الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الأكاديمى بجامعة لوباتشيفسكى الروسية لـ«روز اليوسف»: بوتين ليس هتلر

أكد د. عمرو الديب، الأستاذ فى العلاقات الدولية بجامعة لوباتشيفسكى الروسية ومدير مركز خبراء «رياليست»، إن أمريكا وبريطانيا دفعتا روسيا إلى مستنقع أوكرانيا، بعد تجاهل الردود للوصول إلى حل يمنع أى تهديد للأمن القومى الروسى من جانب «كييف»، والهدف فرض عقوبات للقضاء على الدولة الروسية دون إطلاق رصاصة من جانبهم، وإنهاك الدولة إلى أن تتفكك وحدها كما حدث مع الاتحاد السوفيتى لكن «موسكو» الآن ليست كما كانت فى التسعينيات من القرن الماضى.



وأوضح «الديب» فى حوار لمجلة «روز اليوسف»، أنه لا يوجد لـ«موسكو» أى خطة للتحول إلى إمبراطورية قيصرية أو الاتحاد السوفيتى السابق، مدللًا على ذلك بأزمة «كازاخستان»، مؤكدًا أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين ليس «أدولف هتلر» كما روج الغرب، لافتًا إلى أن موسكو تستهدف القضاء على «النازيين الجدد» فى أوكرانيا الذين يستهدفون أمن روسيا.

وقال «الديب» إن روسيا لا تريد استخدام السلاح النووى حتى لا تكون هذه الحرب هى «الأخيرة» فى العالم، ولكن حاكم الكرملين لن يسمح بحصار شعبه أو تدمير بلاده وهنا الأفق مفتوح لأى تصرف أو رد فعل.

 هل تجر روسيا العالم بدخولها أوكرانيا إلى حرب عالمية ثالثة؟

- روسيا دخلت أوكرانيا، رغبة فى إثبات موقف للغرب، فالأمر ليس وليد اليوم، منذ أكثر من 8 سنوات لا يستمع أحد من الغرب أو حلف الناتو لأى مطالب روسية، فى ديسمبر الماضى طلبت روسيا طلبات مكتوبة من حلف الناتو، تتعلق برد على المطالب الأمنية المتعلقة بالأمن القومى الروسى وسحب القوات الهجومية التابعة للحلف من شرق أوروبا، أى من الدول التى دخلت «الناتو» بعد عام 1997 ومنها «لاتفيا» و«رومانيا» و«بلغاريا» و«استونيا» فى موجات مختلفة، ولم يكن هناك أى رد يرضى روسيا التى بالتالى ردت فى 17 فبراير الماضى بشكل مكتوب أنها قدمت أكثر من مرة مطالبات ولا يوجد أى رد، لذلك نكرر المطالبة بهذه الطلبات، فلم يأت رد من حلف «الناتو» أو الولايات المتحدة الأمريكية وفى 21 فبراير تم الإعلان الروسى بخصوص منطقتى «دونيتسك» و«لوهانسك» ثم انتظرت موسكو يومين للتفاوض، فوجدت بدلا من الرد، الإعلان عن اتخاذ عقوبات فكان من الواضح عدم وجود أمل، فبدأت العملية العسكرية فى أوكرانيا، فكانت ردة الفعل الغربية التى زادت من حدة الأحداث فى أوكرانيا ومع إرسال السلاح إلى «كييف» وأيضا «متطوعين» للحرب فى أوكرانيا، أعلنت روسيا وضع القوات الاستراتيجية الخاصة بها فى وضع الاستعداد القتالى، وحتى الآن لا يوجد استماع من الغرب، وهنا نقول أنها فى البداية لم تكن حربًا عالمية، وفى نهاية الأمر، إذا استمر التصعيد سيكون من المرجح أنها ستكون حرب عالمية.

 هل تريد روسيا إعادة إحياء الاتحاد السوفيتى من خلال تلك المواجهة؟

- بالعكس تماما، كل السياسة الروسية المتبعة حاليا هى عبارة رد فعل، لذلك لا يوجد لموسكو خطة للتحول إلى امبراطورية قيصرية أو الاتحاد السوفيتى، فاذا كان لديها خطة، وعلى سبيل المثال، ما حدث فى «كازاخستان» منذ حوالى شهر، دخلت وقامت قوات روسية بعملية للحفاظ على الأمن الداخلى عبر منظمة الأمن الجماعى وحافظت على النظام الدستورى هناك ثم خرجت بعد أن قامت بتسليم البنى التحتية والمبانى التى كانت تؤمن حمايتها إلى السلطات الكازاخستانية، روسيا ما يهمها ألا يكون هناك خطر عليها، «موسكو» تركت أوكرانيا 8 سنوات، فإذا كانت تريد إحياء الامبراطورية أو الاتحاد، كانت أخضعتها فى 2014 وكانت الأمور مهيأة لذلك، لكنها أخذت شبة جزيرة القرم فقط، ما يحدث فى أوكرانيا من جانب روسيا يتعلق بمواجهة أخطار تهدد الأمن القومى الروسى، وأهداف العملية هى التخلص من الخطر النازى القومى حيث يشارك فى الحكومة والنظام فى أوكرانيا من يطلق عليهم «النازيون الجدد» أو «المتطرفون» وهم لهم عداء تاريخى مع روسيا.

 ولكن نحن هنا أمام تعد على إرادة شعب وسيادة دولة وهذه الحكومة فى أوكرانيا منتخبه؟

- إذا كانت روسيا تدخلت فى الشئون الداخلية لدولة بعيدة جغرافية ولا يوجد لها مصلحة حقيقة على حدودها لكان ذلك، إذا هددت دولة بعيدة مثلا، لكن اوكرانيا ودول الاتحاد السوفيتى السابق، لها وضع خاص فيما يتعلق بالحدود والأمن القومى لروسيا، عند تفكيك الاتحاد السوفيتى، كان هناك معاهدات بين موسكو والدول الاخرى السوفيتية مقابل الحصول على الاستقلال، وهى أن لا تهدد أمنها القومى فى يوم ما، بالنسبة لمن يقول ان الحكومة الأوكرانية «شرعية»، فلم يتابع ما حدث فى 2014 من جرائم واعتداء على من يتحدثون باللغة الروسية فى إقليم «دونباس» الذى تعود أصول الرئيس الأوكرانى إليه، وكانوا هناك رغبة من أهالى الإقليم فى التخلص منه و«موسكو» قامت بتهريبه وقتها. 

 هل قامت أمريكا بتوريط روسيا فى دخول أوكرانيا؟

- هذا ما حدث، دفعتها لهذا الفعل، الهدف الأمريكى والبريطانى إدخال روسيا فى مستنقع وفرض عقوبات للقضاء على الدولة الروسية دون إطلاق رصاصة من جانبهم، والهدف إنهاك الدولة إلى أن تتفكك وحدها كما حدث مع الاتحاد السوفيتى لكن «موسكو» الآن ليست الاتحاد السوفيتى وقت أفغانستان وليست صدام حسين أو معمر القذافى، فهى بالفعل دولة عظمى لديها قوة مهولة وعلى استعداد مواجهة النظام العالمى كله فى حالة أراد النظام العالمى تدمير روسيا وشعبها وهذا ما أكد عليه الرئيس فلاديمير بوتين، عندما قال إن العالم الذى لن تكون روسيا جزءا منه لا يعنينا، فلن يسمح «بوتين» بحصار الشعب حتى لو وصل الأمر إلى الحرب الأخيرة.

 «الحرب الأخيرة».. هل ذلك المصطلح يأتى فى إطار تهديد «موسكو» باستخدام السلاح النووى؟

- نعم، فإنها هنا تقول للغرب، أنها مستعدة لأسوأ الظروف ولكن سيتم استخدام هذا السلاح فى حالة وجود حصار كامل على الدولة الروسية يقضى على شعبها ولذلك فهى الحرب الأخيرة، و«بوتين» تحدث عنها قبل ذلك عندما قال:  «فى الحرب الأخيرة، نحن سندخل الجنة وهم سيدخلون النار».

 كيف سيتم التعامل مع العقوبات سواء التى فرضت مؤخرا أو منتظرة على روسيا؟

- مشكلة كبيرة، روسيا ستواجه آثارًا ضخمة على نتائج التعامل مع تلك العقوبات، ورأينا انعكاسًا لذلك مثلا عندما ظهرت رئيسة البنك المركزى الروسى فى لقائها الأخير مع «بوتين» مرتدية ملابس سوداء وبدون مجوهرات على الرغم مما هو معروف عنها من ارتداء ملابس ملونة ومجوهرات ثمينة، فى إشارة لوجود كارثة تنتظر الاقتصاد الروسى

 هل نجح الغرب فى وضع صورة «بوتين» فى قالب «هتلر»؟

- الإعلام الغربى نجح فى ذلك، لكن الوضع هنا لعبة إعلام، بمعنى أن هناك ضعفا واضحا وعدم وجود مظلة عمل وتعامل مع المتغيرات وفهم لها، لا يوجد تشابه بين الاثنين، ولكن المشكلة أن «بوتين» يمتلك السلاح النووى على عكس «هتلر»، والغرب لن يصل بالأمور إلى هذه المرحلة.

 أوكرانيا التى كانت بالأمس جزءًا من الاتحاد السوفيتى تمتلك موارد مهمة.. هل تطمع فيها روسيا؟

- بالطبع لا، روسيا لا تبحث على الموارد، فهى تمتلك موارد ضخمة على المستوى العالمى وما لدى أوكرانيا لا يمثل نقطة فى بحر لروسيا.

 ما رأيك فى إعلان دول أوروبية مثل بريطانيا والدنمارك فتح باب التطوع للمدنيين للذهاب للقتال فى أوكرانيا ضد الروس؟

- فيما يتعلق بقرار بعض الدول الأوروبية بإرسال مقاتلين متطوعين للفيلق الأجنبى الذى أعلن عنه الرئيس الأوكرانى «زيلينسكى»، قرار خاطئ على أكثر من جانب، فهو استفزاز كبير لروسيا، وسيكون لذلك خطورة ما بعد انتهاء العمليات العسكرية، حول استقبال تلك الدول لمواطنيها المقاتلين العائدين، وسيحدث أمور داخل المجتمعات الأوروبية تتعلق بظهور ميليشيات وأحداث عنف وارتفاع مستوى اليمين المتطرف مما يخلق مشاكل داخلية فى تلك البلدان.

 كيف ستتعامل روسيا مع قرار ألمانيا بوقف عمل خط «نوردستريم 2» المتعلق بتصدير الغاز الروسى إلى برلين؟

- لن تكون نتائجه الأسوأ بالنسبة للاقتصاد الروسى الذى يواجه صعوبات أكبر كثيرا من وقف خط «نورد ستريم 2» خاصة أنه كان مشروعا مستقبليا، لذلك فهو ليس بالأمر المهم على مستوى الفكر الروسى، الغرب وألمانيا بشكل خاص هى التى ستتأثر لاسيما أن المستثمرين ورأس المال لشركات ألمانية وأوروبية.