الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
ع المصطبة.. الكركمين وسنينه

ع المصطبة.. الكركمين وسنينه

ألقت واقعة القبض على الصيدلى الشهير باسم «دكتور الكركمين»، بظلالها على الشارع، خصوصًا أن هذا الصيدلى شاع حضوره بكثافة على عدد كبير من الفضائيات حتى باتت هذه الفضائيات تعتمد فى مادتها المذاعة على فقرات الكركمين التى يتخللها فواصل قصيرة من الأفلام والمسلسلات.



والكركمين مادة صفراء موجودة فى جذر الكركم، ويستُخدم الكركمين فى الطب الشعبى الآسيوى لعلاج أنواع عديدة من الأمراض، لكن لا تزال الدراسات الجادة حول تأثير الكركمين على البشر فى مراحلها الأولية.

هناك ملاحظات عدة على هذه القضية وغيرها من الأدوية والأجهزة الطبية التى تنتشر  إعلاناتها عبر بعض الفضائيات، لعل أبرز هذه الملاحظات هى التأخر فى القبض على هذا الصيدلى، رغم أنه دائم الظهور على القنوات الفضائية منذ سنوات، وهنا يبرز السؤال: هل هذا الصيدلى حائز على ترخيص لعقار الكركمين؟ فإذا كان يروج له من دون ترخيص من الجهات المختصة، فكيف تم تجاهله طوال هذه السنوات التى أوقع خلالها بعدد كبير من الضحايا.

وإذا كان هذا «الكركمين» مرخص من هيئة الدواء المصرية أو الهيئة القومية لسلامة الغذاء، فكيف حصل على هذا الترخيص؟

الملاحظة الثانية، أين الجهات الرقابية من العديد من الأدوية والأجهزة التى يتم الترويج لها عبر الفضائيات، خصوصًا ما يتعلق بالتخسيس والضعف الجنسى، وما نشاهده من إعلانات «الشفط» و»النفخ»، وأخرى مجرد ذكرها يدخل تحت بند خدش الحياء؟

القضية الحالية أعادتنى بالذاكرة إلى نحو 20 عامًا مضت، حيث قادتنى الصدفة إلى مركب دوائى لعلاج التهاب العين، وكعادتى فإننى لا أتناول أى دواء قبل قراءة نشرته الداخلية، وإذ بى أجد النشرة تؤكد أنه يعالج عددًا كبيرًا من الأمراض، هنا توقفت وبدأت أسأل عن مصدر هذا الدواء العبقرى، فدواء مثله إما أن يستحق جائزة نوبل فى الطب أو أنه مجرد وسيلة نصب على المرضى، لأجد الإجابة فى جملة بخط صغير على علبة الدواء بأنه «مكمل غذائى»، لأكتشف بعد ذلك أنه مجرد كبسولات من الفيتامينات، مصدرها شركة وهمية فى الولايات المتحدة مملوكة لمحاسب مصرى استطاع التحايل على القانون ووضع هذه الكبسولات فى عبوات دوائية بأسماء مختلفة، زاعمًا فى كل عبوة أنها دواء للعديد من الأمراض.

من خلال «روزاليوسف» نشرت أكثر من تحقيق حول هذه الشركة الوهمية، وبالفعل تم وقف استيراد مستحضراتها، بل أزعم أن هذه التحقيقات كانت سببًا رئيسيًا فى إسناد مهمة ترخيص المكملات الغذائية إلى هيئة الدواء المصرية، لكن تم مؤخرًا إسناد هذه المهمة إلى الهيئة القومية لسلامة الغذاء، وبات لدينا عشرات المصانع المتخصصة فى صناعة المكملات الغذائية.

المكملات الغذائية، وهى لمن لا يعلم ما هى إلا فيتامينات ومعادن وألياف توضع فى أقراص، ويستخدمها الإنسان لتعويض ما يفتقده فى نظامه الغذائى اليومى، ومشكلة هذه المكملات فى أن بعض الأطباء يصرفونها للمرضى بصفتها دواء وعلاج، كما أن بعض أصحاب الضمائر الضعيفة يوزعون مكملات مغشوشة، مما يمثل خطرًا على من يتناولها.

القضية برمتها، سواء كانت مكملات غذائية أو أدوية عشبية مثل الكركمين باتت بحاجة ماسة لتشديد الرقابة، مع ضرورة غلق قنوات الترويج الخلفية لمثل هذه العقاقير المتمثلة فى الإعلانات على الفضائيات دون أن تكون مرخصة أصلًا من الجهات المختصة فى الدولة. 

وهنا لابد أيضًا من تفعيل بروتوكول التعاون بين هيئة الدواء والهيئة القومية لسلامة الغذاء بعدم تسجيل أى مكمل غذائى بنفس الاسم المسجل للمستحضرات الدوائية بهيئة الدواء المصرية، وحصر جميع المكملات المسجلة منذ إنشاء الهيئة، وكذلك مراعاة الالتزام بتصنيع المكملات ذات الأشكال الصيدلية فقط المذكورة فى خط الإنتاج برخصة المصنع.