الأربعاء 30 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
ماكلتش رز وكدهوّن!.. عصفورة من مصر

ماكلتش رز وكدهوّن!.. عصفورة من مصر

يظل لشهر رمضان الكريم بهجة وسحر محبب فى نفوس المصريين تتوارثه الأجيال منذ مئات السنوات نجح المصريون فى تمصير رمضان بإضافة الروح المصرية المحبة للحياة والاحتفاليات والفنون والثقافة بجانب الخشوع فى ممارسة العبادات وفعل الخيرات وهذا هو سر الشخصية المصرية والتى تظهر بوضوح خلال هذا الشهر الفضيل وكدهون وكما تأخذنا النوستالجيا لنتذكر رمضان زمان بكل تفاصيله بعيون الطفل الذى مازال يعيش بداخلنا ويسعد بالأجواء الرمضانية كما عاصرها زمان وكدهون.



 

تدور الأيام ويأتى جيل جديد يصنع ذكرياته الخاصة به الآن مع رمضان فى هذه الأيام المباركة ليتذكرها بحنين ومحبة بعد ذلك فى شيخوخته دفعنى الفضول أن أسأل نادية الطويل تلك الفتاة المصرية الشابة التى تقيم وتعمل فى ألمانيا منذ سنوات، ولكنها تحرص كل عام على قضاء أيام وليالى رمضان فى مصر وكدهون فقالت لى بابتسامة ساحرة: أنا أفتقد  الكلام.. نعم أفتقد الكلام والحكايات فأنا فى ألمانيا أعمل فقط ولا يوجد شىء آخر فى حياتى غير العمل، وهذا يتوافق مع طبيعة الشعب الألمانى الذى يقدس العمل طوال الوقت دون أن يكون هناك أى مساحة للحياة الاجتماعية ورغم عشقى للعمل وسعادتى بما حققته من نجاحات فإننى أفتقد الكلام ولمه العيلة والصحبة ودفء العلاقات الإنسانية وخصوصًا خلال شهر رمضان، ولهذا  أحرص على وجودى كل عام وكدهون.

 

   تتغير عادات وتتبدل التقاليد وتبقى طقوس رمضان وروحانياته وعادته ثابتة لا تتغير ولا تتبدل مهما اختلفت الثقافات والمستويات الاجتماعية والاقتصادية يتفق الجميع على نفس السلوك بداية من لمة العيلة يوميًا انتظار انطلاق مدفع الإفطار وتبادل الزيارات والعزومات على الفطار  والالتفاف حول التليفزيون لمتابعة دراما رمضان الشهيرة وتناول الكنافة والقطايف والخشاف والسحور من عربة فول فى الحسين والسيدة زينب وتناول الشاى بالنعناع فى قهاوى المحروسة  وكدهون. وتحرص نادية أيضًا على اقتناء الفانوس الملون وتعليق الزينات وإضاءة اللمبات الصغيرة فى شرفة غرفتها والتواجد على سفرة رمضان مع الأهل والأصحاب لحظة انطلاق مدفع الإفطار عندما تخلو الشوارع من المارة ويجلس الجميع ليتناولوا طعامهم وشرابهم فى نفس اللحظة بعد ساعات طويلة من الصيام وكأنهم جزء من أسطورة قديمة  على حد قولها وكدهون. كل هذه الأجواء الحميمية تفتقدها فى حياتها فى ألمانيا حيث تعيش فى مدينة ميونخ منذ سنوات طويلة بعد أن حصلت على الثانوية العامة من المدرسة الألمانية فى مصر وقررت أن تستكمل دراستها بإحدى الجامعات بألمانيا رغم صغر سنها تحملت الغربة والإقامة بمفردها  والدراسة والعمل فى نفس الوقت، حيث يسمح نظام التعليم هناك باقتسام الوقت بين التعليم والعمل فى نفس الوقت، فيمكنها أن تدرس لمدة شهر أو شهرين ثم تعمل فى أى مؤسسة أو شركة لفترة مماثلة ثم تعود لاستكمال دراستها، وهكذا اكتسبت الفتاة الصغيرة خبرة حياتية وشهادة جامعية فى وقت قياسى مكّنها من العمل فى أهم وأشهر محل للأزياء فى ألمانيا، حيث يرجع تاريخ إنشائه لأكثر من مائة وثمانين عاما ومازال يحتل المكانة الأولى هناك وكدهون، تدرجت نادية فى المناصب بصبر وعزيمة محارب وبابتسامة طفلة حتى نجحت فى إثبات كفاءتها المهنية فى مجتمع يحترم قيمة العمل ولا يعترف إلا بالمتميزين فقط دون النظر إلى جنسيتهم أو معتقداتهم الدينية، وهكذا نجدها تتولى منصبًا مهمًا فى أحد أهم وأعرق محلات الأزياء فى ألمانيا رغم أن عمرها الآن لا يتجاوز السادسة والعشرين. ترتبط نادية الطويل بالفنانة الجميلة مريم فخر الدين  بعلاقة خاصة جدًا وتتذكرها دائمًا ليس كفنانة فقط شاهدت العديد من أفلامها القديمة مع والدها المهندس محمد الطويل وتتوقف عند أدوارها الخالدة فى «رد قلبى ورنة خلخال ولا أنام والأيدى الناعمة»، ولكنها تتذكرها بشكل أكبر كجدتها الطيبة ذات الوجه البشوش الضاحك والمشاعر المتدفقة والمحبة المتدفقة وتتذكر زيارتها الأسبوعية لها فى منزلها وحرصها على أن تقدم لها أكلات مصرية صميمة مثل: الأرانب والملوخية والمحشى بأنواعه والكبدة الاسكندرانى، كما كانت تتحدث معها بالألمانية التى تتقنها جيدًا كانت تحرصت فى نفس الوقت على أن تتحدث معها باللغة العربية، وهكذا تشبعت نادية بعادات وتقاليد مصرية أصيلة وبعلاقات أسرية قوية مترابطة كانت لها سندًا ودعمًا فى سنوات الغربة، مما شكل شخصيتها وخبراتها الحياتية والعلمية فعاشت حياتها  بعقل ألمانى وقلب مصرى وكدهون نادية الطويل تجربة نجاح مصرية على أرض ألمانية.