السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

رغم المخاوف من تباطؤ النمو: تفاؤل «اقتصادى» حذر فى الشرق الأوسط

فى الوقت الذى تبدأ فيه دول العالم التعافى من الآثار الاقتصادية التى سببتها جائحة كورونا للسوق العالمية، يزداد المشهد تعقيدًا بسبب الحرب الروسية فى أوكرانيا رغم أن هناك فريقًا يرى أن التأثر سيكون محدودًا.



تخوفات من أن يشهد العالم أزمة مالية عالمية ستفوق تأثراتها 3 أضعاف ما كان عليه الاقتصاد العالمى قبل 2008 إبان الأزمة المالية العالمية وتبعاتها عام 2010 والتى مازالت منطقة اليورو والولايات المتحدة الأمريكية تعانيان منها حتى الآن.

فى المقابل، قالت شركة الاستثمارات العالمية «فرانكلين تمبلتون»، إن الحرب الروسية الأوكرانية لن تؤثر سلبيًا على الاقتصاد المصرى بشكل كبير، مضيفة أن هناك توقعات بتسارع نمو الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى لمصر ومنطقة دول مجلس التعاون الخليجى فى 2022، فى وقت تشهد فيه الاقتصادات العالمية الكبرى نموًا ضئيلًا. 

وفى تحليل نُشر على «سيكينج ألفا» المعنى بأخبار الاستثمار، أكدت مؤسسة «فرانكلين تمبلتون»، إحدى أكبر شركات إدارة الاستثمارات فى العالم، أن مستقبل الأسهم والاستثمارات فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يدعو للتفاؤل رغم تداعيات الأزمة الأوكرانية وتأثيرها على الاقتصاد العالمى، مشيرة إلى أن الارتفاع الحالى فى أسعار النفط كنتيجة عن الأزمة، يُترجم إلى تحسن كبير فى الأوضاع المالية للاقتصاد المصرى، ومن شأنه أن يدعم النمو والاستثمار العام فى مصر والمنطقة ككل. 

ووفقًا لباسل خاتون، مدير استثمارات أسهم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والأسواق النامية لدى «فرانكلين تمبلتون»، هناك العديد من العوامل التى تدعم قضية الاستثمار فى مصر والشرق الأوسط، بما فى ذلك الميزانيات العمومية الحكومية القوية، وربط العملات بالدولار الأمريكى وأسعار النفط المرتفعة، والتى ينبغى أن توفر لصانعى السياسات أدوات كثيرة للتخفيف من أى مخاطر تضخمية على المدى المتوسط.

ويرى مسئول شركة الاستثمارات العالمية، «أن الأسواق المصرية فى وضع يمّكنها من الأداء الجيد على خلفية التقييمات الجذابة والتعافى المستمر من الوباء، مدفوعًا بتحسين الطلب وزيادة إنتاج النفط وتسارع الاستثمارات المحلية وتعزيز القطاع السياحى»، متوقعًا المزيد من التطبيع فى النشاط الاقتصادى فى عام 2022. 

وأوضح أنه فى حين أن التصعيد العسكرى فى أوكرانيا قد يفرض ضغطًا تصاعديًا إضافيًا على أسعار الطاقة والسلع الأساسية، ويشكل خطرًا على التوقعات الاقتصادية العالمية لاسيما مع تعافى البلدان من الوباء، إلا أنه من المرجح أن يتم احتواء التأثير الاقتصادى المباشر لهذه الأزمة بالنسبة لمصر ودول مجلس التعاون الخليجى، نظرًا لمواقعها كمصدرين للطاقة ومحدودية التجارة المباشرة مع روسيا وأوكرانيا. 

وأضاف «تستأنف مصر مسار نموها مع إدارة التضخم وضغوط العملة، وفى هذا الإطار، نعتبر أن عام 2022 هو العام الذى يجب أن يشهد تركيز المستثمرين فى الأسهم على مسار الأرباح بعد الاستمتاع بالانتعاش الاقتصادى فى عام 2021.»

وتابع «نرى أن ارتفاع أسعار الفائدة لن يكون له أى تأثير فى مصر بسبب الطبيعة قصيرة الأجل لكل من الودائع والأصول، ومن شأن ارتفاع أسعار الفائدة هناك أن يساعد فى الحفاظ على جاذبية تجارة المناقلة لأذون الخزانة المصرية، مما يدعم استقرار الجنيه المصرى».

وقال «أصبحت الرياح الخلفية للإصلاحات السابقة أكثر وضوحًا مع سيناريو ارتفاع أسعار النفط وقد مكّن ذلك حكومات المنطقة من تسريع أجندة نمو اقتصاداتها غير النفطية دون المخاطرة بأهداف ضبط أوضاع المالية العامة».

وذكر أن أسعار النفط المرتفعة يجب أن تدعم سيولة الأنظمة فى مصر  والشرق الأوسط بالإضافة إلى الإقراض، ويفضى أيضًا إلى نظرة مستقبلية حميدة لجودة الأصول وتكاليف مخاطر الائتمان الخاضعة للرقابة، مما يدعم أرباح القطاع المصرفى بشكل أكبر.

 

 اقتصادات الخليج تستفيد

فى سياق آخر، قالت وكالة كابيتال إيكونوميكس، إن التأثير الاقتصادى المباشر للصراع الروسى الأوكرانى على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من المرجح أن يكون محدودًا، وسيكون الضرر غير مباشر على قطاع السياحة وارتفاع الأسعار، بينما ستستفيد اقتصادات الخليج من أسعار الطاقة المرتفعة.

وأوضحت الوكالة فى تقرير، أن صادرات المنطقة من البضائع إلى روسيا تشكل 1.5 % من الإجمالى، ونسبة أقل من ذلك بالنسبة لأوكرانيا.

 السياحة فى خطر

وترى الوكالة أن الضرر غير المباشر لاقتصادات المنطقة سيكون فى تراجع الدخل فى روسيا وأوكرانيا، ما قد يؤدى إلى انخفاض السياحة فى المنطقة لا سيما فى مصر وتونس.

كما أن هناك قلقًا داخل تركيا من أن تتأثر السياحة القادمة من روسيا وأوكرانيا بسبب احتمالات إلغاء رحلات ملايين الروس الذين يتدفقون عادة إلى شواطئها ويمكن أن يكون التأثير مدمرًا وستكون خسارة مليارات الدولارات ضربة قاسية لمصر وتركيا ودبى.

وتوقع التقرير أن يؤدى تصعيد الصراع إلى ارتفاع أسعار النفط لتراوح بين 120 إلى 140 دولارًا للبرميل، فيما سترتفع أسعار الغاز الأوروبية بالقرب من أعلى مستوى فى منتصف ديسمبر عند 180 يورو لكل ميغاواط ساعة.

 منتجو النفط والغاز

ورجح التقرير أن يستفيد منتجو النفط إذا قرروا التدخل لتحقيق الاستقرار فى السوق وزيادة الإنتاج، وتهدئة الأسعار التى تمثل خطرًا صعوديًا على توقعات نمو الناتج المحلى الإجمالى.

وأكد أنه بعد أن تجاوزت أسعار النفط 100 دولار للبرميل، كما زادت أسعار الغاز الطبيعى الأوروبى بنسبة 30 %، ستستفيد اقتصادات دول الخليج من هذا الارتفاع وتحسن أداء ميزان المعاملات الجارية والميزانيات العامة.

وتابع التقرير: «الفوائض الكبيرة فى الحساب الجارى واحتياطيات العملات الأجنبية فى دول مجلس التعاون يعنى أن دول الخليج معزولة بشكل جيد عن المخاطر ولكن بقية المنطقة أكثر عرضة للخطر».

وأفاد التقرير بأن ميزانيات دول المنطقة المستوردة للطاقة ستعانى من ارتفاع أسعار النفط لا سيما تلك التى تقدم دعمًا للمواطنين، بينما ستعانى البلدان الأخرى التى ألغت الدعم من ارتفاع مستويات التضخم.

وعلى المدى الطويل، إذا تصاعد التوترات يمكن لأوروبا أن تعزز آفاق التعاون مع البلدان المنتجة للغاز فى المنطقة والابتعاد عن الاعتماد على الغاز الروسى.

وقالت الوكالة إن ذلك يمكن أن يحفز الاستثمار فى الطاقة الإنتاجية للغاز فى بلدان المنطقة مثل قطر ومصر وعمان والجزائر.

ورصد التقرير أن زيادة مخاطر التوريد بالنسبة لصادرات القمح واعتماد بعض دول المنطقة على صادرات القمح من روسيا وأوكرانيا، وبالتالى ستتضرر ميزانيات بعض الدول مثل مصر والمغرب وتونس والجزائر.

وأوضح التقرير أن عجز الحساب الجارى فى مصر والمغرب كبير، إلا أن احتياطيات العملات الأجنبية يمكن أن تساعد فى التكيف مع الأزمة، كما يمكن الحصول على دعم صندوق النقد الدولى.

 تونس الأكثر تضررًا

وبين التقرير أن تونس هى الأكثر انكشافًا على الأزمة نظرًا للعجز المالى الكبير، وارتفاع قيمة الديون الخارجية التى حان موعد استحقاقها، بالإضافة إلى تضاؤل الاحتياطيات وقلة الدعم المالى الأجنبى.

وقال محمد العريان رئيس كلية كوينز بكامبريدج، وكبير المستشارين الاقتصاديين لدى إليانز، أن الأسواق العالمية والاقتصاد لن يستطيعوا الهروب من الحرب فى أوكرانيا، حيث إنه فى الوقت الذى يتعامل فيه الغرب مع العدوان الروسى من خلال تصعيد إجراءاته وفرض المزيد من العقوبات، فإنه سيتعين عليه اجتياز مجموعة من العواقب التى تتجاوز حدود روسيا، والتى ستعانى من الضرر الرئيسى.

وأوضح العريان، أن النمو العالمى سيتباطأ وسيزداد التضخم فى جميع أنحاء العالم، ومن المرجح أن تواجه الشركات التى لديها أعمال تجارية فى روسيا متأخرات متزايدة، وكذلك الدائنين الذين لديهم مطالبات مالية على كيانات روسية.

ورأى أن أولئك الذين يعتمدون على الواردات من روسيا سيعانون من اضطرابات فى الإمدادات. وستحصل الجهود المبذولة لبناء نظام مدفوعات بديل على دفعة من الدول المشبوهة بشأن النظام الذى يهيمن عليه الغرب والمعمول به منذ الحرب العالمية الثانية.>