الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كدهوّن!.. أنا وهى وبجماليون

كدهوّن!.. أنا وهى وبجماليون

أسطورة حب صنعت حياة، هكذا كانت أسطورة فؤاد المهندس وشويكار، ثنائى البهجة والسعادة فى وجدان المصريين لعقود طويلة من الزمن، جمعهما الفن والحياة، وفرقتهما الغيرة والتمرد على تلك العلاقة المتشابكة وكدهون، وكما عشق بجماليون تمثاله البديع الذى صنعه بيده ومنحه من روحه وفنه حتى دبت فيه الروح، عشق فؤاد المهندس موهبة شويكار ونحت شخصيتها الفنية ومنحها جناحين لتحلق بهما فى سماء الكوميديا،



 

 وتنطلق بين نجومها، وتتوهج، وتتميز  بأدائها الخاص، ولا ينافسها فيه كوميديانة أخرى وكدهون، فبعد أن اعتادت تقديم شخصية الفتاة الأرستقراطية المتعالية الشريرة مثل أفلامها الأولى كـ«الباب المفتوح، وغرام الأسياد، وحبى الوحيد، وعروس النيل» وغيرها، التقطها الأستاذ بخبرته الفنية الكبيرة بعد أن لمس بنفسه خفة ظلها وحضورها وقدرتها الفريدة على الأداء الكوميدى رغم جمالها الأخاذ، وأنوثتها الطاغية، اللذان وظفهما فى خدمة الكوميديا، فمنحها من روحه ووجدانه وفنه ما جعلها شريكًا أساسيًا فى صناعة البهجة والضحك، فشكّلا معًا توليفة فريدة بخلطة سحرية من الفن، والجمال، والضحك، ليعيشا وينتشرا ويتوغلا داخل نفوس المصريين وكدهون، قدمها فؤاد المهندس كنجمة كوميدية تقف بجواره بقوة وندية، وأتاح لها أدوارًا مسرحية وسينمائية تبرز موهبتها المتفردة، وأفرد لها مساحات كبيرة فى مسرحياته تعادل حجم أدواره، وأحيانًا تتجاوزها كما حدث فى مسرحية «سيدتى الجميلة»  المأخوذة عن أسطورة بجماليون، والتى صاغها بعد ذلك الكاتب الساخر برنارد شو فى مسرحية تحمل نفس الاسم «سيدتى الجميلة»، والذى ارتبط بعد ذلك باسم شويكار كنجمة متفردة، وأفضل من قدم الدور على المسرح، فقد كانت هى محور أحداث المسرحية وصاحبة الدور الأكثر تأثيرًا وإضحاكًا مع الجمهور، بينما تراجع الأستاذ بكامل إرادته خطوة للخلف ليشاهد محبوبته وهى تجول وتصول على المسرح، فترقص وتمثل وتغنى وتثير الضحكات والإعجاب بخفتها وجمالها، وتملأ المسرح بهجة وإثارة وضحكًا فى دور شديد الصعوبة، تجسد فيه مراحل تطور فتاة صغيرة إلى أن تصبح نجمة من نجمات المجتمع وسيداته الشهيرات، محط أنظار الجميع، بعد أن كانت مجرد فتاة على الهامش، بينما الأستاذ يقف خلفها ويدعمها ويحتضن موهبتها التى تنضج وتتوهج أكثر وأكثر مع كل عمل فنى جديد يجمعهما فى المسرح أو السينما وكدهون، ويبقى عالقًا بالأذهان صوت شويكار يردد فى الوجدان «أنت القلب الكبير، أنت نعمة وإحسان، بحكمتك تختال علينا، وأنت مرآة حضارتنا»، وتُكررها مرارًا وتكرارًا حتى أجادتها تمامًا، ليصفق لها الأستاذ فؤاد سعيدًا بنجاح محبوبته وصنيعته على المسرح والحياة، ويغنى فى نفس المسرحية أغنيته التى  تُعبر عمّا يجيش بقلبه وعقله:

صدفة ياسنسن بالنسبالي تجربة فنية وشخصية

تسقط.. أسقط دوغري معاها.. 

تنجح.. أنجح مية لمية 

ونجحت المسرحية نجاحًا يليق بالأسطورة، وكما نجح اللقاء الفنى بينهما كان طبيعيًا أن يُتوج بالارتباط المقدس، وتم الزواج بينهما بالفعل،   ليقدما معًا أعمالًا فنية مميزة لأكثر من عشر سنوات، وفجأة وقع الانفصال الإنسانى والفنى، وغرد كل منهما فى سمائه منفردًا وكدهون.ومن سخرية القدر أن يتشابه الواقع بالخيال، وتمتزج أسطورة بجماليون بأسطورة  فؤاد المهندس، فكلاهما صنع نجومية محبوبته، وعشقها ومنحها من روحه ووجدانه، وأسهب لها العطاء والاهتمام حتى دبت بداخلها الروح، وتصعد سلم النجومية وتتربع على عرش قلبه الولهان بحبها، إلا أنها تمردت على القيود التى تفرضها عليها تلك العلاقة الفنية والإنسانية وتستجيب لطموحها الفنى وتنطلق بعيدًا عن سماء الكوميديا لتجدد أدواتها الفنية مرة أخرى، وتغير جلدها، وتقدم أدوارًا متنوعة كأدوارها فى «طائر الليل الحزين»، أو «دائرة الانتقام»، أو «الكرنك» وغيرها، إلا أن التراجيديا لم تمنحها ذلك الوهج والسحر والجماهيرية الكبيرة التى قدمتها لها الكوميديا من قبل وكدهون، ويبقى الأستاذ وحيدًا مخلصًا للمسرح والكوميديا، ورغم نجاحاته الكبيرة بدونها مع نجمات متألقات بجانبه كشريهان ودلال عبدالعزيز وسناء يونس، إلا أنه يظل يبحث عن شويكار فى كل الوجوه التى تشاركه أعماله دون جدوى، حتى تعود وتشاركه بطولة مسرحيتين ولكن هيهات وهيهات، فقد زال السحر وسكنت العواطف وفترت الموهبة، فكانت عودة باهتة بلا روح، أو نجاح جماهيرى يُذكر، فقد قال الجمهور كلمته الأخيرة فى حياة هذا الثنائى الفنى والإنسانى الذى طالما أسعدهم بطلّته على المسرح والسينما والإذاعة، فلقد كان هناك شيء قد انكسر بينهما، وخلفت الوهج الذى جمعهما سويًا كأشهر ثنائى فنى فى وجدان المصريين، وكدهون، ورغم أن هذا الثنائى المبهج قد كتب السطر الأخير فى أسطورتهما الخالدة فى قلوبنا جميعًا نظل نردد جملة شويكار: (شيء لا يسدكه عكل)، كيف ينتهى كل هذا الحب الذى كلل بالنجاحات الرائعة  وبحب الجماهير ودعمه لهما ولأعمالهما التى ما زالت تعيش فى قلب كل مصرى، بل ونغض البصر عن انفصالهما الفنى والإنسانى ونتعامل معهما دائمًا كتوأم ملتصق خالص خالص بالص وأكيد مالص.