
حسن عيسى
كدهوّن!.. ترشيحات صادمة 4
«ولا ياحَمُّو.. التمساحة يَلا».. هكذا هتفت الفنانة سناء جميل فى مقدمة مسلسل (الراية البيضاء) معلنة عن تقديمها لشخصية مختلفة تمامًا عما سبق تقديمه لجمهورها الذى لم يعتدها امرأة سوقية لهذه الدرجة الصادمة من الفجاجة، ولكن المخرج محمد فاضل كانت له رؤية أخرى عندما رشحها لتلعب شخصية فضة المعداوى النموذج للغوغائية والعشوائية والكارهة لكل ما هو جميل وعريق.
وكِدَهُوَّن لم يتوقع أحد أن فاطمة كشرى زوجة الحاج عبدالغفور البرعى وشريكة رحلة الكفاح والنجاح الطويلة يمكن أن تكون هى الفنانة عبلة كامل لصغر سنها فى ذلك الوقت والذى يرشحها لكى تلعب دور إحدى بنات الحاج عبدالغفور البرعى وليست زوجته؛ خصوصًا أنها من نفس جيل منال سلامة وناهد رشدى ووفاء صادق، والأهم هو أن عبلة كامل لم تقدم من قبل تلك النوعية من الأدوار بنت البلد ذات الشخصية المرحة والأقرب لشخصية الفنانة معالى زايد أو الفنانة سوسن بدر، ولكن المخرج أحمد توفيق قرر أن تكون فاطمة كشرى هى عبلة كامل فى مجازفة كبير وصادمة للجمهور، إلا أن الصدمة تحولت لعشق وإعجاب وأصبحت فاطمة كشرى نفسها أسطورة تليفزيونية وكِدَهُوَّن، عندما نفكر بمن تستطيع أن تقدم شخصية خادمة فقيرة مغلوبة على أمرها وتسعى لتربية أبنائها بعد وفاة زوجها حتى يتخرجوا من الجامعات ويتولوا مناصب مهمة فى المجتمع وتستمر هى فى العمل كخادمة دون أن تعبأ باستنكار أولادها فسوف يتوقع الجمهور فى ذلك الوقت أن تقوم بهذه الشخصية الفنانة هدى سلطان أو كريمة مختار أو من الجيل الذى يليهما الفنانة دلال عبدالعزيز أو الفنانة معالى زايد بالتأكيد لن نفكر أبدًا فى الفنانة الراقصة فيفى عبده التى اشتهرت بأدوار المرأة المثيرة القوية المسيطرة ولكن المخرج سامى محمد على كان له رأى آخر وصادم للجمهور بترشيح فيفى عبده فى مسلسل (الست أصيلة) والذى يعتبر من أهم أفضل أدوارها على الشاشة الصغيرة وكِدَهُوَّن ولعل الفنانة آثار الحكيم ارتبطت بوجدان جمهورها بأدوارها الرومانسية الرقيقة وبشخصية الفتاة الجميلة التى يتصارع على قلبها الجميع ولكن المخرج محسن فكرى رشحها فى شخصية فتاة قبيحة جدًا ومستفزة وينفر منها الجميع وذلك فى المسلسل الكوميدي (ترويض الشرسة) رغم أن الأقرب للعب هذه الشخصية ذات الطابع الكوميدى هى الفنانة سماح أنور أو الفنانة عبلة كامل لما تتمتعان به من حس كوميدى يناسب الشخصية الدرامية فى المسلسل إلا أن المخرج محسن فكرى لجأ للمكياج الكثيف لتغيير ملامح آثار الحكيم والتى لجأت بدورها إلى استخدام المبالغة فى الأداء حتى تثير الضحكات، وكِدَهُوَّن عندما نتحدث عن الأسرة الملكية السابقة وبصفة خاصة الملكة نازلى زوجة الملك فؤاد ووالدة الملك فاروق فبالطبع سيتوقع الجمهور أن من ستقوم بهذا الدور هى الفنانة يسرا أو الفنانة ليلى علوى إلا أن المخرج حاتم على صدم الجمهور ورشح الفنانة وفاء عامر لأداء شخصية الملكة نازلى رغم أنها قد اشتهرت بأدوار ذات الجذور الشعبية أو الريفية ولم تقدم من قبل أبدًا أى أدوار أرستقراطية إلا أنها اجتهدت بشدة لتقديم هذا الدور المختلف عن طبيعتها وشخصيتها التى اعتادها منها الجمهور لملكة شابة متمردة أهدرت كل القيم الإنسانية وتحدت العادات والتقاليد، ولقد نجحت وفاء عامر إلى حد كبير فى تقديم تلك الشخصية الشائكة بكل مفرداتها وتفاصيلها وإن تعرضت لبعض الانتقادات فى ذلك الوقت إلا أن دورها فى مسلسل الملك فاروق من الأدوار المهمة فى مسيرتها الفنية رغم صدمة ترشيحها للدور، وكِدَهُوَّن ولعل اسم الفنان عبدالمنعم مدبولى ارتبط لدى الجمهور لسنوات طويلة بالكوميديا وبمسرح المدبوليزم ومدرسة الضحك من أجل الضحك فقط وعندما يعلن عن قيامه بعمل فنى جديد يتوقع على الفور أنه عمل كوميدى صريح إلا أن المخرج محمد فاضل فاجأ جمهوره بتقديم الفنان عبدالمنعم مدبولى فى دور ميليودرامى بعيد تمامًا عن الكوميديا لمأساة أب مسن يجد نفسه فى خريف عمره مضطر يتنقل بين منازل أبنائه ليتعرض فى كل منزل لحكاية مؤلمة تجعله يقرر العودة لمنزله والإقامة بمفردة مهما كان احتياجه لأبنائه فى هذه المرحلة، ورغم أن الأقرب للقيام بهذا الدور هو الفنان عماد حمدى صاحب الأداء الرزين والنظرات الحزينة أو الفنان فريد شوقى بعد التحول للأدوار الإنسانية ذات الطابع الميليودامى بعد مشوار طويل مع أدوار الشر والإثارة، إلا أن المخرج قرر أن يجازف ويصدم الجمهور بترشيح فنان كوميدى ليقدم شخصية بابا عبده فى المسلسل الشهير (أبنائى الأعزاء شكرا ) ليكون علامة فارقة فى تاريخ عبدالمنعم مدبولى الذى حاول أن يستثمر نجاحه الأسطورى فى هذا العمل ليعيد تقديم مسلسلات مشابهة له إلا أن بابا عبده ظل محطته المهمة فى حياته الفنية، وكِدَهُوَّن وعلى المنوال نفسه نجد الفنان عبدالمنعم إبراهيم ارتبط بوجدان الجمهور بأدواره الكوميدية الرائعة التى سبق وأن قدمها من خلال أفلام كوميدية عديدة خلال الخمسينيات وبداية الستينيات جعلته يحظى بمساحة كبيرة بين أهم المضحكين المصريين إلا أن المخرج جلال غنيم كان له رأى آخر وأسند له شخصية عم آدم والذى يحمل المسلسل اسمة (أولاد آدم) ليكون هو بطل العمل رغم بعده تمامًا عن الكوميديا التى سيتوقعها الجمهور من عبدالمنعم إبراهيم فكيف سيتقبل منه دورًا تراجيديًا وهو من قدم بإجادة بالغة شخصية سكر هانم والجدة التركية العصبية فى فيلم أضواء المدينة وقلد صوت هند رستم فى فيلم إشاعة حب وسلسلة أفلامه مع إسماعيل ياسين وغيرها.. كيف يتقبله الجمهور فى شخصية الخادم الأمين على ثروة الباشا وتركها أمانه بين يديه ويفاجأ بأن ابنه يسرق تلك الثروة ويستثمرها لحسابة ولقد نجح الفنان عبدالمنعم إبراهيم فى إتقان الدور ليكون نقلة مصيرية فى مشواره الفنى ويقدم مجموعة أدوار تليفزيونية رائعة جعلت الجمهور يتصور أنه شخصيتان منفصلتان الأولى تقدم أدوارًا كوميدية والثانية تخصصت فى تقديم الأدوار التراجيدية، وكِدَهُوَّن اعتاد الجمهور أن تقوم الفنانة هدى سلطان بأدوار بنت البلد والأم الشعبية إلا أن المخرج إسماعيل عبدالحافظ قرر أن يقدمها فى شخصية أرستقراطية نفيسة هانم فى مسلسل ليالى الحلمية رغم أن الأقرب لأداء تلك الشخصية كانت الفنانة ليلى فوزى أو الفنانة مديحة يسرى حتى إن الفنانة هدى سلطان أعربت عن دهشتها فى أحد اللقاءات التليفزيونية عندما قرأت السيناريو ووجدت أن المخرج قد رشحها للقيام بدور نفيسة هانم ورغم صدمتها هى شخصيا؛ فإنها برعت فى تقديم تلك الشخصية البعيدة عن طبيعة الأدوار التى اعتادها جمهورها ولكنها فعلتها ونجحت فى تلوين شخصيتها إلا أنها عادت مرة أخرى إلى قواعدها لتقدم أدوارًا خالدة لعبت فيها دور الأم الصعيدية والشعبية، وكِدَهُوَّن ولعل شخصية الزينى بركات هى من أكثر الترشيحات الصادمة للجمهور وذلك لأن الفنان أحمد بدير فنان كوميدى فى الأساس وارتبط لدى الجمهور بشخصية عبدالعال فى المسرحية الشهيرة ريا وسكينة، إلا أن المخرج يحيى العلمى قرر بعد توالى اعتذارات النجوم فى ذلك الوقت عن القيام بهذه الشخصية المهمة جدًا تاريخيًا ودراميًا أن يصدم الجمهور ويسند الشخصية لفنان كوميدى ليقدم الشخصية بشكل وروح مختلفة وأداء رائع ومتمكن ويُحسب للفنان أحمد بدير وللمخرج الكبير يحيى العلمى.
وكِدَهُوَّن نجد أن كل تلك الشخصيات الدرامية نجحت بفضل ترشيحات صادمة وغير متوقعة من الجمهور إلا أنها عاشت فى وجدانه إلى اليوم بفضل جراءة مخرج قرر أن يفكر بعيدًا عن الصندوق.