الأحد 2 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
إدريسا جاى.. وعنصرية الغرب

إدريسا جاى.. وعنصرية الغرب

فجأة ودون أى مقدمات تَصدَّر اسمُ نجم المنتخب السنغالى ونادى باريس سان چيرمان الفرنسى، إدريسا جاى، مواقع التواصل الاجتماعى فى العالم العربى والعالم، لمجرد رفضه ارتداء قميص ناديه فى مباراة الجولة الأخيرة فى الدورى الفرنسى أمام مونبلييه الذى يحمل ألوان عَلم المثلية الجنسية، الذى يسمى «عَلم الرينبو» أو «عَلم قوس قزح»؛ وذلك بسبب معتقداته الدينية، ليسارع مجلس الأخلاقيات فى الاتحاد الفرنسى بإرسال رسالة إلى جاى، يطلب فيها توضيح سبب كشف غيابه عن المباراة، مع ضرورة أن يرفق مع رسالته صورة له وهو يرتدى القميص المعنىّ من أجل إسكات هذه الشائعات، وهو الأمْرُ الذى رفضه اللاعب السنغالى، ليفتح على نفسه أبواب جهنم من قبَل الإعلام الغربى والعالمى والمعادين لموقفه، متهمين إياه بارتكاب جريمة فى حق حرية اعتناق المثلية الجنسية، ولذلك يجب معاقبته حتى لو وصل الأمر إلى طرده من النادى لأنه يتلقى أجرًا لا يستحقه؛ خصوصًا أن سلوكه فى هذا الشأن بالذات لا يجعل منه قدوة للشباب الفرنسى.. وهذا تحديدًا ما يُعَجّل بانتهاء مستقبله الرياضى مع ناديه بعد أن وضع نفسَه فى موقف صعب للغاية.



رفض «إدريسا» ارتداء «تى شرت» المثليين جعله يتصدر تريندات العالم، ما بين مؤيد أو معارض له، فالمؤيدون أكدوا بأنه فضّل دينه على دُنياه لهذا يستحق الدعم والمساندة واعتبروا أن تنظيم الدورى الفرنسى لمثل تلك الفعالية هو مصادرة لحرية الاعتقاد، ومخالفة لجميع الأديان السماوية التى تستنكر الشذوذ الجنسى بجميع أشكاله، وهذا ما اتضح جليًا فى مواقع التواصل الاجتماعى؛ حيث أطلق روادها حملات دعم مؤيدة لموقف إدريسا؛ لكونه يمثل جميع المسلمين فى موقفه من المثلية الجنسية، داعين الجميع إلى احترام مبادئ وعقيدة الغير؛ لأن مبادئ ديننا الإسلامى لا تتجزأ، وعند المساس بها على صوت الحق أن يعلو، وللمواقف أن تظهر، وهذا ما جعل الرئيس السنغالى «ماكى سال» يدخل على خَط الأزمة بعد حملة الانتقادات التى نالت من مواطنه؛ حيث كتب تغريدة على موقع تويتر أبدى من خلالها مساندته للاعب.. وقال الرئيس السنغالى: «أنا أدعم إدريسا.. يجب احترام قناعاته الدينية».. وكذلك تضامن عدد كبير من الشخصيات الرياضية وكذلك الأندية العربية فى دعمه، كما دعمه عدد كبير من الناشطين فى فرنسا وفى عدد من الدول الغربية مؤكدين أن أمر المثلية الجنسية لا يهمهم فى شىء فهم أحرار فى أجسادهم، ولكن لا يجب إجبار شخص ما على ارتداء ملابس لدعم قضية ما.

من ناحية أخرى أعلن مرصد الأزهر التضامن مع موقف اللاعب السنغالى ورفضه أساليب الضغط على الشخصيات المؤثرة من أجل تطبيع الشذوذ الجنسى، وأضاف المرصد فى بيانه إنه يرفض محاولات إساءة استغلال المنافسات الرياضية والفنية فى تمرير بعض الأچندات وتطبيع الشذوذ الجنسى التى تتنافَى مع الفطرة الإنسانية. داعيًا الجميع إلى المشاركة فى الجهود الفردية أو الجماعية للتصدى لتلك المحاولات.. وأضاف المرصد: «وانطلاقًا من الوعى بخطورة مثل هذه الإجراءات، يدعم مرصد الأزهر لمكافحة التطرف موقف اللاعب السنغالى إدريسا جاى الذى استدعته لجنة الأخلاق بالاتحاد الفرنسى، على خلفية رفضه المشاركة فى مباراة فريقه باريس سان چيرمان أمام نظيره مونبلييه؛ بسبب ارتداء الفريق قميصًا يحمل علامة تدعم الشذوذ الجنسى».. وشدد المرصد على أن إجبار اللاعب أو أى شخص على اتخاذ موقفٍ بعينه عكس رغبته وقناعاته وتعاليم دينه يتنافَى مع منشور حقوق الإنسان، وقيم الحرية التى تنادى بها المجتمعات الأوروبية.

بالطبع حملات دعم جاى تصدت لها حملات أخرى معارضة تطالب بمعاقبته؛ بل ومعاقبة مسئولى إدارة ناديه المسلمين، الذين سمحوا له بعدم المشاركة فى المباراة، لهذا السبب البشع والجسيم (حسب وصفهم)، على اعتبار أن (رهاب المثلية يعد جريمة وليس رأيًا) وهذا ما عبّر عنه «إيريك أراسوس» رئيس الاتحاد الرياضى الفرنسى للمثليين ومزدوجى الميل الجنسى ومغايرى الهوية الجنسانية، حين قال: إن جاى يجب أن يعاقَب لأن الدين ليس جزءًا من الرياضة.

وما بين المؤيد والمُعارض لما فعله لاعبنا المسلم لم تتضح الأمور حتى الآن؛ خصوصًا أن مباريات الدورى الفرنسى قد انتهت، والسؤال هنا: هل سيعاقَب اللاعب أو سيصل الأمْرُ إلى إنهاء تعاقده مع ناديه؟ أمْ ستصل الأمور إلى بيع حق ملكية النادى لجهة أخرى كما حدث مع مالك نادى تشيلسى الإنجليزى الذى اضطر تحت الضغط إلى بيع النادى عقب الحرب «الروسية- الأوكرانية»؟.. لا أحد يعرف، ولكن ما أعرفه أن الاتهام بالعنصرية الذى طال اللاعب السنغالى الذى لا يستحقه، كان يجب أن يوجَّه إلى من اتهموه؛ لأنهم أثبتوا أن عقولهم تتلبسها أبشع وأحط صور العنصرية التى لا ينفكون يطلقونها علينا بين الوقت والآخر.