الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
نعم.. هى حرب عالمية ثالثة بأدوات عصرها! الأهداف الاستراتيجية والتكتيكية فى الأزمة الأوكرانية السؤال لم يعد: لماذا توجهت روسيا نحو أوكرانيا ولكن كيف ستخرج منها؟

نعم.. هى حرب عالمية ثالثة بأدوات عصرها! الأهداف الاستراتيجية والتكتيكية فى الأزمة الأوكرانية السؤال لم يعد: لماذا توجهت روسيا نحو أوكرانيا ولكن كيف ستخرج منها؟

الجغرافيا السياسية للدول حاكمة لمحدداتها السياسية والاقتصادية والأمنية.. هذه حقيقة لا ينكرها عاقل.. كل من يعرف الأبعاد الجيواستراتيجية لأوكرانيا.. يُدرك أنه من المستحيل أن تنظر لها روسيا فى يوم من الأيام على كونها دولة غربية عضو فى الناتو حتى لو اعترفت باستقلالها.



لهذا كان مجرد التلويح بالأمر كافيًا لإحداث موجات التوتر التي تصاعدت إلى حرب حقيقية وبات مدارها عالميًا حتى ولو كان ميدان المعركة هناك فى أوكرانيا.

كان يُدرك الغرب ذلك جيدًا على مدار الشهرين الماضيين.. وكان يستعد بوتين.. وأعلنت الولايات المتحدة موعد العمل العسكرى فى إشارة لها أبعاد متعددة.

أولاً: رسالة إلى خصمهم التقليدى بأنه ليس ببعيد عن رصد استخباراتهم.

ثانيًا: إعطاء وجه المصداقية لدقة المؤسسات المعلوماتية فى الولايات المتحدة عوضًا عن أزمات فى التقدير السياسى المتراجع فى واشنطن على مدار عقدين من الزمن.

ثالثًا: إعطاء الجانب الأوكرانى إشارة بأن الولايات المتحدة ترصد الخطر، وبالتالى ستتصدى له وقد تصدت بالفعل، ولكن بالأدوات التي حددتها وليس تلك التي حددها الخيال السياسى الأوكرانى فى معالجة الأزمة.

واقع الأمر أن الأزمة الأوكرانية وضعت العالم كله على المحك بين العديد من الفرضيات لكل منها واجهتها.

الفرضية الأولى.. حق الدول فى الدفاع عن أمنها القومى بكل الوسائل وطرح فكرة الحرب الدفاعية بهدف الوصول إلى تفاوض واتفاق، وهو هدف العمل العسكرى الروسى حقق بوتين جميع بنوده، أما البند الرئيس فظهر أنه عصىٌ عليه وهو تغيير التركيبة السياسية فى أوكرانيا والإتيان بحكومة توقع معه على اتفاق يزيح مخاوفه الأمنية.

الفرضية الثانية.. هى قدسية مبدأ احترام سيادة الدول بصفته مرتكز النظام الدولى حتى وإن كان المجتمع الدولى يتعامل بازدواجية فى هذا الأمر، ولكن وضع هذا المبدأ كمحور تحرك وحشد داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة كان كافيًا بأن يكون جاذبًا لمساندته، وبالتالى الدول فى تصويتها انحازت إلى مبادئ الأمم المتحدة أولاً، ثم أردفت مبررات تصويتها ثانيًا لأن لها قولاً ورأيًا.

الفرضية الثالثة.. هى كسر واقع توازنات القوى منذ انتهاء الحرب الباردة.. فهذه هى المرة الأولى التي يذهب الغرب إلى الفناء الخلفى لروسيا التي تمتلك 6000 رأس نووية، وهو يعرف حتمية الرد من خلال إدراكه للعقل السياسى والعسكرى الروسى.. حتى ولو تم الميل لسيناريو الخديعة بأن أوكرانيا فخ وقد نُصب لبوتين وأنه أشعل على حدوده حربًا ممتدة لسنوات مع جماعات مسلحة مدعومة من دول الناتو مع توجيه ضربات متتالية للاقتصاد الروسى بهدف فرض عزلة على روسيا داخل النظام العالمى.. من قال إن روسيا سترتضى هذا؟ وإنها ستقبل بأن تموت خنقًا، وبالتالى فإن السيناريو الأرجح إذا ضاق الخناق سيكون الانفجار ويصبح العالم كله على المحك.

التاريخ لا يُعيد نفسه.. ولكنه يعطى دروسًا للاستفادة.. وقع الغرب فى خطأ استراتيجى عند الإمعان فى إذلال ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى وخرجت تسترد هيبتها أولاً باسترداد ما اقتطع من حدودها، ثم فتح الطريق أمام الحرب العالمية الثانية.

خلال العقود الثلاثة الماضية مضى الغرب على نوبات متعددة فى الإمعان فى إهانة روسيا.. بين الحين والآخر، ولكن الأزمة الأوكرانية هى السيناريو الأصعب والأكثر خطورة.

بالتالى لا يمكن أن أنظر إلى ما يجرى الآن على كونه أزمة حدودية أو أزمة عابرة.. عفوًا إنها حرب عالمية ثالثة بأدوات وأدبيات عصرنا، ولكنها مازالت فى المهد.

استخدمت فيها أسلحة الحرب السيبرانية.. استخدمت فيها أسلحة الحرب النفسية الإعلامية وظهر التوظيف السياسى الدولى للإعلام.. تشكلت فيها المحاور رغم الخلافات البينية داخل كل معسكر.

برميل النفط وصل لـ115 دولارًا لخام برنت عند كتابة هذه السطور، هذه كارثة على كل الدول المستوردة للنفط، كارثة على العالم، كارثة على بايدن نفسه المقبل على انتخابات تجديد نصفى فى الكونجرس ولكنه لا يعبأ.. فالحرب مستمرة.

وللحديث بقية.