثار انتباه مندوب إسرائيل فى الأمم المتحدة، وضجت القاعة بالتصفيق.

كما دعا الرئيسُ المصرى عبد الفتاح السيسى، الرأى العام فى إسرائيل إلى اغتنام «فرصة عظيمة للسلام» متاحة حاليًا، فى مُداخلة خلال مؤتمر للشباب عُقد فى جامعة القاهرة. وقال «السيسى» إنه «مع إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية ومع الانسحاب الإسرائيلى إلى ما قبل حدود 1967».

 500 مليون دولار لإعمار غزة

«تقديم مصر 500 مليون دولار لإعادة إعمار غزة»، كان العنوان الأكثر بروزًا فى المساعدات المقدمة لفلسطين منذ اندلاع أزمة حى الشيخ جراح، وهو ما أعلن عنه الرئيس «السيسى»، كمبادرة مصرية تخصص لصالح عملية إعادة الإعمار فى قطاع غزة؛ نتيجة الأحداث التى شهدها قطاع غزة العام الماضى على أن تشارك الشركات المصرية المتخصصة فى تنفيذ عملية إعادة الإعمار، لتصبح حَجرًا جديدًا فى هرم المساعدات المصرية للأشقاء الفلسطينيين فى عهد الرئيس السيسى.

 منتدى شباب العالم

وفى منتدى شباب العالم 2018، رد «السيسى» على سؤال شاب فلسطينى، قائلًا إنه يسعى للصلح بين حماس والأشقاء فى السُّلطة، من أجل البُعد عن أى نزاع مسلح: «فتحنا مَعبر رفح من رمضان اللى فات عشان نخفف عن أعباء إخوتنا فى فلسطين».

كما تطرَّق «السيسى» للحديث عن فلسطين، بَعد تردد شائعات بشأن «صفقة القرن»، مؤكدًا أن مصر لن تقبل أى شىء لا يرضى عنه الفلسطينيون.. فى إشارة إلى خطة الولايات المتحدة للسلام فى الشرق الأوسط: «إننا فى مصر لا نتكلم باسم الفلسطينيين، ولا نرضى بأمر لا يقبلونه». 

إقامة الدولة الفلسطينية

وفى عام 2020 أكد الرئيس فى كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أنه لا سبيل للسلام إلا بإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو/ حَزيران، وعاصمتها القدس الشرقية، وقال السيسى: «إذا كنا ننشد حقًا تنفيذ القرارات الدولية، وتحقيق السلام والأمن الدائمَيْن فى منطقة الشرق الأوسط، فليس أحق بالاهتمام من قضية فلسطين التى ما زال شعبها، يتطلع لأبسط الحقوق الإنسانية، وهو العيش فى دولته المستقلة، جنبًا إلى جنب مع باقى دول المنطقة».

ومن ضمْن وسائل الدعم هى توجه العديد من الحافلات التى تحمل المساعدات المصرية للشعب الفلسطينى فى طريقها إلى مَعبر رفح، وذلك بعد أن وجَّه الرئيس عبدالفتاح السيسى بالتنسيق مع الأشقاء الفلسطينيين فى قطاع غزة للوقوف على احتياجاتهم وتلبيتها، كما جرى نقل الإصابات الحرجة من غزة للعلاج بالقاهرة، بتعليمات وتوجيهات من القيادة السياسية، من خلال فتح مَعبر رفح لاستقبال المصابين من قطاع غزة وسائر الفلسطينيين.

 الدبلوماسية المصرية

على صعيد متصل كان للدبلوماسية المصرية؛ ووفقًا لتوجيهات الرئيس السيسى، استراتيچية عمل واضحة فى تناوُل القضية الفلسطينية على مدار السنوات التسع الماضية، وللتعرف على حجم المجهود يمكن أن نرصد ما تم فى عام واحد فقط (عام 2021 مثلًا) فقد كانت هناك تحركات مكملة لما تم منذ عام 2014.

فقد شهد العامُ 2021 تواصُل الاهتمام المصرى بالقضية الفلسطينية، والحرص على استمرار الجهود الرامية إلى تحريك الجمود الحالى من أجل إحياء عملية السلام بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، وفق المرجعيات الدولية المتوافق عليها، وعلى نحو يضمن حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

 السلام الشامل بالشرق الأوسط

كما تم التأكيد، خلال استقبال رئيس الجمهورية لرئيس الوزراء الإسرائيلى فى سبتمبر، على دعم مصر لجميع جهود تحقيق السلام الشامل بالشرق الأوسط، استنادًا إلى حل الدولتين وعلى أساس قرارات الشرعية الدولية، بما يسهم فى تعزيز الأمن والرخاء لكل شعوب المنطقة، فضلًا عن بحث تطورات العلاقات الثنائية فى مختلف المجالات. 

إضافة إلى ذلك؛ فقد ناقش وزيرُ الخارجية خلال استقباله نظيره الإسرائيلى فى ديسمبر عددًا من قضايا العلاقات الثنائية وسُبل تعزيز التعاون فى المجالات ذات الأولوية للبلدَيْن، كما أكد وزيرُ الخارجية موقفَ مصر الثابت من دعم جهود السلام والاستقرار فى الشرق الأوسط، وأهمية العمل على إحياء مسار المفاوضات بين الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى فى أقرب فرصة؛ سعيًا نحو التوصل إلى تسوية شاملة وعادلة للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين واستنادًا إلى المرجعيات الدولية ذات الصلة.

واستقبل رئيسُ الجمهورية فى سبتمبر 2021 كلًا من الملك عبدالله الثانى ملك المملكة الأردنية الهاشمية، والرئيس محمود عباس رئيس السُّلطة الوطنية الفلسطينية؛ حيث تم عَقد قمة ثلاثية للتباحث بشأن آخر مستجدات القضية الفلسطينية وعملية السلام فى الشرق الأوسط؛ تأكيدًا على استمرار مصر فى جهودها الدءوبة فى كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وذلك بالتنسيق الوثيق مع الأشقاء الفلسطينيين؛ بهدف مساعدة الشعب الفلسطينى على استعادة حقوقه المشروعة وفق مرجعيات الشرعية الدولية.

 اجتماعات مع فرنسا وألمانيا

وشارك وزيرُ الخارجية فى اجتماعَيْن مع نظرائه من كل من فرنسا وألمانيا والأردن، الأول فى يناير بالقاهرة، والثانى فى مارس بباريس، وذلك من أجل مواصلة جهود دفع عملية السلام فى الشرق الأوسط، والتأكيد على أن تسوية الصراع «الفلسطينى- الإسرائيلى» استنادًا إلى حل الدولتين أمْرٌ لا غنَى عنه من أجل تحقيق السلام الشامل فى المنطقة.

قام وزيرُ الخارجية فى مايو 2021 بزيارة إلى الأردن وفلسطين، التقى خلالها بكل من الملك عبدالله الثانى والرئيس الفلسطينى محمود عباس، وذلك فى إطار توجيهات السيد رئيس الجمهورية بمواصلة دعم الأشقاء فى فلسطين، وتحقيق التهدئة الشاملة  والمستدامة، جنبًا إلى جنب مع مواصلة المساعى اللازمة لإعادة الانخراط فى عملية السلام باعتبارها السبيل الوحيد للتوصل لحل الدولتين، فضلًا عن التشاور مع القيادة الفلسطينية بشأن جهود إعادة الإعمار وتوفير الدعم التنموى لسائر الأراضى الفلسطينية.

 المساعدات الدولية

وقامت وزارة الخارجية بالإعداد والتنسيق والمشاركة على مستوى الخبراء وكبار المسئولين والاجتماعات الوزارية فى الاجتماعات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية التى تمّت خلال عام 2021، وفى مقدمتها اجتماعات لجنة الاتصالات المخصصة لتنسيق المساعدات الدولية المقدمة إلى الشعب الفلسطينى AHLC، والتى كان آخرها الاجتماع الوزارى بمشاركة وزير الخارجية فى نوفمبر 2021، واجتماعات وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، التى شارك فيها وزير الخارجية فى نوفمبر الماضى أيضًا.

ما سبق يؤكد أن الدولة المصرية ماضية بإصرار كبير على تثبيت قواعد واضحة  للسلام والحفاظ على حقوق الشعب الفلسطينى، وإقناع العالم بضرورة تبنى القضية بشكل محايد بعيدًا عن الصورة الذهنية والقناعات التى تشكلت على مدار سنوات سابقة وهى قناعات منافية للواقع وكان الشعب الفلسطينى هو الخاسر الأكبر منها.