الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بعد الأزمة الأوكرانية.. صندوق النقد مسار إجبارى لدول كثيرة

أجبرت الأزمة الأوكرانية دولاً كثيرة على اللجوء لصندوق النقد الدولى لمواكبة التغيرات الاقتصادية التى طرأت ومواجهة ارتفاع أسعار النفط والمواد الغذائية، ومن بين تلك الدول مصر والمغرب والأرجنتين ولبنان وتونس.



وكانت المديرة العامة لصندوق النقد الدولى، كريستالينا چورچيفا، أكدت أن العالم رُغم الإمكانيات المادية الكبيرة التى يتمتع بها فإنه أصبح أكثرَ هشاشة فى مواجهات التحديات والأزمات والجميع فى حاجة لأن يفكر فى حقوق الأجيال القادمة.

وقالت إن التعددية الشاملة هى المنهج للتعامل مع الأزمات، مشيرة إلى الصدمة التى تعرَّض لها العالم الذى لا يزال يتعافَى من انعكاسات كورونا، جرّاء الحرب فى أوكرانيا والتى عصفت بمختلف التوقعات الاقتصادية؛ حيث كان العالم يأمل فى خفض نسب التضخم وزيادة النمو ليجد نفسَه أمام وضعية معاكسة تمامًا.

كما قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية فى تقرير لها إن الحرب الروسية فى أوكرانيا، أدت إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية والطاقة فى جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا قبل حلول شهر رمضان.

وقالت الصحيفة إن السلع البسيطة التى يعتمد عليها المسلمون فى رمضان فى دول مثل مصر والمغرب وتونس ارتفعت أسعارها بشكل كبير عن العام السابق، بينها التمر وغيره من المواد الغذائية الأخرى.

وفى دولة مثل المغرب، يهدد الجفاف بتدمير الاقتصاد بالفعل، بينما تكافح الحكومة التونسية المثقلة بالديون تكافح لدفع ثمَن واردات القمح، حتى قبل اندلاع الحرب فى أوكرانيا.

 مصر

تتجه مصر للمرّة الرابعة للحصول على قرض من صندوق النقد الدولى خلال آخر 6 سنوات؛ وذلك لمواجهة تداعيات الحرب الأوكرانية على الاقتصاد المصرى.

وأعلنت الحكومة المصرية، تقدمها بطلب إلى الصندوق لبدء المشاورات بين الطرفين بخصوص برنامج جديد، يهدف إلى مساندة الدولة فى خططها الخاصة بالإصلاح الاقتصادى الوطنى الشامل، وقد يتضمّن البرنامج تمويلاً إضافيًا.

ويرى خبراء ومحللون، أن من مزايا حصول مصر على تمويل من صندوق النقد الدولى، هى انخفاض سعر فائدة التمويل من الصندوق والتى تتراوح بين 1.5-2 %، وزيادة الحصيلة الدولارية فى الأسواق، وسداد التزامات مصر الخارجية خلال الفترة المقبلة، وإطالة أمد الدين لسنوات طويلة.

 المغرب

قررت الحكومة المغربية تعليق صادرات بعض المحاصيل مثل الطماطم؛ لمواجهة أسوأ موجة جفاف منذ 3 عقود؛ حيث يعتمد سكان المغرب على الفول والعدس والحمص والطماطم بشكل كبير خلال شهر رمضان.

وقد أكد رئيس البنك المركزى المغربى، عبداللطيف الجواهرى، أن المغرب قد يطلب سيولة جديدة من صندوق النقد الدولى، كما أنه ينتظر ظروفًا أفضل لإصدار سندات دولية.

وأوضح «الجواهرى» أن هناك شروطا مسبقة من ناحية الاقتصاد الوطنى للمرور إلى المرحلة الثانية من تحرير الدرهم، مشيرًا إلى أنه تباحث مع بعثة صندوق النقد الدولى عن بُعد، وأن الصندوق يدفع بقوة لمرور الرباط إلى المرحلة الثانية من تعويم العملة.

الأرجنتين

صادَق مجلس إدارة صندوق النقد الدولى، على برنامج مساعدة للأرجنتين بقيمة 44 مليار دولار، مع صرف 9,65 مليار فورًا، وذلك خلال اليومين الماضيين.

وأوضح الصندوق، أن خطة المساعدة الممتدة على فترة 30 شهرًا منحت ضمن «آلية الإقراض الموسّعة» التى يتبعها الصندوق، وتهدف إلى السماح للأرجنتين بـ«تعزيز القدرة على تحمُّل الدين ومكافحة التضخم الشديد وزيادة الاحتياطات، وسدّ الثغرات الاجتماعية فى البلد».

وأعلنت المديرة العامة للصندوق كريستالينا چورچيفا «فيما يجرى انتعاش اقتصادى وانتعاش فى الوظائف، لا تزال الأرجنتين تواجه تحديات اقتصادية واجتماعية استثنائية» مشيرة إلى «دخل للفرد منخفض ومستويات فقر مرتفعة وتضخم شديد متواصل وعبء دَين شديد واحتياطات خارجية ضعيفة».

ورأت فى هذه الظروف أن البرنامج الاقتصادى الذى وضعته الحكومة الأرجنتينية ويدعمه الصندوق يحدد أهدافًا عملية وواقعية، وكذلك سياسات ذات مصداقية لتعزيز استقرار الاقتصاد الكلى.

 وأعطى الكونجرس الأرجنتينى الأسبوع الماضى موافقته على قيمة القرض، غير أنه لم يصوّت على سياسات الاقتصاد الكلى. وقالت چورچيفا: «إن إجماعًا سياسيًا واجتماعيًا قويًا أمرٌ أساسى لدعم تنفيذ برنامج الإصلاحات».

وذكرت بأن البرنامج الذى صادَق عليه الصندوق يقضى بتصحيح الميزانية ودعم النمو، ما سيسمح بتعزيز القدرة على تحمُّل الدين وضبط «تضخم متواصل ومرتفع». لكنها أشارت فى المقابل إلى المَخاطر «المرتفعة إلى حدّ استثنائى» التى يواجهها البرنامج فى وقت بدأت تظهر تبعات الحرب فى أوكرانيا.

 

وأكدت أنه فى هذا السياق، سيكون من الضرورى إعادة تصويب البرنامج بشكل مبكر، بما يشمل تحديد وإقرار تدابير مناسبة عند الاقتضاء، من أجل تحقيق أهداف البرنامج.

 تونس

تواجه تونس تحديات فى التوصل لاتفاق مع الصندوق الذى يشترط توافقًا داخليًا على خطة الإصلاح فيما يرفض اتحاد الشغل التونسى إصلاحات الحكومة ويراها تزيد أعباء المواطنين.

وتأمل تونس، التى تمر بضائقة مالية خانقة، باتفاق مع صندوق النقد الدولى من أجل الحصول على قرض مالى بقيمة 12 مليار دينار (4 مليارات دولار)، وبالتالى الحصول على الضوء الأخضر من الصندوق لتلقى تمويلات من بقية المؤسّسات المالية الدولية، وذلك من خلال المفاوضات التى بدأتها فى فبراير الماضى.

ويشترط المانحون مقابل مساعدة تونس على تجاوز أزماتها المالية إصلاحات عميقة تشمل المالية العامة والمؤسّسات، إلى جانب مراجعة دعم أسعار المواد الأساسية والوقود، بينما يشعل الاتحاد العام للشغل المنظمة الأكثر تمثيلاً للعمال فى تونس الضوء الأحمر فى وجه كل إصلاحات من شأنها أن تمس بالطبقتين المتوسطة والفقيرة وفى مقدمتها مقترحات تخفيض كتلة الأجور، أو رفع الدعم عن المواد الغذائية والأساسية.

وترغب الحكومة ووفد صندوق النقد الدولى فى الضغط على الاتحاد العام التونسى للشغل من أجل الموافقة على حزمة الإصلاحات، مبررين ذلك بضيق الوقت والضغط المفروض على الموازنة؛ خصوصًا أن هذه الإصلاحات معارضة شديدة من الاتحاد العام للشغل، إذ أكد أمينه العام المساعد أنور بن قدور أن «اللقاء الذى جمع ممثلين عن الاتحاد وصندوق النقد الدولى كان مناسبة أبرز خلالها الاتحاد تحفظاته على البرنامج الحكومى المقدم للصندوق؛ بخاصة  فيما تتعلق برفع الدعم وتجميد الانتدابات والأجور». وأوضح أن «أبرز مؤاخذات الاتحاد على مقترح الحكومة أنه لا يمثّل برنامجًا اقتصاديًا؛ بل هو مجرد حزمة من الإجراءات التقنية المحاسبية التى لا تهدف إلى إصلاح الوضع الاقتصادى ولا تتضمن أى رؤية».

 لبنان

أمّا لبنان؛ فبدأ مفاوضاته مع صندوق النقد فى يناير- فيما انهارت الليرة اللبنانية وارتفعت الأسعار بشكل كبير- ويطلب الصندوق موافقة الحكومة على مباشرة إصلاحات طموحة ضرورية لإخراج البلاد من الأزمة الاقتصادية الغارقة فيها كشرط لتمويله؛ خصوصًا بعدما تخلف لبنان عن سداد مستحقات دَينه الخارجى فى 2020 للمرّة الأولى فى تاريخه.

وينتظر لبنان أسبوع حاسم يدفع رئيس الحكومة نجيب ميقاتى نحو إقرار الاتفاق مع صندوق النقد، ففى ذلك نجاح له على الصعيد الشخصى، لكن يجب عرض القرار على مجلس الوزراء، والقرار للمجلس مجتمعًا، وحتى لو أقر فى مجلس الوزراء يجب أن يمر كذلك على مجلس النواب، وهذه رحلة طويلة».

وقال رئيس وزراء لبنان، نجيب ميقاتى، إن الوضع الاقتصادى فى البلاد عبارة عن جملة تراكمات للمشاكل على مدى السنوات الـ30 الماضية، مضيفًا: هذا الأمر لا يمكن حله بين ليلة وضحاها، مؤكدًا أن الحكومة اللبنانية تسعى جاهدةً لإعادة التعافى إلى الاقتصاد اللبنانى.

وأكد أن لا خيار أمام لبنان سوى التعاون مع صندوق النقد لوضع البلد الذى أنهكته الأزمة الاقتصادية على سكة التعافى من جديد، مشيرًا إلى أن المفاوضات بين لبنان وصندوق النقد الدولى مستمرة وأنه لا بُد من استكمال المفاوضات.

ويرى خبراء ومتابعون، أن على لبنان أن يسرع وتيرة المفاوضات مع الصندوق؛ للحصول على ما يريد «قبل فوات الأوان»، فى ظل أزمة يعيشها القطاع الاقتصادى فى البلاد على خلفية ملاحقات قضائية لمسئولين كبار بتهم الفساد، فيما يقبل لبنان على انتخابات نيابية قريبًا.