الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الجنائية الدولية وشيرين وسياسة الكيل بمكيالين

الجنائية الدولية وشيرين وسياسة الكيل بمكيالين

بعد أن أصبحت المنفعة والمصالح هى التى تتحكم فى قرارات المنظمات السياسية الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وجب علينا نحن أهل الأرض البسطاء أن نضع هذه المؤسسات على المحك، فى ظل انحيازها التام وتجاهلها لجل الممارسات التى من الممكن أن تعيد الحقوق إلى أصحابها، فهى لا تعترف سوى بالأقوياء وأصحاب النفوذ ولمن يدورون فى فلكهم، وها هى المحكمة الجنائية الدولية ومدعيها العام البريطانى الجنسية (كريم خان) يتبعون سياسة الكيل بمكيالين فى قضية اغتيال الصحفية الفلسطينية (شيرين أبو عاقلة) فعقب تسليم جميع المستندات والأدلة الدامغة التى تثبت واقعة الإعدام المتعمد لشيرين على يد جنود جيش الاحتلال الإسرائيلى، لتحقيق العدالة وإصدار مذكرات بحق المجرمين ومن يقف خلفهم، وكذلك الإسراع فى التحقيق فى جرائم الاحتلال الإسرائيلى، بداية من عمليات الاستيطان المركب وجرائم الحرب التى ارتكبها الاحتلال أثناء حربه على غزة عام 2014، والتنكيل بالأسرى، ليخرج علينا مدعيها العام بتصريحات يؤكد فيها أن المحكمة قررت إرجاء جميع الملفات المرسلة إليها من الجانب الفلسطينى، تحت حجة أنها تواصل تحقيقاتها للتحقق إذا ما كان هناك جرائم حرب قد ارتكبت من عدمها.. وهو الأمر ذاته الذى تخشى السلطة الفلسطينية من اتباعه فى واقعة اغتيال شيرين، لمعرفتهم ويقينهم أن المحكمة تعمل تحت ضغوطات تفرضها عليها الدول الكبرى، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية من خلال مجلس الأمن الدولى على اعتبار أن له سلطات فى المحكمة بموجب الفصل السابع لهيئة الأمم المتحدة، وبالتالى أصبح معيار الانتقائية وسياسة الكيل بمكيالين هى الغالب على معيار العدالة فى المحكمة الجنائية الدولية، وهذا ما تجلى بوضوح فى رفض الإدارة الأمريكية تحقيقات المحكمة فى جرائم الحرب بالأراضى الفلسطينية التى ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلى، ثم عادت وطالبت بفتح تحقيق «شامل وشفاف» فى مقتل مراسلة قناة «الجزيرة» شيرين أبو عاقلة فى مدينة جنين بالضفة الغربية، والتى سرعان ما صرحت نفس الإدارة بأنها لا تعتقد أن المحكمة الجنائية الدولية هى المكان المناسب» للتحقيق فى اغتيال أبو عاقلة، تلاعب فى المواقف والمعايير ليس له من معنى سوى لمن يهمه المصلحة فى كيفية إدارة الملفات حسب الهوى والغرض، وإدارة المحكمة لا تسمع أو ترى أو حتى تتحدث سوى فيما يخدم مصالح الكبار، فمجازر الاحتلال الإسرائيلى وجرائمه من مجزرة جنين إلى مجزرة نابلس إلى حرب الإبادة والتدمير على قطاع غزة التى حصدت أرواح الألوف من الشهداء والجرحى، من النساء والأطفال والشيوخ والشباب، ألا تعد مذابح جماعية يرتكبها الجزارون من مجرمى الحرب الإسرائيليين؟



 جرائم لا تراها المحكمة أو تغض الطرف عنها مجبرة، وتدمير العراق وتشريد أهله والتدخل فى جل كبيرة وصغيرة وهدم استقرار دول وإرهاب شعوبها ألا يعد جريمة، وهذا تحديدا ما أدى إلى فقدان المحكمة لمصداقيتها لأنها فى أغلب الملفات لم تحكم بالعدل، بعد أن أدخلت نفسها سواء طواعية أو كرها تحت طائلة مقاييس تفرقة سياسية وامتيازات قانونية لبعض الدول دون غيرها، وجعل دول أخرى تفكر بجدية فى الانسحاب من عضويتها، بعد أن أصبح الكيل بمكيالين واختلاف المعايير طبقا لرغبات الدول المهيمنة هى السمة المميزة للأحكام التى تصدر عن المحكمة، ففى خلال خمسة أيام صدرت عقوبات وأجريت تحقيقات على روسيا ورئيسها بعد حربه على أوكرانيا، ولكن بعد 70 عامًا من قمع الفلسطينيين، لم يقُم القادة بالإجراءات ذاتها ضد إسرائيل، بحجة أنه من غير المفيد فرض عقوبات على تل أبيب التى تحظى بالعطف والحماية الأمريكية، ويبدو أن الدم الأوكرانى أغلى بكثير من الدم الفلسطينى بالنسبة للمجتمع الدولى ولمنظماته.

وفى النهاية نطالب عن حسن نية وطيب خاطر أن نقتص لدم شيرين المغلوب على أمرها مثل الكثير من المواطنين فى هذا العالم الذى لا يعترف سوى بالقوة، وهذا ما يجعلنا نطالب وبقوة بالنضال لإقامه نظام عالمى جديد يسود فيه العدل واحترام القوانين والمساواة فى تناول القضايا، وقتها فقط يمكن أن نقتص لدم شيرين وغيرها من الشهداء.