الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الحقيقة مبدأ.. الفردوس المفقود

الحقيقة مبدأ.. الفردوس المفقود

جلابيب الدراويش بقطع غير متجانسة وبعشوائية مفرطة بعد أن قطّع الاستيطان الإسرائيلى أوصال الأرض المحتلة، ومع الحكومة الحالية والسابقة أو حتى المرتقبة، فإن العزم المعقود على ضم الكتل الاستيطانية إضافة إلى غور الأردن يبدو حلم الفلسطينيين ببناء الدولة على الأراضى المحتلة منذ عام 1967، أو حتى بناء دولة فلسطينية على جزء من أراضى الضفة والقطاع قد بات من الماضى وقد تحول إلى مجرد أضغاث أحلام حتى مع إيقاف / تجميد خطة الضم برعاية من أبو ظبى. 



 يرى البعض وأنا منهم وقبل الكل كان طرحًا للكاتب الصحفى المصرى الراحل مصطفى الحسينى (أحد القيادات البارزة فى حركة فتح) أن مآل الوضع سائر على المدى بين متوسط وطويل نحو إقامة دولة واحدة، وأن واقعًا جديدًا سوف يتشكل مما يتطلب تغييرًا جوهريًا فى آليات النضال السياسى الفلسطينى، تغيير قد ينجم عنه تشكيل منظور ثقافى سياسى جديد لمفهوم الصراع مع إسرائيل خاصة فى ظل وضع صار يحتدم بصورة تشكل تهديدًا حقيقيًا للأمن القومى العربى بقدر ما لا يشكل فى الوقت الحاضر تهديدًا للمصالح الغربية فى المنطقة؛ طالما أن إمدادات البترول مستمرة والمجالات الجوية مفتوحة وخيالات الاتفاقات الإبراهيمية مطروحة.. فلا داعى لتساؤلات من القارئ العزيز حول مدى حجم الاهتمام الدولى بالأزمة الروسية الأوكرانية فى ظل عدم الالتفات الفاعل بالقضية العربية حتى وإن سقط عشرات الآلاف من شهداء فلسطين والعروبة.. لأن الإجابة ستأتى مهينة للإنسانية بشكل عام ولنا كعرب بشكل خاص.

«ما دام العرب يقدمون لنا ما نريد دون أن نطلبه.. فلا شىء يهم»

قد تتموضع هنا مقارنات بل ومتشابهات أو قل متطابقات بين جرائم النازى إبان الحرب العالمية الثانية وبين جرائم الصهيونية التى سبقتها منذ العقد الأول للقرن الماضى والمستمرة حتى الآن وبقدر ما انتفضت الإنسانية لأجل 600 ألف يهودى أوروبى أو حتى مليون أو أكثر قليلا فلم يحرك أحد ساكنًا لأجل ملايين الفلسطينيين الذين تم احتلال أراضيهم وطمس هوياتهم وطردهم وتهجيرهم وقتلهم!! ببساطة ليس لأنهم عرب ولكن لأن أحدًا فى هذه المنطقة لن تختلج حتى قسمات وجهه بل نجحت إسرائيل والغرب فى تطبيع المذبحة العربية بحيث أوصلوا أخبارها وتقاريرها المصورة وكأنها فاصل إعلانى لا يلتفت إليه أحد سوى القاهرة بكل ما تحمله من مسئولية سياسية وثقافية تجاه شعوب المنطقة، وفوق ذلك مسئولية الأمن القومى العربى، وليس من المبكيات وبالقطع ليس من المبهجات أن بعضًا من الأشقاء نسى أو تناسى أنه لولا مصر لأُكلت المنطقة بأكملها حية.. فمصر فى أضعف حالاتها قوية وقادرة على فرض قرار أو وضع أو اتفاق.

النقاش هنا ليس إقناع العالم بعدالة القضية أو فداحة الكارثة الإنسانية؛ وإنما الوصول إلى توحيد الإرادة العربية للدفع فى اتجاه حل الدولتين حتى مع فشل اتفاق أوسلو 1993 على الأقل فى ظل المعطيات القائمة، هكذا اتفق الكل مبدئيًا فى مؤتمر انديانابوليس عام 2007 بل وعقد مباحثات ثنائية بحيث يكون العرب فيها طرفًا وإسرائيل هى الطرف الثانى ودون أى مشاركات أو وصايات أو حتى رعاية دولية أو غربية أو أمريكية؛ ولن نصل إلى إرادة عربية موحدة طالما أن هناك من يريد أن يزاحم القاهرة فى دورها القدرى ومصيرها المحتوم وأن تقوم القاهرة بما هى منوطة به حتى يستوعب العرب أن لديهم من أوراق الضغط أكثرها إن شاءوا، تستطيع القاهرة أن تصل بتل أبيب إلى سبتٍ هادئ ومستمر، ولا مراء فى أن تل أبيب تنتظر هذا السبت بصبر  يكاد يمحوه الخوف من هجرات الأجيال الجديدة إلى أمريكا وأوروبا وإفريقيا وأستراليا، وعلى نفس الصعيد يقف الفلسطينيون على أعتاب الحلم بوطن ينتظر البعث دون موت، فما بين حل الدولتين وحلم الوطن الواحد ينتظر الجميع وقد يكون أفضل السيناريوهات تحضرًا فيكون للسكان العرب واليهود مواطنة وحقوق متساوية فى الكيان الموحد ثنائى القومية، وبينما يتبنى البعض هذا التوجه لأسباب أيديولوجية كما عرضه يهودا ماغنس، أو دولة واحدة ديمقراطية على منوال ما اقترحته حركة «فتح» فى سنة 1968 كما سبقت الإشارة، فإن هناك بعضًا آخر يرى فيه الحل الوحيد الممكن نظرًا للأمر الواقع القائم على الأرض.

أخيرًا لن تتوقف واشنطن عن تقليم الأظافر العربية، وليس لأن تل أبيب تريد ذلك ولكن لأن واشنطن هى الرابح الوحيد من الأوضاع كما هى أو كما قال المرحوم جلال عامر «لأن العرب يؤمنون بالقسمة.. وضعتهم أمريكا فى جدول الضرب».

وتحيا مصر