الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كيف ولماذا حكـــم السيسى مصـــر؟ البيان الأول للجيش يحبط تقسيم غنائم عصر مبارك "6"

كيف ولماذا حكـــم السيسى مصـــر؟ البيان الأول للجيش يحبط تقسيم غنائم عصر مبارك "6"

أحاول جاهدةً إنجازَ مرحلة «كيف حَكم السيسى مصر؟»؛ لأنتقل بشغف للأحداث التى أريد أن أسوقها لكم المليئة بالحقائق والمفاجآت؛ للوقوف على «لماذا حَكم السيسى مصر؟»، إلّا أن الواقع يدفعنى لأطلعكم على المزيد من «كيف»، التى تشمل المرحلة التاريخية من 25يناير 2011م حتى 25يونيو 2012م، ورُغْمَ أنها مدة عام ونصف العام كان فيها «السيسى» لواءً يترأس جهازَ المخابرات العسكرية التى كانت المطبخ الحقيقى لإدارة أزمة دولة بحجم مصر، وكان هناك ما هو مُعلَن وما هو غير ذلك تحمَّله الرجُلُ خلفَ قائده المشير «طنطاوى» ومعهما بعضٌ من قادة المجلس العسكرى وقتذاك؛ لأن الباقى كانت لهم مآرب أخرى بعد أن حرمهم «مبارك» حتى من مجرد التفكير أو التفاعل عن بُعد مع الحياة السياسية، هذا كان على مدار ثلاثين عامًا هى مدة حُكمه، فجعل لدى بعضهم «نَهَم» التطلع إلى السُّلطة أو على الأقل تقديم نفسه لعالم السياسة ورجاله، فكان التصادم الفكرى الذى لحق ببعض الأذى للمؤسّسة العسكرية فى ظروف غير مواتية حتى أمسَك «طنطاوى والسيسى» بزمام الأمور وأجريَا حوارات مجتمعية وإعلامية على نطاق واسع.



 

مع هاجس الإسراع بالأحداث عندى أجدُ أننى أمام ملاحقة أخرى، وهى حق الشعب والقارئ للتبصر بأمور كنتُ قريبة منها بحُكم عملى الصحفى، وعلى حضراتكم الإحاطة بأمور لا نريد تكرارَها أو الانزلاق إليها مرّة أخرى، أو نترك البعضَ يراهن على فُقدان ذاكرتنا أو الاعتقاد بأن ما حدث سوف يسقط بالتقادُم، هذا لن يحدث بإذن الله؛ لأن الجرائم التى تُرتكب فى حق الوطن لا يطويها النسيانُ ولا يمحيها التاريخُ والزمانُ، وسوف نتذكر دومًا أن ما كان هو غفلة منا جميعًا لن تعود ولن نعرض مصر للنَّيْل منها أو الهوان، فأرضنا أمانة من الله لنا، وعلينا حق حمايتها، وأيضًا الانتفاع بها كمواطنين نحيا ونعيش عليها مسالمين، ولنتوجّه بالدعاء لشهداء الوطن الكرام ونحفظ لزعيم أمتنا أنه لم يبخل على شعبه بحياته عندما نادينا عليه جميعًا بما فينا الجماعة المعارضة (انزل يا سيسى) ثم (فوّضناه لمحاربة الإرهاب) وبعدها (انتخبناه) رئيسًا لنا ولمصرنا، وهذا ما يدفعنى أن أقول لكم كل ما لدىّ عن «كيف حَكم السيسى مصر قبل أن أصل إلى.. ولماذا؟».

 تداعيات انعقاد المجلس الأعلى للقوات المسلحة

حاول «عمر سليمان» أن يؤدى دوره كنائب للرئيس فطلب عَقد لقاء يضمه ومعه «أحمد شفيق» رئيس الوزراء مع الأحزاب والقوى السياسية وممثلين لشباب 25 يناير، وذلك لوضع اتفاق يجمع كل هؤلاء لإنقاذ البلاد، إلّا أن القوى السياسية والأحزاب حاولتْ تمثيل دور الممتنع فى مناورة منها للحصول على منافع خاصة ومستندين فى هذا إلى أن «سليمان وشفيق» يواجهان موجة عاتية من ميدان التحرير الذى كان الجميع يحرّك عناصر لهم فيه حتى يحصلوا على مكاسب لم تكن لهم من قبل، ولكن «سليمان» بدأ معهم بصيغة المفاوض وقال لهم ما تسعون إليه لن يتحقق إلّا باستقرار البلاد وتكاتف القوى كلها، وإن لعبة (رست) منهم مع بقايا نظام ليس فى مصلحة أحد، وتوصّل معهم إلى صيغة تقول (يجب أن نكون شركاء فى إنقاذ مصر لتصير لكم صورة مشرّفة فى مشروع التغيير).

أخذتْ عملية التفاوض تلك نحو يومين من 3: 5 فبراير حتى بدأت الأحزاب والقوى السياسية تدرك أن مناوراتهم لن تخيل على رجال خلفيتهم عسكرية تعوّدوا على وضع البدائل، وفى يوم 6 فبراير حدث هذا اللقاء، وبعد مناقشات مضنية وعرض المصالح لكل الأطراف كالمثَل القائل (على عينك يا تاجر) صدرتْ (وثيقة الحوار الوطنى) تعهدت فيها كل الأطراف بالتمسك بالشرعية الدستورية فى مواجهة التحديات والمخاطر التى تواجه مصر فى أعقاب أحداث 25يناير الذين أطلقوا عليها (حركة وطنية شريفة) ولم يتفوّه أى من الحاضرين ويطلق عليها (ثورة) التى أصرّوا على كتابتها فى دستور لجنة الخمسين، وفى هذه الوثيقة تعهد «سليمان وشفيق والقوى المجتمعة» أن يُنفذوا التعهدات التى أثارها «مبارك» فى كلمته للأمة أول فبراير، وهو الالتزام بعدم الترشح لفترة رئاسية جديدة والانتقال السلمى للسُّلطة وفقًا لأحكام الدستور، وإجراء تعديلات دستورية تشمل المادتين «76 و77» وهما مادتا التوريث، علاوة على تنفيذ قرارات مَحكمة النقض فى الطعون المقدمة على انتخابات مجلس الشعب 2010م وملاحقة الفاسدين والتحقيق مع المتسببين فى الانفلات الأمنى.

ولكى تنفذ التعهدات السابقة تضمنت الوثيقة تشكيل لجنة تضم أعضاء من السُّلطة القضائية وبعض الشخصيات السياسية تتولى دراسة واقتراح التعديلات الدستورية والتشريعية لبعض القوانين المكملة للدستور تنتهى فى الأسبوع الأول من مارس، وفتح مكتب لتلقى شكاوى عن معتقلى الرأى من كل الانتماءات والإفراج عنهم فورًا مع تعهد الحكومة بعدم ملاحقتهم أو التضييق عليهم فى ممارسة نشاطهم السياسى، وتحرير وسائل الإعلام والاتصالات وعدم فرض أى قيود على أنشطتها تتجاوز أحكام القانون، وإنهاء حالة الطوارئ طبقًا للظروف الأمنية وإنهاء حالة التهديد الأمنى للمجتمع، وبناءً على التعهدات السابقة تم تشكيل لجنة وطنية للمتابعة تضم شخصيات عامة وحزبية وممثلين عن الشباب تتولى متابعة التنفيذ الأمين لكل ما تم التوافق عليه وترفع تقاريرها وتوصياتها لنائب الرئيس.

لكن الغريب فى الأمر هو ما حدث بعد هذا الاجتماع عندما أعلن «حزب التجمع» انسحابه من الاتفاق السابق مُعللًا ذلك بأن «سليمان» صرّح للصحفيين فى المؤتمر الصحفى الذى أعقب الاجتماع بأنه ليس أمام القائمين على الدولة الآن إلّا طريقين «الحوار أو الانقلاب»، وقد امتثل حزب آخر لموقف الانسحاب هو «الشعب الديمقراطى»، وقال السبب أنه لم تتم مشاركته فى الأحزاب التى مثلت فى اللجان التى شكلها كل من النائب ورئيس الوزراء سواء فى تقصّى الحقائق أو غيرها، والأكثر من ذلك أن بعض الأحزاب تعاملت مع الأمر وكأنها تبحث عن غنائم الحرب؛ حيث طلب «أسامة شلتوت» - رئيس حزب التكافل - أن يحمل حقيبة وزارية واختار أن تكون «القوى العاملة»، وذكر أنها تتناسب مع مؤهلاته، فى حين طلبت الأحزاب الأخرى أن توزع مقار الحزب الوطنى عليهم، ولم يفت شباب يناير المطالبة بأن تكون لهم مكاتب ثابتة فى مجلس الوزراء لمتابعة تنفيذ الحكومة لتعهدات الوثيقة، وهو ما رفضه «شفيق»، فما كان منهم إلّا الاحتجاج والتظاهر بالوقوف أمام باب مجلس الوزراء لإعاقة دخول «شفيق»، وهو ما جعله يدير اجتماعات مجلس الوزراء من وزارة الطيران المدنى، ولكن الأمر الجَلل هو موافقة «الإخوان» على حضور هذا اللقاء بصفتهم من القوى السياسية الفاعلة فى المجتمع، وكان قبولهم مبنيّا على أمرين؛ الأول أن الجيش الذى كان يقوم بحماية البلاد وبمهام الشرطة بجانب مهامه فى حماية الحدود قد توصّل إلى أن «الإخوان» متورطون، وهناك أدلة قاطعة عن إيوائهم لأفراد إيرانيين من الحرس الثورى يقومون بإخفائهم فى مكاتبهم الإعلامية المنتشرة فى أحياء القاهرة، وأثناء تمشيط الجيش للميادين والشوارع وبمساعدة بعض الأهالى تم إلقاء القبض عليهم فى 22 ش خيرت بالمبتديان، الأمر الثانى هو أدلة كانت لدى «عمر سليمان» باضطلاع «الإخوان» فى إيواء عناصر من حماس تسللوا عبر سيناء فى الأماكن التى كانت تتواجد فيها الشرطة طبقًا لاتفاقية كامب ديفيد، وقد قامت هذه العناصر بخطف وقتل ضباط وأفراد الشرطة المصرية الذين كانوا يتواجدون فى سيناء أثناء الفوضى التى حدثت بالبلاد فى 28يناير.

إصدار «البيان الأول» 

للمجلس الأعلى العسكرى

كان الجيش الذى يقوم بحماية البلاد داخليا وخارجيا بناء على المهام الجديدة التى أسندها إليه مبارك بعد انسحاب الشرطة وتفككها، وأيضا القيام بمتابعة ومراقبة الموقف السياسى المتأزم والذى يضاف جديد إليها كل يوم بمزيد من الانتهازية الحزبية والإخوانية والقوى السياسية بما فيها شباب حركة 25 يناير، وبعد اللقاء السابق لسليمان وشفيق يوم 6 فبراير ومحاولتهما إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وازداد الأمر تعقيدًا بسبب شائعات الإخوان والحزب الوطنى ضد الجيش وتم نشر أقاويل بأن الجيش وصلته أوامر من مبارك بالانسحاب من الميدان وتمكين قوات الأمن المركزى من الهجوم على المتظاهرين وإحباط مطالبهم.

والأكثر من ذلك هو بيان مبارك بتفويض النائب عمر سليمان بأن يقوم بكل الصلاحيات التى حددها الدستور، وهذا لا يمكن سليمان من القيام بكل صلاحيات الرئيس وأن التفويض كان منقوصًا لثلاث أساسيات؛ الأولى ليس له حق حل مجلسَى الشعب والشورى، والثانى لا يجرى أى تعديلات دستورية، والثالثة ليس له حق حل الحكومة أو تشكيلها، وعند ذلك أدرك الجيش أن مبارك قام بتأزيم الموقف وليس حله وأنه جعل يد النائب مغلولة لا حول لها ولا قوة، وصارت هناك أزمة مواجهة مبارك بالأمر الذى يعلمه تمامًا، وتحدث طنطاوى مع سليمان على انفراد لأنه اشتم رائحة ميل شفيق لإحياء نظام مبارك، ولذلك وضح الجيش لسليمان المأزق الذى وضعه مبارك فى رقبتهم جميعا وهو أنه لا يزال زمام الأمور كاملة بيده والشعب والميدان لهم مطالب ولم يعد هناك احتمال لهذا الموقف.

اتخذ المشير طنطاوى قراره بالتشاور مع أعضاء المجلس الأعلى العسكرى بعد أن عرض عليه (اللواء السيسى) مدير المخابرات العسكرية موقف البلاد وأن المنزلق خطير لا يتحمل أى تأجيل بعد تأجيج الأصوات فى التحرير بواسطة القوى السياسية والمنتفعين من كل الفئات تطالب بـ«خلع مبارك» الذى بدوره لا يزال على تعنته ولم يخل أى سبيل من الصلاحيات لمن طلب منهم مساعدته للمرور من الأزمة وأيضا لم يتحرك له ساكن مع تصاعد الأحداث، كل هذا جعل لا مفر أمام المجلس العسكرى إلا إعلان الانعقاد وإعطاء رسائل للجميع من أجل الحفاظ على البلاد خاصة بعد قيام عامة الشعب بالنداء على الجيش بمقولتهم المعتادة «الجيش والشعب أيد واحدة»، عند ذلك قال المشير طنطاوى كلمته «لايمكن أن نقف مكتوفى الأيدى أمام ما يحدث بالبلاد» وعليه عقد المجلس الأعلى للقوات المسلحة اجتماعه الأول مساء يوم الخميس الموافق 10 فبراير 2011 برئاسة المشير محمد حسين طنطاوى لبحث الإجراءات والتدابير اللازمة للحفاظ على الوطن ومكتسبات وطموحات شعب مصر، وقرر المجلس الاستمرار فى الانعقاد المتواصل لبحث هذا الشأن وذلك فى بيان حمل رقم (1) وتضمن فى طياته أنه انطلاقا من مسئولية الجيش والتزامه بحماية الشعب ورعاية مصالحه وأمنه وحرصًا على سلامة الوطن والمواطنين ومكتسبات شعب مصر العظيم وممتلكاته وتأكيدا وتأييدا لمطالب الشعب المشروعة، انعقد الخميس الموافق العاشر من فبراير 2011 المجلس الأعلى للقوات المسلحة لبحث تطورات الموقف حتى تاريخه.. وقرر المجلس الاستمرار فى الانعقاد بشكل متواصل لبحث ما يمكن اتخاذه من إجراءات وتدابير للحفاظ على الوطن ومكتسبات الشعب.. (انتهى البيان).

كانت مصر فى حالة ترقب منذ البيان الأول الذى ألقاه «اللواء محسن الفنجرى» مساعد وزير الدفاع فى تمام الساعة الخامسة ونصف مساء، وعند ذلك كان السؤال لمن ستكون المسئولية فى إدارة البلاد عمر سليمان أمََ حسين طنطاوى، خاصة أن الاثنين من المؤسسة العسكرية إلا أن الاجتماع الدائم للمجلس الأعلى برئاسة المشير طنطاوى هو رسالة واضحة بأن الجيش فى حالة انتظار للقرار الذى سيصدر عن مبارك لمن يسلم المسئولية، وأيضا معنى انعقاد دائم للمجلس الأعلى هو أن هناك أمرًا مهمًا لم يصلوا فيه لقرار، خاصة أن الجيش له قرابة الأسبوعين فى الشارع، وأن عجلة الحياة قد توقفت ووقف معها فعاليات الدولة وهو أمر خطير لا يمكن أن يستمر.

 إعلان تغيير مهمة الجيش

وقد قامت القوات المسلحة بتغيير مهمتها منذ البيان الأول (من حماية الشرعية والدستور إلى حماية المواطنين ومكتسباتهم الشعبية) وليس مكاسبهم.. هنا تكمن أهمية المعانى الدقيقة ومدلولاتها فى الثقافة العسكرية وأدبياتها، وأنه منذ اجتمع المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومنذ صدور البيان الأول الذى نقلت فيه مهمتها فقد أسقطت الشرعية عن النظام وما أوجدها ممثل فى الدستور والمجالس النيابية، وأيضا أن يجتمع المجلس دون القائد الأعلى حتى هذا التاريخ وهو «مبارك» يعنى إعلان الجيش لعزله كقائد أعلى حتى قبل أن يتنحى من منصبه كرئيس للدولة، وعندما تتعهد القوات المسلحة بمعاهداتها واتفاقياتها الدولية فإنها تؤكد على معنى أن مصر دولة كبيرة ذات مؤسسات وتاريخ وحضارة لا تسقط بسقوط شخص. وهذا كان لطمأنة المجتمع الدولى حتى لا يجد ذريعة للتدخل فى شئون مصر الداخلية.

والرسالة الأكثر قوة ووضوحا لقراءة المشهد العسكرى للمجلس الأعلى للجيش هو وجود الفريق رضا حافظ «رحمة الله» عليه قائد القوات الجوية وقتذاك ضمن المجلس العسكرى متفاعلا ومؤيدا لأى قرار يصدر عن المجلس الأعلى، وهو رسالة قوية لمن حاول أن يعبث بأقاويل عن أن القوات الجوية ربما تنحاز لرئيس جاء من صفوفها وقد تمادى البعض فى إثارة أقاويل أخرى مشبوهة كانت توحى بأن «جمال مبارك» كان له يد طولى هناك، إلا أن الأمر برمته شائعات ومحاولة للنيل من وحدة الجيش، وعندما يكون «حافظ» فى صدارة المجلس ضمن قادة الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة فالقوات الجوية تدين بالولاء لمؤسستها العسكرية وأيضا بالولاء للأمة المصرية فقط لا غير، وأن هذا غير قابل للقسمة ما بين القوات المسلحة ورئيس غير مرغوب فيه، وعلى الجميع أن يعلم معنى (الجيش على قلب رجل واحد) تلك المؤسسة الصارمة فى تقاليدها الوطنية التى تخلص لها وللشعب وليس لأشخاص مهما كانت كينونتهم.

مكوكية التنحى وتوابعها

بعد انعقاد المجلس العسكرى بشكل دائم ومستمر ودون إخطار «مبارك» صارت الرسالة واضحة لا لبث فيها عنده، ومع ذلك لم يحرك ساكنا مما دعا المشير طنطاوى يطلب من اللواء عمر سليمان والفريق شفيق أن يقوما بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه سلفا خاصة أنهما لم ينجحا فى تهيئة الموقف كما تعهدا له ولم يتمكنا من ترميم نظام مبارك، وأنه لم يعد هناك سوى قيام مبارك بالتنحى فورا وأن مبنى التليفزيون تحت سيطرة الجيش، وذلك بعد أن قام اللواء إسماعيل عتمان، مدير إدارة الشئون المعنوية، بالذهاب بالشريط الخاص باجتماع المجلس الأعلى وتم بثه مباشرة بالاتفاق مع «عبداللطيف المناوى» رئيس قطاع الأخبار الذى قام بالدور منفردا ودون إخطار لـ«أنس الفقى» الذى كان لا يزال قابعا فى مكتبه بماسبيرو.

يوم الجمعة 11 فبراير 2011 كانت تحركات سليمان وشفيق مكوكية ما بين مقر العروبة ووزارة الدفاع لإعلان خطاب التنحى لمبارك والذى طلب طنطاوى أن يقوم بإلقائه سليمان لأن ظهور مبارك لم يعد مقبولا، وهذا ما حدث وكما شاهدناه جميعا على شاشة التليفزيون المصرى.

وبعد ذلك تنافت الصفات الرسمية لكل من النائب عمر سليمان لأن من هو نائب له لم يعد موجودا فى الحكم وبالتالى سقطت معها وظيفة النائب ولم يعد سليمان يشغل أى منصب بعد ذلك اليوم من التاريخ، وأيضا سقط آخر مجلس وزراء كلفه مبارك والذى كان يترأسه شفيق، إلا أن المجلس العسكرى الذى أو كل له مبارك فى خطاب التنحى إدارة شئون البلاد كلف شفيق بتشكيل حكومة تسيير أعمال حتى يتم إصدار إعلان دستورى بعد أن سقط الدستور أيضا مع نظام مبارك ولذلك لا يجوز العمل به أو من خلاله.

والجدير بالذكر فى هذا السياق أن المجلس العسكرى لم يعط فرصة للأحزاب للطمع والمطالبة بمقدرات الحزب الوطنى المنحل، وقال إن هذه المقار ملك للشعب ومن حقه الانتفاع بها وعليه قام بتخصيص مقر الحزب فى المنيل ليكون المعهد القومى للأورام، ومقر الحزب فى مصر الجديدة صار مقرا للمجالس القومية المتخصصة، ومقر الحزب فى الجيزة صار مقرا للمجلس القومى لحقوق الإنسان، وبذلك أسدل الستار على الفصل الأخير من حكم مبارك والتوريث.