الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
أيام «التمكين»  وسنينه

أيام «التمكين» وسنينه

لم أجد كلمة فى لغتنا العربية أسيء استخدامها بقدر كلمة التمكين، خاصة بعد أن اعتمدتها الجماعة المحظورة منذ عهد مؤسسها الأول حسن البنا للتغلغل لحكم مصر، وهذا ما اتضح جليا فى رسالة البنا فى مؤتمر الجماعة الخامس الذى عقد فى فبراير 1939 حينما قال: (إن الإخوان المسلمين سيستخدمون القوة العملية حيث لا يجدى غيرها.. فقط حين يكون منكم «معشر الإخوان المسلمين» ثلاثمئة كتيبة قد جهزت كل منها نفسياً روحياً بالإيمان والعقيدة، وفكرياً بالعلم والثقافة، وجسمياً بالتدريب والرياضة، فى هذا الوقت طالبونى بأن أخوض بكم لجج البحار، وأقتحم بكم عنان السماء، وأغزو بكم كل عنيد جبار، فإنى فاعل إن شاء الله)، رسالة المؤسس فى المؤتمر الخامس كانت اللبنة الأولى لنظرية التمكين التى أتبعتها الجماعة عقب ذلك حتى أنتهى بهم الأمر بطردهم من حكم البلاد ودخول قياداتهم السجون وهروب البعض منهم إلى الخارج، وأفول نجم كلامهم عن الحكم والسيطرة الذى حاولوا إيهامنا به اعتمادا على أننا شعب يتمسك بعقيدته وعاداته وتقاليده، ولكن ما بين البداية والنهاية وقائع لا بد من ذكرها لشباب مصر ومستقبلها حتى لا يتعرضوا يوما لمثل هذه الأكاذيب عن التمكين وغيره، التى صدقها فى السابق شباب أمنوا بجل ما صدر عن هذه الجماعة وقادتها، فعقب انقلابهم على جمال عبدالناصر ودخولهم السجون خفت بريقهم نوعا ما، ولكن فى سبعينيات القرن الماضى خرج الإخوان مرة أخرى من السجون وفتح لهم السادات المجال للعمل بالضوء الأخضر لمحاصرة الناصريين والشيوعيين فى الشارع المصرى، ومن خلال انتشارهم تمكنوا من دخول مجلس الشعب وأصبح لهم وجود فى البرلمان، ومن بعده تمكنوا من السيطرة على اتحادات طلاب الجامعات وكذلك أندية أعضاء هيئة التدريس بالجامعات، والنقابات المهنية، حتى الأندية الاجتماعية ومراكز الشباب والساحات والجمعيات لم تخرج من تحت يدهم، بالطبع لم يفلت القضاء من تحت قبضتهم وهذا ما أتضح للجميع عندما خرجت علينا بوجهها القبيح جماعة (قضاة من أجل مصر) أو النائب العام الملاكى طلعت عبدالله مرورا بوزراء العدل أحمد مكى وأحمد سليمان أصحاب الهوى والهوية الإخوانية.



السطور السابقة ما هى ألا توثيق وتطبيق عملى شديد الوضوح، لجل ما يقترب سواء من بعيد أو قريب لتأكيد نظرية التمكين التى فرضت تحت منهج السمع والطاعة على من ينتمى للجماعة، ووصل إلى قمته عقب احتلالهم لمقعد الحكم عن طريق رجلهم محمد مرسى الذى أصدر بالأمر المباشر قرارات بتعيين وزراء ومحافظين ومستشارين فى مؤسسة الرئاسة، كما نجح رجال جماعته فى اختراق مفاصل وزارات الحكومة من خلال تعيين مستشارين للوزراء ومتحدثين إعلاميين ورؤساء للقطاعات ومديرين لمكاتب الوزراء، إضافة إلى تعييين نواب محافظين، ورؤساء أحياء ومراكز، عقب حصولهم على منصب الرئيس واختيار هشام قنديل رئيساً للوزراء، وبعده تم اختيار عدد كبير من الوزراء المنتمين إليهم وخصوصاً الوزارات الفاعلة، كوزير الإعلام، ووزير الشباب، واختيار الدكتور علاء عبدالعزيز لوزارة الثقافة، الذى أثار جدلاً كبيراً فى أوساط المثقفين ودفعهم للاعتصام فى وزارتهم حتى مجىء ثورة 30 يونيو، التى أطاحت بنظام الإخوان، بعد سيطرتهم على مفاصل الدولة وأركانها وعلى وزارة الشباب ومراكز الشباب وأيضاً ما يسمى «الساحات» فى الأقاليم التى تسيطر عليها الوزارة، وكذلك وزارة الثقافة وسيطرتها على قصور الثقافة والمكتبات العامة المنتشرة فى أنحاء الجمهورية للتواصل مع الشباب وتجنيدهم للعمل تحت لواء التنظيم.

جل هذا حدث فى عامهم الأول المليء بالتوترات وعدم الاستقرار، فماذا كان سيحدث لو استمر الإخوان أكثر من ذلك؟، تلك كانت خطة التمكين التى سردنا بعضها فى هذا المقال، والتى نفذت وفق المنهج والأسس التى وضعها لهم حسن البنَّا من خلال رسائله فى مؤتمر التعليم، وهى نفسها التى أخذ على عاتقه منظرهم الثانى سيد قطب تنفيذها تحت مزاعم الحكم باسم الله، وأضاف عليها تكفير المجتمع.. ويقينا فيها الدليل الكافى على سوء نية وقصد هذه الجماعة المجرمة فى حق مصر والمصريين، الذين سرعان ما كشفوا زيف وكذب ما يدعون وأسقط عنهم قناع المشاركة لا المغالبة الذى أخفوا به حقيقتهم، لذلك رفضهم شعب مصر بجل فئاته مثلما رفض نظرياتهم التى لا تستهدف سوى مصلحتهم، وهى نفسها الأهداف والمصالح التى نحذر منها شباب مصر المستقبل، الذى ننتظر منه الكثير لرفع شأن وتقدم بلدنا مصر.