الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

خبراء: التيارات المتطرفة تدير نشاطها إلكترونيا باحترافية تستلزم التحرك السريع التطرف الرقمى سرطان العصر

«التطرف الرقمى» مصطلح لم يكن معروفًا بشكل واسع حتى تم التأكيد عليه مرة أخرى فى فعاليات مؤتمر مركز «سلام» التابع لدار الإفتاء المصرية، والأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء فى العالم الذى شارك فيه متخصصون وخبراء من 42 دولة، هذا المصطلح رغم كونه غريبًا على مسامع البعض فإنه يمثل واقعًا نعيه اليوم من اختراق فكرى متطرف من خلال استخدام المنصات الإلكترونية الرقمية، فأصبحت هناك ذراع أخرى للإرهاب يتغلغل من خلالها للسيطرة على العقول، وإيجاد جيل جديد من المتطرفين.



العميد خالد عكاشة، مدير المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، أكد من جهته على خطورة الإرهاب الرقمى لافتًا إلى أن التيارات المتطرفة نفذت إلى الفضاء الإلكترونى، وأصبحت محترفة فى هذا المضمار وتدير نشاطها باحترافية تستلزم التحرك السريع.

وأكد أنه لا بد من وضع برامج عمل لمكافحته فى هذه المساحة المعقدة التى تعدُّ من أهم التحديات التى دخلت على النشاط الإرهابى، وأضافت خطرًا جديدًا إلى جانب الأخطار التى اعتدنا عليها فى العهود السابقة، مما يتطلب وجود ضوابط جديدة لمكافحة التطرف، داعيًا إلى عقد لقاءات لبحث وضع هذه الضوابط للمواجهة الإلكترونية وصنع خطوط دفاع حقيقية وخلق منصات تساهم مع المؤسسات المنخرطة فى مكافحة التطرف، مطالبًا جميع المراكز المتخصصة للتحمس لمثل هذا الأمر لتحقيق الفائدة المرجوة منه.

فى السياق ذاته دعا العميد خالد عكاشة إلى تكثيف وِرَش العمل من أجل دراسة ووضع آليات لنزع التطرف الرقمى ووضع أجندات عمل نظرًا لوجود فجوة كبيرة - بحسب وصفه-، لافتًا النظر إلى أن الأجيال الجديدة والتقنيين المتقدمين فى التعامل والتفاعل مع هذا الفضاء يمكن أن يشكلوا جهدًا حقيقيًّا فى هذا الإطار، وقال: «نحن نحتاج إليهم وإلى مهاراتهم الرقمية، حتى لا يقتصر الأمر على استخدام التنظيمات حصريًّا لهذا الفضاء، مطالبًا مراكز الدراسات للتعاون وبذل جهود مشتركة لإنهاء واجبها وإعداد ملف حقيقى لمواجهة ظاهرة التطرف الإلكترونى».

الدكتور محمد المهدى أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر الشريف اعتبر أيضًا أن التطرق لموضوع التطرف مهم للغاية من أجل التصدى للكراهية ولنبذ العنف، خاصة فى المجال الرقمى الذى تلجأ إليه الجماعات المتطرفة، وهذا لا يتم إلا بعدد من الأبعاد كالبعد الأمنى والفكرى والاجتماعى والاقتصادى.

وأكد أنه يجب أن تتم السيطرة والتحكم فى الفضاء الإلكترونى، مع بيان أهمية دور الفن والدراما فى مواجهة التطرف والكراهية والعنف.

طرق غير مجدية 

الدكتور مصطفى دومان عضو المجلس العلمى الرسمى ببلجيكا يرى من جانبه أنه فى ظل الثورة الرقمية على نحو غير مسبوق لم تعد الطرق التقليدية المعروفة مجدية فى مواجهة التطرف، بل لا بدَّ من استحداث طرق جديدة معاصرة للتصدى للعنف والإرهاب مشيرًا إلى ضرورة تطبيق ذلك على العديد من المحاور والأبعاد منها البعد الوقائى، ومن أهم أشكاله عقد الندوات والمؤتمرات كمثل هذا المؤتمر وكذلك البعد التوقعى.

فيما أكد الدكتور أحمد حلو عضو مجلس إدارة مركز «رواق بغداد» تجربة الحكومة العراقية أنه لا بد من ملامح استراتيجية متكاملة لمواجهة التطرف أن تُبنى على التجارب السابقة، وكذلك أن تكون مناسبة لحالة البلد أو النطاق المطبقة فيه، وكذا مراعاة أن تكون الاستراتيجية عابرة للحدود، تعمل على الشق الوقائى، وتفنيد الادعاءات والاستغلال السيئ للأفكار المتطرفة، والعمل أيضًا على أفكار الجماعات المتطرفة والرد عليها، وكذلك اعتماد المرونة والتعامل مع المتغيرات المعتمدة على أساليب الجماعات المتطرفة فى استخدامها للوسائل الرقمية.

كما تحدث عن ضرورة وضع إطار زمنى يقيم هذه الاستراتيجيات، مشيرًا إلى أن التطبيق يُظهر نقاط الضعف التى يمكن علاجها، كما أن هناك فجوة بين الأجيال لا بد من أخذها بعين الاعتبار.

واختتم كلمته قائلًا: نتعرض لمحتوى صعب السيطرة عليه، وفكرة المنع أو الحظر ربما تكون ناجعة فى فترة معينة دون غيرها، لكن على المدى البعيد لن يجدى المنع شيئًا.

فيما أوضح الدكتور أيمن الشيوى، الأستاذ بأكاديمية الفنون، وعميد كلية العلوم السينمائية والمسرحية بجامعة بدر: إنَّ المدارس والجامعات والمساجد والمنابر والدراما والإعلام والأسرة تعدُّ أدوات ووسائل مهمة لبناء وعى الجمهور المصرى، مشيرًا إلى أن الفنان والداعية والواعظ والمدرس له رسالة فى الوجود والحياة، والحفاظ على هذه الرسالة يتطلَّب أن يفهم كل منهم شخصية الآخر، وأدواره الفاعلة، لأنهم قائمون بالاتصال وقادة للرأى العام، موضحًا أنهم يساهمون أيضًا فى توجيهه وتكوين شخصيته وآرائه وسلوكه سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وهو ما يتطلب وجود تفاهمات واستيعاب كل منهم لدور الآخر.

تجارب أوروبية للمواجهة الرقمية

فيما ذكر جاسم محمد مدير المركز الأوروبى لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات بألمانيا وهولندا تجارب أوروبا فى المواجهة الرقمية للتطرف وقال: «إن البرلمان الأوربى أقرَّ قيودًا مشددة تفرض على المنصات الإلكترونية منها حذف المحتويات ذات الطابع الإرهابى فى غضون ساعة، وكذلك فتح سجل مشترك لمكافحة الإرهاب، وأيضًا اعتماد نظام جديد يكثِّف من إجراءاتها الأمنية على المسافرين الذين يدخلون منطقة شنغن، فضلًا عن تأسيس هيئة رقابية جديدة تتولى مسئولية مراقبة عمليات غسل الأموال». 

أضاف أنَّ المنصات والنظم التى أقرَّتها إحدى لوائح الاتحاد الأوربى تتمثل فى: نظام الدخول والخروج (EES)، ونظام معلومات التأشيرة (VIS)، والنظام الأوروبى لمعلومات السفر والتفويض (ETIAS)، ونظام معلومات شنغن (SIS)، والسجلات الجنائية الأوروبية، ونظام المعلومات لمواطنى البلدان الثالثة (ECRIS-TCN)، ونظام اليوروبول للمعلومات EIS، فضلًا عن بيانات اليوروبول وبعض قواعد بيانات الإنتربول بشأن وثائق السفر.

وأشار إلى أن اللائحة الأوروبية للنظم والمنصات تتضمَّن بوابة بحث أوروبية، تسمح للسلطات المختصة بالبحث فى نظم معلومات متعددة فى وقت واحد، باستخدام بيانات السيرة الذاتية والقياسات الحيوية على حدٍّ سواء، وكذلك خدمة المطابقة البيومترية المشتركة، من شأنها أن تمكِّن من البحث ومقارنة البيانات البيومترية (بصمات الأصابع وصور الوجه) من عدة أنظمة، وكذلك أرشيف مشترك للهوية، يحتوى على بيانات عن هُوية الأشخاص الذين يمكن أن يكونوا فى إطار الصورة الذاتية والقياسات الحيوية لمواطنى البلدان الثالثة والمتاحة فى عدة نظم معلومات للاتحاد الأوربى، فضلًا عن جهاز كشف الهويات المتعددة، يتحقق مما إذا كانت بيانات هوية السيرة الذاتية الواردة فى البحث موجودة فى أنظمة أخرى مشمولة، للتمكين من الكشف عن هويات متعددة مرتبطة بنفس المجموعة من البيانات البيومترية.

وأضاف أنه استنادًا إلى الموقع الرسمى للجنة المجلس الأوروبى حول مكافحة الإرهاب، فإن هذه الأخيرة توفر منصة خاصة عن وضعية كل دولة أوروبية بشأن الاتجاهات التشريعية والمؤسساتية لمكافحة الإرهاب فى الدول الأعضاء، وتساعد المنصة على تبادل أفضل الممارسات وتعزيز التنفيذ الفعال لسياسات المجلس الأوروبى المرتبطة بمسألة محاربة التطرف العنيف والإرهاب.

وأكد مدير المركز الأوروبى كلمته أن وحدة الإحالة عبر الإنترنت فى الاتحاد الأوروبى تكتشف المحتوى الضار على الإنترنت وفى وسائل التواصل الاجتماعى وتحقق فيه. وتضطلع بمهام أساسية وهى دعم السلطات المختصة فى الاتحاد الأوروبى من خلال توفير التحليل الاستراتيجى والتشغيلى، والإبلاغ عن المحتوى الإرهابى والمتطرف العنيف على الإنترنت ومشاركته مع الشركاء المعنيين، والكشف عن محتوى الإنترنت الذى تستخدمه شبكات التهريب لجذب المهاجرين واللاجئين وطلب إزالته.