الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كيف ولماذا حكـــم السيسى مصـــر؟  عمرو موسى.. الجنزورى..  البرادعى.. أبو الفتوح.. رجال فى ميزان الوطن "7"

كيف ولماذا حكـــم السيسى مصـــر؟ عمرو موسى.. الجنزورى.. البرادعى.. أبو الفتوح.. رجال فى ميزان الوطن "7"

توجد خَمس قصص لرجال قدَّموا أنفسَهم للترشّح للرئاسة لأول انتخابات رئاسية بعد  25يناير 2011م، ولكن قبل ذلك كان لكل منهم خلفية صاحبته فى مشواره حتى وجَدَ فى نفسه أنه لائق لهذا المنصب الرفيع، وأنه يستحقه من وجهة نظره دون أن يزن أىٌّ منهم التقديرَ الشعبى له أو حتى كيف ينظر إليه.. هذا علاوة على أن لكل منهم حكاية مع المجلس العسكرى الذى كان يدير شئون البلاد وقتذاك، ومع أن معظمها كان غير معلوم للعامة؛ إلّا أن الحسَّ المجتمعى أدرك الكثير عنهم.



 

وقد استدعتْ أفعالهم إعلان المجلس موقفه بكل وضوح، وقال: «المجلس الأعلى يقف على مسافة واحدة من الجميع، لا ينحاز ولا يدعم، وليست له مصلحة لوجود أحد بعينه، ولسنا طرفًا فى الجدل السياسى القائم على السُّلطة، لا ندعم أيًّا من المرشحين؛ لأننا واثقون فى قدرة الشعب المصرى على اختيار مستقبله وبناء الدولة الديمقراطية الحُرّة.

القوات المسلحة عينها على مهمتها الأصلية، وهى لا تتدخّل فى السياسة فى المستقبل القريب أو البعيد، ومَن يحاول إدخالها فى السياسة نقول له أبدًا لن يقدروا، نحن لا نتبع أحدًا، ولكننا نتبع الشعب المصرى الذى يثق فينا، نحن قوات الشعب والاقتراب منّا خَط أحمر».. انتهى كلام المجلس الذى كان بناءً على المواقف للشخصيات التى سنذكر حقائق عن مواقفها فى أحلك الظروف التى كان يعيشها الوطن وقتذاك، وهو ما جعل الأمر واضحًا جليًّا للجيش وترك للشعب الأمر، فهو صاحب الكلمة، والجيش مؤتمن على اختيار الشعب ومراقب لمن تسوّل له نفسه أن يسىء للشعب أو يكدره، عند ذلك سيكون للجيش موقف آخر.

قصة «عمرو موسى» لإحراج المجلس العسكرى

تبدأ أحداث قصة «عمرو موسى» من آخر أيامه بالجامعة العربية بعد قضاء عشر سنوات أمينًا عامًّا لها ومدعومًا فى موقعه من بعض الدول العربية الكبرى، وفى يوم 27 فبراير 2011م حضر «موسى» إلى مجلس الوزراء لمقابلة «أحمد شفيق» الذى كان رئيسًا للوزراء وقتها، ومع أن هذا الاجتماع لم يتم الإعلان عنه، وكان سريًّا، إلّا أنه كان تمهيدًا من «عمرو» لتقديم نفسه كمُرشح للرئاسة، وفى هذا التوقيت كانت هناك نيّة لدى بعض الدول العربية ومصر بإبقاء «عمرو» بمنصبه فى الجامعة بشكل استثنائى وإرجاء انتخاب أمين عام جديد حتى تستقر الأمور فى دول الثورات التى أطلق عليها (الربيع العربى)، مثل: تونس ومصر واليمن وليبيا، وكانت شبه احتجاجات فى الأردن والبحرين وبداية الثورة فى سوريا.. ولأن «موسى» كانت لديه رغبة الترشح للرئاسة؛ فقد طلب من «شفيق» توصيل رسالة شفهية إلى المجلس العسكرى مضمونها أن تقوم مصر بطرح اسم لترشيحه أمينًا عامًّا بديلًا عنه، وأنه فى الوقت نفسه سيقوم بالضغط على الدول الداعمة له بعدم الإرجاء وإجراء الانتخابات لاختيار أمين عام بديلًا له، وبالفعل قام «شفيق» بإعلام المشير «طنطاوى» برغبة وطلب «عمرو موسى»، وعليه طلب «طنطاوى» بدوره «موسى» وعاتبه على عدم التوجُّه مباشرة للمجلس الأعلى، فهو لا يحتاج إلى وسيط ولا توجد هذه المسافة بينهم، فلقد كان زميلًا له فى حكومة واحدة قبل 25يناير.. وبالفعل رشحت مصر «نبيل العربى» وأعلن «موسى» نيته الأكيدة فى الترشح للرئاسة إلى أن جاءت أزمة حكومة «عصام شرف»- التى سنتحدث عنها فى وقت لاحق.. المهم أن النداء الشعبى بإقالة «شرف» وضغوط القوى السياسية على المجلس العسكرى من أجل ذلك.

وقام د.«محمد البرادعى» بالذهاب للمجلس العسكرى وطلب مقابلة المشير، وكان مع «البرادعى» قائمة أسماء على رأسهم د.«أبوالغار وحمدين صباحى وآخرون» يريد أن يشكل منهم حكومة ويترأسها هو، اعتبر المجلس الأعلى أن «البرادعى» بذلك هو طالب سُلطة، وهو ما لا يمكن فرضه على الشعب، ومع أن «البرادعى» ذكر للمجلس أنه مدعوم فى ذلك من بعض القوى السياسية التى لها أسماء فى القائمة للحصول على حقائب وزارية مُعَيّنة، وفى أثناء اللقاء طلب المشير من بعض أعضاء المجلس العسكرى الاتصال بكل القوى السياسية وليس بعضها لمعرفة رأيهم فى طرْح «البرادعى»، وكانت المفاجأة أن كل القوى السياسية من أحزاب وحركات رفضت ذلك تمامًا، ولم يتبقَّ أحدٌ داعم للبرادعى سوى حركتين وحزبين فقط لا غير، ما جعل طلبه غير مستجاب وقوبل بالرفض بعد أن أطلعه المجلس العسكرى على رأى الآخرين فى طلبه وشخصه.

عند ذلك طرأت فكرة لدى المجلس العسكرى، وهى بما أن «البرادعى» كانت لديه النية فى الترشح للرئاسة ثم عرض نفسه رئيسًا للوزراء فما المانع فى أن يتم عرض تشكيل الحكومة على أحد مرشحى الرئاسة المحتملين الذى لديه قبول شعبى حتى هذا الوقت أكثر من «البرادعى».

وعليه طلب المشير مقابلة «عمرو موسى» مساء الأربعاء 23 نوفمبر 2011م، وبعد وقت وجيز كان «موسى» قد حضر إلى مَقر وزارة الدفاع وقابله المشير بحفاوة وعرض عليه رئاسة مجلس الوزراء وتشكيل حكومة، وقال له المشير مبررًا اختياره بأنه مبنىّ على خبرة ودراية «موسى» كرجُل دولة، ومصر لا تتحمل التجارب فى هذا الوقت والفشل مرّة أخرى كما حدث مع حكومة «شرف» قليلة الخبرة. وأضاف المشير إن ذلك لن يكون عائقًا فى ترشحه للرئاسة؛ لأنه من الممكن تقديم استقالته من أجل هذا السبب عندما يتم فتح باب الترشح ويتولى نائب رئيس الوزراء تسيير الأعمال بالحكومة حتى تتم العملية الانتخابية وتشكل حكومة جديدة.

وافق «عمرو» على هذا العرض وانصرف على أن يتواجد يوم الجمعة  25 نوفمبر بمقر وزارة الدفاع فى تمام العاشرة صباحًا لعقد مؤتمر صحفى يعلن من خلاله قبول منصب رئيس الوزراء ومحددًا لأعمال حكومته وتشكيلها؛ خصوصًا بعد أن قال له المشير: «لك من الصلاحيات ما شئت فى تسيير أمور الحكومة».

«عمرو موسى» واعتذار متأخر

 يوم الخميس 24 نوفمبر طلب المشير مقابلة د.«كمال الجنزورى»؛ لأن المجلس العسكرى فى اتخاذ أى قرار يضع عدة بدائل مُعدّة سلفًا فى حال إذا ما تم الإخلال فى تنفيذ أحدها يأتى الآخر، ولذا كان لدى المجلس أسماء أخرى للترشح، وحسب الترتيب كان التالى لـ «عمرو موسى» هو «الجنزورى» الذى تم إجراء مقابلة معه، ولكنها كانت عبارة عن تناوُل أحوال البلد ورأيه فيما يحدث وماذا لو كان رئيسًا للوزراء، واعتبر «الجنزورى» هذا اللقاء بمثابة استشارة وأخذ رأيه ووجهة نظره فى إطار المقابلات العديدة التى كان يجريها المشير مع الساسة الكبار مثل: «حسب الله الكفراوى وعبدالعزيز حجازى ومنصور حسن وغيرهم».

فى صباح الجمعة 25 نوفمبر كان قد تم تبليغ عدد قليل للغاية من الصحفيين- وكنت منهم- للحضور إلى وزارة الدفاع؛ لأن هناك مؤتمرًا صحفيًّا مُهمًّا، حتى هذا الوقت لم نكن نعلم عن ماذا سيكون هذا المؤتمر حتى ظهَر اللواء «محمد العصار»، وقال: إن رئيس الوزراء الجديد سوف يعلن قبول تكليفه وأنه سيكون «عمرو موسى»، ولكن بعد ذلك بدقائق وكانت الساعة التاسعة صباحًا نما إلى علمنا أن «موسى» اعتذر؛ خصوصًا أنه سرَّب رأيَه هذا قبل أن يبلغ به المجلس العسكرى، ثم توجّه بالاعتذار تليفونيًّا للمجلس فى وقت عصيب للغاية بأنه لن يقبل المنصب والتكليف، مُعللًا ذلك بأنه قام بجس النبض فى ميدان التحرير وبعض القوى والحركات السياسية، ولكن النتيجة لم تكن فى صالحه وأنه يدّخر ما لديه من مكانة شعبية للترشح للرئاسة. كان الوقت حرجًا وعليه اتخذ المجلس العسكرى تحركًا نحو البديل الثانى حتى لا يترك البلد فى فراغ غياب حكومة.

استدعاء «الجنزورى» ومماطلة «شاهين»

تم الاتصال بـ «الجنزورى» وحضر على عَجَل قبل صلاة الجمعة وعرض عليه تشكيل الحكومة وسمع حكاية «موسى» كاملة، فوافق على الفور لإنقاذ البلاد، ولكنه تمسَّك بالصلاحيات التى كان سيمنحها المجلس العسكرى لـ «عمرو»، وأن تكون بشكل مكتوب فى إعلان دستورى كوثيقة اعتراف من المجلس بهذه الصلاحيات، وبعدها عَقد «الجنزورى» المؤتمر الصحفى وذَكر الآتى: «أقول إن المشير غير راغب فى أن يستمر المجلس العسكرى فى إدارة شئون البلاد، ولو كان هناك استمرار ما كنت قبلتُ هذا المنصب».. وبعدها ذهب مباشرة إلى وزارة التخطيط لاختيار وزرائه، وفى الوقت نفسه قام اللواء «ممدوح شاهين» مسئول الشئون القانونية بالمجلس العسكرى برحلات مكوكية ما بين وزارة الدفاع ووزارة التخطيط على مدار أسبوع لعرض الصلاحيات التى ستفوض لـ«الجنزورى» الذى بدوره طلب أن تكون الصلاحيات بتعديل فى الإعلان الدستورى، كان «الجنزورى» ينتظر يوميًّا أن يصدر المجلس العسكرى مرسومًا بقانون للتعديل الدستورى بشأن صلاحياته، ولكن «شاهين» كان فى حالة تفاوض دائم ومستمر معه فى هذا الخصوص حتى مَرّ أسبوع وتحدد ميعاد حلف اليمين، ولكنْ «الجنزورى» جلس فى وزارة التخطيط مُحملًا «شاهين» التأخير فى مراسم حلف اليمين؛ لأنه ماطل فى إصدار المرسوم بقانون ويريد من «الجنزورى» أن يقبل بإصدار قرار فقط من المجلس العسكرى بهذه الصلاحيات حتى إذا ما حدث شىءٌ غير متوقع وتمت إقالة حكومة «الجنزورى» لأى سبب؛ فإن هذه الصلاحيات ربما لا يكون رئيس حكومة آخر جديرًا بها، وبالتالى يكون هذا التعديل فى الإعلان الدستورى بمثابة بَلاء على الشعب.

ولكن «الجنزورى» أصَرّ على إصدار «مرسوم بقانون» وقام بالاتصال بالمشير شاكيًا له «شاهين»، ما جعل المشير «طنطاوى» يطلب من «ممدوح شاهين» سرعة إنجاز ما يريده «الجنزورى»، وفى الوقت نفسه قال المشير للجنزورى: عليك أن تتحمل كل التبعات التى تحدث لحكومتك حتى تسليم السُّلطة لرئيس منتخَب؛ لأن المجلس لن يمنح السُّلطات التى طلبتها لأحد آخر يتلاعب بالبلد والشعب.. وقَبِلَ «الجنزورى» هذا الشرط وصدر المرسوم بقانون وقام «الجنزورى» بتوزيعه على الصحفيين مكتوبًا ليقوموا بنشره، وبعدها بخَمس دقائق غادر وزارة التخطيط وذهب لحلف اليمين هو ووزراؤه.

عند ذلك كان «عمرو موسى» بدوره يُعد نفسَه كمرشح محتمل للرئاسة وبدأ العزف على وتر بعض القوى السياسية، فكان من وقت لآخر يوجّه بعض الانتقادات للمجلس العسكرى فى (شو إعلامى مقصود) مغازلًا مَن كانوا يطلقون على أنفسهم (شباب الثورة)، متصورًا أنه بذلك ينال رضاهم، ومع هذا فإن «موسى» لم يجد له مؤيدين لدى هذه التيارات التى كان يغازلها، ووجَد أن رصيده الشعبى فى تناقص ن تيجة نقْده للقوات المسلحة التى يدعمها الشعب ويعتبرها الحماية والعمود الفقرى لوجود الدولة بعد انهيار الشرطة وتجميد عمل بعض المؤسّسات المهمة بالدولة.

ومن هنا صار «عمرو موسى» فى موقف لا يُحسَد عليه. لقد وقف فى منتصف السّلم نتيجة أرجحة أفكاره لينال الرضا من قوى سياسية لم يكن هو فى دائرة اهتمامها.

قصة «عبدالمنعم أبوالفتوح»

 كان «عبدالمنعم أبوالفتوح» يَعتقد أنه كادر مُهم فى «الجماعة الإخوانية» وأنه قادر على إحراز تفوُّق على «خيرت الشاطر» أو على أقل تقدير يماثله، وفى الآخر ارتضى أن يقدم نفسَه لـ«الشاطر» الذى كان المرشد الحقيقى الذى يتخفى وراء دوبلير اسمه «محمد بديع»، ولم ينجح «أبوالفتوح» لنَيْل رضا غريمه «الشاطر»، وكانت النتيجة استبعاده من الجماعة بشكل فعلى فى منتصف فبراير 2011م، وذلك عندما قام فى برامج (توك شو) عديدة ينفى أن يكون للإخوان حزب، ولم تمر أيام قليلة على تاريخ النفى حتى خرج «عصام العريان» فى برنامج (توك شو) شهير معلنًا عن حزب الجماعة الذى سيطلق عليه «الحرية والعدالة» وقال العريان: «كيف لا نقوم بعمل حزب والثورة قد تم الاعتراف بها ونعيش مناخًا جديدًا؟!».

عند هذا وضح لـ«أبوالفتوح» أنه خارج الخدمة من الجماعة وأنهم لم يُطلعوه على قراراتهم وأنه ليس فى صدارة المشهد الإخوانى كما تصور، ولأنه شخصية عطشانة للسُّلطة ويعشقها، وكما يُعرَف عنه داخل «الإخوان» فإن وجوده غير مرغوب فيه من الرجُل الأقوى فى الجماعة «الشاطر»، وأن تجميده لم يكن وليد اللحظة ولا مصادفة، ولكن «الشاطر» الذى جَمّد من قبل «محمد حبيب»- النائب الأول للمرشد- عندما حاول مناطحته قبل 2011م بشهور قليلة أن يكون مرشدًا ويتعدّى «الشاطر» الذى كان بالسجن وقتها، إلّا أنه كان يدير الجماعة من سجنه باقتدار.

المهم؛ أن «أبوالفتوح» كان يناور «الشاطر» بأن لديه شعبية لدى شباب الجماعة الذى يقدم لهم نفسَه كواجهة إصلاحية مقابل شخصية قطبية مثل «الشاطر»، وكان معه فى جناحه الإصلاحى المزعوم «حبيب والعريان وآخرون»، ولكن «العريان» كان قد أوفى شروط القبول لدى «الشاطر» عندما ساعد وسعى فى إقصاء «حبيب»- صديق عمره- من زمرة النيابة للمرشد وإزاحته من أمام «الشاطر»، وبناء عليه انتقل «العريان» من الجناح الإصلاحى إلى الجناح القطبى الذى يترأسه «الشاطر» ومعه مجموعة الحرس القديم من الإخوان وأيضًا مَن هم فى المشهد السياسى وقتها، مثل: «سعد الكتاتنى، سعد الحسينى، أسامة نصر، وغيرهم» والذين كانوا تحت قبة البرلمان أو حزب الحرية والعدالة.

ومن هذا المنطلق وجَد «أبوالفتوح» نفسَه خارج الملعب السياسى الإخوانى وحجب عنه كل المعلومات والاختصاصات، ولم يعد شخصًا مرغوبًا فيه وصار منعزلًا مُجَمدًا لا يعلم شيئًا عمّا يحدث فى مكاتب قادة الإخوان، وعليه فإن «أبوالفتوح» ذا الشخصية السُّلطوية لم يقبل ما فرضته عليه الجماعة، فناورهم باستقطاب شباب الإخوان الذين لهم مآخذ على القيادات الإخوانية التى لم تتح لهم فرصة المشاركة فى الحراك السياسى الإخوانى، احتواهم «أبوالفتوح» ووعدهم بما هو أبعد من الحزب والبرلمان وأنه بترشحه للرئاسة ودعمهم له سوف يمنحهم فرصة عمرهم ليتقلدوا ما يحلو لهم من مناصب، وكانت رسالة «أبوالفتوح» للإخوان أنه إذا كنتم قد أعلنتم من قبل عدم تأسيس حزب وتراجعتم فعليكم أيضًا التراجع فى قرار الترشح للرئاسة، وأن يقوموا بدعمه، وزاد «أبوالفتوح» بعرض نفسه لذلك.

«الإخوان» والوسطية المزيفة

عند ذلك لم تتحمل الجماعة «أبوالفتوح» وجاءت الفرصة للشاطر للتخلص من الجناح المناوئ له، فقامت الجماعة بإيعاز من «الشاطر» بفصل «أبوالفتوح» الذى قام بدوره باتخاذ خطوة كانت معطلة فى سبيل ترشحه، وهى حصوله على الجنسية (القَطَرية)، فطلب من السُّلطات هناك إخفاء الوثائق التى تثبت ذلك، وكان الثمَن هو أن يكون مرشحًا مُدعمًا من قَطَر. لقد كان طموح «أبوالفتوح» ليس له حدود، فقدّم نفسَه بالإصلاحى الذى يتمتع بالوسطية الإسلامية التى تُرضى عامة الشعب المصرى، وأخذ يقنع كل من حوله بأنه التيار السياسى الوسط ذو الخلفية الدينية، وغازل كل أطياف الشباب واعدًا إياهم بأن يصيروا طليعة المشهَد السياسى القادم وركيزة الحُكم فى مصر، ولم يفته بالطبع مغازلة «السلفيين» بعد أن أوضحت قَطَر لحلفائها بهذا التيار أن المرشح الثانى الذى تدعمه مع «حازم أبوإسماعيل» هو «أبوالفتوح» وعليهم بدعمه والسّير فى رَكبه، وقبل هذه الأحداث وعلى مدار عام كامل كان المجلس العسكرى يقوم بلقاءات واجتماعات مع كل القوى السياسية، ولم يكن «أبوالفتوح» ضمن أىّ من هذه القوى، وكان عازفًا منفردًا، وبالتالى لم تتم دعوته، وفى كل مرّة يزداد حَنَقه على المجلس العسكرى ومَن فيه وعلى الجيش ككل ويناشدهم العداء والوعيد فى كل صغيرة وكبيرة.

ومن هذا المنطلق وقف مُلوّحًا فى التحرير جاهرًا بصوته: «يسقط حُكم العسكر»، ووقف فى العباسية مُهللًا مع «السلفيين» أنصار «أبوإسماعيل»، رُغْمَ علمه بأنه أخذ مكان «أبوإسماعيل» لدى قَطر فزاد الدعم مضاعفًا، ولأنه يريد أصوات أنصار «أبوإسماعيل» لعب «أبوالفتوح» على كل الأحبال ما عدا حبل القوات المسلحة الذى قطعه تمامًا نتيجة أفعاله غير المسئولة، وكان المجلس العسكرى يعلم أن «الإخوان» لهم مرشحان «أبوالفتوح ومحمد مرسى» ولهم حزبان «الحرية والعدالة والوسط» وأن كلّا منهم بديل للآخر، ولا عزاء للدولة الدينية التى لفظها الشعب المصرى شكلًا ومضمونًا.