
هناء فتحى
عكس الاتجاه.. ماذا لو كان الرجالُ عميانًا
لم تكن هى الحادثة الإجرامية الأولى، ولا هو الهجوم الأول والأوحد من سيدة ترتدى جلبابًا على بنت سافرة فى محطات مترو الأنفاق بالقاهرة، الحادثة التى جرت يوم الخميس الماضى، فقد سبقه اعتداءاتٌ عدة من نساء عجائز يستخدمن للضربِ اليدَ والشباشب والآلات الحادة ضد فتيات يسدلن خُصلاتٍ على الأكتاف والظهور، أو يعقفن شعورهن كذيل حصان ويظهرن فى زيّ ملابس اسبور، المظهر الذى بات الآن يثير غرائز الرجال ضعاف العقول والقلوب وبالمرة يثير معها غيرة العجائز من النسوة، ويستخدم الاثنان معًا رجالاً ونساءً كل الآيات والأحاديث والشروحات التى تُعَضّض ما يقُومون ويقُمن به تاركين وتاركات -عن عمد أو استهبال- الآيات التى تدعو الرجال إلى غض البصر، تلك التى تلزمهم إلا يتفحصوا فى أجساد النساء، مع الأخذ فى الاعتبار أن هؤلاء النسوة أميات تابعن فى الفضائيات فتاوى شيوخ الفِتَنْ أو هُنّ ذوات تعليم بسيط لا يؤهلهن لإطلاق فتاوى وتنفيذها باليد أو بأضعف الإيمان.
فى السنوات الثلاث الأخيرة تكررت تلك الحوادث حتى ضد المسيحيات ونجت بأعجوبة بعضهن من محاولة وشيكة لقص شعورهن فى محطة مترو! تبرر المحرمات الفاعلات ذاك الاعتداء المتكرر أن شعر البنات وما يرتدين يثير الرجال.
أين المشكلة هنا؟ أو أين المعضلة أو أين يكمن الخلل أو سوء الفهم والسلوك؟ يبدو الأمر كله والتصرف كله فى خدمة الرجل سواءً كان ظالمًا أو مظلومًا، غاض البصر أو (تندب فى عينه رصاصة)، ميسورًا أو فقيرًا، ذا سطوة ومكانة أو بسيطًا ذليلًا، زوجًا لواحدة أو أربع أو لم يستطع الباءة.
ماذا لو التزم الرجال بغض البصر والنظر والبصيرة؟ على مر الأزمنة ثَبُت أن كثيرًا من الرجال لا يقدرون إلا على البصبصة.. ماذا لو أن الله قد خلق الرجال عميانًا أو عورًا أو بلا أعين على الإطلاق؟
الإجابة: (كانت الدنيا هتبقى دنيا حلوة) وما كانت هناك سيدات مترو يضربن بنات الناس بالشباشب وما كان هناك رجال يطالبون النساء بستر شعورهن.
ماذا لو كانت المرأة صلعاء؟ خلقها الله صلعاء، هل كانت ستعيش فى أمان من بطش الرجال وقهرهم ومن سطوة النساء العجائز؟.. ماذا كان يرتدى الرجال والنساء فى قديم الزمان وماذا كانوا يفعلون ويفعلن قبل اختراع الترزى والعباءة الخليجى ماذا ترتدى وتفعل الناس فى الدول الأخرى التى لا يشغل رجالها هاجس شعر البنت وفستانها وعقلها وتعليمها؟
الإجابة: تركوا الجميع الأمر للقوانين كيّ تنظم المسافات بين الناس لأنه لا أحد معصوم من الخطيئة ولا حتى رجالات الأديان.
لماذا لم تضرب سيدة المترو الرجال الذين يتحرشون بالنساء فى عربات المترو؟ تضرب الاثنين معًا: المتحرش والمتَحَرّش بها؟ لماذا يُصبح قلب النساء جامدًا قويًا على بنات جنسهن بينما تكون قلوبهن رقيقة على الرجال بكل سقطاتهم وآثامهم وكبائرهم وزلاتهم؟
ثمة أسئلة عديدة يطرحها ما آل إليه الواقع والموقف الراهن الذى لا يرعى فيه بعض الرجال ضعاف العقول والقلوب من أن يخروا صرعى عند مشاهدة جدائل النساء أو «عراقيبهن» دون أن يِفَعّلوا الجَرَس وآية غض البصر فى سورة النور.