الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

المواجهة الرقمية للتطرف الإفتاء تتبنى آليات إلكترونية لمواجهة الفكر المتطرف

 لا يزال التطرف وجماعات الإرهاب تتفشى بصورة أكثر خطورة لاسيما مع تطور التكنولوجيا الرقمية، الأمر الذى دفع دار الإفتاء المصرية لعقد مؤتمرها العالمى الأول لمركز «سلام» لدراسات التطرف، التابع لها تحت عنوان: «التطرف الدينى: المنطلقات الفكرية واستراتيجيات المواجهة»، حيث تبنى المؤتمر فكرة المواجهة العملية للتطرف والإرهاب، على جميع الأصعدة.



من جهته يرى د.شوقى علام مفتى الجمهورية أنه رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التى يمر بها العالم لم تتوقف أعمال الإرهاب والتطرف، حيث إن جرثومة الإرهاب تنشط فى أوقات الأزمات والحروب والأوبئة حيث تجد فى بيئة القلاقل مرتعًا لها للنمو والفتن.

وأوضح أن موضوع التطرف من الموضوعات المهمة التى يجب أن نهتم بها، مضيفًا أن جماعات الإخوان الإرهابية تحاول إيجاد كيانات رسمية ومشروعة لها فى المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية منذ نشأتها فى سنة 1928م.

أضاف أن فكرة تأسيس مركز «سلام» للتطرف جاء لمواجهة الفكر المتطرف والإرهاب، وكثمرة لجهود متوالية لدار الإفتاء والأمانة العامة لدور الإفتاء العالمية بمشاركة مجموعة من أكبر المتخصصين فى مكافحة التطرف والإرهاب.

ولفت إلى أن المركز يأتى امتدادًا للدولة المصرية وجهودها فى مواجهة الإرهاب لإيجاد مستقبل آمن للأجيال القادمة ويعمل على إخراج دراسات تخصصية تسهم فى المساعدة فى المواجهة الشاملة للتطرف والإرهاب، وهى ضمن رؤية مصر للتنمية المستدامة والتى منها إنهاء التطرف. 

وأوضح أن الإرهاب الأسود انتشر نتيجة عبث الجماعات الدينية بالأصول المنهجية فى فهم الدين ورفضها للمنهجية العلمية الصحيحة وتمسكوا بالفروع الاختلافية لتكفير الناس واستباحة الدماء.

وأشار أنه لذلك لا بد من التعاون بين دولنا والأمم المتحدة ومجلس الأمن من أجل إنقاذ العالم من خطر الإرهاب والتطرف.

الذاكرة الرصدية

ومن خلال المؤتمر تم إطلاق طريقة مبتكرة للمواجهة وهى الذاكرة الرصدية والمكتبة الإلكترونية لدراسات التطرف وذلك تحقيقًا لرؤية الدولة المصرية وقيادتها فى مكافحة الإرهاب والتطرف، إذ تعد الذاكرة الرصدية والمكتبة الإلكترونية لدراسات التطرف نقلة كبيرة فى مجابهة الفكر المتطرف، وشريكًا أساسيًّا فى مواجهة الفكر التكفيرى لتحصين المجتمعات من خطر الفكر المتطرف والإرهاب. 

والذاكرة الرصدية والمكتبة الإلكترونية لدراسات التطرف تعدُّ أرشيفًا رقميًّا عملاقًا يجمع إصدارات التنظيمات التكفيرية والإرهابية والنتاج الفكرى المتطرف لمجرمى الفكر التكفيرى القديم والحديث من جهة، ويجمع النتاج الفكرى للمراكز البحثية العربية والأجنبية المعتمدة المعنية بقضايا التطرف والإرهاب من كتب ودراسات وتقارير تخص التطرف والإرهاب ومكافحته وقايةً وعلاجًا من جهة أخرى؛ ليكون الأكبر والأحدث من نوعه فى الشرق الأوسط، كما يمثل قيمة مضافة كبيرة لدعم استراتيجية الدولة فى مجال مكافحة التطرف وتعزيز استقرار المجتمعات.

 فيما أوضح د.إبراهيم نجم رئيس مركز «سلام»  أن ذاكرة التطرف تعتمد على منهجية دقيقة فى الرصد والبحث والتتبع، حيث إن لها حضورًا قويًّا على منصات الجماعات التكفيرية المتطرفة. ويتم البحث فى جذور تلك الرؤية عند تلك الجماعات، ومدى الثبات والتغير فيها، وانعكاساتها على سلوك المتطرفين ونشاطهم العنيف.

وأوضح أن الذاكرة الرصدية للتطرف تحتوى على الكتب المؤسِّسة للتطرف، وعلى الأدبيات والمراجع والموسوعات الرئيسية المهمَّة التى ترتكز عليها أغلب أنشطة الجماعات التكفيرية والتنظيمات الإرهابية فى بناء أفكارها، وتضم مكنزًا للفتاوى المتشددة والآراء المتطرفة لأصحاب الفكر المنحرف والجماعات المتطرفة، ومكتبة أصولية لمجرمى الفكر التكفيرى القديم والحديث وجميع إصداراتهم المرئية والمسموعة والمكتوبة. 

وأكد د.نجم أن الهدف من إطلاق الذاكرة الرصدية للتطرف هو تعزيز الدور الريادى المصرى فى مجال مكافحة التطرف والإرهاب، واستقطاب الباحثين والمفكرين وأصحاب الرأى والمراكز البحثية الإقليمية والدولية، لتعزيز تبادل الخبرات بين مركز «سلام» لدراسات التطرف والمراكز البحثية الأخرى فى مجال التطرف والإرهاب ومكافحته.

ومن المنتظر أن تكون الذاكرة الرصدية والمكتبة الإلكترونية لدراسات التطرف الأضخم من نوعها على مستوى العالم فى مجال مكافحة التطرف والإرهاب، والأداة الأكثر إفادة للباحثين والمفكرين ومراكز الأبحاث الإقليمية والدولية. وحرص على توفير عشرات الآلاف من إصدارات المراكز البحثية العربية والأجنبية المعنية بالتطرف ومكافحتِه، ضمن المكتبة الإلكترونية لدراسات التطرف.

هذا، وقد أعلن الدكتور إبراهيم نجم عن الخطط المستقبلية لذاكرة التطرف، أولها تعزيز التعاون بين مركز سلام لدراسات التطرف والمراكز البحثية والفكرية العربية والأجنبية، لتكون الذاكرة الرصدية الأولى عالميًّا فى مواجهة التطرف فى العصر الرقمى والمرجع الرئيسى لجميع المؤسسات والمراكز البحثية، والمظلة التى تجمع تحتها الباحثين العرب والأجانب؛ لكونها تضم آلاف الإصدارات والمؤلفات والدراسات والأبحاث والتقارير المعنية بدراسة التطرف وقاية وعلاجًا بلغات متعددة. 

وأضاف أنه من ضمن الخطط المستقبلية عمل بروتوكول تعاون بين مركز سلام لدراسات التطرف، ومنصات التواصل الاجتماعى بهدف الرصد الاستقصائى ومتابعة محتوى التطرف والإرهاب، لتحصين المجتمعات من الأفكار الهدَّامة، وإعداد كتاب إلكترونى بعنوان «منصات التطرف»، يحتوى على قوائم بالحسابات والصفحات الشخصية والمواقع الرسمية والمنابر الإعلامية وأبواق التنظيمات التكفيرية. وأشار أيضًا إلى إصدار موسوعة مجرمى الفكر التكفيرى الحديث، وإصدار موسوعة للفتاوى الشاذة والمتطرفة لأبرز التنظيمات التكفيرية؛ لدحض شبهات تلك الفتاوى وأسانيدها من خلال عرض الرؤية الوسطية الصحيحة للفتوى، وكذلك إصدار موسوعة تحليلية تحت عنوان «قراءات فى التطرف»؛ لتفنيد وتفكيك أهم الكتب المؤسِّسة للتطرُّف التى ترتكز عليها الجماعات والتنظيمات التكفيرية، باللغتين العربية والإنجليزية.

وقال د.إبراهيم نجم: «نتوقع من المفكرين والباحثين والأكاديميين المساهمة مع مركز سلام لدراسات التطرف، لمواجهة الفكر المتطرف وخلخلة جذوره لاستئصاله من مجتمعاتنا، والخروج بمبادرات علمية تدعم مكافحة التطرف».

 مرصد فتاوى إلكترونى 

فيما أكد الشيخ كامل الحسينى الباحث بدار الإفتاء أن التطرف استغلَّ الدورَ الفعَّال لشبكة المعلومات الدولية ومواقع التواصل الاجتماعى أسوأ استغلالٍ فى عمليات الترويج والدعاية والاستقطاب والتجنيد؛ وذلك لما لمواقع التواصل من تأثير فى تكوين الوعى الفردى والجمعي؛ فكان لا بد من وضع استراتيجية فعَّالة تحارب العدو بسلاحه؛ فتستخدمُ شبكة المعلومات ومواقع التواصل الاجتماعى لمحاربة هذه الأفكار الهدَّامة، وقبل ذلك للوقاية من الوقوع فى براثنها.

وأضاف: ففى ظل هذا الانتشار الواسع والاستغلال الخطير لمواقع التواصل الاجتماعى المختلفة - التى وفَّرت للمتطرفين سبلًا آمنةً للتواصل فيما بينهم- تحتَّم على حرَّاس الفكر الوسطى المستقيم أن يُعظِّمُوا جهودهم فى هذا الميدان الرقمي؛ ليواصلوا فيه مهمتهم فى حفظ صحيح الدين، ووقاية البشر جميعًا من الوقوع فى مخالب التطرف وبراثن الإرهاب.

وأكَّد على أن المؤسسات الدينية قد خَطَت بهذه المواجهة وتحمُّل دور التوعية والوقاية خطوات حسنةً، وبذلت جهودًا قيّمةً، وسعت مساعى مشكورةً فى هذا الميدان؛ وفى هذا السياق وضعت الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم مكافحة التطرف ضمن أهدافها الاستراتيجية؛ فدعمت منذ نشأتها «مرصد الفتاوى التكفيرية» التابع لدار الإفتاء المصرية، الذى يمثل إحدى الأذرع الإلكترونية الفعَّالة فى مواجهة التطرف والوقاية من الإرهاب، وأنشأت النشرات الإلكترونية المختلفة لبيان صحيح الدين ومواجهة الأفكار الضالة، وأنشأت مركز سلام لدراسات التطرف الذى أقام منصات إلكترونية عدة؛ والذى يعتزم إطلاق مواقع إلكترونية بلغات مختلفة للتوعية بمخاطر التطرف والوقاية من شروره وآفاته، وبناء حائطِ صدٍّ يمنع عموم الناس من الاغترار به أو الانخراط فيه، وتحقيق التواصل الفعال مع العاملين فى المجال نفسه لاستئصال بؤر التشدد، وتشتيت مصادر التطرف، وتجفيف منابع الإرهاب. 

ولفت إلى أهمية إطلاق عدة إجراءات لمواجهة التطرف؛ منها: تفعيل قوانين مكافحة الجريمة الإلكترونية من أجل تجفيف منابع الفكر المتطرف، ومنها: تشكيل فريق كبير من المتخصصين فى كل دولة يعملون باستمرار فى رصد وتتبُّع المواقع والصفحات التى تبثُّ أفكارًا تكفيريةً ومتطرفة ثم التواصل لمعرفة منابع هذه الشبكات العالمية لحجب هذه المواقع إلكترونيًّا والوصول لمُنشئيها حمايةً لشبابنا من الوقوع فى براثن التطرف، وكذلك التركيزُ على نشر رسائل مضادَّة على المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي؛ لإظهار زيف وشذوذ الرسائل التى تروِّج لها التنظيمات الإرهابية، وإطلاق حملات إلكترونية مشتركة بين المراكز التى تُعنى بمكافحة التطرف، وتستخدم هذه الحملات جميعَ أشكال البيان والتعبير من مكتوبات وصور وفيديوهات ورسومات.

 إشادات دولية 

جدير بالذكر أن المؤتمر الدولى الأول لـ«مركز سلام لدراسات التطرف» شهد إشادات دولية لمصر فى دورها لمكافحة الإرهاب، حيث أكد د. جيهانكير خان مدير مكافحة الإرهاب بالأمم المتحدة على العلاقة الجيدة الطويلة الأمد لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب مع جمهورية مصر العربية وإلقاء الضوء على الدَّور المهم الذى لعبته مصر فى توجيه الاهتمام الدولى والعمل على مكافحة الخطاب الإرهابى بشكل استباقى. 

كما تقدَّم بتهنئة مصر لمساهمتها ودَورها الرائد فى تطوير الاستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب، التى اعتمدها وزراء الداخلية العرب بالتوافق فى 2 مارس 2022، وهى الاستراتيجية التى تم تطويرها بدعم فنى من مركز مكافحة الإرهاب التابع للأمم المتحدة، والتى تعد إنجازًا مهمًّا للدول العربية يظهر من خلالها ريادة المنطقة، وخصوصًا دَور جمهورية مصر العربية المهم ومساهمتها الفعالة فى منع ومكافحة الإرهاب والتطرف العنيف فى جميع أنحاء العالم.

من جهته أكد روهان غوناراتنا، أستاذ الدراسات الأمنية فى معهد راجاتنامر للدراسات الدولية جامعة نانيانغ التكنولوجية، أن مصر تلعب دورًا عظيمًا فى مكافحة الإرهاب، والتعلم من خلال إعادة التأهيل يمثل نقطة تحول، ومصر لديها خبرة فى هذا المجال، حيث أعدت برامج لإعادة التأهيل للحد من هذا الخطر المتزايد من تهديد الإرهابيين ومكافحة التطرف، ومن هنا تأتى أهمية مركز سلام لمكافحة التطرف.

فيما ثمَّن الشيخ مصطفى حجى، مفتى بلغاريا، جهودَ مصر ودار الإفتاء المصرية لإقامة هذا المؤتمر فى توقيت مهم وحرج –على حد وصفه قائلًا: إن المنظمات الإرهابية استطاعت استغلال الأزمات السياسية، وهو الأمر الذى يجب علينا جميعًا الانتباه له ومواجهته.

كما نظمت دار الإفتاء على هامش مؤتمرها معرض الشهيد الذى ضم عددًا من الصور التأصيلية لجرائم الإخوان، وصورًا توضح دور الرئيس عبدالفتاح السيسى والجيش فى الحفاظ على الوطن، ودعم الأزهر والكنيسة للحراك الشعبى فى 30 يونية 2013.

ففى بادرة هى الأولى أقامت دار الإفتاء معرض الشهيد على هامش المؤتمر لتؤصل بالشرح والتوضيح والصور الحراك المصرى، ودور الجيش فى حماية وحدة الوطن، ودور الإخوان فى زعزعة استقرار مصر.

ووفقًا لما أعلنته دار الإفتاء فهناك العديد من الأهداف التى ينشدها المعرض، منها دعم استراتيجية الدولة المصرية فى المواجهة الفكرية للتطرف، وكذلك تجفيف منابع التشدد ونشر الخطاب الوسطى، وأيضًا ترسيخ قيم التعايش والسلام ونبذ التطرف؛ انطلاقًا من رسالة الأديان ومبادئها الكلية، وكذلك إظهار حقيقة الخطاب الدينى والإعلامى الذى تروجه الجماعات المُتطرفة، فضلًا عن تطوير برامج أكثر فاعليةً وكفاءة فى تحصين الشباب من الفكر المُتطرف.