الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حقك.. حقيقة حقوق الإنسان فى الغرب الأزمة الأوكرانية فضحت عنصرية الإعلام الغربى ضد اللاجئين العرب والمسلمين "3"

حقك.. حقيقة حقوق الإنسان فى الغرب الأزمة الأوكرانية فضحت عنصرية الإعلام الغربى ضد اللاجئين العرب والمسلمين "3"

كشفت التغطية الإعلامية لأزمة أوكرانيا عن النظرة الغربية العنصرية ضد العرب والمسلمين وازدواجية حديثها عن حقوق الإنسان، وما هو مكنون بداخل العقل الغربى الذى يرى العرب «جنس أدنى» من الأوروبى ذى البشرة البيضاء والعيون الزرقاء ويُشاهد «نتفليكس» ويعيش الحياة الغربية بكل مفرداتها، بالتأكيد يعيش الشعب الأوكرانى أزمة إنسانية كبيرة فى ظل التدخل العسكرى الروسى، لكن التعامل الأوروبى مع الأزمة بالمقارنة مع أزمات اللجوء الأخرى يكشف تحيزًا غربيًا لا ينطلق من مبدأ المساواة الحاكم فى الالتزام بمبادئ الإعلان العالمى لحقوق الإنسان الذى نص على المساواة الكاملة بين كل البشر.



 

يتحدث الغرب عن حقوق الإنسان ويهدد ويتوعد الحكومات، لكن هل إعلام تلك الحكومات يحترم حقوق الإنسان فعلاً، خرجت الكلمات الكاشفة من مراسل شبكة «سى بى إس» الأمريكية وهو ينقل أحداث الاشتباكات وقال لمشاهديه: هذه أوكرانيا ليست أفغانستان أو العراق، المعنى واضح وما يحمله العقل الغربى فى منطقة اللاشعور واضح، إنها فكرة لا تختلف كثيرًا عن نظريات الجنس الأرقى العنصرية، وترى أن الجنس الأوروبى الغربى هو الأرقى، أما باقى الشعوب فهم جنس أدنى فلا يستحقون التعاطف.

وربما كان من اللافت أن تخرج نفس الكلمات من جانب نائب سابق للمدعى العام الأوكرانى والذى قال: نأسف لرؤية وفاة أوروبيين بعيون زرقاء وشعر أشقر، نفس الفكرة قالها أحد المعلقين على قناة فرنسية وهو يقارن بين اللاجئين الأوكران والعرب ويتحدث عن نحن لا نتحدث هنا عن سوريين، بل أوروبيين.

أما مراسلة قناة ITV البريطانية فقد وصفت أوكرانيا ليست دولة نامية أو أمة من العالم الثالث هذه أوروبا وذهب فى نفس الاتجاه.

أحد الكتّاب فى صحيفة «دايلى تليجراف» البريطانية بوصفه أوكرانيا بأنها دولة أوروبية يُشاهد شعبها نتفليكس ولديهم إنستجرام، وهى كلها أوصاف تضع الأزمة الأوكرانية فى مقارنة يقبلها العقل الغربى وتشبعه بفكرة العنصرية وتفوق الأجناس، وهى محاولة لإثارة تعاطف وزيادة الضغط على الجانب الروسى فى إطار الحرب النفسية الدائرة بين الطرفين.

ما ذكره هؤلاء ومسئولية وسائل الإعلام عن نشرها تعد مخالفة صريحة للمادة الرابعة من الاتفاقية الدولية لمكافحة التمييز العنصرى وتنص على أن الدول الأطراف فى الاتفاقية تشجب جميع الدعايات والتنظيمات القائمة على الأفكار أو النظريات القائلة بتفوق أى عرق أو أى جماعة من لون أو أصل إثنى واحد، أو التى تحاول تبرير أو تعزيز أى شكل من أشكال الكراهية العنصرية والتمييز العنصرى، وتتعهد باتخاذ التدابير الفورية الإيجابية الرامية إلى القضاء على كل تحريض على هذا التمييز وكل عمل من أعماله، وتتعهد خاصة، تحقيقًا لهذه الغاية ومع المراعاة الحقة للمبادئ الواردة فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان وللحقوق المقررة صراحة فى المادة 5 من هذه الاتفاقية، بما يلى:

(أ) اعتبار كل نشر للأفكار القائمة على التفوق العنصرى أو الكراهية العنصرية، وكل تحريض على التمييز العنصرى وكل عمل من أعمال العنف أو تحريض على هذه الأعمال يُرتكب ضد أى عرق أو أية جماعة من لون أو أصل إثنى آخر، وكذلك كل مساعدة للنشاطات العنصرية، بما فى ذلك تمويلها، جريمة يُعاقب عليها القانون.

ومع موجات النزوح كان هناك مواطنون عرب تواجدوا فى أوكرانيا للعمل أو التعليم، وتتحدث مصادر عديدة عن تعرضهم للتمييز فى العبور عبر المناطق الحدودية هربًا من الاشتباكات الدامية، وأن ذلك التمييز كان ضد الجنسيات العربية والأفارقة وتم توقيف المئات منهم على حدود الدول المجاورة لأوكرانيا، بينما كان الترحيب كبيرًا بالأوكرانيين حتى إن دولة بولندا اشترطت على مواطنى البلدان خارج الاتحاد الأوروبى الاتصال بسفاراتهم فى أوكرانيا لتأمين خروجهم، كما عليهم أن يكونوا حاملين لوثائق سفر ولإقامات سارية فى أوكرانيا، قبل أن يُسمح لهم بالدخول إلى البلاد لمدة 15 يومًا فقط قبل أن يعودوا لبلدانهم الأصلية.

بل إن بعض الفيديوهات نقلت تعرض جنسيات أخرى للدفع على الحدود البولندية من أجل السماح للأوكرانيين وحدهم دخول البلاد.

الأمر نفسه يحدث فى أوكرانيا ذاتها، حيث يظهر فى عدد من المقاطع الأمن الأوكرانى يمنع الجنسيات الأخرى من ركوب القطارات للخروج من مناطق الدمار ليسمحوا لمواطنيهم بصعود القطار إضافة إلى معاناة المئات من الطلاب والعائلات الشرق أوسطية العالقة على الحدود مع بولندا، ورفض السماح لهم بدخول البلاد بالرغم من محاولة سفارة بلادهم التدخل لتسهيل أمورهم.

يظهر التمييز أكثر فى تعامل دول الاتحاد الأوروبى مع موجة اللجوء الأوكرانى بالمقارنة مع جنسيات أخرى، على سبيل المثال قامت بولندا ببناء تحصينات على حدودها لوقف مرور الهجرة إليها عبر حدودها مع دولة بيلاروسيا ووضعتهم لشهور على الحدود فى ظروف غير إنسانية.

وتحرك الاتحاد الأوروبى سريعًا فى الحالة الأوكرانية وتخلص من بيروقراطية طلبات اللجوء، وتخلت دول الاتحاد عن حذرها واستقبلت اللاجئين الأوكران دون طلبات بل وأعطتهم فرصة البقاء فى الاتحاد الأوروبى لمدة 90 يومًا بدون تأشيرة، ويتجه الاتحاد الأوروبى للمرة الأولى لاستخدام قانون «منح الحماية الجماعية مؤقتًا» من أجل تمديد وضع إقامة اللاجئين بشكل غير بيروقراطى.

ويتحرك الاتحاد لوضع آلية توزيع ثابتة للاجئين من أوكرانيا، فيما تحدثت الحكومة الأوكرانية عن موافقة الاتحاد الأوروبى على استقبال اللاجئين الأوكرانيين لثلاث سنوات دون مطالبتهم بتقديم طلبات اللجوء وهو تعامل يختلف تمامًا عن تعامل الاتحاد الأوروبى مع أزمات اللجوء التى أعقبت الصراع فى جنوب المتوسط وسوريا والعراق أو الهجرة القادمة من الدول الأفريقية، وهو ما ينطوى على تمييز ومخالفة كاملة للاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصرى التى نصت على أن جميع البشر متساوون أمام القانون ولهم حق متساو فى حمايته لهم من أى تمييز ومن أى تحريض على التمييز.

تتسع حملات العنصرية حتى داخل أوكرانيا ذاتها ضد المواطنين الصينيين وباقى الجنسيات وفق وقوف حكوماتها مع كييف أو امتنعت عن التعليق، فيما تتعرض جنسيات أخرى لمشاكل تتعلق بما يتعرضه له مواطنوها من تنمر بسبب مواقف دول ترتبط بمصالحها وهى أمور لا ذنب فيها لمواطن. 

أيضًا لم يكن مستغربًا صمت المنظمات الحقوقية الدولية على موجات العنصرية والتنمر ضد اللاجئين العرب فى وسائل الإعلام الغربية عند تغطيتها للأحداث فى أوكرانيا، وفضحها للعنصرية الكامنة فى العقلية الغربية ضد كل من هو لا يعيش فى أوروبا والولايات المتحدة وتؤكد ما ذهبنا إليه من المعايير المزدوجة لعمل تلك المنظمات، بل ارتباط أجندة عملها بما تحدده الحكومات الغربية لها من قضايا تثار فى دول العالم.

ذلك الصمت على انتهاكات الإعلام الغربى وما تقوم به الحكومات الأوروبية من تمييز مخيف بين اللاجئين الأوكران واللاجئين من جنسيات أفريقية وشرق أوسطية يدفعنا إلى التشكيك المستمر فى جدية تلك الدول والمنظمات فى الحديث عن حقوق الإنسان، فما يتم ضد المهاجرين واللاجئين فى الغرب يؤكد أن من يحاول إعطاء دروس فى حقوق الإنسان عليه أن يراجع نفسه ومدى تغلغل العنصرية فى تلك المجتمعات، وأن عليها أن يتوقف عن التعالى على الآخرين، ففاقد الشىء لا يعطيه.