السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كدهوّن!.. «بوز» سيدة القصر

كدهوّن!.. «بوز» سيدة القصر

أسئلة عديدة تتردد بداخلى فى كل مرة أشاهد فيلم «سيدة القصر» لفاتن حمامة وعمر الشريف ولا أجد لها أى اجابة منطقية وكدهون، فما الذى يجعل الزوجة المصرية الأصيلة تضرب «بوز»، بمناسبة ومن غير مناسبة، وتتحول لخميرة عكننة فى حياة زوجها لاعتقادها الراسخ بأنها على حق دائمًا، وأنها وحدها من تحتكر الحكمة؟ ولماذا تظل تلح وتلح فى نفس الموضوع أكثر من مرة وبأكثر من طريقة وتزن كنقار الخشب حتى يعلن الزوج استسلامه أو ينول الشهادة؟



 

وليه ست الكل (الزوجة) بتتعامل مع الزواج على أنه إصلاح وتهذيب للزوج؟ وفرصة رائعة لإعادة تربيته مرة أخرى على إيدها؟ ولماذا لا تدرك أنه زوجها وليس طفلها وأنها غير مسئولة إطلاقًا عن إعادة تربيته مرة أخرى وكدهون، هذا الفيلم يلخص بشدة طبيعة العلاقة الشائكة بين الزوجة المصرية والزوج المصرى ومحاولتها المستميتة للسيطرة على الموقف، بل كل المواقف الممكنة وكدهون، فى بداية الفيلم نشاهد فتاة فقيرة معدمة تعانى الفقر والوحدة والفراغ وأقصى أحلامها تبيع كنافة بخمستاشر جنيه (ده مستوى طموحها)، ربنا كرمها بالجواز من شاب وسيم جدًا ومش شكل عمر الشريف لا ده هو عمر الشريف ذات نفسه، ومش بس كدهون، ده كمان مليادير، وكريم، ونزيه، وفرفوش ومحب للحياة، وكمان مقطوع من شجرة، ومفيش عيلة تقرفها فى عيشتها ولا تعايرها بمستواها الاجتماعى والثقافى المحدود، ولا حماه تخنقها بمراقبة تصرفاتها وانتقادها طول الوقت وكدهون، فبدل ما تفرح وتفتح قلبها بالحب وتحمد ربنا على العز إللى عمرها ما كانت تحلم به ولا فى الخيال، وتسعد الراجل تعيس الحظ إللى حبها وأكرمها ورحمها من طلوع السطوح يوميًا ومن الأوضة الضيقة الخالية من أى نسمة هواء عليل ونقلها (فى نقلة حضارية) لقصر رائع مهيب وكدهون، وقبل أن تدخل عالمها الجديد برجلها اليمين وتشترى لها «حلتين» أو مروحة بالكهرباء تهوى على راجلها وأبو عيالها مستقبلًا الذى انتشلها من القاع ورفعها إلى القمة، نجدها تكتفى باصطحاب البوز الأصلى للزوجة المصرية الصالحة كأنه موروث عائلى ثمين تحرص عليه؟ كدهون، نجد هذه الفتاة فى أول مشهد لها بالقصر تستيقظ فى الصباح الباكر لسبب غامض لا يعلمه غير الله، وبثقل ظل تحسد عليه نراها تقوم بفتح النافذة لتمتلئ الغرفة بنور الشمس، ولم تعبأ بذلك المسكين النائم بنفس الغرفة، ولم تكتف بذلك بل تحضر بخاخة مياه وترش مياهها على وجهه حتى يستيقظ مذعورًا (بلاهة بالفطرة) وتصيح بأعلى صوتها، يلّا قوم علشان تروح شغلك رغم أنها لا تعلم طبيعة شغله إيه بل إننا نكتشف وهى معنا أنه لا يعمل أساسًا، ولا داع لإيقاظه بهذه الطريقة السخيفة كأنه تلميذ تأخر على مدرسته إلا إذا كانت تعتبرها مجرد عكننه صباحية لطيفة وكدهون، ولا تكتفى بذلك فنراها تهبط سلالم القصر وفى عينيها نظرة المستعمر الذى يجمع غنائمه بعد المعركة وتظل تنظر إلى جميع أنحاء القصر فى بلاهة مخيفة، وبدلًا من أن تحمد الله على كل هذه النعم نسمع صوتها يصيح بداخلها: لازم أعمل مواعيد لكل حاجة، للأكل والفسحة ونظام ومواعيد، (وهكذا تحولت من سيدة القصر لسيدة الإصلاحية) ويستمر صوتها الداخلى المزعج يصبح بداخلها:؛ بكره الصبح هايصحى (تقصد المسكين جوزها) هيلاقينى رميت كل الخمور اللى فى البار وهاشيل التربيزه إللى بيلعب عليها كوتشينة مع أصحابه الوحشين من وجهة نظرها (هكذا بدأ استعمار القصر)، وعندما فوجئت بأنه رجل ناضج ورشيد ومن حقه أن يكون له رأى فى حياته وفى اختيار أصدقائه وأنه يلعب فى حياتها دور زوجها وليس دور الابن وكدهون، قررت أن تستخدم سلاح الزوجة المصرية منذ قديم الأزل وهو البوز العظيم فى مواجهة تمرد زوجها على أوامرها، وكدهون نراها تجلس مفردها على مقعد بعيد عن مجلس زوجها وأصدقائه وقد ارتدت فستانًا أسود كئيبًا وكأنها فى مرحلة حداد طويل الأجل، وقد رسمت على وجهها علامات العبوس والغضب ولا تبالى إطلاقًا بأنه يمارس حياته بسعادة شديدة مع أصدقائه بل يدعوها باستمرار كى تشاركه حياته بكل تفاصيلها ولكنها ترفض وتدعى أنها مبتعرفش تلعب ومش بتحب تشرب مكتفية بإرسال زغرة رقيقة لهم طول الوقت زى نجمة إبراهيم وهى بتخنق ضحاياها فى فيلم ريا وسكينة، وفور أن ينصرف أصدقاؤه تلاحقه بسهامها الخنيقة وأسئلتها القاتلة؛ مبسوط كده؟ خسرت فلوسك؟وهتخسر صحتك؟ وعبثًا يحاول أن يشرح لها بمنتهى اللطف أنه قد اعتاد على هذا النمط من الحياة منذ طفولته ومن الصعب أن يتغير فجاة وكدهون، ولكنها أبدًا لن تترك فرصة للنكد ولا تستغلها فتصيح فى وجهه: أنا حاسة أنى زى التماثيل دى مفيش فرق بينى وبينهم، أنت اشتريتنى من المزاد علشان تحبسنى فى القصر (جبروت امرأة) وكدهون، فى محاولاتها لفرض رأيه عليه بالقوة الجبرية نراها تقف فى نافذة شرفتها تراقبه وهو يسبح فى حمام السباحة بمفرده وهى صامتة كالموناليزا بعد أن أضافت إلى ملامحها ذلك البوز العجيب دون أن تحاول أن تشاركه السباحة على سبيل التغيير، ولكنها أبدًا لن تستسلم وتظل تطارده فى منازل أصدقائه وتهينهم وتتهمهم بالفساد وهو يتحملها بكل نبل وصبر دون جدوى وهى تتمادى فى طغيانها لدرجة أنها تسافر للعزبة وتقحم نفسها بدون مبرر فى حسابات العزبة ومشاكلها وعندما يلومها زوجها تقول له بمنتهى الرخامة: أنا بعمل كل ده لمصلحتك ده بدل ما تشكرنى بتزعق لى؟ وكدهون، يظل فيلم سيدة القصر نموذجًا مصغرًا لما عليه علاقة الزوج المصرى والزوجة المصرية، وشاهدًا على جبروتها وإصرارها على تلجيم حقوق زوجها وإخضاعه لآرائها لفرض سيطرتها عليه وعلى كل من فى القصر مستخدمة البوز المتين سلاح المرأة المصرية الأصيلة فى معركتها ضد زوجها وكدهون عاشت سيدة.