الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
بلاها هذه القنوات إذا لم تراجع نفسها!

بلاها هذه القنوات إذا لم تراجع نفسها!

كنت أعتقد أن وجود قنوات رياضية تابعة للأندية، سوف يساعد على نشر الرياضة وبث الروح الرياضية والوعى لدى الجماهير.. ولكن للأسف خاب ظنى واعتقادى فى نفس الوقت، بعدما شاهدت بعينى وسمعت بأذنى العديد من البرامج المذاعة على هذه القنوات تؤجج الاحتراب بين الجماهير العاشقة للرياضة، بل وتثير الفتن التى نحن فى غنى عنها، سواء حاليًا أو حتى مستقبلًا، فالتشكيك فى الذمم وفى بعض الأحيان فى الرجولة، بجانب الخوض فى الأعراض، والاتهام بالعمالة أو التربح، المصحوب بخدش سمعة العائلات وكَيْل السُّباب والشتائم على طريقة (فرْش الملاية كما كان يحدث سابقًا فى مشاحنات الأزقة والحوارى وقت خلاف السيدات مع بعضهن البعض)، جميعها تهم جاهزة وجمل أساسية فى (اسكربت) أغلب البرامج التى تقدم على هذه الفضائيات.



الغريب أن هذا يحدث على مرأى ومسمع من جمهور المشاهدين فى البيوت كبارًا وصغارًا، فليس هناك حاكم أو رادع لما يقال ويتردد عبر هذه الشاشات، مما أساء لكل الأسر المصرية التى شاء حظها العثر أن تشاهد هذا الغثاء والتردى، الذى ينذر بوقوع فتن بين الجماهير العاشقة للرياضة، وكأننا لم يكفنا 74 شهيدًا سقطوا فى استاد بورسعيد ومن بعدهم 20 آخرين فى استاد الدفاع الجوى من جراء هذا التعصب ونيرانه المتطايرة التى تشعلها مثل هذه الفضائيات دون أن يتحرك أحد، والتى للأسف يشارك فى تزكيتها بعض الإعلاميين المحسوبين على أندية بعينها، أغلبهم إن لم يكن كلهم يعمل فى هذه القنوات مقابل أجر، تاركين خلفهم ضميرهم المهنى والأخلاقى، مما يعد خروجًا واضحًا وصريحًا عن الحيادية والقواعد المهنية (التى ذهبت مع الريح بعد أن استحت العين من جراء إطعام الفم) لجُل مَن يتصدى لأى عمل إعلامى بهذه الطريقة، ولعب بالنار بهدف استعراض القوة فى إطار الصراع بين الغرماء لإرضاء صاحب المحل (هذا النادى أو ذاك)، وهو الأمر الذى ينذر بوقوع كارثة كروية جديدة، ومن أجل ذلك مطلوب وعلى وجه السرعة تدخُّل الجهات المسئولة التى كفل لها الدستور والقانون مراقبة وضبط هذا الأداء الإعلامى المتردى الذى يقدم عبر هذه الفضائيات لحسم هذا الأمر حتى ولو وصل الأمر إلى منعها؛ خصوصًا بعد قرار الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية برد القنوات المعنية للناديين المعنيين، وفقًا للآليات القانونية الجارى إعدادها والاتفاق عليها مع الناديين أو من يمثلهما، وفقًا لأحكام القانون، بحيث تؤول إدارة وتشغيل القناتين للناديين أو من يمثل كل منهما فى هذا الشأن بشكل كامل، على أن يتحمل كل منهما جميع مصاريف التشغيل التى كانت تتحملها الشركة عن طيب خاطر لخدمة الرياضة المصرية.

 والسؤال هنا؛ هل ستنجح إدارة الناديين فى الوفاء بالتكاليف المادية الكبيرة لإدارة القناتين فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى يمر بها كل نادٍ خلال هذه الفترة؟ عمومًا قرار الشركة المتحدة يلقى أيضًا بالمسئولية الإعلامية والأخلاقية وكذلك المالية على عاتق القائمين على الناديين لتقديم محتوى إعلامى محترم، بعد أن أصبح هذا العبث الذى يطل علينا فى بيوتنا يوميًا ودون استئذان يكاد يكون ضيفًا غير مرحب به ولكننا مضطرين لاستقباله، لنصدم ببيان أو تصريح أو مداخلات من هذا النادى أو ذاك تقول كذا وكذا دون إرادتنا، سواء فى نفس اليوم أو فى اليوم التالى؛ حيث نجد الرد فى القناة الأخرى وبنفس الطريقة التى لا تراعى مهنية أو حيادًا أو حتى مصلحة وطن يضم الجميع، ليستمر مسلسل السقوط المهنى والأخلاقى الذى وقعت فيه هذه الشاشات (خصوصًا فى الفترة الأخيرة)، على اعتبار أن هناك (تار بايت) لا بُدّ من أخذه حتى نثبت أن الآخر موجود ولديه أسلحته وعتاده ورجاله الذين يدافعون عنه.

المصيبة الكبرى أن القائمين على هذا الجُرم أصبحوا يتجددون يوميًا وينضم إليهم صحفيون وإعلاميون وكذلك محامون، رغم علمى أنهم جميعًا يخضعون لمواثيق الشرف الخاصة بنقابة كل منهم، ومع هذا يخوضون فى أمور الآخر بالحق والباطل اتباعًا لمنهج (انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا) حتى ولو كان زميل مهنة واحدة، بل إن بعضهم بدأ التحدث فى أمور يعاقب عليها القانون إذا لم يتم إثبات ما يدعون، ورغم ذلك لم نسمع يومًا أن هناك نقابة أو غيرها من الجهات قامت بمحاسبة أحد من هؤلاء.. حتى نقابة الإعلاميين الوليدة صمتت هى الأخرى صمت الحِمْلان عمّا يقال ويتردد عبر هذه الفضائيات، ولم نسمع لها صوتًا، لدرجة أننا أصبحنا لا نعلم من أين ستأتى الضربة (الإجرامية، أقصد الإعلامية)؟، ولا يهم هنا من سيكون ضحية هذا العبث؟، التى من المؤكد ستكون جماهير المشاهدين والمتابعين المحبة والعاشقة للرياضة التى ننشدها لتسمو بالروح وتهذبها.. والتى نطالب من أجلها ونصرخ بأعلى صوت قائلين: بلاها هذه القنوات إذا لم تراجع نفسها وتراجع ما تقدمه من رسالة إعلامية تضمن ألا تذهب بمصرنا الحبيبة إلى كارثة لا يتمناها أحد.

اللهم قد بلّغت.. اللهم فاشهد.