الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أول مغنية أوبرا مصرية تغنى على أعرق مسارح العالم السوبرانو «فاطمة سعيد»: أغنى فيروز وسيد درويش على طريقتى الأوبرالية

اسمعهن..

«روزاليوسف» تقدم مساحة حرة للتعرف على الموهوبات فى المجالات المختلفة.. نلقى الضوء على الأفكار.. التحديات.. الطموح.. نقدمهن للوسط الثقافى والفني.. من هنا تبدأ الرحلة فاسمعهن.. 



 

رغم حداثة سنهّا، إلا أنها تملك مسيرة فنية تتضمن سلسلة من الإنجازات العالمية المهمة، وأصبحت من ألمع نجوم الموسيقى الكلاسيكية فى العالم، هى السوبرانو المصرية العالمية فاطمة سعيد صاحبة صوت ذهبى يأسر القلوب، تحلق معه بتفاؤل وانسجام عندما تسمعها تُغنى فى احتفالات ليلة الميلاد لتستقبل معها العام الجديد برحابة وابتهاج، وتُباع تذاكر حفلاتها بالكامل سواء فى مصر أو الخارج.

نجحت فاطمة سعيد (30 عامًا) بتميزها واحترافيتها فى أن تصبح كأول مغنية أوبرا مصرية لتصعد للغناء على أعرق مسارح العالم على سبيل المثال وليس الحصر؛ قاعة «ألبرت هول الملكية»، بالعاصمة البريطانية لندن، ومسرح «آلا سكالا» فى ميلانو بإيطاليا، مسرح «أوبرا هامبورج والجيفاند هاوس» فى لايبتسيج و«الكونسرت هاوس» فى برلين، وكما غنت فى الأوبرا الملكية فى مسقط وأوبرا ويكسفورد والموتسارتيوم فى سالزبورج والكونتسرت هاوس فى فيينا و«أوبرا سيدنى» فى فرنسا.

منذ انطلاقتها الفنية وأصبح اسمها مقرونا بحصد الجوائز الكبرى، حصلت على المركز الأول فى «مسابقة الأوبرا العالمية السابعة لليلى جنشر» فى اسطنبول سنة 2021. وكذلك المركز الأول فى مسابقة «فيرونيكا دن العالمية للغناء» فى مدينة دبلن بأيرلندا سنة 2016، وفازت بالجائزة الكبرى فى «مسابقة جوليو بيروتى العالمية الأولى للأوبرا» فى ألمانيا عام 2012 والمركز الثانى فى «مسابقة الغناء العالمية السادسة عشر لروبرت شومان» فى مدينة تسفيكاو بألمانيا سنة 2014. الجائزة الشرفية من المجلس القومى للمرأة فى مصر سنة 2016 وكذلك جائزة الإبداع الرئاسية من الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى خلال مؤتمر الشباب 2016 لتكون أول مغنية أوبرا تحظى بهذا التقدير فى مصر.

ولكن يظل 2021 العام الذهبى لفاطمة سعيد حيث اقتنصت فيه ثلاث جوائز مهمة بعد صدور ألبومها الأول «النور» من إنتاج شركة «warner classic» وهى: أفضل فنانة شابة لعام 2021 من منظمة أوبوس كلاسيك «وهى إحدى أرفع الجوائز فى مجال الموسيقى الكلاسيكية بألمانيا، جائزة الجرامافون لأفضل مطربة ولأفضل أغنية، وجائزة أفضل صوت فى مسابقة مجلة BBC الموسيقية عن ألبوم «النور». 

بدأت فاطمة رحلتها فى دراسة الموسيقى والغناء على يد مغنية الأوبرا المصرية د.نيفين علوبة، وبالرغم من مخاوف عائلتها من السفر فى عمر الـ 14 عامًا، انتقلت من أوبرا القاهرة لمسرح لاسكالا فى ميلانو بإيطاليا، بعدما أقنعتهم لتكون أول مصرية وعربية يتم قبولها فى أكاديمية لاسكالا فى ميلانو، وتحصل على لقب «الوافد الجديد للعام» من قبل مجلة BBC  ميوزيك خلال نسختها السادسة عشرة.

حصلت فاطمة على البكالوريوس فى مادة الغناء الأوبرالى فى جامعة هانز أيسلر فى برلين بألمانيا، ثم حصلت على منحة فى أكاديمية تياترو ألّاسكالا بميلانو فى إيطاليا، وذاع صيتها كثيرًا حيث وصفها النقاد بأنها «ماريا كالاس» القادمة وهى من أشهر مغنيات الأوبرا فى العالم، كما وصفت الجريدة الألمانية الفرانكفورتر ألجيماينه فاطمة بأنها «اكتشاف»؛ إذ إن أداءها «مبهر وخالٍ من الأخطاء».

فى مقابلة مطولة عبر منصة zoom أجرت روزاليوسف حديثها مع السوبرانو المصرية العالمية فاطمة سعيد أثناء إقامتها بالعاصمة البريطانية لندن، فلنبدأ.. بـ«النور». 

 ألبومك الأول الجرىء فنيًا.. كيف أقنعت «Warner Classics» إحدى أعرق شركات إنتاج الموسيقى الكلاسيك فى العالم لتُغنى «بنت السلطان» و«يمامة بيضا» و«الحلوة دى» أوبراليًا؟ 

 - بلاشك أن فكرتى لإدخال مقطوعات بالغناء العربى فى الألبوم كانت تحديًا كبيرًا جدًا مع شركة «وارنر كلاسيك»، وبالمناسبة الشركة لم يكن لديها مانع من تسجيل موسيقى كلاسيكية عربية، كتلك المقطوعات التى كتبها شريف محيى الدين، جمال عبدالرحيم للصوت الكلاسيكى العربى، ولكن التحدى كان فى رغبتى تسجيل أغان مثل « يمامة بيضا» «واعطنى الناى وغنى» «وكان عندنا طاحون» وغيرها، صحيح هى مؤلفات معروفة فى عالمنا العربى بإنها كلاسيكية وذلك لتاريخها وأهميتها؛ ولكنها ليست كلاسيكية بالمعنى الفنى وليست مكتوبة للغناء الكلاسيكى الأوبرالى، لذا سعيدة للغاية لإقناعى الشركة فى غناء هذه الأغانى بطريقتى ونصنع لها توزيعًا جديدًا ومختلفًا.

 ولكن أليست مغامرة فى أول البوم لك تنافسين به فى السوق الأوربية الغناء بالعربية؟

 - أوًلا «مقدرش أقارن نفسى بصوت مثل فيروز» وأعلم جيدًا أن هناك أصواتًا عربية تُغنى بالتكنيك العربى بطريقة ممتازة، ولا يمكن مقارنتى بهم لأن هذه دراستهم من سنين طويلة، ولكن هذا لا يمنعنى من الغناء بالعربى، ولذلك عثرت على الاستايل العربى الذى يلائم صوتى، وهذا الاستايل مزيج مابين صوتى الأوبرالى ونَفَسى الذى تعلمته من الأوبرا وكذلك نطقى الصحيح للغة العربية، مضافًا إلى كل ذلك توزيع مختلف للأغانى عن تلك التى سمعها المواطن العربى من قبل فى تسجيلات فيروز وسيد دوريش، حتى أبتعد تمامًا عن هذه المقارنة.

أما بخصوص مغامرة الغناء بالعربية فى أوروبا، تسجيل ألبوم غنائى كلاسيكى أمر مختلف عن اسطوانة جديدة لبيونسيه، إديل أو عمرو دياب، الجمهور ينتظر منهم كلمات أغانى وموسيقى جديدة، ولكن الأوبرا ليست كذلك، دائمًا ما تُغنِى المؤلفات القديمة، ولذلك لدى إيمان تعلمته من الموسيقى الكلاسيكية أنه لو توقفت محاولتنا لتقديمها بطريقة إلقاء وتوزيع مختلفة هتموت، لن يسمعها أحد الآن، لأننا هنكون متوقفين فقط عند الإنتاج الموسيقى الذى تم تسجيله قبل 300 عام!، لذلك تحمست جدًا لتقديم الموسيقى العربية بطريقة مختلفة عن تلك التى نعرفها ونسمعها منذ سنوات طويلة فى أول البوماتى.

 صفِ لى شعورك بفوزك بلقب أفضل فنانة شابة لعام 2021 وما تُمثله لك الجوائز العديدة التى حصدها الألبوم هذا العام؟

- سعيدة و«مخضوضة ومتفاجئة» جدًا، لأن مدير أعمالى نصحنى بعدم توقع نجاح باهر لأول ألبوم وأن الدخول لعالم التسجيل يحتاج وقتًا طويلًا لحصد الجوائز. بالفعل لم أبنِ توقعات كبيرة وتفاجأت مع كل جائزة من الجوائز الثلاث لقيمتها الفنية الكبيرة؛ وشرف كبير نيل جائزة أفضل فنانة شابة من مؤسسة «أوبوس كلاسيك» Opus Klassik فهى تمثل ألمانيا، وكذلك جائزة أفضل صوت فى مسابقة مجلة BBC music فهى تمثل إنجلترا، وكذلك الجرامافون التى تُعد أكبر جوائز الموسيقى الكلاسيكية. بينما تعود أهمية الجوائز بأنها منحتنى شعورًا «مُريحًا» بأن فكرتى ورسالتى من الألبوم وصلت للجمهور. فخورة أيضًا لكونى مغنية شابة تحصد هذه الجوائز لأنها تعكس اهتمام واحترام الغرب لشباب الموسيقيين والمغنين الكلاسيك، وتُشجعنا للعمل بجدية أكثر و«لنضع قلبنا فى كل اللى بنعمله مستقبًلا».

 «أتمنى يصل فن الأوبرا لشوارع وحارات مصر»..  تصريح قديم لك..فى رأيك لماذا يظل جمهور الأوبرا فى مصر نخبويًا.. رغم أنه فن عرفناه قبل 150 عامًا تقريبًا على تأسيس الأوبرا ؟

 - فى الحقيقة الجمهور المصرى أذنه موسيقية جدًا أكثر من شعوب أخرى وذواق للأوبرا وكل الفنون، لديه إحساس عالِ بالإيقاع والفن، أمنيتى فعلا تغيير هذه الصورة النمطية لفن الأوبرا أنها للأغنياء وللنخبة فقط، إن أعظم عهد للأوبرا فى إيطاليا بآواخر القرن الـ19، معظم قصصها كانت من الواقع عن الفقر والمرض والصعوبات التى يعيشها الشعب البسيط وليست كما كانت تُكتب من قبل عن حياة القصور والملوك، إذًا الأوبرا فن لكل الجماهير وهذا دورنا كمغنين أوبرا تقريب هذا الفن للناس، ولكن نحتاج أن تكون البداية من المدارس أيضًا، ثم يأتى دورى كفاطمة أقوم بالشرح قبل كل أغنية يسمعها الجمهور وأحكى عن ماذا تدور، ولماذا يرتفع وينخفض صوتى فى مناطق معينة من الغناء، وهكذا.. وحقيقى النتيجة تكون مُدهشة؛ فالجمهور بعد 3 دقايق يتفاعل بصورة رائعة مع الغناء.

 ما التحديات التى تواجه عالم الغناء الأوبرالى؟

- الأزمة تعود للتعليم فى الأساس «من سيلتحق بالدراسة فى الكونسرفاتوار وهو لم يسمع موسيقى طول حياته فى المدرسة؟! يجب أن نبدأ من التعليم الأساسى فى المدارس الحكومية، وهذا ما أراه فى الغرب وأتمنى أن يتحقق فى مصر، أن يكون لدينا منهج موسيقى يعلم الطلاب من هى أم كلثوم، عبدالوهاب، بليغ حمدى، لم أقل تدريس الموسيقى الكلاسيك عن بيتهوفن أو موتسارت، لكن لاينبغى أن نكون بلد بهذا التاريخ الموسيقى والفنى العظيم ولايعرف الجيل الجديد من هو القصبجى أو عمالقة الموسيقى الكلاسيكية العربية؟! لأن غياب هذا التأسيس، يقلل من فرص الاختيار ولانستطيع لومه عندما لا نجده يسمع سوى الموسيقى الموجودة حاليًا!

 صعدت للغناء على أعظم مسارح العالم ولكن تحرصين دائمًا على المشاركة فى مهرجان قصر المنيل للموسيقى الكلاسيكية فى عامه الثالث.. أهميته لك؟

- يعود ذلك لأهمية المهرجان، فهو الوحيد المعنى بالاهتمام ونشر الموسيقى الكلاسيكية فى مصر، أتمنى أن يزيد العدد مستقبًلا ويُنظم خارج العاصمة. 

 مسيرة فنية عامرة بالإنجازات العالمية رغم السن الصغير.. كيف تحقق هذا النجاح؟

- لم يتحقق ذلك بسهولة، هناك وجه آخر شاق وصعب لمغنية الأوبرا، الجمهور يرى فاطمة بفستانها الجميل والميكب والشعر والغناء على مسارح عالمية رفيعة، لكن خلف ذلك تمرين مستمر ومذاكرة وسماع موسيقى وحديث مع موسيقيين؛ لأن الموهبة وحلاوة الصوت وحدهما لايكفيان ولكن بقدر إعطائك لأكبر عدد من الساعات لعملك ستكون النتيجة أفضل، لأن المنافسة شرسة جدًا فى أوربا فى مجال الموسيقى الكلاسيكية، عكس مصر كل مغنيى الأوبرا يعرفون بعض، ولكن هنا (ألمانيا – فرنسا- إيطاليا.. إلخ) الأعداد كبيرة جدًا لا يعرف مغنى أوبرالى زميله فى نفس المدينة!، ومن ثم الاختبارات عنيفة والاختيارات دقيقة من بين 3000 متقدم للغناء لدار «أوبرا دريسدن» مثلا يتم اختيار مغن واحد فقط.. هل تتخيلين الصعوبة!

مضافًا لذلك التكيف مع نمط حياة صعب مثل؛ العمل فى العطلات الأسبوعية، لا يوجد لدى أجازة صيف أو شتاء أو كريسماس لأن هذه الأوقات الذى يتنزه فيها الجمهور ويذهب للمسارح، لم أحضر مناسبات عديدة لحظات مهمة مع عائلتى فى مصر، لا أستطيع الخروج للسهر مع أصدقائى أو حضور حفلات أعياد ميلاد، لأن تواجدى فى أماكن مزدحمة وصاخبة يتطلب رفع الصوت ومن ثم يؤدى إلى إرهاق صوتى وعرقلتى عن حضور التدريب أو حفلة بالصباح التالى! حرفيًا «باى باى للحياة الاجتماعية لمغنية الأوبرا». 

 بعد غنائك لعبدالوهاب «صوت الجماهير» وفيروز وغيرهما من المطربين هل يمكن غناء بعد تيمات من أغانى «أم كلثوم» أوبراليًا؟

- لست متأكدة من عمل ذلك ! ولكن تكنيك غناء أم كلثوم يعتمد على الصوت الخارج من Chest Voice، فصوتها رخيم وقوى، وصعب جدًا على مغنى الأوبرا يغنى أغنيات أم كلثوم، ولكن مثلا صوت فيروز وتكنيك غنائها المعتمد على Head Voice وهو ذات تكنيك الأوبرا فى الغناء لذا فيروز هى الأقرب لصوتى من حيث تكنيك الغناء؛ ومن ثم تكون اختياراتى لنشيد مثل صوت الجماهير ونشيد القسم، وكذلك بعض مقاطع من أغانى شادية، ليلى مراد وصباح وليس الأغنية كاملة، محسوبة بدقة وتكون ملائمة لتكنيك غنائى الأوبرالى. 

 ما هى مشروعاتك المقبلة؟

- نجهز للألبوم الثانى مع شركة «وارنر»، ولا أستطيع الكشف عن أى تفاصيل له الآن، ولكن سعيدة جدًا بالمشروع الجديد المقرر أن نطلقه فى 2022، ثم لدى جولة مكثفة من الحفلات مطلع يناير بالعام الجديد فى كل من موناكو، هولندا، «برمنجهام» بإنجلترا، كليفلاند بالولايات المتحدة الأمريكية و«كولون» بألمانيا.