السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كيف ولماذا ؟ حَكم السيسى مصر.. الإخوان وهاجس الشرعية "12"

كيف ولماذا ؟ حَكم السيسى مصر.. الإخوان وهاجس الشرعية "12"

لم تكن المناداة بشرعية «محمد مرسى» المزعومة من قِبَل الإخوان هى المرة الأولى، التى داعبت هذه الكلمة عقلهم المريض، لقد استخدموها مع المجلس العسكرى مرارًا وتكرارًا ملوّحين أمام التيارات السياسية المختلفة، التى كانت متحالفة معهم بأن المجلس يحجر على الشرعية لصالحه، حتى باتوا جميعًا يرددون يجب أن «يعود الجيش إلى ثكناته»، تلك العبارة التى كانت تثير فى نفوس جيشنا الألم وأضعفت معنوياته واعتصرته حزنًا؛ لأن تلك القوى السياسية لم تقدر ما قام الجيش به من حماية للوطن والحفاظ عليه من الضياع والتمزق والاحتراب الداخلى.



كان المدعو «ممدوح إسماعيل» المحامى المنتمى إلى الجماعة الإسلامية وصاحب الأذان المشهور تحت قبة البرلمان، وأيضًا صاحب تحريف القسَم فى مزايدة سياسية منه بإضافة عبارة «شرع الله»، هو الذى كان يقود مقولة رجوع الجيش لثكناته والقيام بمهامه وأن يترك شرعية الحُكم حتى يأتى رئيس منتخب، والأكثر من ذلك أنه قام على رأس 6000 إخوانى بالذهاب إلى مقر وزارة الدفاع والتفوا حول المبنى وأخذوا يرددون أفظع الشتائم والألفاظ التى لا يقبلها أحدٌ فى حق أعضاء المجلس العسكرى وقاموا بتأليف أغانٍ مخزية لا تليق بالجيش المصرى، وعندما حدث ذلك اتصل النائب العام وبعض الدول العربية بالمشير «طنطاوى» وطلبوا منه أن يتقلد رئاسة البلاد وإيقاف كل شخص عند حدّه من أجل مصلحة مصر، ولكن المشير قال لهم: (لست طامعًا فى السُّلطة، ولو كنت طامعًا فيها لفعلت ذلك منذ اليوم الأول لترأس المجلس العسكرى بعد تنحى مبارك).

وردًّا على ما أثير أمام مقر الوزارة قام المشير «طنطاوى» بدعوة أعضاء من مجلسَى الشعب والشورى فى كل مناورة تدريبية بالمناطق الميدانية للوقوف على كفاءة وتدريب الجيش ليروا بأعينهم جيش مصر الذى لم ينسَ مهمته الأساسية، علاوة على المهمة التى يقوم بها منذ يناير 2011م حتى مرور عام ونصف العام، وفى كل مناورة كان يحضر نواب المحافظات التى تجرى فى نطاق منطقتها العسكرية التدريب، حدث ذلك فى السويس مع الجيش الثالث والإسماعيلية فى الجيش الثانى حتى جاء الدور على المنطقة المركزية التى فى نطاقها محافظة القاهرة وتمت دعوة نوابها الذين كان ضمنهم «ممدوح إسماعيل»، وفى هذه الأثناء شاهدت المشير «طنطاوى» يتحدث بطريقة حادة ومقصودة عبر «المايك» ووجّه عدة رسائل مباشرة موجّهًا حديثه فى الاتجاه الذى كان يجلس فيه «ممدوح إسماعيل» دون النظر إليه، ولكن الغريب فى الأمر هو «ممدوح»، الذى تحاشى النظر للمشير من خزى ما فعله وأحنى رأسَه من الخجل ولم ينبس فمه بكلمة واحدة، فى الوقت الذى قام فيه باقى النواب الحاضرون بإلقاء أسئلتهم واستفساراتهم عن المناورة.

المشير يومها وجّه كلامه للضباط والأفراد العسكريين، الذين قاموا بالمناورة، وقال لهم: (إن الدور الذى لعبته القوات المسلحة خلال العام ونصف العام، وأخص بالذكر الضغط النفسى والعصبى نتيجة المهاترات، أعلم معاناتكم من السب والقذف. إنها ضريبة تدفع لبلادنا علشان خاطر ربنا ومصر، من الذى سيتحمل الضغط والإساءات سوى الذين يقفون فى الشارع وينامون بداخل المركبات والطرقات والشتائم تنهال عليهم فى الوسائل المختلفة، أنتم عظماء تدافعون عن مصر، ويجب أن تكون معنوياتنا فى السماء وسنظل ندافع ونمنع المخاطر، أنتم الحياة الحقيقية بأمر الله أولاً ومصر ثانيًا، والفترة المقبلة يجب التفكير ماذا يدور حولنا؟ لنا مهمة محددة الدفاع عن مصر أولاً من الخارج وثانيًا من الداخل، إنها مهمة مقدسة للقوات المسلحة العظيمة بأفرادها والمجندين الذين يمضون فترة الخدمة العسكرية وهم عناصر مشرفة وليس بهم أميون كما يقول الجهلاء لأن الجيش يمحو أمية أى جندى بعد الانتماء إليه، ويمحو أيضًا أميته المهنية ويمنحه كيانًا كاملًا كشخص.

 لا نطلق النيران

واستطرد المشير «طنطاوى» فى حديثه، وقال: (لن نسمح أن يجبرنا أحد على شىء وسنظل أقوياء وتتحملون ما لا يتحمله بشر، لكن فكروا وأنتم تدافعون عن من؟ أشكركم، وأوصيكم جميعًا أفراد القوات المسلحة على ما تقومون به، وإن شاء الله سوف نتجاوز هذه المرحلة على خير، لا نريد أن نستفز حتى لا نطلق النيران ويجب ألا نطلقها مَهما كانت الظروف). وأضاف: (عندما تتعارض المصالح بين دولتين وإحداهما ضعيفة؛ فإنها سوف تهاجم ليحقق الأقوى مآربه عن طريق القتال، ونحن نتدرب ونستعد لأن كثيرين يريدون لنا هذا الوضع).

واشتدت لهجة «طنطاوى» أكثر عندما قام بعرض التكلفة للسلاح الذى يشتريه الجيش، وذكر ثمَن كل صاروخ وطائرة وغواصة وهى بالمليارات، متوجهًا بالحديث لمن يطالب الجيش بوضع استثماراته تحت تصرف الدولة، وأضاف: من أين لنا بشراء هذا السلاح، ومن أين نضمن مصدر شراء سلاحنا إن لم نكن نحن القوات المسلحة قادرة على توفيره فى ظل دولة يعانى اقتصادها ويخضع لآليات السوق الحرة غير المضمونة، وفى الوقت نفسه أوصى قادة الجيش وأفرادها المستخدمين للسلاح والمسئولين عنه بالحفاظ عليه وتطويره داخل مصانعنا الحربية؛ لأن ذلك سيكون أرخص بكثير. وأكد أن استخدام الذخيرة الحية فى المناورات ليس استهلاكًا، ولكنه تدريب عالى المستوى للحفاظ على اللياقة القتالية.

وذكر «المشير» أن حدودنا كلها ملتهبة، وهناك من يترصد أوضاعنا الداخلية، والأكثر من ذلك الخطورة التى تتعرض لها منابع النيل وأن قوة الدولة العسكرية هى التى تروع الدول التى تسول لها نفسها اللعب بالمواثيق الدولية أو الجور على حقوق الغير. مؤكدًا أنه يجب على «أبطال الكلام» أن يعلموا أنه لا بُد أن تكون لدينا ذراع طويلة؛ لأن المياه هى عصب الحياة للناس. وأنهى «المشير» كلامَه بعبارته التى صار يرددها كثيرًا عندما يفيض به الكيل من جراء ما يحدث فى حق القوات المسلحة، فقال: (وإن شاء الله سوف يأتى الوقت لقطع لسان من يتحدث بغير عِلم).

وأنهى «المشير» كلامه بدعابة متوجهًا بها للضباط الأصاغر فقال لهم: (على فكرة أنا اسمى مُرَكّب «محمد حسين»؛ لأن والدى كان يريد أن يسمينى «حسين» ووالدتى كانت تريد تسميتى بـ«محمد»).

وانتهت المناورة بالمنطقة المركزية التى شهدت هذا الكلام التاريخى والرد لاعتبار كل فرد فى الجيش المصرى من الذين يحاولون النيل منه داخليًّا أو بأجندات خارجية، وحدث أن توجّه النواب لتحية «المشير» وكبار قادة القوات المسلحة، فى حين فر «ممدوح إسماعيل» من أمام أعين الجميع وكأن الأرض انشقت وبلعته.

 «العصار»: المجلس ليس بديلًا للشرعية

فى فبراير 2012م، اجتمع المشير «طنطاوى» والفريق «سامى عنان» واللواء «ممدوح شاهين» مع اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية برئاسة رئيس المحكمة الدستورية وقتذاك المستشار «فاروق سلطان» وعضوية كل من المستشارين «عبدالمعز إبراهيم، محمد ممتاز متولى، أحمد شمس الدين خفاجى، ماهر البحيرى، حاتم بجاتو»، وطلب منهم المشير بعد مناقشة الإجراءات ضرورة سرعة الانتهاء من الإجراءات لانتخاب رئيس الجمهورية؛ لأنه صار يريد حماية الجيش من حماقة جائعى السُّلطة الذين يتطاولون عليه ولا يقدر على محاسبتهم فى هذا التوقيت حتى يتفادى ما يهدفون إليه من أن تعم الفوضى العارمة البلاد وينفرط عُقد الجيش وهو ما لا يسمح به ولا القادة العسكريون معه أبدًا، ورُغم ذلك ظل التطاول على المجلس العسكرى مستمرًا لثلاثة أشهر حتى عقد اللواء «محمد العصار» عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، مؤتمرًا صحفيًّا فى مايو 2012م، وأعلن فيه أنه ستجرى أول انتخابات رئاسية حقيقية منذ آلاف السنين وبهذا الإجراء ستكون الخطوة الأخيرة فى الفترة الانتقالية التى تولى الجيش فيها ومجلسه الأعلى إدارة شئون البلاد.

وأضاف «العصار»: (لقد قلنا إننا لسنا بديلاً عن الشرعية، ولكنها فترة انتقالية هدفها نقل البلاد لتكون دولة ديمقراطية حقيقية بانتخاب أول رئيس للجمهورية، وقد تعهدنا بذلك، وستشهد البلاد تسليم السُّلطة من المجلس الأعلى إلى رئيس مصرى بانتخابات حرة ونزيهة لتحقيق نهضة مصرية مع بدء الجمهورية الثانية، وأدعو الشباب بأن يتوجه بكل فخر إلى لجان الانتخابات ليسجل بأنه عاش وعاصر أول انتخابات رئاسية فى مصر سوف يحكى عنها مستقبلًا لأولاده، وأدعو بألّا يتأخر أحد عن أداء هذا الواجب من 50 مليون مصرى مقيدين فى الجداول، ونتمنى أن يخرج جميعهم للتصويت، ومن أجل هذا أيضًا أعطت الحكومة يومًا إجازة لإتاحة الفرصة للتصويت فى المركز الانتخابى التابع له).

وأضاف «العصار» إنه لن يكون هناك تأثير على أى مواطن ليدلى بصوته لأحد بعينه، فليس لنا مصلحة فى ذلك، ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة أكد ذلك؛ حيث ستكون كل المعايير مكفولة فى هذه الانتخابات، وسيقوم 2859 صحفيًّا لديهم تصاريح حضور و49 منظمة محلية لديها 9534 تصريحًا و34 تصريحًا آخر للمنظمات الأجنبية ومن ضمنها منظمة «كارتر»، علاوة على المنظمات الدولية مثل جامعة الدول العربية، والاتحاد الأوروبى والإفريقى اللذين قرّرا حضور الانتخابات مضافًا إليهم مندوبون من 48 دولة حريصون أن يشهدوا هذه الانتخابات. وأشار إلى أن المواطنين سوف يشاركون فى تسيير الأمور فى اللجان الانتخابية؛ حيث سيتم وضع قاضٍ على كل صندوق والفرز سيتم فى أماكن التصويت وإعلان النتيجة أيضًا بحضور مندوبى المرشحين والمجتمع المدنى وسيتم إعلان كل شىء أمامهم.

وتساءل «العصار»: (هل يعلم أحدنا من هو الفائز ومن يدخل جولة الإعادة؟ إن عدم المعرفة دليل على أن الأمور تسير طبقًا لإرادة الشعب وتنال مصر المكانة التى يجب أن تتبوأها، وعلى هذا الأساس قامت القوات المسلحة بوضع جميع الخطط الكفيلة لتأمين اللجان وعددها 13100 لجنة فرعية سيتم المرور عليها بدوريات سيارة، وخطة التأمين سوف يشارك فيها 150 ألف ضابط وجندى و11 ألف عربة مختلفة، مع توفير طائرات مخصصة للإخلاء الطويل، ونقل 480 قاضيًا للمحافظات النائية). واختتم «العصار» المؤتمر بقوله: (لقد وعدنا ووفّينا، والرئيس الجديد سيتسلم سُلطات مهامه، وبذلك سيكون انتهاء دور المجلس الأعلى العسكرى، والتاريخ سيذكر هذه الفترة بأحرف من نور).

 إلغاء الانتخابات لو خرج الرئيس عن الشرعية

عندما قال «العصار» الكلام السابق لم يتصور أنه لن تكون هناك جمهورية ثانية، بل أممية الخلافة، ولم يخطر بباله أن الانتخابات لن تكون نزيهة، بل مزورة وعلى رءوس الأشهاد من المنظمات الخارجية على وجه الخصوص، ولم يعلم أن هناك «عاصرى ليمون» تحالفوا مع «الإخوان» وحشدوا لمرشحهم من الشباب غير الواعى، ولم يعلم أن الرئيس القادم الذى سيتسلم السُّلطة هو أول رئيس من آلاف السنين يخرج عن الشرعية.

كل ما قاله «العصار» من قبل صار فى خبر كان بفعل «الإخوان»؛ خصوصًا عندما لوحوا بأن مرشحهم «محمد مرسى» سيفوز وأنه سيؤدى اليمين أمام مجلس الشعب المنحل، ثم ميدان التحرير، وأنه لن يذهب إلى المحكمة الدستورية لأداء اليمين، عند ذلك سألت بعض أعضاء المجلس العسكرى: كيف سيكون التصرف مع مثل هذه الأمور المنتظرة من الجماعة إذا ما جاء «محمد مرسى»، فقالوا لى: إن تحديد شرعية رئيس الجمهورية يبدأ بأداء اليمين أمام المحكمة الدستورية العليا، وعليه تتم إجراءات تسليم السُّلطة، وإذا كان هناك إصرار بأداء اليمين أمام مجلس الشعب المنحل وفى ميدان التحرير وهما شرعيتان مِلك خاص الأولى للإخوان والثانية لبعض التيارات والحركات السياسية، هنا يصير الرئيس المنتخب خارجًا على الشرعية وبصفة الجيش حاميًا للشرعية الدستورية؛ فإنه سيقوم بإبطال الانتخابات الرئاسية برمتها؛ لأن معنى هذا أن الرئيس القادم استبدل دولة المؤسّسات بدولة «الإخوان»، وقام بتغيير شكل الدولة المصرية الحديثة.

وكان المجلس العسكرى قد قام بتعيين مشرف عام على اللجنة المالية والإدارية بديوان رئاسة الجمهورية، وأن هذا من اختصاصات المجلس العسكرى المسئول عن حماية ممتلكات الشعب والقصور الرئاسية ومقتنياتهم وأوجه الصرف على قصور الضيافة وخلافه، وهى أموال عامة ومِلك للشعب، ولذلك فتعيين مشرف عليهم وضع طبيعى، وعلى من يدعى أن المجلس العسكرى حد من سُلطات الرئيس القادم، عليهم أن يقولوا لنا وما اختصاصات الرئيس التى انتزعت منه؟.

 شرعية «القسَم العسكرى»

القسَم العسكرى الذى يؤديه الضباط الجُدد عند انخراطهم فى الحياة العسكرية والتى تبدأ من تخرجهم بالكليات العسكرية، كان ذلك حتى عصر «مبارك»، ولكن مع زواله صارت هناك إشكالية فى هذا القسَم اعتبارًا من 10فبراير 2011م، وتحديدًا فى الخامسة مساء هذا التاريخ عندما أعلن انعقاد المجلس العسكرى برئاسة المشير «طنطاوى» بشكل دائم ومستمر واعتبار ذلك عزلًا لرئيس الدولة من منصبه كرئيس أعلى للمجلس العسكرى أولًا، وثانيًا هو إعلان من الجيش بأنه ينحاز لثورة الشعب وليس لرئيس الدولة الذى لا يرغب الشعب فى حُكمه، ومن هنا أسقط الجيش عنه الشرعية الدستورية التى أوجدته.

وكان على الجيش عند تخريج الكليات العسكرية بعد خمسة أشهُر من إسقاط الشرعية عن آخر رئيس حتى هذا التاريخ أن ينظروا للأمر بوجهة مختلفة، لا يتورط فيها الجيش مستقبلا بأن يقدم نفسَه حاميًا لرئيس الدولة كون طبقًا للقسَم هو حماية للشرعية الدستورية وأنه يجب الفصل بينهم فى يمين الولاء وأن تكون الشرعية الدستورية التى يحمونها لا تتطلب منهم بالضرورة حماية الرئيس، ولكنها فقط تثبت شرعيته فى الحُكم فقط لا غير حتى إشعار آخر يكون بانتهاء مدته أو رفض الشعب له، وهنا واجب الجيش أن ينحاز للشعب لأنه جيش الشعب وليس الرئيس.

ومن الواجب أن تغير المؤسّسة العسكرية قسَمَها ولا يتضمن «أن أكون مخلصًا لرئيس الجمهورية».

ومن هنا صار القسَم يتضمن الولاء للوطن مصر والشرعية الدستورية دون ولاء لأى شخص أوجده الدستور، فهو يعطى له شرعية ممارسة عمله وليس شرعية وجوده رغم أنف الشعب، وأن الأمن القومى للبلاد فوق كل اعتبار، وعندما تقلد «السيسى» وزارة الدفاع أوجد قسَمًا آخر للطلبة عند بداية التحاقهم بالكليات العسكرية تضمّن الولاء لمصر والقوات المسلحة وأن ينفذوا كل ما يكلفون به من مهام لحماية شعب مصر العظيم.

هذا التغيير فى معانى القسَم شغل «الإخوان» عندما جاء رئيسهم «مرسى»؛ لأنهم تيقنوا أن الجيش لن يكون أداة لحماية أفعالهم ورجُلهم فى السُّلطة، وهذا كان من ضمن تربصهم بالجيش وتبنى الأجندات الخارجية لتفكيك الجيش وتفتيته؛ خصوصًا أن هذا سوف يمكنهم من إنشاء ميليشيات موالية لهم بعد أن يجهزوا على الجيش، ولكنهم وجدوا جيشًا قويّا على قلب رجُل واحد عصىّ عليهم؛ خصوصًا أن الجيش منح نفسه من واقع مطالب الشعب أن يكون مراقبًا لأى رئيس قادم يخرج عن الشرعية أو يستغل الشرعية لتحقيق مآربه.

 شرعية الداخلية

حاول «الإخوان» والقوى السياسية جاهدين أن يورطوا المجلس العسكرى وينالوا من وزارة الداخلية فى وقت واحد، فعرضوا على المجلس العسكرى أن يقوم بإعادة بناء الشرطة، ولكن المجلس رفض هذه النداءات التى كان منها أن يتولى قيادة جهاز الشرطة أحد قادة الجيش أو تكون بعض عناصر القوات المسلحة هى البديل الدائم عنها، رفض «طنطاوى» هذا تمامًا، وقال: سأطبق نظرية الجيش بعد نكسة 67م، فإن مَن قاموا بإعادة بناء الجيش هم القادة أنفسهم الذين كانوا قادة أيضًا أيام الحرب مثل: محمد فوزى وعبدالمنعم رياض وسعد الشاذلى وغيرهم كثيرون، حيث قام الجيش بتطهير نفسه من بعض القيادات التى انحازت لـ«عبدالحكيم عامر» وحاولت الانقلاب على شرعية الدولة من أجل شخص بعينه أفسد وأخطأ، ولكن القادة الذين أعادوا للجيش كرامته وخاضوا به حرب 73م هم نفس القادة الذين كانوا يعملون تحت قيادة فاسدة، ولكنهم لم يفسدوا، ولذلك طلب المشير من قيادات الشرطة أن يقوموا بتطهير وزارتهم بأنفسهم، ممن أساء منهم للشعب، وأنهم يعلمون الفاسدين منهم، وبالفعل تم إقصاء زبانية «حبيب العادلى» الذين أفسدوا هذا الجهاز المهم بالدولة وتم ترشيح بعض كبار الضباط الذين يصلحون كوزراء للداخلية أمثال: «محمود وجدى، ومنصور العيسوى»، ولكنهم لم ينجحوا حتى جاء «محمد إبراهيم» وقام بإعادة بناء الشرطة بقانون جديد وأدوار حديثة، وأمدت القوات المسلحة الشرطة بمعدات وتجهيزات وأسلحة وسيارات وكل ما يلزمهم من ميزانية وزارة الدفاع، ورفض المشير أن يكون على رأس هذا الجهاز أحد من خارجه؛ لأن به رجالاً أكفاء شرفاء، ولكن حدث تعاون فى إعادة التنظيم، بحيث استفادت الشرطة من خبرة الجيش فى هذا، وكان كما ذكرتُ من قبل أن اللواء «محسن الفنجرى» هو المكلف بتقديم كل العون والمساعدة من واقع تخصصه فى إدارة التنظيم والإدارة بالجيش، كما ذهب المشير «طنطاوى» إلى أكاديمية الشرطة وتحدّث مع قادة وضباط الشرطة لدعم معنوياتهم حتى يعودوا لعملهم دون غضاضة من المجتمع الذى لم يفرّق بين الصالح والطالح منهم، وبذلك أوقف «طنطاوى» كل محاولات الزج بشائعات مغرضة أو اقتراحات مغرضة بأن تكون وزارة الداخلية تابعة للجيش، فى محاولة يائسة لفقد وزارة الداخلية لشرعية تواجدها واستقلاليتها كوزارة قائمة بذاتها.