الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الممنوع والمرغوب

الممنوع والمرغوب

لا توجد كلمة فى اللغة العربية؛ خصوصًا فى هذه الأيام، أثارت الجدل بين الناس أكثر من كلمة ممنوع، ورُغْمَ أن الكلمة ومعناها واضح وضوح الشمس؛ فإنه يوجد بيننا العديد ممن لا يعترفون بها ويكاد يصل بهم الأمر إلى رفضها ومقتها، تحت شعار أن كل ممنوع مرغوب، وهو الشعار الذى يستغله البعض من أصحاب النفوس المريضة، فى إحداث حالة من التوتر والارتباك فى المجتمع لتحقيق أهداف خاصة، معتمدين فى ذلك على ارتفاع وتيرة الممنوعات أو لنقل المحظورات التى قد تواجههم فى حياتهم اليومية، فهذا المكان ممنوع الوقوف فيه، وممنوع التحدث بصوت عالٍ داخل المؤسَّسات العلاجية، التدخين ممنوع فى هذه القاعة، ومحظور الوقوف فى هذا المكان، وغيرها من الممنوعات التى نص عليها الشرع والقانون.. قائمة طويلة من الممنوعات والمحظورات والمحرمات ليس لها من آخر، لا يرفضها إلا البعض ممن لا يحترمون شرائع أو قوانين أو حتى عادات أو تقاليد، فعندما نقول ممنوع التدخين فى الأماكن العامة والمواصلات نجد من يصر على مخالفة ذلك، وكأنه الوحيد الذى يستخدم تلك الوسيلة ولا أحد سواه، وعندما تعلق لافتة بأن هذا المكان ممنوع الاقتراب منه أو التصوير؛ فإنه من المؤكد هناك أسباب أمنية تفرض هذا الأمر، أو ممنوع من النشر، فذلك مرجعه أن النشر هنا فى غير صالح التحقيق لأن قرار المنع هنا يصدر من خلال مكتب النائب العام، وعندما يرفض الحديث بصوت عالٍ فى المؤسَّسات العلاجية؛ فذلك يعود إلى البحث عن راحة المرضى وعدم إزعاجهم، وعندما يمنع البناء من دون رخصة؛ فإن ذلك سببه مخالفات البناء التى تؤدى فى النهاية إلى انهيار وتصدع عمارات لم يمر على بنائها سوى سنوات قليلة، من قِبَل مقاولين جشعين وأصحاب ضمائر خربة لا يعرفون معنى الرحمة أو الإنسانية، وعندما نجد لافتة مكتوبًا عليها ممنوع الدخول؛ فذلك يعود إلى أن هذا الشارع قد يكون ذات اتجاه واحد، وعدم الأخذ بما هو مكتوب عليها ممكن أن يسبب حوادث وكوارث نحن فى غنى عنها.



جميعها ممنوعات لها أسبابها المنطقية فى فرضها على المواطن، يأتى فى مقدمتها مصلحته ومصلحة المجتمع.. ولذا يبقى السؤال هنا: ماذا يضير الرافضين لكل ما هو له علاقة بكلمة ممنوع وما يماثلها فى معناها سواء كانت «محظور» أو «محرم» أو «غير مسموح»؟ أعتقد أن الإجابة هنا لم ولن تخرج عن إجابتين لا ثالث لهما؛ الأولى أن هناك من اعتاد الفوضى وعدم احترام القانون أو العادات والتقاليد التى نشأ عليها المجتمع، بالإضافة إلى عدم المبالاة وقلة الوعى والثقافة والتربية منذ الصغر، وهؤلاء تحديدًا مؤكد أنهم اعتادوا عدم احترام أحد كبيرًا كان أمْ صغيرًا وبالتالى ارتكاب المخالفات وخرق الممنوعات لا يشغل عقولهم، أمّا الثانية فمؤكد أنهم فئة تهدف لإعلاء مصلحتها على مصلحة الدولة وتدرك تمامًا ما تفعله، من أمثال أعضاء الجماعة إياها المعروفة أهدافهم للقاصى والدانى من أبناء شعبنا، والشاهد عليها جرائمهم وأعمالهم الخسيسة فى حق الوطن، المعدة وفقًا لأچندة مقررة عليهم من قبَل من توهموا يومًا أن باستطاعتهم حكم مصر، بمشاريعهم الوهمية التى أتحفونا بها سَنة حكمهم السوداء، بالمناسبة هؤلاء لا يعرفون فى الأصل أو يوجد فى قاموس لغتهم كلمة ممنوع؛ لأنهم تربوا على مبدأ السمع والطاعة دون أن يكون لهم حق المناقشة أو حتى الاستفسار، وما عليهم سوى التنفيذ، وهذا ما عبر عنه بحرفية الكاتب الراحل لينين الرملى فى فيلم (الإرهابى) عندما قال أمير الجماعة «سيف» الذى لعب دوره الفنان الراحل أحمد راتب لرجلهم الفنان عادل أمام «على عبدالظاهر»: (لا تناقش ولا تجادل يا أخ على) حين طلب منه قتل الكاتب «فؤاد مسعود» لعب دوره الفنان الراحل محمد الدفراوى لاعتياده الهجوم عليهم وفضح منهجهم وأسلوبهم، مثلما كان يفعل فى الحقيقة الراحل الدكتور فرج فودة الذى اغتالته فرق الجماعة المسلحة أمام منزله، هذا هو المسموح فقط لجُل من ينتمون لهذه الجماعة التى لا تعى ولا تعرف معنى كلمة ممنوع وبالتالى لا تأخذ بها، ومن هنا نتبين أن الممنوع من وجهة نظرنا مسموح بالنسبة لهم طالما سيحقق أهدافهم وأغراضهم، ولذلك لا أستغرب من قيام رجالهم الهاربين فى الخارج بالنعيق مثل البوم يوميًا مطالبين إيانا بعدم الصمت على جُل ما تفرضه علينا القوانين والعادات والتقاليد من ممنوعات، ولكنى أبشرهم أن جُل ممنوع لديهم هو مرغوب لدينا طالما كان يصب فى صالح مصر  وأمنها.