
محمد جمال الدين
عمار يا مصر
ما شهدته وشاهده غيرى من سوء تنظيم وأزمات تكاد تصل إلى حد الفضائح، فى بطولة الأمم الأفريقية لكرة القدم المقامة حاليا فى الكاميرون، يجعلنى أقول وبعلو الصوت عمار يا مصر، ويؤكد أن مصر عندما استضافت نفس البطولة وبنفس عدد الدول المشاركة فى البطولة الحالية قدمت لأشقائها فى القارة السمراء جل شىء، فنادق خمس نجوم وملاعب لا تشوبها شائبة وتنظيم على أعلى مستوى، وأمن وأمان ووسائل انتقالات حديثة، مراكز إعلامية لمراسلى الصحف ووكالات الأنباء لنقل ما يحدث فى البطولة لجميع أنحاء العالم، خدمات وتسهيلات ضمنت خروج البطولة فى أبهى صورها، وهذا تحديدا ما جعل معلق شبكة قنوات بين سبورت الرياضية الجزائرى حفيظ دراجى يقول: أن مصر وضعت جميع الدول الأفريقية فى مآزق ورفعت سقف الطموح حاليا بتنظيمها للنسخة السابقة من كأس أمم أفريقيا بحضور 24 منتخبا للمرة الأولى، وسيصعب على أى بلد آخر تنظيم البطولة بنفس هذه الروعة تنظيميا وفنيا، مقارنة بالمعاناة التى لا حصر لها فى البطولة الحالية، التى لم يتوقعها القائمون على إدارة شئون الكرة فى الاتحاد الأفريقى للعبة، وبمعنى أصح تغافلوا عنها أمعانا فى العند والتكبر الذى تمكن منهم ولم يستمعوا لصوت العقل الذى طالبهم بتأجيل البطولة نظرا لتفشى وباء كورونا فى القارة الأفريقية، وعدم استعداد الكاميرون بالشكل الكافى لتخرج البطولة بالمستوى اللائق، خاصة أن البلد المنظم يعانى من مشاكل واضطرابات أمنية فى بعض الأقاليم، بسببها خرجت تهديدات بالنيل من لاعبى الدول المشارك.
لكنه كما سبق وذكرت أنه العند والتعصب ولا شيء سواه، الذى جعل النجم الكاميرونى روجيه ميلا يهاجم مصر والمغرب بحجة عدم ترحيبهما بإقامة البطولة، وبالتالى طلب منهم اللعب فى قارة أوروبا وترك أفريقيا السمراء لأهلها، تصريح عنصرى وصادم من لاعب أحبه وأشاد به الجميع وينزع عنه صفة النجومية التى كان يقابل بها على الأقل فى مصر التى سبق وأن استقبلته بترحاب شديد أكثر من مرة.
وبعيدا عن ميلا ورجال الاتحاد الأفريقى الغافلين قصدا عن عدم الاستعداد، يكفى أن نذكر أن أغلب الفرق احتجت على فنادق الإقامة التى لا توفر الحد الأدنى من سبل الراحة، وهو نفس ما يحدث فى وسائل الانتقالات ويكفى أن اللجنة المنظمة للبطولة وضعت صور لمشجع من جنوب أفريقيا على الحافلة الخاصة بمنتخب جزر القمر مما أدى إلى استياء مسئوليه، الذين طالبوا باعتذار رسمى بسبب هذا الخطأ، وكذلك يكفى أن نذكر واقعة الاعتداء على الصحفيين الجزائريين من رجال الأمن مما تسبب فى إصابة بعضهم بجروح، لمجرد أنهم طالبوا متابعة تدريب فريقهم، وكاد الأمر يتحول إلى أزمة لولا تدخل الجهاز الفنى للفريق الجزائرى الذى سمح للصحفيين بمتابعة التدريبات، وفى مباراة مصر ونيجيريا توقف اللعب أكثر من مرة بسبب أن الكرات المستخدمة فى اللعب غير مطابقة للمواصفات، حتى كانت الطامة الكبرى أو الفضيحة التى تحدث عنها العالم جله والخاصة بمباراة تونس ومالى التى أنهاها الحكم قبل اكتمال وقتها الأصلى، وهى الفضيحة التى تثبت بالدليل القاطع أن الاتحاد الأفريقى ولجانه لم تكن على أتم الاستعداد لتأهيل حكام البطولة الذين يعدون من أهم عناصر اللعبة، وهى الواقعة التى جعلت مسئولى الاتحاد يترجون لاعبى الفريقين للعودة إلى الملعب لاستكمال المباراة، حفاظا على سمعة الاتحاد، الذى حصر اهتمامه فى أقامه البطولة والسلام، لكى يؤكدوا للكافة أنهم أصحاب الشأن والأمر والنهى فى جل ما يخص كرة القدم فى القارة، بعيدا عن سلطة الاتحاد الدولى للعبة. تواصلت الحالات المحرجة فى كأس أمم إفريقيا، مع عزف نشيد وطنى خاطئ لمنتخب موريتانيا 3 مرات، قبل مباراتها الافتتاحية ضد غامبيا فى استاد مدينة ليمبى، حيث بدأ لاعبو منتخب موريتانيا مرتبكين وبعضهم يهز برأسه، بعد محاولتين فاشلتين لعزف النشيد الوطنى، وهذا ما جعل مذيع الملعب يقول إن لاعبى موريتانيا سينشدون النشيد بأنفسهم، لكن محاولة ثالثة فاشلة سرعان ما قطعت بعد عزف النشيد القديم للبلاد مرة أخرى، عقب تلك الواقعة أصدر الاتحاد الأفريقى لكرة القدم بيانًا رسميًا، للاعتذار للاتحاد الموريتانى، بشأن عدم تمكنه من عزف النشيد الوطنى الموريتانى، وأوضح البيان: «بالنيابة عن رئيس الـ«كاف»، نتقدم بخالص الاعتذار إلى الاتحاد الموريتانى لكرة القدم، ومن خلاله إلى رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية وحكومته والشعب الموريتانى بأكمله».
توسل ورجاء لتونس ومالى واعتذار لموريتانيا وجزر القمر والبقية تأتى، لن نتحدث هنا عن جودة الإخراج والتصوير التى لا تليق ببطولة كبرى تعد فى المرتبة الثالثة من حيث الأهمية بعد بطولتى كأس العالم وأمم أوربا، عموما نحن لا نعرف حتى الآن ماذا تخبئه لنا الأيام القادمة فى هذه البطولة؟ والتى جعلت جل من يشاهدها يتذكر البطولة التى أقيمت فى بلدنا وما قدم لها من دعم لضمان نجاحها، وجعلتنى أنا شخصيا أقول بكل فخر واعتزاز عمار يا مصر يا أم الدنيا.