السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الأزهر والأوقاف والإفتاء «إيد واحدة» ضد الطلاق الأزهر: تفكك الأسر المصرية بسبب انفصال الزوجين «أمن قومى»

منذ فترة طويلة وقضية الطلاق وتفكك الأسر المصرية هى الشغل الشاغل للدولة  ومؤسساتها، حيث  تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن مصر تتصدر عالميًا فى نسب الطلاق، حيث بلغت حالات الطلاق فى مصر معدلات تنبئ بخطر كبير على الأسرة والمجتمع، وقدر معدّل الحالات  250 حالة طلاق فى اليوم الواحد أى حدوث حالة طلاق كل 4 دقائق فى مصر، من أصل 14 مليون قضية طلاق تشهدها المحاكم المصرية سنويًا.



 

لخطورة مشكلة الطلاق وارتفاع نسبها، اتفق كل من الأزهر ووزارة الأوقاف ودار الافتاء على استقبال العام الجديد 2022 بتشكيل لجنة مشتركة بين المؤسسات الثلاث تستهدف مواجهة مخاطر التسرع فى الطلاق، و التثقيف المجتمعى بمخاطره، وتكثيف الندوات والحوارات المجتمعية حول معالجة أسبابه وطرق علاجه، وبيان الآثار السلبية المترتبة عليه، والأحكام الفقهية المتعلقة به.

كما تم تكليف اللجان العلمية المختصة بالأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية ووزارة الأوقاف بإعداد بحوث علمية متخصصة حول معالجة قضية الطلاق فى ضوء التغيرات العصرية والثوابت الشرعية.

من جهته أعلن وزير الأوقاف د. محمد مختار جمعة أنه تم فى هذا الإطار تشكيل لجنة تنفيذية تضم كلًّا من: د.أيمن أبو عمر وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة / وزارة الأوقاف، ود.أسامة الحديدى مدير مركز الأزهر العالمى للفتوى بالأزهر الشريف، ود.عمرو الوردانى مدير عام مركز الإرشاد الزواجى بدار الإفتاء المصرية للتنسيق بشأن إدارة الحوار المجتمعى بالتعاون مع الإعلاميين والمفكرين وعلماء النفس وعلماء الاجتماع والمراكز البحثية، ورؤساء محاكم الأسرة، والمجلس القومى للمرأة، وسائر المؤسسات المعنية بقضايا الأسرة وصناعة الوعى.

فيما أوضح د.شوقى علام مفتى الجمهورية أن الحوار هام جدًا للوصول إلى أسباب انتشار الطلاق والحد منها وقال: إن الإسلام والأديان عمومًا تحث على الاستقرار الأسرى وتؤكد على قدسية الزواج، وهناك سلوكيات خاطئة يمكن أن تهدم هذا الاستقرار، كما أن ثقافتنا فى الطلاق خطأ، محذرًا من رعونة الزوج الذى يتلفظ بألفاظ الطلاق مرارًا وتكرارًا؛ لأن الطلاق يمثل علاجًا إذا استحالت العشرة بين الزوجين.

وشدد أن قضية الطلاق تُعد من أكثر القضايا التى تؤرق المجتمع كله، لما لها من آثار وخيمة مدمرة على الأسرة المصرية وعلى المجتمع كله؛ خاصة مع تفشى حالات الطلاق بنسبٍ كبيرة يعقُبها الندم عادةً ومحاولة استدراك ما وقع فيه المتلفِّظ متسرعًا؛ الأمر الذى يستلزم منا جميعًا وقفةً جادةً لرفع درجة الوعى عند المواطنين بمخاطر الإقدام على الطلاق عند عدم استحالة العشرة، وما يترتب عليه من آثارٍ اجتماعية خطيرة لا تخفى على أحد؛ فهى قضية وعى فى المقام الأول.

 قضية أمن قومى

د.محمد الضوينى وكيل الأزهر من جانبه أكد أن قضية الطلاق لا تعد مشكلة اجتماعية وحسب بل هى بمثابة قضية أمن قومي؛ ذلك أن تفكك الأسر المصرية بالطلاق يعنى ازدياد المشاكل الاجتماعية فى المجتمع، فلم يعد يخفى على أحد التراجع الأخلاقى الكبير الذى ضرب المجتمعات خلال السنوات الأخيرة فى كثير من سلوكيات الناس، وذلك بسبب عوامل كثيرة تسببت بشكل مباشر أو غير مباشر فى هذا التراجع الملحوظ، ومن أهم هذه العوامل انشغال الأسرة عن الدور المنوط بها فى تربية أولادها وبناتها ومتابعة أحوالهم نتيجة ضغوط الحياة والسعى لتحسين الدخل لتوفير الحد الأدنى من متطلبات أفراد الأسرة المالية، موضحًا أنه من أخطر الجوانب الحياتية تضررًا جراء تراجع دور الأسرة فى تربية الأبناء هو الجانب الأخلاقى.

أوضح أن الأزهر يُسهم بكل ما يستطيع من أجل حماية الأسرة بكل الوسائل الحديثة المتاحة له، عبر الفضائيات والإنترنت واللقاءات المباشرة وغيرها، للحفاظ على الكيان الأسرى، كغيره من مؤسسات الدولة المصرية ومراكز البحوث المتخصصة؛ إيمانًا بأهمية الحفاظ على كيان الأسرة المصرية.

وأضاف الدكتور الضوينى أن الأزهر  الشريف ومؤسساته لم تقف مكتوفة الأيدى أمام ظاهرة الطلاق الخطيرة، التى لا تهدد استقرار الأسر المصرية بشكل مستقل فحسب، بل تهدد استقرار المجتمع بأكمله وتبدد مقدراته؛ كون الأسرة المستقرة أساس كلّ مجتمع آمن، مشيرًا إلى مبادرة مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية بإنشاء «وحدة لم الشمل» التى تدخلت فى عشرين ألف نزاع أسرى (20000) خلال ثلاث سنوات. 

واستطرد قائلا: «تم أيضًا إطلاق «برنامج التوعية الأسرية والمجتمعية»؛ لتأهيل المقبلين على الزواج وتوعيتهم بأسس الحفاظ على كيان الأسرة، متمما ذلك بإطلاق حملة «بالمعروف» وهو مشروع توعوى إرشادى تأهيلى يهتمّ بتأهيل المنفصلين وحل مشكلاتهم النفسية والمجتمعية التى يواجهونها بعد بذل العديد من محاولات الإصلاح والوصول لمرحلة استحالة العشرة بين الطرفين، وقد تم اختيار قول الحق سبحانه: (وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ).

ولفت إلى أنه بعد حصر معظم أسباب ظاهرة الطلاق شكّلت إدارة المركز لجنة علمية لوضع مادة علمية تعالج هذه المشكلات وتعمل على إزالة أسباب الخلاف وصوره التى تؤدى فى نهايتها إلى الانفصال والتفكك الأسرى وتشرّد الأبناء، ومن ثم حصول خلل فى استقرار المجتمع وأمنه،

 ظاهرة مقلقة

فيما أكد د.مجدى عاشور المستشار العلمى للمفتى أن الطلاق ظاهرة مقلقة لأنها تخص المجتمع ككل، كما أن الأبناء يكونوا هم  الضحية،  موضحا أن دار الإفتاء فى قضايا الطلاق لا تقول بوقوع الطلاق إلا بعد عقد لجنة ثلاثية للتيقن من صحة وقوعه، وإن لم يكن هناك مَخرج يُعرض الأمر على فضيلة المفتى الذى يجمع معه كبار علماء الإفتاء للنظر فى قضية الطلاق المعروضة للتحقق من وقوع الطلاق، فلم يقع بين حالات الطلاق من 3300 حالة معروضة سوى ثلاث حالات.

وقال إن كل من يأتى لدار الإفتاء المصرية للسؤال عن الطلاق الذى قاله نتعرف منه على نيته فى لفظه الذى أطلقه، فيتبين لنا أن معظم الحالات لا يعرفون المعنى الحقيقى للطلاق، والنتائج التى تترتب عليه.

وشدد أن وجود الخلاف أمر طبيعى بين الزوجين، حيث أن اختلاف الآراء والمواقف أمر  طبيعى وصحى، أما الاختلاف الذى يولد الصراعات فهو أمر مرضى، وقال: إن الزوجة تمثل الأم الصغرى والصديقة، والحبيبة، وكذلك الزوج  بالنسبة للمرأة أب وأخ وصديق وحبيب،  وأنه بهذا المنطق لا يمكن أن يكون هناك صراع.

أضاف: إن تأسيس القاعدة فى العلاقة الزوجية يقوم على التكامل والتوافق، وأن مقولة «رأسى برأسك» وأخذ المسالة بالندية، هى التى تولد الخلافات الزوجية والصراع بين الزوجين مما يؤدى للتنافر بين الزوجين،  لافتا إلى أن الأنانية والانتقام للنفس هما سبب الطلاق.

  إنقاذ 66 ألف أسرة

الأزهر من جهته أعلن من خلال وحدة لم الشمل، التى أنشئت للحد من الطلاق منذ عام 2018، أن إفشاء أسرار المنزل وتدخل غير الزوجين فى تفاصيل الحياة الزوجية تتسبب فى الانفصال والطلاق بنسبة 44.6 %، بحسب إحصائية مركز البحوث الاجتماعية.

كما أوضح أن نسبة الطلاق تزيد فى الأحياء الفقيرة، كما نزيد فى المدينة عن الريف، وأن وسائل التواصل الاجتماعى والإعلامى وعلى رأسها موقع «فيس بوك»، ساهمت بشكل كبير فى حالات الطلاق بنسبة تصل إلى 20 % على الأقل وفقًا لبيانات من محاكم الأسرة فى مصر.

فيما أعلن الدكتور أسامة الحديدى، المدير التنفيذى لمركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، أن وحدة «لم الشمل» التابعة للمركز، استطاعت حل مشاكل النزاع والخلاف القائمة لدى 66 ألف أسرة مصرية، منها ما كان ماثلا أمام المحاكم فى درجات التقاضى المختلفة، ومعظمها قضايا تم الطلاق فيها بالفعل، ومنها قضايا المواريث، حيث تدخل أعضاء الوحدة للم شمل تلك  الأُسر  بأكثر من طريقة ووسيلة، وذلك حرصًا من الأزهر الشريف على سلامة البنيان الاجتماعى للأسرة المصرية التى تُعد نواة المجتمع ومحور ارتكازه.

وأشار الحديدى إلى أن مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية وقّع عدة برتوكولات مع وزارة الشباب والرياضة والهجرة والمجلس القومى للمرأة، بهدف حماية الأسرة المصرية من خطر التفكك وإزالة الخلافات بين المتنازعين والحد من ظاهرة الطلاق ونشر التوعية المجتمعية والأسرية وتأهيل المقبلين على الزواج والحد من ظاهرة أطفال الشوارع؛ وما إلى ذلك من المشكلات التى تواجه الأسرة المصرية من خلال برنامج «التوعية الأسرية والمجتمعية» الذى يعنى بتوعية الفرد والأسرة والمجتمع بقيم ومبادئ الأسرة وتماسكها وتوعية المجتمع بتعاليم الإسلام السمحة وما يشتمل عليه من تكريم المرأة والحفاظ على حقوقها، ومواجهة العنف الأسرى بكل أشكاله.