الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الطريق الثالث.. حظر (الروسى) فى إطار العقوبات.. وهفوات (الغربى) تفضح عنصريته.. المهنية تتحقق عربيًا و«إكسترا نيوز» المصرية تتفوق الإعـــلام فى ساحة المعركة

الطريق الثالث.. حظر (الروسى) فى إطار العقوبات.. وهفوات (الغربى) تفضح عنصريته.. المهنية تتحقق عربيًا و«إكسترا نيوز» المصرية تتفوق الإعـــلام فى ساحة المعركة

يلعب الإعلام دور البطولة مع كل أزمة تجتاح العالم، وتجده لاعبًا محوريًا فى التأثير على مسار الإحداث بقدرته السحرية فى تحريك مشاعر الجماهير، وفرض أجندته عليها، لهذا حرصت أطراف الحرب التى اشتعلت فى أوكرانيا، على فرض سيطرتها على «الميديا»، واحتكار الرسائل الموجهة من ساحة المعركة، والتى يشوبها فى أحيان كثيرة شائعات وأخبار مفبركة، للتأثير النفسى على مجريات ما يدور فى ميادين القتال، ومع تعالى أصوات القنابل يصمت الحديث عن المهنية التى تتراجع فى مقابل المصالح الإستراتيجية للدولة.



 

ومع بدء الحرب، واجتياح القوات الروسية للأراضى الأوكرانية، تبارت الفضائيات الغربية (والعربية) فى استقطاب إبرز المحللين السياسيين، ليستعرضوا تفاصيل المشهد ويرسموا سيناريوهات اللحظات العصيبة التى حبس العالم فيها أنفاسه، تحسبًا لقادم الأحداث فى هذا الصراع، وتسابق الإعلام فى الغرب أيضًا على الهفوات الإعلامية والأخطاء المهنية، التى أثارت موجات من الغضب فى الشرق، عبر عنه موقع (France 24)، قائلًا: «الخطاب الإعلامى فى خضّم الحرب فى أوكرانيا يثير الغضب فى الشرق الأوسط»، لقد كشفت الحرب عن عنصرية شابت عمل الإعلام الغربى فى تغطيته الصحفية، خاصة عندما تمت مقارنة الحرب فى أوكرانيا بأحداث مماثلة فى الشرق الأوسط، وكثرت الأمثلة على هذه العنصرية التى تكيل بمكيالين، فى القنوات الفرنسية والأمركية والصحف البريطانية، مما دفع الكثير من وسائل الإعلام المعروفة إلى نشر اعتذارات علنية لتهدئة الغضب على مواقع التواصل.

وعلى صعيد آخر، أعطت الدول الـ27 الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى الضوء الأخضر لحظر المحتوى الإعلامى لـ«سبوتنيك»، وبث قناة «RT» بالإنجليزية والألمانية والفرنسية والإسبانية تليفزيونيا وعلى شبكة الإنترنت، على أراضى الاتحاد الأوروبى، فيما منعت شركة جوجل وسائل الإعلام الروسية التى لها ارتباط بالدولة من تلقى أموال مقابل إعلانات على مواقعها على الويب وتطبيقاتها، ومقاطع فيديو على اليوتيوب، على غرار الخطوة التى اتخذتها شركة ميتا المالكة لفيسبوك، فى إطار العقوبات التى فرضت على الدب الروسى، بسبب الحرب على أوكرانيا.

وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية قد أعلنت أن الاتحاد الأوروبى سيحظر «الماكينة الإعلامية للكرملين»، وقالت إن وسيلتي الإعلام الحكوميتين الروسيتين «آر. تى» و«سبوتنيك»، وكذلك فروعهما، لن تتمكنا من بث أكاذيبهما بعد اليوم لتبرير حرب بوتين وزرع الانقسام فى العالم، وأضافت «إننا نطور إذا أدوات لمنع تضليلهما الإعلامى السام والضار فى أوروبا».

فى المقابل أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أنها تحث الجميع على عدم نشر معلومات كاذبة حول مسار العملية العسكرية فى أوكرانيا، وقالت فى بيان لها: «ندعو جميع مكاتب التحرير الإعلامية إلى توخى الحذر وعدم الوقوع ضحية عمياء لضغط المعلومات القادمة من الغرب عن بلدنا».

إن مهنة الإعلام التى تفخر بشرفها فى كل الأوقات،  وتدافع عن حريتها، وتتباهى بالشفافية والحيادية والموضوعية، كأضلاع رئيسية ترتكز عليهم فى خدمتها للمجتمع الذى تنوب عنه فى عملية الحصول على المعلومات، وممارسة حقه فى المعرفة، تستسلم تحت نيران المدفعية، لتصبح أداة طيعة بين أيادى السلطة، وتخوض الحروب متحيزة لمالكها سواء كانت الملكية عامة أو خاصة، فلا مكان فى الحرب للأصوات المعتدلة، ربما تنجح وسائل الإعلام البعيدة عن مركز الأحداث فى أن تتحرر من ذلك، لأن لديها رفاهية اختيار مواقفها، والانحياز للمهنة فى ظل سيادة مناخ الاستقطاب.

وتمثل تجربة قناة «extra news» حالة مثالية، فى القدرة على الحياد المهنى خلال تغطية الحرب فى أوكرانيا، حيث نجحت القناة المصرية فى أن تزاحم الفضائيات العربية الكبرى، وانفردت بتقديم معالجات إعلامية متزنة، راعت فيها المهنية، والتى تحققت عبر شبكة مراسلين فى كل المناطق المؤثرة على سير الأحداث، نقلت الأخبار بشكل (عاجل)، مما خلق حالة انتماء لدى المشاهد امتدت باستمرار التدفق الصادق الذى لا يجده فى قنوات أخرى، بعضها تحيز أو تلون، وفقد مهنيته ووقع أسيرًا لنظريات (جوبلز) رائد إعلام التضليل أو «وزير البروباجندا»، الذى صنع أسطورة النازية خلال الحرب العالمية الثانية، وهو النموذج المهيمن على عقليات القائمين على الإعلام خلال الحروب، لا يختلف فى ذلك الغرب عن الشرق، مهما تغنوا بالمهنية. 

وخلصت دراسة بحثية قامت بها إحدى أكاديميات الصحافة العربية، إلى أن «الحروب لا تقوم بمعزل عن الإعلام والدعاية والحرب النفسية لحشد الرأى العام ورفع معنويات الجيوش، ومواجهة العدو وتحطيمه، والحرب فى جوهرها تبادل منظم للعنف، والدعاية فى جوهرها عملية إقناع منظمة، والإعلام فى الحرب يهدف إلى إقناع الناس بالقتال أو تأييده، أو إقناع الخصوم بترك القتال والاستسلام، فهو فى جوهره عملية حربية. وقد كان التحرك العسكرى الواسع فى آسيا حلما يراود كثيرا من العسكريين الأمريكيين وشركات التصنيع العسكرية فى الولايات المتحدة، ولكنه لم يكن يحظى بتأييد شعبي؛ حتى كانت أحداث (11 سبتمبر) التى منحت فرصة لتيار التفرد بالهيمنة العالمية وشركات التصنيع لحشد الرأى العام، للمساعى الأمريكية نحو الهيمنة. وتبدو مقولة إنه ينبغى السماح للرأى بأن يتطور بشكل طبيعى دون أى تدخل خارجى وهمًا فى الدول الديمقراطية، كما فى الدكتاتورية، فالرأى العام ظل دائما توجهه وتتدخل فيه آلة الحرب والعسكريون، وما نعرفه عن الدول فى كثير من الأحيان - سواء ما تبثه وسائل الإعلام أو الدراسات أو المناهج المدرسية - هو تعبير عن التوجهات الدفاعية، وفى كثير من الأحيان كانت الحرب الإعلامية بديلا للحرب العسكرية، وهذا ما حدث تماما فى الحرب الباردة بين المعسكر الشيوعى والمعسكر الرأسمالى، فقد انتصرت الولايات المتحدة بالضربة القاضية، وانهار الاتحاد السوفييتى بدون حرب عسكرية، ولكن بفعل الدعاية والتأثير الإعلامى».

حقيقة أكدتها الحروب، أنها لا تنتهى فى ساحات المعارك، فالمنتصر، هو من يكسب البطولة فى «الميديا»، أما الوجه الآخر للحقيقة فهو يخص الإعلام، المهنة المهمة، صاحبة الجلالة والحضور الخاص والجاذبية المستمرة فى كل العصور، فهى تدفع الثمن دائمًا من حريتها وشرفها، وعلى أبنائها أن يتحملوا صابرين، فهذا قدر الأبطال.