
محمد جمال الدين
أمنيات للعام الجديد
أتمنى أن يختفى من قاموس حياتنا أى ذكر للجماعة الإرهابية التى استحلت دماء المصريين وثرواتهم حارقة وهادمة فى طريقها كل ما له علاقة بديننا السمح، من أجل تحقيق حلم زائف بالزعامة راود مخيلة القائمين عليها مستغلين فى ذلك ولع المصريين بدينهم وعشقهم لوطنهم، اعتقادًا منهم أن مشاريع مثل الـ100 يوم والنهضة وغيرهما سوف يحقق لهم النجاح والوصول إلى مقعد الحكم الذى لن يتحقق قط لجماعة أخذت من القتل والاغتيال وحرق بيوت الله سبيلاً لتحقيق غرضها.
أتمنى أن نشهد على أرض الواقع خطابًا دينيًا متوازنًا يراعى فيه عدم الأخذ ببعض ما فى التراث حرفيًا من مفاهيم مغلوطة ولا تحض على إعمال العقل فى شئون الدنيا والدين مثل رضاع الكبير ونكاح الموتى وحرق الأسرى المخالفين لنا فى العقيدة أو تركهم فى الصحراء لتأكلهم الذئاب وسلق جسد تارك الصلاة وأكل جسده وعدم إلزام الزوج بالإنفاق على زوجته المريضة وتركها لتموت أو إعادتها لأهلها، ومثل إمكانية حمل الزوجة لعشر سنوات ونسب طفلها لزوجها المسافر والغائب أو المتوفى وكذلك تحريم السلام على المسيحى وتكفيره، وغيرها من فتاوى فى بطون الكتب القديمة تؤصل للإرهاب وتشرع له.
أتمنى أن يراجع الدكتور محمد معيط وزير المالية قراره الأخير بزيادة الضرائب على كل ما يخص قوى مصر الناعمة من ثقافة وفنون وموسيقى ومسرح وسينما وحفلات غنائية (حتى ولو كان الأجنبى منها أو الباليه) فهذه القوى الناعمة تعد من أهم أسلحة مصر فى حربها ضد التطرف والإرهاب الذى يعتمده البعض ليشكك فى قوة مصر وريادتها، لذا من الواجب دعمها للتصدى للمنادين بالرجعية والتخلف.
أتمنى وأنتظر بفارغ الصبر مشاهدة الاحتفال التاريخى الذى سيتواكب مع افتتاح المتحف المصرى الكبير، وهو الثالث من نوعه الذى من خلاله ستبهر مصر العالم بعد حفل نقل المومياوات من المتحف المصرى بالتحرير لمتحف الحضارة الذى أشادت به جميع دول العالم، واحتفال افتتاح طريق الكباش فى مدينة الأقصر، فمن المؤكد أن احتفالية المتحف الكبير ستعد الحدث الأضخم الذى ينتظره العالم من مصر خلال العام الجديد لكونه سيصبح أكبر متحف مخصص لعرض حضارة واحدة وهى الحضارة المصرية القديمة.
أتمنى أن نمحو من أذهاننا نغمة الإساءة إلى سمعة مصر التى أصبحت تتردد بين كل ليلة وضحاها على ألسنة من يريدون ركوب الموجة وتحقيق الشهرة التى زالت عن البعض أو يبحث عنها آخرون، فمصر يا سادة أكبر بكثير مما ترددون ولن يؤثر فى سمعتها فيلم أو أغنية أو عنوان لمسرحية أو خبر أو بيان صادر من هنا أو هناك، لدرجة وصل معها الأمر إلى المطالبة بالمنع من السفر خارج البلاد لمن يقال عليهم بأنهم يسيئون لسمعة مصر.
أتمنى استمرار جهود الدولة، بل تكثيفها للقضاء تمامًا على جرائم الرشوة والفساد التى زاد عددها خلال الفترة الأخيرة وطالت الصغير قبل الكبير، وأصبح من المعتاد أن نرى أسماء متهمين فى هذه الجرائم بداية من الوزير مرورًا بالمحافظين ونواب وسكرتيرى عمومهم وقضاة ورؤساء جامعات وأحياء وضرائب نهاية بالموظف البسيط اللى (بيرضى) بقليله.
أتمنى أن تختفى من حياتنا جرائم النصب الإلكترونى وهتك الأعراض والغش التجارى للنصب على المواطنين وخداعهم التى ترتكب عن طريق مواقع السوشيال ميديا التى ارتفعت وتيرتها بدرجة لا يمكن تخيلها، فمن بيع أجساد ونشر للرذيلة إلى بيع سلع مضروبة ليس لها من فائدة وتفسد قبل استعمالها وصولاً إلى اختراق الحسابات البنكية للأفراد وابتزازهم ليصبح هناك تهديد على أمن واستقرار البلاد من خلال هذا العالم الافتراضى الذى كان من المفترض منه التقارب بين الناس وتبادل الآراء فيما بينهم.
أتمنى أن نشهد فى العام الجديد اختفاء ظاهرة (متعرفش أنا ابن مين) من الشارع المصرى التى يستغلها البعض لترويج أكاذيبهم عن أن مصر ليست للمصريين وإنما لأبناء الكبار فقط، رغم أن الجميع أمام القانون سواء، فما سيطبق على ابن المستشار هو نفسه ما سيطبق على ابن العامل البسيط، فكلاهما مواطن فى دولة يحكمها قانون وتديرها مؤسسات، وجميعنا أفراد فى هذه المؤسسات على اختلاف درجاتنا ووظائفنا.. فلا بد أن ننتقل من عبارة: «أنت ابن مين فى مصر» إلى عبارة «إنت قدمت إيه لمصر»، وذلك لن يتم إلا من خلال منظومة قيم وأخلاق تتكاتف فى تنفيذها جميع مؤسسات الدولة.
أتمنى أن أرى أكثر من لاعب محترف فى كرة القدم يرفع اسم مصر عاليًا مثل محمد صلاح، ولهذا على الأندية المصرية عدم المغالاة فى تحديد المقابل المادى للاعبين حتى يتم احترافهم، بعد أن ثبت فشل نظرية النظر تحت الأقدام التى تم انتهاجها فى إدارة الأندية المصرية، فبدون احتراف واكتساب الخبرات لن تقوم لكرة القدم المصرية قائمة ولكم فى محمد صلاح تجربة يجب الاستفادة منها.
وأخيرًا أتمنى أن يَمُنَّ اللهُ على مصر بالأمن والسلام والوئام ويبعد عنا الشقاق والخلاف وكل من يريد بنا السوء والهلاك، وأن يهدى ولاة أمورنا إلى ما فيه صلاح أحوالنا وأن يرزقنا العافية والسلامة والستر، ويرفع عنا المقت والغضب عند الابتلاء وينجينا من الأوبئة والأمراض وأن يجعلنا صالحين مصلحين، هداة مهتدين.. اللهم آمين يارب العالمين.