السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كيف ولماذا؟ حكـــم السيسى مصـــر "العادلى والتوريث "

كيف ولماذا؟ حكـــم السيسى مصـــر "العادلى والتوريث "

من اقترب لكواليس يناير 2011م يعلم جيدًا أن الثورة النظيفة الصادقة استمرت ثلاثة أيام فقط، من 25 حتى 28 يناير، وفى هذا اليوم بدأت «حرب قذرة» على الجيش، لأنه اليوم الذى طلب فيه «مبارك» أن ينزل الجيش الشارع لحماية البلاد والعباد، هنا وجد أربابه أنه خرج عن السياق الذى رسموه له وأداروه بضغوط أسرية عليه، وقامت ثلاث كتل تعبث للقضاء على الوطن والثأر من الشعب والجيش، كل لحساب مصالحه، وللأسف اجتمعوا فى الخراب، انضم لنظام التوريث المباركى «الإخوان» وأيضًا «قوى سياسية» أصحاب منافع لنيْل جزء من «تورتة السلطة» بعد أن أهدروا وطننا بدم بارد وخِزْى وعار.



 

«العادلي» يفكك الداخلية لحساب «التوريث»

شواهد كثيرة، بل شهادات من قادة الشرطة أنفسهم تقول بأن وزير الداخلية بنظام مبارك «حبيب العادلي» قد خان الشرفاء من رجاله وقذف بهم لأيادى الإخوان والغوغاء، وقام بتفكيك وزارته قبل أن يختفى محاطًا بأمن خاص من رجاله المقربين له، وأنه قام بأعمال مخزية فى حق الوطن والجيش، غير مبالٍ بالعواقب، فقط عمل حسابه ألا يترك وراءه ما يدينه- من وجهة نظره- لكن الله كان له بالمرصاد. «العادلي» كان الرجل الأول الذى يعتمد عليه «جمال مبارك» لتمكينه وتوريثه نظام الحكم فى مصر ومعه «اللواء حسن عبدالرحمن» الذى كان يرأس «أمن الدولة» وقتها يمثل القبضة الحديدية لهذا المشروع وإنجاحه، وظل «العادلي» قادرًا على إقناع «جمال» بأن زمام الأمور فى يده حتى إنه لم يهتز له جفن مع التداعيات الأولى التى كانت تنذر بما يعد لـ25 يناير من توعُّد لقوى سياسية وشباب ثائر منه بوازع وطنى وآخر من أجل حفنة دولارات، إلا أن «العادلي» ساقه غروره بأنه قادر بأجهزة وزارته أن يخيف ويٍُقهر المتوعدين والرافضين بداية للتوريث والقهر والطبقية المغالى فيها، 25 يناير كان يومًا مشهودًا لم يقدّر «العادلي» ومعه نظام مبارك بالكامل ماذا يحدث؟ فى هذا اليوم ذهبت وزملائى مندوبو مجلس الوزراء إلى مقر المجلس بشارع قصر العينى لنفاجأ أن عمل المجلس انتقل إلى «القرية الذكية» التى تعتبر الحصن الأمين، وبيت الدكتور «أحمد نظيف» رئيس الوزراء وقتذاك، بعد أن نالتنا طوال الطريق قنابل الغاز المسيلة للدموع التى كان يتم قذفها بالطرُقات والشوارع لوقف المتظاهرين، كنا بداخل سيارة أحد الزملاء، التى حُشرنا فيها لعدم وجود وسيلة أخرى.. المهم بمجرد وصولنا أسرعنا جميعًا إلى المتحدث الرسمى للمجلس «مجدى راضي»، الذى أفضى إلينا أن المجلس يدير اجتماعًا للمجموعة الاقتصادية، وقتها أعلنا جميعًا أن هناك سوء تقدير من المجلس لإدارة أزمة  المتظاهرين؛ لأنه يتناول شيئًا لا يهم أحدًا الآن والموقف تعدّى ذلك، رد علينا «راضي» بعصبية وقال: «وإحنا مالنا، الداخلية هى من تدير الأزمة».

علقنا وقلنا: «الداخلية تاني!!.. المتظاهرون يرفضون التدخل الأمنى فى حل مشاكل لا تخصه.. المهم أدار لنا ظهره غير آبه، وعليه قمت بكتابة خبر مضمونه أن مجلس الوزراء أسند التعامل مع المظاهرات للداخلية، وأرسلته إلى «اليوم السابع»؛ حيث كان وقتها الموقع الوحيد والسريع لنقل الأحداث، وما أن تم نشر الخبر حتى جاء «راضي» مهرولاً يلومنى على كتابته، وقال: «أنا قلت لكم مين بيدير الأزمة ولكن ليس للنشر»، وقام بالاتصال بالموقع لرفع الخبر، عند ذلك كان المجلس قد وصل إلى المأزق الذى وضع نفسه والداخلية فيه بأنه لا يبالى بما يحدث فى الشارع وأن «العادلي» هو المتصرف بأسلوبه الأمنى الفج.

فى اليوم التالى 26 يناير كان «العادلي» فى موقف لا يُحسَد عليه، فلم تكن لديه رؤية للتعامل مع ما يحدث فى الشارع الذى كان أسرع منه فى الأحداث، وإذا بالنداءات تندد بالشرطة ومطالبة بانسحابها، وبدأت بوادر العنف، عند ذلك قام «العادلي» بسَحب جزء من القوات الأمنية، وبعض المجندين بالأمن المركزى هرب إلى القرى وترك الخدمة بإيعاز من بعض المتظاهرين الغوغائيين فى ميدان التحرير الذى أصبح ساحة تضم الملايين من كل صوب وحدب، يوم 27 أخبر «جمال مبارك» «العادلي» بأن والده سوف يستعين بالجيش وعليه أن يتصرف حتى لا يأتى المشير «طنطاوي»، واللواء «عمر سليمان» على رأس المشهد، وهنا بدأ «العادلي» خطته الجهنمية، ليس لمعالجة أمر المظاهرات، ولكن إعاقة الجيش عن أداء دوره الذى طلبه منه رئيس الدولة «حسنى مبارك» بأن ينزل لحماية المتظاهرين والمنشآت الحيوية.

فى هذه الأثناء كان الاتصال بين  «طنطاوى وسليمان» على مدار الساعة، وهذا كان السبب الرئيسى ليعد «جمال والعادلي» انقضاضهما دون هوادة، بداية قطع الاتصال عن «المحمول والنت»، وهنا تأتى شهادة قيادة من الداخلية هو مدير أمن الإسكندرية وقتذاك اللواء «محمد إبراهيم»، الذى أصر أن يقول شهادته على الملأ ويوضّح موقفه ويبرئ ساحته أمام الشعب المصرى بعد أن نكل به وأحيل إلى المحاكمة، وبعد حصوله على البراءة فى 2013م طلب من المسئولين وكان وقتها الرئيس المؤقت المستشار «عدلى منصور» أن يظهر على قناة تليفزيونية مصرية ليقول شهادته، وبالفعل جاء الرجل على قناة النيل للأخبار، وذكر أنه حصل لتوّه على البراءة من التهم المنسوبة إليه، وجاءت شهادته بصدق وشفافية وكان متأثرًا ويريد رد اعتباره، وفيما عدا ما يريده هوه إلا أن ما قاله يستحق الوقوف أمامه والمطالبة بمحاسبة كل من «حبيب العادلى وحسن عبدالرحمن»؛ حيث قال اللواء «إبراهيم» إنه منذ يوم 26 يناير قطع الاتصال بينه وبين مركز القيادة فى الوزارة بالقاهرة أو بأى مكان آخر يتبع وزارة الداخلية، وأنه اعتقد أن الأحداث التى أمامه هى بمحافظة الإسكندرية فقط، حتى صعد إلى أحد المنازل بمنطقة «القائد إبراهيم» وأجرى اتصالاً من تليفون أرضى بالوزارة ليقولوا له إن الأحداث عامة بكل محافظات الجمهورية، وإن على كل منهم القيام بما يراه، وذكر أيضًا إنه يوم 28 يناير كان «الإخوان» قد جهزوا صفوفهم فى الغياب الأمنى وفرضوا سيطرتهم على المشهد.

ويضيف إنه فى عدم وجود ذخيرة اللهم إلا قنابل الغاز تعامل هو ورجاله، ولكن الموقف كان أكبر من مقدراتهم- كما يقول- ما جعله يسافر إلى القاهرة لمقابلة «حبيب العادلي»، ولكنه كان قد اختفى ولا أحد يعرف أين هو؟ وحاول الوصول إلى بعض زملائه والمسئولين بالوزارة الذين قالوا له: تصرَّف كما ترى. سألهم عن خطة الطوارئ فقالوا لا يعرفون عنها شيئًا، طلب إمدادًا قالوا: لا يوجد، وكانت الرسالة الوحيدة التى حملها لهم «العادلي» قبل اختفائه هى أوامره بعدم إطلاق النار مهما حدث، رجع مرة أخرى الإسكندرية ليجد «الإخوان والسلفيين» يملأون الميادين، وزاد عليهم بلطجية لا يعلم من أين أتوا، ولكنهم ساعدوا فى تهريب من بالسجون فى غياب سلاح لديه والإخوان والبلطجية مسلحين بسلاح الداخلية الذى لا يعرف كيف وصل إلى أيديهم، ولم يصل إليه هو وزملاؤه. (انتهت شهادة الرجل).

أبناء «الإخوان» فى الداخلية

احتفى أصحاب الثورة النظيفة بالجيش على مدار خمسة أيام من 28 يناير حتى 2 فبراير، كانت تقدم للجنود والضباط الزهور والحلوى وكل مظاهر الود والإجلال، لأنهم نزلوا لحمايتهم فى الميدان بعد أن سحب «العادلي» الشرطة وترك الساحة لكل من تسوّل له نفسه النيل من المواطنين ومنشآت الدولة، وعمّت الفوضى،وكان انضمام «الإخوان» والبلطجية والغوغاء بإيعاز من رجال الحزب الوطنى وحبيب العادلى ليتزامن ونزول الجيش يوم 28 يناير، فى هذا التاريخ فتحت السجون وسرقت الأسلحة والذخائر، وعندما حاول الشرفاء من رجال الشرطة التصدى لهم عندما حاولوا تهريب المجرمين من غرف الحجز المؤقت وأيضًا حاولوا حماية أسلحتهم من السرقة، قام «الإخوان» والمجرمون بذبحهم والتنكيل بجثثهم، والأكثر من ذلك قال لى «الإخوان»: لنا رجال فى الداخلية يعلمهم العادلى وإسماعيل الشاعر الذى يعمل بمكتبه ابن شقيقة الإخوانى «محمد طوسون»، وأيضًا أصهار القيادى الإخوانى «محمود حسين» ضباطًا بالشرطة، وأبناء أشقاء «رشاد بيومي» وعددهم ستة يعملون فى وزارة الداخلية، وأن هؤلاء كانوا مسئولين عن تهريب «خلية حزب الله» وبعض عناصر «حماس» من السجون المصرية، وأيضًا هروب «خيرت الشاطر وحسن مالك ومحمد مرسي» وآخرين.

لا أنسى مشهد محاكمة «حبيب العادلي» عندما كان يوجه القاضى إليه الأسئلة يرد بأنه لا يعلم وأن «عمر سليمان وحسن عبدالرحمن» هما اللذان يعلمان، كان يريد «العادلي» أن يلقى بالكرة فى ملعب «سليمان» حتى لا يظهر تواطؤه، أضاف إليه رئيس أمن الدولة الذى يعمل تحت قيادته والمفروض أن يكون قد أطلع «العادلي» عمّا لديه من معلومات، ولكن سوف تعلن الأيام بما تحويه فى جوفها عن التواطؤ الذى بين «العادلي» والتوريث المباركى ليخرج إلى حيّز الإعلان التام، إنه شبيه بما حدث مع رجال نظام «عبدالناصر» بعد مماته وتواطؤهم على الرئيس «السادات».

 ائتلاف موقعة الجمل

فى 2 فبراير 2011م كان التواطؤ المكوّن من ائتلاف ثلاثى «رجال العادلى،رجال الحزب الوطنى،الإخوان» بعد اتصالات سرية بينهم فى محاولة لإفساد العلاقة الحميمية بين الجيش والمتظاهرين «أصحاب الثورة النظيفة»، ووصلوا إلى مخطط العنف الذى حدث فى موقعة الجمل الشهيرة فى هذا اليوم، ولكن لماذا فكروا فى أن الأداة ووسيلة الوصول تكون «الجمال والبغال والخيول» ويكون السلاح: أبيض، خناجر، وسكاكين، ومطواة قرن غزال!!، من أعد الخطة يعلم أن أكمنة الجيش التى انتشرت فى الميادين تقوم بتفتيش السيارات وإحراز أى سلاح نارى،ولذلك؛ فإن الجيش عندما كان يوقف راكبى الجمال ويسألونهم أين هم ذاهبون كان الرد يريدون مشاهدة ما يحدث فى الميدان، ولأنهم من مناطق بعيدة عن التحرير وجاءوا من ضواحى الجيزة ولا توجد وسائل مواصلات؛ فإنهم ركبوا الجمال التى يعملون عليها فى مهنتهم مع السُّياح، وبتفتيشهم لم يكن معهم أيُّ سلاح لا نارى ولا أبيض، وما حدث أن الأسلحة البيضاء سُلمت لهم فى الميدان بواسطة آخرين يعرفونهم وكانوا فى انتظارهم، والمقصود أن يخاف المتظاهرون ويفروا إلى بيوتهم، ومن ناحية أخرى إظهار الجيش بأنه لا يقوم بدوره فى حماية المتظاهرين، كانت تلك المحاولة هى الخطوة الأولى لظهور ما أطلق عليه «الطرف الثالث أو اللهو الخفي» وهو أيضًا من أرباب الائتلاف السابق ذكره، فكل هؤلاء ومعهم الغوغاء والقوى السياسية المعارضة كان لهم «طرف ثالث» يعمل لحسابه، ولذلك كان كل منهم يسأل عن الطرف الثالث الذى لا يعمل لحسابه الخاص

الجيش يفصل قطاع الأخبار عن «الفقي»

فى اليوم التالى لموقعة الجمل وهو 3 فبراير 2011م تحديدًا، قام المجلس العسكرى بفصل قطاع الأخبار عن وزير الإعلام وقتذاك «أنس الفقي»، بعد أن قدم رئيس المخابرات العسكرية «عبدالفتاح السيسي» مذكرة وافية عما حدث فى موقعة الجمل وما يحدث فى تليفزيون الدولة من عبث، وذلك كان بداية ثورة لم تتم فى ماسبيرو؛ حيث عدم الخبرة لدى المسئول الإعلامى العسكرى، ومن ناحية أخرى الطابور الخامس الذى حشده «صفوت الشريف» داخل المبنى، ويحسب لـ«عبداللطيف المناوي» - رئيس قطاع الأخبار وقتها- بأنه استغنى عن عباءة الحزب الوطنى ولجنة السياسات فى ساعة حاسمة من تاريخ مصر وتعاون مع المجلس العسكرى.

ويُعتبر يوم 3 فبراير نقلة فى أحداث 2011م وثورة استمرت نظيفة ثلاثة أيام فقط، بعدها صارت مؤامرة كبرى على الوطن داخليًا وخارجيًا، فى هذا اليوم قام «مبارك» بإقالة وزارة «أحمد نظيف» وتكليف «أحمد شفيق» بتشكيل وزارة جديدة.. فماذا حدث؟