الجمعة 28 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
على الهامش

على الهامش

منذ فترة ليست بالطويلة أصبح مجتمعنا المصرى أسير أفكار وثقافة واردة إلينا من الخارج تكاد تصل فى بعض الأحيان إلى أن تكون معتقدات لدى البعض، وللأسف فضَّل بعضنا الأخذ بهذه الرؤى والأفكار دون أن يكلفوا أنفسهم حتى مجرد البحث والتفكير التى دعتهم للأخذ بها، غافلين عن قصد أو دون أن المصريين كانت لهم الريادة فى الفكر والابتكار فى ظل تنوع الثقافات التى كان يتميز بها مجتمعنا، وتركوا لغيرهم مجال البحث والاجتهاد فى تغيير مجتمعاتهم بما يخدم مواطنيهم، ويجعلهم يتواكبون مع كل تقدم فى العلم وفى الثقافة التى فى النهاية ترفع من شأن مجتمعهم، ففى الوقت الذى يحاول من حولنا تغيير أنفسهم نجد أنفسنا أسرى لأفكار هامشية ليس لها من معنى سوى أن أغلبها شكلية ومتزمتة فى الوقت نفسه، بدأت بضرورة إطلاق اللحى للرجال وارتداء النقاب للنساء، وعقب ذلك فوجئنا بموجة جديدة من هذه الأفكار، التى يحب البعض أن يصفها بالفتاوى من أصحاب الفكر السلفى، مثل تحريم تهنئة الأقباط بأعيادهم والاحتفال بالمولد النبوى الشريف، وكذلك تحريم تحية العلم وتولى المرأة لمنصب وزير أو أى منصب قيادى وتحريم أموال البنوك وفوائدها، حتى وصل بنا الأمر إلى تحريم إمساكية رمضان، هذا بخلاف فتوى رضاع الكبير الشاذة وفتوى ممارسة العملية الجنسية فى الجنة دون وجود أعضاء، رغم علمى وعلم الجميع أن ما فى الجنة من نعيم أمر غيبى، لا نؤمن به ولا نعتقده إلا عن طريق السماع من الرسول صلى الله عليه وسلم أو ورود نص فى القرآن بذلك.



تلك العينة البسيطة من الفتاوى الفوضوية التى يحاول البعض أن يفرضها علينا تحت ادعائهم بأنهم أكثر علمًا وفقهًا بأمور ديننا الوسطى السمح، ولذا وجب عليهم توجيهنا، الغرض منها مكشوف والأصح (مفضوح) ويهدف إلى عرقلة نمو وتقدم المجتمع المصرى الذى ينتمون إليه اسمًا فقط.. ولهذا وذاك أقول لهم ولمن على شاكلتهم نحن جميعًا بريئون منكم ومن فتاواكم، التى جعلت من البعض أسير ما تقولون وتدعون، وعرّضت مجتمعنا المصرى لموجة من العنف والتشدد التى لم يكن لها وجود، فجعلت من عامل فى مطعم يعترض على تناول فتاة للطعام إلا بعد أذان المغرب، وجعلت من الجار لا يقوم بتهنئة جاره لأن هناك من أقنعه بذلك، وجعلت الفتاة أو المرأة السافرة تتعرض للتوبيخ والإهانة من قبل من يتمنون نقاب المجتمع قبل البشر، ليقع مجتمعنا السمح فريسة سهلة فى مستنقع الجهل والتخلف من قبل هؤلاء المحسوبين علينا زورًا وبهتانًا، دون حتى أن نحاول إمعان التفكير بما يضمن لمجتمعنا بالتقدم والرخاء لننهل مما يفيدنا وينفعنا، فى ظل عالم لا يرحم الضعفاء والمستكينين الغالقين الأبواب على أنفسهم.

لهذا علينا جميعًا أن نجتهد ونعمل أكثر لتحقيق مبتغانا ومبتغى وطننا، مع ضرورة أن نتصدى لهؤلاء المدعين ونذكرهم ليل نهار أن جارى هو ملاذى وقت الأزمات والاحتياج، والمرأة فى مصر أصبحت وزيرة وقاضية ومهندسة وطبيبة وليست وعاءً لقضاء حاجتهم، والنقاب أو حتى الحجاب لا يعنى التخلى عنه أو عدم التمسك به أن أمى أو زوجتى أو ابنتى أو شقيقتى لسن بمسلمات، وأن أموال البنوك التى تسهم فى بناء الاقتصاد حلال، وأن الأخذ من غير المسلم من علم وحداثة ليس حرامًا، أما رضاع الكبير ونكاح الزوجة المتوفاة ومعاشرة البهائم فهى فتاوى جنسية لا يهتم بها سوى مصدريها، لعلها تشبع رغباتهم التى يسعون لإشباعها.. لذا نطالبكم بالابتعاد عنا ببلاويكم التى تطلقون عليها (مجازًا) فتاوى فهى لم ولن تصلح لنا سواء قديمًا أو حديثًا، ولن ينخدع بها سوى السطحيين ومن يحاولون التشبه بكم، لتعويض مركبات النقص التى عششت داخل نفوسكم، لأن مصر طوال تاريخها أخذت على عاتقها أن تغرد خارج سرب التخلف الذى تتسترون خلفه، وتبحث دائمًا عن كتابة سطور جديدة فى مجال البحث والعلم والتقدم والثقافة، وهى المجالات التى تنكرونها علينا، لكى تزجوا بنا فى هامش التخلف الذى تحاولون فرضه علينا تحت اسم الدين.