الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الشراكات الاقتصادية العربية البريطانية ترقب عربى وأزمات اقتصادية طاحنة بانتظار لندن

بعد الخروج من الاتحاد الأوروبى، حصنت بريطانيا نفسها بالشراكات الاقتصادية مع الرباط والجزائر وبالشريط المتوسطى ومجلس التعاون الخليجى من خلال اتفاقيات التجارة الحرة التى بلغت العام الماضى ما يقرب من 40 مليار دولار.



وبعد إعلان بوريس جونسون استقالته، هناك ترقب عربى لمستقبل الاتفاقيات التجارية بعد تولى رئيس وزراء جديد مهامه.

بوابة الشراكة الاقتصادية - كما يرى الخبراء - لا تلغيها التغيرات السياسية الداخلية ولا تغيير السلطة، ومع ذلك هناك تحديات كبيرة تواجه لندن بعد استقالة رئيس الوزراء بوريس جونسون.

 شراكات اقتصادية عربية

ترتبط بريطانيا بالفعل بعلاقات استراتيجية وعسكرية وطيدة مع دول الخليج، وتجاوز حجم التجارة مع المنطقة 30 مليار دولار عام 2020. وفى عام 2018 ارتفعت صادرات الدفاع البريطانية إلى مستوى قياسى، وشكلت المبيعات إلى السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر ودول الشرق الأوسط ما يقرب من 80 فى المئة.

وبلغ حجم تجارة المملكة المتحدة مع دول مجلس التعاون عام 2016 نحو 44.5 مليار دولار، بزيادة 19.1 مليار دولار فى عام 2010، وتبلغ التجارة بين بريطانيا ودول الخليج الست نحو 30 مليار جنيه استرلينى (37.5 مليار دولار) سنويًا.

كما تعد منطقة الخليج واحدة من أكبر وجهات التصدير فى المملكة المتحدة، إذ بلغ إجمالى صادراتها إلى دول مجلس التعاون الخليجى أكثر من 30 مليار جنيه استرلينى (40.2 مليار دولار) عام 2019. وتعتبر دول مجلس التعاون ثالث أكبر وجهة تصدير لبريطانيا من خارج الاتحاد الأوروبى بعد الولايات المتحدة والصين.

وتعد السعودية شريكًا تجاريًا رئيسًا للندن فى الشرق الأوسط، فهناك حوالى 200 مشروع مشترك بين الطرفين بقيمة 17.5 مليار دولار، كما توجد مشاريع عملاقة طويلة الأجل فى قطاعات الطاقة والمياه والاتصالات والنقل والبنية التحتية بقيمة تتجاوز 400 مليار دولار، ويوجد حوالى 30 ألف مواطن بريطانى يعيشون ويعملون فى السعودية.

وقد وقّع المغرب وبريطانيا، اتفاقية شراكة شاملة، تستعيد فى سياق العلاقات الثنائية كل المزايا التى منحها كل منهما للآخر فى إطار اتفاقية الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي.

وفى الشهر الماضى، بدأت بريطانيا محادثات بشأن اتفاق تجارة حرة مع ست دول خليجية، وفقًا لما أعلنته وزارة التجارة البريطانية، وذلك فى أحدث جولات المفاوضات التى تستهدف تعزيز علاقات بريطانيا خارج الاتحاد الأوروبى بعد انفصالها عنه.

وزارت وزيرة التجارة آن مارى تريفيليان الرياض؛ لبدء المناقشات مع دول مجلس التعاون الخليجى المؤلف من «السعودية والإمارات والبحرين والكويت وعمان وقطر».

وقالت بريطانيا، إن اتفاقًا مع مجلس التعاون الخليجى من شأنه أن يخفض أو يزيل الرسوم على صادرات الأغذية والمشروبات البريطانية للمنطقة، والتى بلغ حجمها العام الماضى 625 مليون جنيه إسترلينى، وأن يعود بالنفع على الخدمات التجارية.

ووفقًا لتقرير لـ«فايننشال تايمز»  كان من الأفضل أن ينتهى عهد جونسون قبل أشهر، فحكومته غارقة منذ بداية 2022 فى فضائح سياسية وأخلاقية، «ولم تحقق سوى الفوضى».

وأضافت أنه بعد عامين من وباء فيروس كورونا المستجد تراجعت قدرة حكومة جونسون على التعامل بفاعلية مع أسوأ ضغوط تضخمية تواجهها البلاد منذ عقود، والآن بريطانيا فى حاجة إلى قيادة جديرة بالثقة أكثر من أى وقت مضى، وسط توقعات بارتفاع التضخم بأكثر من 11 %، وتراجع الإسترلينى إلى مستويات 1.18 دولار، وزيادة الاضطرابات العمالية.

الأزمة السياسية تزيد من ضبابية المشهد الاقتصادى فى بريطانيا، فى وقت يحذر محافظ بنك إنجلترا، أندرو بيلى، من تباطؤ الاقتصاد بقسوة خلال الأشهر الـ12 المقبلة، وقال فى مؤتمر صحفى، الأربعاء الماضي: «لا نتوقع أن نرى نموًا اقتصاديًّا خلال العام المقبل»، وفق «رويترز».

وأعرب بيلى عن استعداد بنك إنجلترا لتسريع وتيرة رفع أسعار الفائدة، لكبح التضخم الذى وصل فى مايو إلى أعلى مستوياته منذ 40 عامًا عند 9.1 %، وتتوقع الأسواق رفعًا للفائدة الشهر المقبل بـ0.5 % لأول مرة منذ 1997، فى خطوة من شأنها تهديد خامس أكبر اقتصاد فى العالم بفقدان زخم النمو الذى سجله خلال الربع الأول، عندما نما 0.8 % على أساس فصلي.

 الأسواق ترحب 

عقب إعلان استقالة جونسون ارتفع مؤشر «فوتسى 100» 1.2 % إلى مستوى 7 آلاف و196.11 نقطة، فى حين ارتفع سعر صرف الجنيه الإسترلينى 0.5 % إلى 1.1980 دولار أمريكى، و0.4 % مقابل اليورو إلى مستوى 1.1753.

وقال كبير محللى الأسواق فى شركة «أفاتريد» الإيرلندية، نعيم إسلام، لمنصة «بروأكتيف أنفيستورز» البريطانية، إن المتداولين يشعرون فى الأسواق الآن ببعض الراحة مع استقالة جونسون الذى قال عنه «إنه لا يزال يتسبب فى تعقيد العلاقات مع الاتحاد الأوروبى حتى بعد البريكست»، مشددًا على أن هذه المعنويات المرتفعة ترجمها أداء «فوتسي» والإسترلينى اليوم.

ويمنح الهدوء السياسى بخروج جونسون من المشهد بعض الراحة للأسواق، فى وقت تبدو بريطانيا فى وضع أفضل مقارنة بدول أوروبية كبرى، فعلى سبيل المثال خلال الربع الأول ارتفع الاقتصاد البريطانى 0.8% على أساس فصلى، وفى المقابل ارتفع الاقتصاد الألمانى أكبر اقتصادات أوروبا 0.2% فقط، وفق «آى نيوز بيبر» البريطانية.

ورغم تخبط حكومة جونسون فى معالجة أزمة كوفيد-19، فإنها تمكنت من الحفاظ على الشركات والموظفين صامدين، فمعدل البطالة حاليًّا عند مستوى 3.8% فقط، مع وظائف شاغرة تقدر بـ1.7 مليون وظيفة، وهو أمر جيد لاقتصاد يكافح ليواصل التعافي.

 تحديات أمام الاقتصاد البريطانى

استفاد الجنيه الاسترلينى قليلًا من آفاق هدوء الأزمة السياسية البريطانية وارتفع بنسبة بلغت 0.73% مقابل الدولار الأمريكى لكن الأصول البريطانية تعانى من ضعف كبير أمام المستثمرين.

فهناك النمو الضعيف والتضخم المرتفع وتقلبات عدم الاستقرار السياسى، والتى يترتب عليها عدم وجود فترة استقرار يلوح فى الأفق للأصول البريطانية التى تكافح من أجل الحصول على اهتمام من المستثمرين.

ومع ذلك قد تستغرق خلافة بوريس جونسون شهورًا عديدة فى وقت تواجه المملكة المتحدة تضخمًا مرتفعًا أو تباطؤًا أو مخاطر ركود، وستكون القرارات المتعلقة بالضرائب والإنفاق وبريكست أساسية وفقًا لرويترز.

ورغم بروز شخصيات عديدة لخلافة بوريس جونسون فى رئاسة الحزب المحافظين ورئاسة الحكومة البريطانية إلا أن أبرزهم قد يأتى من خلفية عسكرية وهو وزير الدفاع الحالى بن ولاس، وفقًا لاستطلاع الرأى الذى أجرته منظّمة «البيت المحافظ» لنشطاء حزب المحافظين، إلا أن ذلك لن يقدم استقرارًا مطلوبًا لخامس أكبر اقتصاد عالمى وسط أزمته الحالية. وسيغادر رئيس الحكومة المستقيل تاركًا اقتصاد بريطانيا وسط أزمات عديدة ومعقدة.

ويرى كبير محللى الأسواق فى شركة «أفاتريد» أن تغيير قيادة البلاد لا يكفى لمنح الاقتصاد البريطانى الدفعة التى يحتاجها لمواصلة التعافى، فرئيس الوزراء الجديد يواجه تحديات هائلة لمعالجة التضخم المتصاعد، والحدّ من تداعيات التشديد النقدى على مستويات النمو، دون الحاجة إلى زيادة سقف الدين العام.