السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حديقة مروة الشربينى

حديقة مروة الشربينى

رغم مرور 13 عاما على مصرعها مازالت ألمانيا تتذكر مروة الشربينى، فأطلقت اسمها على واحدة من أكبر حدائق مدينة دريسدن، بالتزامن مع بداية فعاليات الأسابيع الدولية لمناهضة العنصرية، ولكن من هى الضحية المصرية التى ظل حادث قتلها طوال هذه السنوات  يؤرق الألمان؟ مروة صيدلانية شابة سافرت إلى ألمانيا مع زوجها الذى كان يدرس الدكتوراه، وبينما كانت تتنزه مع طفلها الصغير  فى إحدى حدائق المدينة هاجمها عنصرى ألمانى ووصفها بالإرهابية وحاول نزع حجابها، فاتخذت ضده إجراءات قانونية وبعد التحقيق تم الحكم على الجانى بغرامة مالية وعدم التعرض لها مرة أخرى، ولكنه استأنف الحكم وأثناء نظر القضية قام بطعنها داخل المحكمة بسكين مما أدى إلى استشهادها وقتل جنينها الذى كانت حاملا به وإصابة زوجها الذى حاول إنقاذها، قضت المحكمة بحبس المجرم مدى الحياة ولكن هذا لم يكن كافيا فقد ثار المجتمع الألمانى ضد الجريمة البشعة، واعتبرت مروة نموذجا لضحايا العنصرية البغيضة، ووجدت فيها ألمانيا فرصة لمواجهة التطرف فأطلقت اسمها منذ أعوام على أحد ميادين دريسدن، كما تم بناء مسجد حمل اسمها فى نفس المدينة، أما حكايتها فقد كتبت على احد جدران المحكمة التى شهدت مقتلها، وأخيرا تم تسمية الحديقة المواجهة لنفس المحكمة باسمها ووضعت لافتة تقول «مروة الشربينى ولدت فى الإسكندرية 1977 وقتلت فى دريسدن  2009».



 تكريم اسم الضحية بعد كل هذه السنوات رسالة مهمة لكيفية مواجهة العنصرية، الأطفال سيسألون عندما يلعبون فى الحديقة من مروة التى أطلق اسمها على الحديقة؟، وستحكى لهم الأمهات قصتها فيعرف الصغار كيف يكرهون التعصب والعنصرية وينبذونها ويرفضونها، تلاميذ المدارس الذين يذهبون إلى الحديقة فى رحلات مدرسية سيعرفون من معلميهم ما حدث ويغرسون فى نفوسهم حب وتقبل  الآخر وهكذا يكبرون وقد تعلموا مبادئ الإنسانية الرحيمة، الشباب الذين كانوا أطفالا وقت الجريمة وكبروا الآن سيتذكرون ما حدث وبشاعته كلما مروا بالمكان، الكبار الذين روعتهم الحادثة المؤلمة سيقولون لأحفادهم أن بلدهم تكره العنصرية وتمد يدها للجميع، هذه الرسالة المهمة التى بعثتها ألمانيا لكل دول العالم والتى يجب أن تتعلم من الألمان ما هى الإنسانية؟ وكيف تواجه العنصرية؟ وهو ما نرى عكسه فى بعض الدول الغربية التى فرقت فى المعاملة بين اللاجئين، ففى حين حظى الأوكرانيون بمعاملة خاصة ورعاية فائقة وتعاطف كبير، واجه باقى اللاجئين خاصة القادمين من سوريا والعراق وفلسطين متاعب كبيرة رغم أن المعاناة واحدة فى كل الحالات، أيضا فى الرياضة تم عقاب من رفع شعارات تتعاطف مع الفلسطينيين بدعوى عدم خلط الرياضة بالسياسة، فى حين رفعت معظم الأندية فى أوروبا خلال مبارياتها شعارات مؤيدة لأوكرانيا، بجانب العقوبات التى وقعت على الأندية والمنتخبات واللاعبين الروس، ولا ننسى تنامى العنصرية وصعود النازية واليمين المتطرف فى عدد غير قليل من دول أوروبا وهو ما ينذر بجرائم مماثلة، ولكن ماذا عنا نحن؟ علينا أن نستفيد مما فعلته ألمانيا ونقلدها فى بلدنا، مثلا نكرم كل من تعرض للعنصرية والطائفية والتطرف والإرهاب، ونعاقب من يقوم بأعمال أو يتفوه بألفاظ وكلمات بغيضة تحمل الكراهية للآخر أو تحط من قدره وقيمته أو تسخر من  الأديان.. أكتب هذا ونحن نقترب من الاحتفال بعيد القيامة، وستظهر كالعادة فى مثل هذه المناسبات الأقوال التى تحض على عدم تهنئة المسيحيين بأعيادهم لأنهم كفار وينسبون ذلك الكلام للإسلام وهو منهم براء، وأكرر أن ما يحاولون نشره فى المجتمع هو كلام ولا يجب أن نطلق عليه فتوى، لأن الفتاوى من اختصاص الأزهر ودار الإفتاء فقط، نعم يجب مواجهة من يقومون بأفعال عنصرية بغيضة ومعاقبتهم، وإذا كان القانون قاصرا فى مواجهة هذه الجريمة البغيضة فمن الواجب إضافة مواد إلى قانون العقوبات حتى يكون رادعا لمن تسول له نفسه أن يكون عنصريا وطائفيا.