الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كيف ولماذا حكـــم السيسى مصـــر عنان و«الإخوان» والأمريكان "10"

كيف ولماذا حكـــم السيسى مصـــر عنان و«الإخوان» والأمريكان "10"

أثناء كتابة هذه الحلقات استردت ذاكرتى كثيرًا من الأحداث التى يَرُدُّ عليها الرئيسُ «السيسى» كل يوم بعمل يجعل مَن أرادوا الاستهانة بنا فى يوم ما يحسبون لنا الآن ألفَ حساب، عندما جاءت أول انتخابات رئاسية بعد أحداث 25يناير 2011م، التى أنا بصدد كتابة شخوصها الذين تَصدّروا المشهَد وكيف كانت علاقتهم بالمجلس العسكرى الذى كان يدير شئون البلاد وقتذاك.



بدأتْ قصةُ «الإخوان» مع المجلس العسكرى بعد عودة الفريق «سامى عنان» من زيارته لأمريكا التى كانت فى 25 يناير2011  وانتهت يوم 28 يناير، وكان السبب من أجل مباحثات عن السلاح الذى تحصل عليه مصر بموجب المساعدات العسكرية، وهناك تلقى «عنان» رسالة من المخابرات الأمريكية التى كانت قد أعطت الضوء الأخضر للإخوان بالنزول يوم 28 يناير، وهو اليوم نفسه الذى طلب فيه «مبارك» من المشير «طنطاوى» نزول الجيش بعد انسحاب الشرطة، وحسب التقارير الأمريكية؛ فإنه تم تكليف «عنان» بتوصيل رسالة والإجابة عن أخرى بعد وصوله مصر، الرسالة الأولى كان مضمونها أن يتم التعامل مع «الإخوان» كتيار سياسى معترَف به وليس محظورًا كما كانت صفته القانونية فى عصر «مبارك»، أمّا الرسالة الثانية التى كان على «عنان» أن يرد الإجابة عليها للأمريكان فكانت أن يقوم بجس نبض المشير «طنطاوى» فى أن يقوم بانقلاب أبيض على «مبارك»، وعندما طرح «عنان» ذلك على «طنطاوى» انزعج المشير من الطلب وقال لـ «عنان»: (لا أبيض ولا أسود، ولا تذكر هذا الكلام مرّة أخرى)، وسأله: هل قلتَ هذا الكلام لأحد؟ فأجاب «عنان» بـ «لا»، فقال «طنطاوى»: (ولا تقوله بعد ذلك، نحن لا نقوم بانقلابات يا عنان، نحن مع الشعب فيما يريده).

قام «عنان» بإبلاغ الأمريكان برد المشير الذى لم يكن يعلم وقتها أن رئيس الأركان يجس نبضه للرد على رسالة محددة مكلف بها، ومن هذا المنطلق بدأ «عمر سليمان وشفيق» بعد أن أبلغهما «طنطاوى» برسالة أمريكا بخصوص «الإخوان» يتعاملان معهم مثل باقى القوى السياسية حتى تتضح الأمور كاملة ويكشف عنها النقاب، ولكن «عنان» الوحيد الذى كان يتعامل مع «الإخوان» على أنهم تيار سياسى مدعوم بقوة من أمريكا، فكان يتقرب لهم تارة ويسهل لهم مطالبهم من المجلس العسكرى تحت زعم أن البلد ليس فى حال يسمح لها بتحدى أمريكا بعد الفوضى والاحتجاجات والاختراقات التى تحدث.

ومع أن المجلس العسكرى المصغر الذى كان متمثلًا فى «طنطاوى - السيسى - عبدالعزيز سيف - محمود حجازى - العصار» كانت لديهم شكوك بخصوص «عنان» وعلاقته بالأمريكان والإخوان، إلّا أنهم اتفقوا على أن يتم التعامل معه بشكل طبيعى للغاية حتى لا يثير ذلك قلقًا شعبيّا بأن المجلس العسكرى يعانى انقسامًا من أى نوع، لكن «عنان» لمس أن هناك أمورًا مستبعد منها وأن اجتماعات مصغرة تُعقد لا يعلمها، وأن حضوره يكون فى الاجتماعات المفتوحة الممثل فيها كل أعضاء المجلس العسكرى، كما أسنَد له المشير كثيرًا أن يقوم بالاجتماعات مع القوى السياسية وبحضور بعض أعضاء المجلس الآخرين.. المهم أن «عنان» حاول أن يظهر فى أى لقاءات خارجية أو جولات للمشير «طنطاوى» ملاصقًا له، وفى بعض الأحيان يظهر وكأنه يُذَكّر المشيرَ ببعض الكلام أو الموضوعات فى إيحاء منه بأنه يعلم كل صغيرة وكبيرة وغير مستبعَد من بعض الأمور والقرارات.

«الإخوان» ونظرية «الوعد والتراجع»

كان خروج «خيرت الشاطر» من سباق الرئاسة بواسطة لجنة الانتخابات بمثابة إعلان حرب من قِبَل «الإخوان» على المجلس العسكرى؛ خصوصًا أن الجماعة كانت طوال الوقت تقدم نفسَها على أنها التنظيم السياسى الجاهز دون غيرها لالتقاط حلوى الثورة، وهو ما جعل البعضَ وقتها يتقوّلون بأن هناك «شهر عسل» بين المجلس العسكرى والإخوان، وفى وقت آخر بانتهاء هذا العسل، وهكذا، لكنْ الأمر لم يكن بهذه الصورة، فالإخوان لعبوا على وتر ضعف القوى والأحزاب السياسية الأخرى وقدّموا أنفسَهم بالتنظيم القادر على التحرك السياسى والاجتماعى وقبلها الدينى، وأن لديهم خيوطًا كثيرة للعب فى هذا المناخ المهيأ تمامًا لهم، ولذلك فقد مارستْ الجماعة نظرية «الوعد والتراجع»، ليس مرّة واحدة بل عدة مرّات، وتقوم بإلقاء مبررات وظلال على التراجع بأنه نتيجة طبيعية لما يطرأ من تغيرات على المشهد السياسى.. هكذا كان يقول الإخوان.

كان التراجع الأول للجماعة عندما قام «محمود غزلان» بمداخلة عبر التليفزيون المصرى فى قناة النيل للأخبار يوم 13 فبراير 2011 ؛ لينفى أن العناصر الموجودة بميدان التحرير هم «الإخوان»، لكن بعد يومين فقط ظهر هو نفسُه ليقول إن هناك عناصر شبابية من «الإخوان» يؤازرون أقرانهم من شباب الثورة الذين لا يزالون معتصمين فى الميدان، بعد ذلك نفى «عبدالمنعم أبوالفتوح» وكان لا يزال بالجماعة لم يعلن انشقاقه بعد، وقال إنه لن يكون للإخوان حزب ولا برنامج حزبى، ليأتى «عصام العريان» وينفى قول «أبوالفتوح» ويعلن أن هناك حزبًا للجماعة وليس إنكارًا لأبوالفتوح فقط ولكن أيضًا تكذيبًا للمستشار «طارق البشرى» المحسوب على الجماعة فكرًا وترأس لجنة التعديلات الدستورية المؤقتة التى تم الاستفتاء عليها يوم 19مارس 2011، الذى بدوره- أى «البشرى»- ضم للجنة عضو جماعة «الإخوان» «صبحى صالح» الذى كان عليه اعتراضات من قوى سياسية كثيرة.. المهم أن «البشرى» قال فى تصريحات صحفية وقتذاك، إنه لا تأسيس لأحزاب جديدة خلال الفترة الانتقالية، وبالطبع هذا كان مقصودًا به حزب «الإخوان» وحزب الوسط وحزب الكرامة تحت التأسيس، والحزب الذى كان ينادى به «وائل الإبراشى» وأطلق عليه اسم «شباب التحرير»، وكان لتصريح «البشرى» صداه لدى «الإخوان» الذين نصبوا له العداء منذ ذلك الحين بمن فيهم «صبحى صالح» الذى رشحه «البشرى» للانضمام للجنة الإعلان الدستورى.

والحقيقة التى كانت غائبة عن الجميع هى تلك المقابلة المليئة بالأكاذيب والتقية، والتى أجرتها «منى الشاذلى» مع «محمد بديع» بعد انتخابه مرشدًا للإخوان، وكان ذلك يوم 15 أبريل 2010م، أى قبل ثورة يناير بـ 6 شهور ببرنامج «العاشرة مساءً» لتأتى إجاباته كالتالى:

- نحن أعقل من أن نحكم مصر الآن.

- مواجهة قانون الطوارئ عندنا أهم من الانتخابات.

- لم نرفع السلاح ضد مُسلم أو جهة غير محاربة.

- سنظل نرفع شعار الجهاد ضد أعداء الإسلام.

- البرادعى لم يعلن ترشيحه، ومطالبه جزء مما ننادى به.

- نحن لم ننتقم لأنفسنا قط، وتاريخنا ملىء بالتسامح.

- الجماعة أكبر من أن يديرها شخص حتى لو كان المرشد.

- سيد قطب لم يُكفر أحدًا، والعيب عند من فهمه خطأ.

- لا نتنافس على الرئاسة ولا نريد الوصول إلى السُّلطة.

- أعلى تمثيل من «الإخوان» للقاء البرادعى ممثلًا فى الكتاتنى عضو مكتب الإرشاد.

الحقيقة كل إجابة قالها «بديع» وكل الأمور التى نفاها نفذت بعد ذلك وقام بها «الإخوان» تمامًا، ولا تعليق على كذبهم وتقيتهم.

السَّلفى «حسان» من الممنوع لـ«المناور»

وتحسبًا لما كان ينتويه «الإخوان»، لكن فى السياق السابق بخصوص الأحزاب قام الداعية السلفى «محمد حسان» بإعلانه عدم ترشحه لمنصب سياسى وأنه نذر نفسه للدعوة، وأنه لا بُدَّ من مراجعة الفكر السَّلفى حول العمل السياسى، واعترف بعدم إجادة أنصار المنهج السَّلفى للعبة السياسية الآن، وقال (لا يهمنا مَن يحكم مصر، المهم منهج الحُكم)، وطالب بتفعيل المادة الثانية من الدستور وحذّر من المساس بها. العجيب فى الأمر أن «حسان» قبل يناير 2011 كان ممنوعًا باتًا من الظهور الإعلامى، لكن حدث يوم 28 فبراير 2011 أننى فوجئتُ بظهور «حسان» على القناة الأولى المصرية يعظ ويطلب من الشباب فى التحرير أن يعودوا إلى بيوتهم وأن رسالتهم وصلت وهناك طرُق أخرى للتعبير عن الرأى غير الحشد الميدانى.

اتصلتُ بعبداللطيف المناوى- رئيس قطاع الأخبار-؛ حيث ظهور «حسان» كان عبر أحد البرامج الإخبارية، وقلتُ للمناوى الذى تربطنى به صداقة وزمالة، لماذا «حسان» هو الذى يقوم بهذه الرسالة، أين المسئولون السياسيون بالدولة، ما شأن «حسان» بذلك، ولماذا الآن سمح له بدخول مبنى التليفزيون وكان ممنوعًا من قبل؟ أجاب «المناوى»: (دخلوا على ومعاهم «حسان» وقالوا لى «ابنك مريض ألا تداويه؟!» وكان المقصود بالابن المريض هو الشباب فى التحرير الذى اعتقد رجال الدولة وقتذاك أنهم فى حاجة إلى الشفاء مما يعانون بـ «الوازع الدينى»، وبعد ذلك طلب من «حسان» الدخول فى حالات الفتنة الطائفية التى عانت منها بعض المحافظات وقتذاك).

المهم إنه بعد التصريحات السابقة للإخوان والسلفيين تم الضغط على المجلس العسكرى بواسطة القوى السياسية بأن يكون تشكيل الأحزاب وإقرارها أمرًا سهلًا؛ لأن هذا سيُحيى العملية الديمقراطية ويجعلها فى شكلها الصحيح، وعليه وافق المجلس العسكرى وتمت إجازة كل الأحزاب التى كانت تحت التأسيس وغيرها من أحزاب جديدة لشباب الثورة وقوى سياسية أخرى، وفى مقابل هذا وجد المجلس العسكرى أن الجميع وضع ضمانات سياسية تحمى وضعه على الساحة، فالقوى السياسية حمت ظهرها بإقامة أحزاب، ووجَد المجلسُ أنه فى ظل هذا المناخ غير الآمن داخليّا وخارجيّا عليه واجب حماية الجيش لكى يمكنه القيام بدوره والحفاظ على الدولة ومؤسّساتها، ويأمن الانقلابات السياسية التى ترمى بظلالها بقوة، فحاول وضْع بعض النصوص الدستورية لحماية جيش الدولة وعدم التلاعب به فى ظل توجهات سياسية غير مأمونة ولا تتمتع بثقة؛ حيث إنها تقضى على الأخضر واليابس فى سبيل الحصول على السُّلطة ومطامع شتّى، لكن ما حدث أن القانونيين لم يُتقنوا المواد الخاصة بذلك.

الإخوان يهددون المجلس بعودة «مبارك»

ورُغْمَ أن «الإخوان» قالوا للمجلس إن حقكم فى مواد دستورية تحمى المهام التى تقومون بها؛ فإن ما حدث بعد ذلك كان مستغرَبًا من المجلس تجاه تلك الجماعة التى قامت بالموافقة على المواد التى تخص الجيش وقدمت موافقتها على طبق من فضة، ما جعل المجلسَ بدوره يرسلها إلى نائب رئيس الوزراء للشئون السياسية «على السلمى»، وعليه قام بوضع وثيقة أطلق عليها (مبادئ فوق دستورية)، وهو مسمى أطلقته القوى السياسية؛ خصوصًا «الإخوان» الذين نقضوا كلامهم بأفعال تسىء إلى المجلس الذى أظهروه كأنه طالب للحماية أو ما أشاعوه عن أنه (الخروج الآمن) ليجد المجلس العسكرى نفسَه فى ورطة، بل فى فخ نصبه له «الإخوان» لإزاحتهم من المشهد السياسى لإخلاء الطريق أمام الجماعة، بحيث لا يحاسبها ولا يراقب أفعالها المجلس؛ وذلك عندما خرج «صبحى صالح» مهاجمًا للمجلس العسكرى ومن بعده المرشد «محمد بديع» محذرين ومتوعدين، بل الأكثر مهددين المجلس العسكرى، وذلك عندما صرّح «بديع» فى وسائل الإعلام أن الجماعة تربأ بالجيش عن مسايرة قِلة تريد إقحامه وإغراءه بأنه (حامى الدستور وحارس الدولة المدنية)، وفى الوقت نفسه ذكر «صبحى صالح» أن «الإخوان» سيطالبون بعودة «مبارك» إذا وصل الأمرُ أن المجلس العسكرى حاول تمرير هذه المبادئ، وهدد «صالح» بأن «الإخوان» سينزلون بـ 50مليونًا وليس مليونًا فقط للمطالبة بعودة «مبارك» إذا وصل الأمر لإقرار أى من الوثيقتين «سلمى والأزهر»، وكان يقصد الوثيقة الخاصة بالجيش التى يُعدها «على السلمى»، ووثيقة بخصوص وضع الأزهر وعدم المساس به، وذلك بعد أن أوضح «صالح» أن الأزهر مرجعيتهم الفكرية ولكنهم يرفضون تدخله فى السياسة، رُغْمَ أن «الإخوان» أصحاب نظرية أن الدين والسياسة لا يمكن فصلهما كما قال لهم «حسن البنا» أنه لا يجوز أن تكونَ مُسلمًا إلّا إذا كنتَ سياسيًّا.

«طنطاوى» يرد على «الإخوان»

لم يقبل المشير «طنطاوى» حماقة «الإخوان» وتلاعبهم السياسى، فقام بالرّد عليهم بشكل حاسم، وقال (هل يدفع الجيش ثمَن الفَلس السياسى والبحث عن ضمانات لأنفسكم؟!)، وأضاف (لو كان المجلس العسكرى طامعًا فى السُّلطة ما كان سيناريو المرحلة الانتقالية يتم على النحو الذى صار عليه)، وواصل «طنطاوى» حديثه لهم بقوة، وأضاف (لن أسلّم مصرَ دولة فصائل وفراغ دستورى ومجلس رئاسى، انسوا هذا السيناريو الذى تسعون إليه، الشعب المصرى تعب، وكان الوضع بداية 6 أشهُر مرحلة الانتقال لتمتد لأكثر من ذلك نتيجة ألاعيبكم، أنتم والقوى الأخرى تريدون السُّلطة فقط وليس استقرار البلد ورفع المعاناة التى يعيشها الشعب، وأجد المجلس الاستشارى والأحزاب ضد بعضهما وتظهرون فى الفضائيات وتعلنون أنكم متفقون ومتوافقون وتقومون بعكس ذلك تمامًا وراء الستار، وإذا كنتم تهددون برجوع نظام مبارك الذى رفضه الشعب، فأنا أنذركم باستدعاء دستور71، لقد حاولتُ أن أقرّب بينكم وأجمعكم على كلمة سواء ولكنكم تصرّون على التفرقة.

وإياكم بما تبثوه من شائعات نعلمها؛ فإننا لا نحمل سلاحًا ضد المصريين وليس نحن مَن لوثتْ يداه بأحداث محمد محمود وماسبيرو، أنتم تعلمون ماذا فعلتم؟ وعليكم بوقف نزيف الوقت المتعمد منكم جميعًا إخوان وقوى سياسية أخرى، نريد إسدال الستار على المرحلة الانتقالية للبلاد).

أمريكا وساعة الصفر لدولة الإخوان

لم تهدأ جماعة «الإخوان» يومًا لإعداد شكل دولتهم التى يحلمون بها، والتى قدّموا تقاريرها للمخابرات الأمريكية، وتحديدًا فى عام 2009م، وكان اللقاء بإسطنبول، وذلك تعديلًا للشكل الذى أفصحوا لى عنه من خلال حوار أجريته مع نائب المرشد «محمد حبيب» أفصحَ لى عن شكل دولتهم المزمعة، وعندما تم نشره هاجت الدنيا وماجت، وزاد الضجيج بعد أن وضعتُ الحوارَ فى كتاب (ماذا لو حَكم الإخوان؟) الذى صدر عام 2007م، موضحًا الشكل الكامل للدولة الإخوانية ونتائجها على المجتمع المصرى والمنطقة العربية، وحاول «الإخوان» تعديل شكل هذه الدولة لتقديمها لأولى أمرهم بواشنطن، وهو المشروع الذى أعلنوا عنه عام 2012م بالانتخابات الرئاسية تحت مسمى «النهضة»، لكنهم خشوا من كشْف بنوده حتى لا ينالوا التخويف والتقريظ المجتمعى لهم؛ لأنه يتضمن خمسة بنود فقط كالآتى:

أولًا: قيادة حكيمة تقدم المشورة ولا تظهر فى المشهد السياسى وتضم «المرشد العام» ومكتب الإرشاد.

ثانيًا: إقرار قوانين «الجغرافيا الإسلامية» ويطلقون عليها بُعد النظر السياسى، ويقصدون الخلافة الأممية والتنازل عن بعض الأراضى الوطنية ذات السيادة مقابل الاعتراف بدولة الخلافة المبنية على العقيدة الدينية وليس الجغرافية.

ثالثًا: إحياء روح الجهاد فى الأمة.

رابعًا: قوة جهادية «ميليشيات مسلحة» يسهل نقلها من مكان لآخر.

خامسًا: تمكين علمائهم فى كل أركان الدولة وعلى رأسها «الأزهر».

ما سبق هو ما تمت مناقشته فى مؤتمر قسطنطينية بإسطنبول فى يناير 2009م وحضره «سعد الكتاتنى ومحمد مرسى وسعد الحسينى»، وذلك؛ لإقامة دولة إسلامية على غرار حكومة «أردوغان» الذى قام بزيارة مصر فى أعقاب يناير 2011م، وعَلّق «الإخوان» له الصور واللافتات كخليفة للمسلمين.. المهم أن هذا جاء بعد أن حمل «مهدى عاكف» مرشد «الإخوان» وقتذاك رسالتين ينوب عنه فى تقديمهما «راشد الغنوشى» الذى حضر هذا الاجتماع مصطحبًا معه ابنته «سمية» التى كانت تقيم معه فى لندن آنذاك.

الرسالة الأولى كانت لرئيس الوزراء التركى وقتها موضحًا فيها «عاكف» لماذا أعفى «توفيق الميتاعيش» من رئاسة جهاز التربية العالمى وعَيّن بدلًا منه «محمد بديع» الذى صار «المرشد العام» بعد هذه الرسالة بأشهُر قليلة، أمّا الرسالة الثانية فكانت عبارة عن توجيه الشكر لـ«إيران» بسبب دعمها للتنظيم العالمى للإخوان.

وفى21أبريل 2010م كان الاجتماع الثانى من أجل وضْع شكل الدولة الإسلامية فى مصر، وكان الراعى لذلك أمريكا التى قامت بالإعداد لمؤتمر بجامعة «مونتانا» ودارت المناقشة بحضور إخوان من كل دول العالم ومن إخوان مصر «سعد الكتاتنى، أسامة نصر، محمد العزباوى»، وكان من ضمن الحضور عناصر من حماس وإخوان اليمن وحزب العدالة والتنمية التركى لتكون حلقة النقاش السرّية عن (مستقبل «الإخوان» بمصر، الجغرافيا السياسية الإقليمية وبناء الدولة الإسلامية، اليمن دولة فاشلة، الدين والدولة فى آسيا الوسطى، حماية الموارد الطبيعية فى أفغانستان، النشأة الفلسطينية شرق وغرب الخط الأحمر).

هكذا نجد الاجتماعين السابقين قد حدّدا «الجغرافيا الإسلامية» فى شكل وعد؛ حيث اتفقت أمريكا مع «الإخوان» والراعى للاتفاقية «تركيا» لتحديد شكل الدولة الدينية وحدودها، وتركت أمريكا للإخوان مسئولية توطيد العلاقة مع إيران لضمان دعمها وحيادها، وأيضًا مسئولية تفكيك الدولة الكبيرة مصر للتمكن من إقامة دولة دينية، وذلك عن طريق تفريغ الوطن من مؤسّساته القوية واستبدالها بمؤسّسات إخوانية تحت السيطرة والطلب الأمريكى، وهكذا كان عاما 2009 و2010م اللذان أعد «أوباما» فيهما «الإخوان» ليمكنهم لإقامة دولتهم حتى تحين ساعة الصفر التى منحتها لهم ثورة يناير إياها على طبَق من فضة.. ولا عزاء للثوار.