السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

كيف تقود «مصر» أزمة تغير المناخ؟! صافرة انطلاق (COP27) تبدأ من منتدى شباب العالم

بعد أن عصفت الأعاصير بالبلاد، وضربت الفيضانات المدن، والتهمت الحرائق الغابات، واجتاحت موجات الحر والجفاف مناطق كاملة، وكشرت الطبيعة الأم عن أنيابها لكل بلد تقريبًا بمناخ غير معتاد، انتبه العالم  أخيراً  إلى خطورة أزمة المناخ التى على وشك الخروج عن السيطرة؛ وهو ما دفع بعض الدول -خلال السنوات القليلة الماضية- باتخاذ خطوات مبدئية لاحتواء الأزمة.



 

كانت «مصر» ضمن أوائل المنتبهين لهذه الأزمة فى الأعوام السابقة، حيث شهد ملف البيئة علامات فارقة، منذ تولى الرئيس «عبدالفتاح السيسى» رئاسة الجمهورية، زادت من تنامى الدور المصرى فى المجال البيئى على الساحة الإقليمية والعالمية، عبر وضع القيادة المصرية قضية المناخ ضمن أولويات الأجندة الوطنية.

وقد ظهر ذلك فى العديد من المجالات عبر جهود تحسين منظومة البيئة مع الاستراتيجية العامة للدولة للإدارة الرشيدة للنظم البيئية والموارد الطبيعية، والتوسع فى استخدام الطاقة النظيفة من الغاز الطبيعى، واستكمال منظومة التعامل مع المخلفات الصلبة، وغير ذلك من مشاريع تساهم فى التحول للاقتصاد الأخضر. هذا بالإضافة إلى دور «مصر» الفعال على المستوى الإقليمى والدولى من خلال عقد مباحثات ثنائية، أو مشاركتها فى المؤتمرات الدولية لبحث سبل مواجهة تغير المناخ ومكافحة تداعياته السلبية، ولعل أبرز حدث دولى شاركت فيه الدولة المصرية بقوة العام الماضى، هو مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخى (COP26)، الذى عقد فى «جلاسجو»، وأسفر عن عدد من القرارات المهمة.  

الانطلاق من مؤتمر الشباب 2022

تأكيدًا على الاهتمام المصرى بمجال مواجهة أزمة تغير المناخ، تم تخصيص جلسة لقضية المناخ ضمن الفعاليات الرئيسية لليوم الثانى لمنتدى شباب العالم فى دورته الرابعة، الذى عقد خلال من 10 إلى 13 يناير الجارى بمدينة «شرم الشيخ»، ليطرح الشباب أفكاراً تفيد فى مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (COP27)، الذى تستضيفه «مصر» -أيضاً- نهاية هذا العام.

وبالفعل، بدأت فعاليات الجلسة النقاشية، التى كانت تحت عنوان «الطريق من جلاسجو إلى شرم الشيخ لمواجهة التغيرات المناخية» بعرض فيلم تسجيلى عن مخاطر التغيرات المناخية على كوكب الأرض، وما أسفرت عنه من خراب. ومن ثم، استعرض المشاركون نقاط القوة والضعف من منظور الدول الإفريقية، بالإضافة إلى أبرز المخاطر البيئية والمناخية الحالية والمستقبلية، وتأثيرها على دول العالم، والقارة الإفريقية، ومنطقة المتوسط.

 أولويات وطنية

فى كلمات جامعة مانعة، أوضح الرئيس «السيسى» - خلال الجلسة- عدد من النقاط الهامة حول أزمة تغير المناخ، وأهم القرارات التى اتخذتها «مصر» لمواجهة الأزمة، موضحًأ أولوية هذه القضية ضمن الأچندة الوطنية للدولة.. حيث أوضح الرئيس أن الإنسان، هو المخلوق الوحيد على الأرض القادر على الإصلاح والإعمار بقدر ما هو قادر على التدمير؛ مؤكدًا أن وجود الخطر لا يمنع وجود سبيل لمجابهته.

ثم أوضح أن هناك خطورة نابعة عن ازدياد عدد السيارات المتوقع خلال السنوات المقبلة؛ مضيفًا أن الحل يكمن فى إحلال السيارات التى تعمل بالوقود الأحفورى بأخرى تعمل بالكهرباء، أو الغاز الطبيعي؛ مؤكدًا أن هذا ما قامت به «مصر»، حيث أطلقت مبادرة منذ خمس سنوات لإحلال تلك السيارات، حتى تصل الدولة المصرية إلى أول سيارة كهربائية مصنوعة محليًا بحلول العام المقبل.

وفى السياق ذاته، أشار الرئيس إلى موضوع البحيرات التى تخضع لعملية تطوير وتطهير كاملة فى مساهمة من الدولة المصرية لتحويل تلك البحيرات إلى طاقةٍ اقتصادية. كما تطرق -أيضًا إلى المبادرة الرئاسية «حياة كريمة»، مؤضحًا أن الدولة المصرية خصصت أكثر من 80 مليار جنيه مصرى لتبطين الترع، وإعادة تأهيلها، وفى الوقت ذاته تتجه الدولة لمتابعة مصانع الحديد والأسمنت ومشروعاتها، من أجل التقليل من حجم الانبعاثات، فضلًا عن تطوير شبكة الطرق، والكبارى القومية، لتوفير فرص العمل.

  أرقام وإحصائيات فارقة

وبصورة مختصرة مفيدة، وأرقام وإحصائيات فارقة، أوضح رئيس مجلس الوزراء الدكتور «مصطفى مدبولى» زوايا مختلفة من أزمة تغير المناخ على المستوى الداخلى، والإقليمى، والدولى، بجانب عرض التجربة المصرية فى مواجهة ملف التغيرات المناخية، وآليات تطبيق ومتابعة مخرجات القمة العالمية للمناخ (COP26).

فقد استهل رئيس الوزراء كلمته، بأن التغيرات المناخية صارت قضية حاكمة، ولا بد من مواجهتها بمنتهى الحزم، حيث يشهد العالم تغيرات المناخ وارتفاع نسب الحرارة لنسب غير مسبوقة، وما ينتج عن هذا من تداعيات عنيفة. ومنها:  حجم الخسائر الاقتصادية العالمية الناجمة عن تغير المناخ والتى بلغت نحو 3.6 تريليون دولار حتى 2019، ومن المقدر أن تصل من 280 إلى 500 مليار دولار بحلول عام 2050؛ بالإضافة إلى حدوث 10 كوارث بجميع أنحاء العالم فى عام 2020-2021 تقدر خسائرها بـ170 مليار دولار، ومن المتوقع زيادة معدل الكوارث البيئية 3 مرات خلال الفترة المقبلة؛ بجانب أنه من المتوقع أن يعانى 325 مليون شخص من الفقر المدقع؛ فضلاً عن إجبار 216 مليون شخص على الهجرة الداخلية بسبب التغير المناخى.

وأضاف الدكتور «مدبولى» أن «مصر» ضمن أكثر الدول، التى تكون عرضة لتداعيات التغير المناخى السلبية، رغم أن انبعاثاتها من الكربون مجرد 0.6 % فقط.

وفى الوقت ذاته، عرض رئيس الوزراء التجربة المصرية فى التغيرات المناخية، إذ شرح تفصيلاً المخططات المصرية من أجل التحول للاقتصاد الاخضر؛ موضحًا الخطة التى وضعتها الحكومة المصرية التى تقدر بـ50 مليار دولار فى تحلية مياه البحر، ومعالجة مياه الصرف الزراعى والصحي؛ مشددًا أن «مصر» من أعلى الدول فى استغلال قطرة المياه أكثر من مرة؛ بالإضافة إلى تنفيذ مشروع تطوير البحيرات المائية لمواجهة التغيرات المناخية.

وأضاف أن 20 % من إجمالى الطاقة فى «مصر» ستكون طاقة جديدة بحلول نهاية العام؛ مشيرًا إلى أنه بحلول 2035، ستكون 42 % من الطاقة المولدة داخل البلاد ستكون جديدة ومجددة. 

كما أكد أن الحكومة المصرية وضعت خطة استثمارية، بأن تكون نسبة كبيرة من مشاريعها خضراء؛ مضيفًا أن  30 % مشاريع الاستثمارات –الآن- فى «مصر» خضراء، ومن المخطط للعامين المقبلين أن تكون نسبة 50 % من المشروعات خضراء بالكامل.

وبعد أن شرح رئيس الوزراء طبيعة الوضع العالمى الحالى بصراحة شديدة، وما المتوقع خلال الفترة المقبلة وفقاً لإحصائيات الخبراء، من أجل محو ضبابية المشهد أمام أعين الشباب حول التحديات التى يواجهوها، أكد أن العالم سيضع الأطر التنفيذية فى قضايا المناخ خلال مؤتمر (COP27) بمدينة «شرم الشيخ» نهاية العام الجارى، حيث ستتم مناقشة الموضوعات ذات الأولوية، مثل خفض الانبعاثات، والتكيف، والتمويل، والتقييم العالمى.

ومن ثم أوصى بتفعيل دور الشباب فى مواجهة التغيرات المناخية، وتشجيعهم لتقديم حلول وأفكار تتبناها الدولة المصرية، من أجل تحقيق التكيف والتحول إلى الاقتصاد الأخضر؛ مشددًا على حرص «مصر» -خلال القمة المقبلة- على التركيز على القارة الإفريقية، والدول النامية فى (COP27)، وترك المساحة لتلك الدول بعرض متطلباتها، والعمل على التنسيق فيما بينها ليواكبوا التغيرات.

 الاستجابة الدولية

حظيت الجلسة باهتمام المسئولين الدوليين من مختلف الدول والمنظمات، الذين شاركوا بحماس ملحوظ، معربين عن سعادتهم بتخصيص جلسة عن المناخ يشارك فيها شباب العالم بأفكارهم وحلولهم.

وكان أول من أعرب عن سعادته، مبعوث الرئيس الأمريكى لشئون المناخ «جون كيرى» لمشاركته فى منتدى شباب العالم. وأبدى شكره الخاص للرئيس «السيسى» على اهتمامه بقضية المناخ، وقيادة «مصر» لهذه القضية؛ مضيفًا أن إشراك الشباب فى قضية تغير المناخ أمر بالغ الأهمية.

وأكد «كيرى» أنه يجب اتخاذ قرارات حاسمة - خلال السنوات المقبلة- لتجنب الكوارث البيئية، لأن كل بلد يشعر –الآن- بعواقب أزمة المناخ؛ وهو ما دفع قادة العالم لقبول المسئولية فى «جلاسجو» فى محاولة للحفاظ على ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى حوالى 1.5 درجة؛ قائلاً: «أنا فخور بإخباركم أن 65٪ من الناتج المحلى الإجمالى العالمى قد شارك فى تحقيق هذا الأمر».

وفى النهاية، أضاف أن العالم يحتاج إلى تريليونات الدولارات من الاستثمارات للمساعدة فى إجراء التحول المطلوب؛ مؤكدًا أن العديد من المؤسسات المالية الكبرى فى العالم تقدمت بالفعل، ومستعدة للقيام بهذه الاستثمارات؛ مشددًا على الدور الحاسم الذى تلعبه «مصر»، و«إفريقيا» فى المساعدة لتحقيق الأهداف، قائلاً: «أتطلع للعمل مع «السيسى»، ومع الشباب لحل الأزمة المناخية».

من جانبه، أعرب المبعوث الخاص للمناخ بالمملكة المتحدة «جون مارتن» عن سعادته لوجوده فى منتدى الشباب، لأن الشباب هم العنصر الفاعل لمعالجة القضية الماخية؛ مؤكدًا أن «مصر» ستقدم نجاحًا فى «شرم الشيخ» خلال (COP27)؛ قائلاً: «نشعر بالامتنان لأن «مصر» دعمتنا فى هذا الأمر (المناخ)، وقادته عالميًا».

فيما قالت المدير التنفيذى لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة «أنجر اندرسون»، إن «مصر» كانت عنصرًا فاعلاً فى رحلة حل قضية تغير المناخ، وأنها ستقود مؤتمر تغير المناخ (COP27) هذا العام تحت قيادتها الرائعة.

وأكد المتحدث باسم الاتحاد الأوروبى للشرق الأوسط وشمال إفريقيا «لويس ميجيل بوينو» أن «الاتحاد الأوروبى» يتابع عن كثب فعاليات منتدى الشباب، وخصوصًا المناقشات حول التغير المناخى، وذلك بعد قمة المناخ فى «جلاسجو»؛ مضيفًا أنه يتطلع لتوصيات المنتدى، بشأن قضية التغيرات المناخية، لأنها سوف تغذى العمل المشترك بين «الاتحاد الأوروبى»، و«مصر» فى قمة المناخ المقبلة (COP27).

بينما تحدثت المديرة الإعلامية لفقر الأطفال والمناخ والحضر فى منظمة إنقاذ الطفولة الدولية «يولاند رايت»، أن التغير المناخى له تأثير بالغ على الهجرة الدولية، قائلة: «نحتاج أن نفكر فى السياسات، ونطبق الالتزامات التى حدثت فى «جلاسجو»، ونتأكد من أنها تحققت فى القمة العالمية المقبلة (COP27)، بالإضافة إلى أننا نحتاج لإيجاد مزيد من الحلول الخضراء والمبتكرة، لتفادى الأسباب المؤدية للتغير المناخى، ومواجهة تلك الأزمة».

 الطريق إلى (COP27)

اتفق زعماء العالم فى ختام مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخى فى دورته الـ26، أن تستضيف «مصر» رسيمًا مؤتمر(COP27) فى عام 2022 الجارى. وما لبث أن تم الإعلان عن استضافة «شرم الشيخ» لقمة المناخ، حتى بدأت أجهزة ومؤسسات الدولة المختلفة -على الفور- بتوجيه وتكثيف جهودها، لتحقيق أهداف مواجهة تغير المناخ وآثارها السلبية، خاصة على الدول النامية.

وأكدت وزيرة البيئة، الدكتورة «ياسمين فؤاد» أن الرسالة التى أطلقها الرئيس «السيسى» فى قمة «جلاسجو»، والتى شدد –خلالها- على أن قمة «شرم الشيخ»، ستكون مؤتمرًا أفريقيًا حقيقيًا، لمواكبة التقدم الذى يأمل العالم أن يحققه فى جهود التخفيف والوصول إلى الحياد الكربونى.

وشددت وزيرة البيئة على التزام «مصر» تجاه الجميع، بالعمل على بناء جسور التعاون، وإزالة الخلافات، وإيجاد أرضية مشتركة تساعد على الاتفاق والتقدم فى القضايا الحاسمة المطروحة، حيث تأخذ الدولة المصرية على عاتقها بذل قصارى الجهد لتحقيق النجاح فى (COP27) لمواجهة هذا التحدى الذى يهدد العالم أجمع.