الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بين جرائم الحرب.. والمعارك السياسية هذا مافعله الاحتلال فى غزة

المكان: قطاع غزة



التوقيت: الجمعة 5 أغسطس 2022

الهدف: استهداف مجموعات «إرهابية» تعمل على تهديد أمن وأمان المواطنين الإسرائيليين.

الحصيلة: مقتل 43 فلسطينيًا، بينهم 15 طفلاً، و4 سيدات، وإصابة نحو 311 من سكان القطاع.

النتيجة: الأحد 7 أغسطس 2022، نجحت مصر فى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وحقن دماء أبناء القطاع.

مشهد متكرر يعيد أدراجه عامًا تلو الآخر، بين عناصر قوات الاحتلال الإسرائيلى وتصعيد عملياته العسكرية فى قطاع غزة، الذى تمت محاصرته منذ أعوام وتستهدفه مرة بعد مرة، والحجة الدائمة أمام العالم استهداف مجموعات «إرهابية»، وعلى مدار 3 أيام أو كما أطلقت عليها قوات الاحتلال اسم «الفجر الصادق» راح ضحيتها العديد من سكان القطاع بينهم أطفال وشيوخ، وتم تدمير عشرات المنازل، واقتحام آخر للمسجد الأقصى، كل هذا بهدف اغتيال «عضو بارز من حركة الجهاد»، خالد منصور، والذى ترى إسرائيل أنه يهدد أمن وأمان دولتها الصهيونية.

 السياسة.. الورقة الرابحة

سيناريو غزة كانت مصر تأمل أن تضع نهاية له بعد التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين حماس وقوات الاحتلال الإسرائيلى فى مايو 2021، وبالفعل بدأت الجهود المصرية فى مشاريع إعادة إعمار القطاع المدمر والمحاصر منذ أعوام، لكن تأبى إسرائيل أن ترى مجرد بعض من الاستقرار بين أهالى غزة، فتبدأ من جديد فى عملياتها المسلحة.. وفى كل مرة تكون الغاية الدفاع عن أمن إسرائيل.. لكن انتخابات الكنيست ربما تكون هى الدافع الرئيسى وراء هذه العمليات.

بمعزل عن المستجدات السياسية فى إسرائيل والتوجه إلى انتخابات خامسة خلال أقل من 4 أعوام، يعتقد محلل الشئون العسكرية والأمنية أنطوان شلحت، أن عملية غزة تأتى فى سياق التنافس لانتخابات الكنيست وأزمة الحكم فى إسرائيل، فى محاولة من رئيس الوزراء بالوكالة يائير لبيد ووزير الدفاع بينى غانتس، من أجل البحث عن صورة انتصار تسبق حسم الصندوق.

ويوضح أنطوان شلحت، فى تصريحات صحفية، أن الدافع الأساسى للحملة العسكرية ضد غزة هو انتخابات الكنيست ومأزق الحكم فى إسرائيل، إذ يهدف لبيد -الذى لم يأت من خلفية أمنية- إلى الظهور بوصفه قياديًا سياسيًا وأمنيًا، إلى جانب غانتس؛ للترويج للمجتمع الإسرائيلى بأنهم «قادة أمن ناجحون».

ويقلل الباحث فى الشأن الإسرائيلى من احتمال انجرار الحكومة الإسرائيلية إلى الحملة العسكرية ضد غزة لوجود الانتخابات فى الأفق، مشيرًا إلى أن الانتقادات التى وصلت إلى حد السخرية من قبل أحزاب المعارضة وحتى الجمهور الإسرائيلى خلال أيام حالة الطوارئ التى أعلنتها الحكومة على الحدود مع غزة؛ كانت الدافع للخروج للحملة العسكرية.

ويوضح الباحث فى الشأن الإسرائيلى أن الإشكال فى مثل هذه العمليات العسكرية أن إسرائيل تعرف كيف تبدأ، وهنا كانت تل أبيب المباغتة واستعملت عنصر المفاجأة وأطلقت النار، لكن لا تعرف كيف تنتهى، وبالتالى تبقى العمليات العسكرية وتداعياتها وإسقاطاتها على الساحة الحزبية والسياسية والانتخابية وحتى الأمنية معضلة بالنسبة لإسرائيل.

وأشار شلحت إلى أن إسرائيل تخشى أن تتطور العملية العسكرية وتتوسع فى حال قيام فصائل المقاومة الفلسطينية بتنفيذ عمليات نوعية أو إطلاق صواريخ طويلة المدى تصيب تل أبيب والتجمعات الكبرى فى العمق الإسرائيلى.

ويقول شلحت: إن الجانب الإسرائيلى سيسعى إلى التوصل إلى هدنة فى أسرع وقت لهذا السبب، لكن ربما يظل الصراع مفتوحًا، والنصر للحكومة الحالية سيظل ضبابيًا فإذا كان رد المقاومة أو رد الجهاد موجعًا بالنسبة لإسرائيل فستترتب على ذلك أثمان باهظة للبيد وغانتس فى الانتخابات المقبلة».

يذكر أن تل أبيب تحاول الفصل بين جماعة المقاومة الفلسطينية (حماس)، وبين جماعة الجهاد، وهذا الفصل يعتبر أيديولوجيًا وسياسيًا، فالأخيرة ترتبط بصورة كبيرة بإيران، أما حماس فارتباطها أقل بطهران وارتباطاتها إقليميًا.

وفى اجتماع المجلس الوزارى المصغر للشئون السياسية والأمنية الإسرائيلية (الكابينيت)، السبت الماضى، شدد قادة أجهزة الأمن على «أهمية الحفاظ على هذا الفصل». ويمكن تفسير ذلك أيضًا بعدم رغبة إسرائيل فى نقض الهندة السابقة مع حماس التى تمت العام الماضى.

جرائم الحرب

فى مايو 2021 أدان المرصد الأورومتوسطى لحقوق الإنسان وعدة منظمات دولية أخرى عمليات الحرب على قطاع غزة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلى على مدار الأعوام الماضية، وأوضح المرصد فى تقريره أن العمليات الإسرائيلية فى القطاع تتسم بـ«اللاإنسانية وتخرق مبدأ الضرورة والتناسب».

وأكّد المرصد الأورومتوسطى أن إسرائيل تعيد استخدام منهجيتها فى تعمد استهداف منازل المدنيين كما يحدث فى جميع الهجمات العسكرية على القطاع، دون أى اعتبار لقواعد القانون الدولى الإنسانى، مستغلة بذلك «عجز المنظومة الدولية» عن ذكر المرصد الحقوقى أن المادة (25) من لائحة لاهاى المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية تحظر «مهاجمة أو قصف المدن والقرى والمساكن والمبانى غير المحمية»، كما تنص المادة (53) من اتفاقية جنيف الرابعة على أنه «يحظر على دولة الاحتلال أن تدمر أى ممتلكات خاصة، إلا إذا كانت العمليات الحربية تقتضى حتمًا هذا التدمير».

ويعد تدمير الممتلكات على نحو لا تبرره ضرورات حربية وعلى نطاق كبير مخالفة جسمية للاتفاقية بموجب المادة (147) منها، وجريمة حرب بموجب النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية (المادة 8 (2) (ب) (2)).

وأكد المرصد أن صمت المجتمع الدولى، بما فى ذلك الموقف غير الحاسم والسلبى من جانب الاتحاد الأوروبى تجاه تحقيق المحكمة الجنائية الدولية فى جرائم الحرب فى الأراضى المحتلة، ساهم فى تصعيد إسرائيل من انتهاكاتها لحقوق الفلسطينيين دون رادع.

ودعا المرصد الأورومتوسطى جميع الأطراف الفاعلة إلى التحرك على نحو حاسم لوقف الهجوم الإسرائيلى العنيف وغير المتناسب على قطاع غزة، وبذل الجهود كلها من أجل وضع حد للعمليات العسكرية التى تحصد فى كل ساعة مزيدًا من أرواح المدنيين.

وطالب الأورومتوسطى المحكمة الجنائية الدولية بمراقبة الانتهاكات الإسرائيلية الجارية فى قطاع غزة، وضمّها إلى التحقيقات التى قررت أخيرًا إجراءها فى الانتهاكات السابقة، والعمل على محاسبة القادة والجنود الإسرائيليين وعدم السماح لهم بالإفلات من العقاب. ومحاسبتها عن انتهاكاتها السابقة، وتمتعها برصيد مفتوح من الإفلات من العقاب.

 هولوكوست غزة

ويعد قطاع غزة المنطقة الأكثر تعرضًا لهجمات جيش الاحتلال، حيث تعرض القطاع الذى يعد أكثر المناطق كثافة سكانية فى العالم، حيث يقطنه نحو مليونى فلسطينى، لعدة اعتداءات إسرائيلية على مر السنوات الماضية، بعضها اغتال فيها الاحتلال قيادات فلسطينية، وبعضها كان يسعى من خلالها لاستعادة أسراه لدى حركة حماس، وخاصة الجندى جلعاد شاليط، الذى أسرته المقاومة فى يونيو 2006.

وبعد سيطرة حماس على قطاع غزة فى يونيو 2007، أعلنت إسرائيل فى سبتمبر 2007 غزة «كيانًا معاديًا»، وفى أكتوبر من العام نفسه فرضت عليها حصارا شاملا.

ومن أبرز الحروب التى شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلى على غزة:

2008 – 2009 عملية الرصاص المصبوب/ معركة الفرقان

فى 27 ديسمبر 2008، بدأت إسرائيل حربًا على قطاع غزة أطلقت عليها اسم «عملية الرصاص المصبوب»، وردت عليها حركة حماس بعملية سمتها «معركة الفرقان».

وكان الهدف الذى وضعته قيادة الاحتلال لهذه الحرب هو «إنهاء حكم حركة حماس فى القطاع»، والقضاء على المقاومة الوطنية الفلسطينية ومنعها من قصف إسرائيل بالصواريخ، كذلك معرفة مكان الأسير الإسرائيلى جلعاد شاليط.

استمر العدوان الإٍسرائيلى لمدة 23 يومًا، حيث توقف فى 18 يناير 2009، واستخدم فيه الاحتلال أسلحة محرمة دولية مثل الفسفور الأبيض واليورانيوم المنضب، وأطلق أكثر من ألف طن من المتفجرات.

بدورها استهدفت حركة حماس فى هذه الحرب الغلاف الاستيطانى المحيط بغزة (نحو 17 كيلومترًا) بنحو 750 صاروخًا، وصل بعضها لأول مرة إلى مدينتى أسدود وبئر السبع.

أسفرت هذه الحرب عن أكثر من 1430 شهيدًا فلسطينيًا، منهم أكثر من 400 طفل و240 امرأة و134 شرطيًا، إضافة إلى أكثر من 5400 جريح. ودمرت أكثر من 10 آلاف منزل دمارًا كليًا أو جزئيًا.

واعترف الاحتلال بمقتل 13 إسرائيليًا، بينهم 10 جنود، وإصابة 300 آخرين.

2012 عامود السحاب/حجارة السجيل

بدأت هذه الحرب فى 14 نوفمبر 2012، واستمرت 8 أيام، كان الهدف منها تدمير المواقع تخزين الصواريخ التابعة لحماس ، وانطلقت باغتيال إسرائيل أحمد الجعبرى، قائد كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكرى لحركة حماس.

استشهد فى هذا العدوان نحو 180 فلسطينيًا، بينهم 42 طفلا و11 امرأة، وجرح نحو 1300 آخرين، فى حين قتل 20 إسرائيليًا وأصيب 625 آخرون، معظمهم بـ«الهلع»، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية.

حركة حماس ردت بأكثر من 1500 صاروخ، بعضها تجاوز مداه 80 كيلومترًا، وبعضها وصل لأول مرة إلى تل أبيب والقدس المحتلة، كما استهدف بعضها طائرات وبوارج حربية إسرائيلية.

وعلى الجانب الإسرائيلى قُتل جنديان و4 مدنيين، وقدرت سلطات الاحتلال الخسائر التى لحقت بها بأكثر من مليار دولار.

وفى 21 نوفمبر 2012 تم وقف إطلاق النار وإعلان اتفاق تهدئة من القاهرة.

2014 الجرف الصامد/العصف المأكول

استمرت الحرب لمدة 51 يومًا، شن خلالها جيش الاحتلال أكثر من 60 ألف غارة على القطاع، واندلعت الحرب بعد أن اغتالت إسرائيل 6 من أعضاء حركة حماس زعمت أنهم وراء اختطاف وقتل 3 مستوطنين فى الضفة الغربية المحتلة، وهو ما نفته حماس، كما كان من أسباب هذه المواجهة أن اختطف مستوطنون الطفل الفلسطينى محمد أبو خضير الذى تم تعذيبه وقتله «حرقًا».

أسفرت هذه الحرب عن مقتل 2322 فلسطينيًا و11 ألف جريح، وارتكبت إسرائيل مجازر بحق 144 عائلة، استشهد من كل واحدة منها 3 أفراد على الأقل، فى حين قتل 68 جنديًا إسرائيليا، و4 مدنيين، إضافة إلى عامل أجنبى واحد، وأصيب 2522 إسرائيليًا بجروح، بينهم 740 عسكريًا.

 2019 معركة «صيحة الفجر»

صباح يوم 12 نوفمبر عام 2019، استيقظ أهالى غزة على دوى انفجار بصاروخ انطلق من طائرة إسرائيلية مسيرة، استهدف قائد المنطقة الشمالية فى سرايا القدس، الذراع العسكرية لحركة الجهاد فى غزة، بهاء أبو العطا فى حى الشجاعية شرق مدينة غزة، وأدى إلى وفاته هو وزوجته.

ردت حركة الجهاد على هذا الاغتيال فى عملية استمرت بضعة أيام أطلقت عليها «معركة صيحة الفجر»، أطلقت خلالها مئات الصواريخ على مواقع وبلدات إسرائيلية.

أسفرت هذه الحرب عن مقتل 34 فلسطينيا، وجرح أكثر من 100 آخرين، بينهم نشطاء فى سرايا القدس، وأعداد كبيرة من المدنيين، ولم تعلن إسرائيل عن خسائرها البشرية أو المادية.

 2021 حارس الأسوار/سيف القدس

اندلعت هذه الحرب التى أطلقت عليها إسرائيل «حارس الأسوار»، بعد استيلاء مستوطنين على بيوت مقدسيين فى حى الشيخ جراح، وكذا بسبب اقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى.

فى المقابل أطلقت حركة حماس معركتها التى أطلقت عليها «سيف القدس» بإطلاق أكثر من 4 آلاف صاروخ على بلدات ومدن فى إسرائيل، أسفرت عن مقتل 12 إسرائيليًا وإصابة نحو 330 آخرين، وفق مصادر إسرائيلية.

أما من الجانب الفلسطينى، فقد أسفرت هذه الحرب عن مقتل 250 شخصًا وأكثر من 5 آلاف جريح، كما قصفت إسرائيل عدة أبراج سكنية، وأعلنت تدمير نحو 100 كيلومتر من الأنفاق فى غزة.

وقد تم وقف إطلاق النار بعد وساطة مصرية.