الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

تعاون توما مع حماقى.. إعادة إحياء صلاح جاهين فى زمن تحدى فتاوى التكفير.. وعجبى

أخيرًا، وبعد تكهنات عديدة، تم إصدار التعاون الغنائى المنتظر بين «توما وحماقى»، قطعاً هذا التعاون الفنى لم يكن الأول بين هذا الثنائى، بل إن كل النجاحات الجماهيرية للفنان «حماقى» طوال مشواره الفنى سنجد الموزع الموسيقى «توما» شريكاً أساسيًا فيها.



 

 ولكن الجديد فى هذا التعاون هو أننا نستمع إلى توما كمغن وليس كموزع موسيقى.

وإذا ذكر«توما» ذكر «المقسوم».. كونه واحدًا من أهم الموزعين الموسيقيين فى مصر والوطن العربى، الذى يجيد تقديم هذا الإيقاع، ويحقق به نجاحات ساحقة مع كبار نجوم الغناء مثل «حسين الجسمى» و«عمرو دياب» وقطعاً «محمد حماقى»، ولذلك كان من المنطقى أن نرى الأغنية الجديدة (عجبى) تعتمد على هذا الإيقاع الذى يجيده «توما»، ويحبه أيضًا «حماقى».

وبغض النظر عن هوس صناع الأغنية فى هذا العصر بتقديم أنفسهم للجمهور كمغنين، غير مكتفين بما حققوه من نجاحات فى مجالهم الأساسى، فمثلاً فى التلحين نجد «عمرو مصطفى، رامى جمال، تامر على»، وفى الشعر «تامر حسين، وخالد تاج الدين»، حتى وصل الأمر إلى الموزعين الموسيقيين ومنهم «توما»، يظل أهم ما فى هذا التعاون هو إلقاء الضوء على شاعرنا الراحل الكبير «صلاح جاهين»، الذى ربما يجهله بعض مستمعى الأغانى فى الوقت الحالى.

هذه ليست المرة الأولى التى يتم فيها استخدام رباعيات «صلاح جاهين» فى الأغانى، فقد قدمها قبل ذلك الملحن والموسيقار الكبير «سيد مكاوى»، وهى النسخة الأفضل على الإطلاق مناصفة مع نسخة الحنجرة الذهبية «على الحجار»، فقد قدما الرباعيات كاملة، وليس بعض الاقتباسات كما قدمها «حماقى» مع «توما».

أيضًا نجوم موسيقى الراب فى المدرسة القديمة «Old-school» اقتبسوا بعض رباعياته فى أغانيهم مثل «أمى سى أمين»، و«محمد أسامة»، وكذلك الفنان «محمد منير»، ولكن يظل تعاون «توما» مع «حماقى» فى هذا التوقيت مهمًا للغاية لأنه يفتح لنا الباب للحديث عن الشاعر الكبير «صلاح جاهين».

وإذا كنا نتحدث عن أغنية يقدمها نجم من نجوم موسيقى البوب، «حماقى»، فلا بد أن نذكر صناع هذا الشكل من الغناء، بأن «صلاح جاهين» لم يكن مجرد شاعر يكتب أغان عاطفية وحسب، ولم يكن فى أى وقت من الأوقات منفصلاً عن مشاكل جمهوره، بل كان لسان حالهم فى التعبير عن مشاكلهم، عكس صناع الموسيقى فى الوقت الحالى، فلم نر منهم «بشكل عام»، أى تعبير حقيقى عن الأزمات التى يمر بها المجتمع، فلا نرى منهم أى اشتباك مع أى قضايا جدلية تحدث على الساحة، وكأنهم يعيشون داخل مجتمع مختلف عن الذى نعيشه!

«صلاح جاهين» كان مثقفاً حقيقياً، ولم «يلعب فى المضمون» كما يفعل الكثيرون من صناع الأغنية حالياً، بل كان يشتبك فى القضايا الجدلية، ويعبر عما هو مقتنع به، ولا يخشى من نقصان شعبيته، لأنه لم يرض إلا بتقديم ما يقنعه، بعيداً عن أى حسابات أخرى، ولعلى أذكركم بما فعله مع الشيخ «محمد الغزالى» عام 1962 ودفاعه عن حرية الرأى والتعبير، ورفضه  تحويل المعارك الفكرية إلى قضايا دينية تعلو فيها خطابات التكفير والتحريض، ودفع ثمن ذلك من تطاول المتعصبين الذين تم شحنهم من قبل «الغزالى» فى خطبة من خطبه على المنبر، والتى تسببت فى خروج «مظاهرة» حاصرت جريدة الأهرام فى وقتها، بل ألقى المتعصبون المشحونون بالحجارة على واجهتها وحطموا بعض أجزائها بسبب نشر رسومات «جاهين» التى انتقدت تصرفات الشيخ «الغزالى».

والآن فى 2022، وأنا أجد بشكل يومى «أغلب الشعراء والملحنين والموزعين» يعبرون عن كامل سعادتهم على صحفاتهم الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعى بفتاوى التكفير وتحريم الفن من بابه من رموز التطرف السلفى، رغم أنهم يعملون فى صناعة الأغنية، إلا أنهم يقفون فى نفس الخندق مع من يحرمون مهنتهم ويطعنون فى تدينهم! ولا أريد أن أكتب أسماءهم «منعاً للإحراج»

والآن وأنا أستمع إلى أغنية «حماقى» الأخيرة مع «توما»، وأجد كلمات «جاهين» لا تزال قادرة على تخطى الأزمان، وأتذكر ما كان يفعله هذا الفنان المثقف الشجاع، أترحم على أيامه، وعلى المستوى الذى وصل إليه سوق الأغنية المصرية على أيدى الكثير من صناعه!