الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

عادل إمام يرفع الستارة الإرهاب عطلنا عن انتقاد الحكومة

جرى هذا الحور فى فجر الخميس الماضى «نشر هذا الحوار بتاريخ 2 أكتوبر 5991»، بعد أن خرج عادل إمام مرهقا من عرضه المسرحى.. ورغم ذلك كان عادل إمام فى كامل لياقته الذهنية وفى قمة الغضب والانفعال أيضا.. فقد تلقى خبر رفع قضية مستعجلة لوقف عرض آخر  أفلامه (طيور الظلام).



ورغم أن الدعوى لم تمتد إليه قضائيا فإنها وصلت إلى قلبه وعقله فنيا وسياسيا.. ومن ثم فإن انفجاره فى هذا الحوار لا يحتاج إلى تقديم أو تفسير – بدأ عادل شحنة الغضب قائلاً:

 

وراء كل الإزعاج الذى يتعرض له المثقفون والفنانون فى ساحات المحاكم خلال الفترة الأخيرة تيار واحد فقط يطلقون على أنفسهم (تيار إسلامى).

أنا أيضا تيار إسلامى.. ومتشدد لدينى.. لا أفهم ماذا يفعلون.. سوى أنهم يستعرضون قواهم.. لماذا يقاضوننا ونحن لا نفعل شيئا سوى أننا نقدم فنا.. لا نمسك بنادق.. لا نقتل الأطفال ولا جنود الشرطة ولا حراس الكنائس.. ونمول من الشعب المصرى.. لكن من أين يمولون هم؟!

 لن ندفع فلوسا لأى محام ليترافع فى هذه القضية لأنها قضية وطنية.. المحامى الذى سيأتى لن يدافع عن أشخاص، بل سيدافع عن وطنه.

هل ستذهب إلى المحكمة؟ 

- لو استدعى الأمر أن أشهد سأذهب وأدلى بشهادتى كاملة. فهذا واجبى.

وماذا عن استبعاد اسمك من عريضة الدعوى ؟!

- أنا مندهش!! فقط أعرف أن هؤلاء لا يعرفون الطرق المستقيمة، ولديهم طرقهم الملتوية.. ثم لماذا تأخروا كل هذا الوقت فى إقامة الدعوى القضائية رغم مرور ستة أسابيع على بدء عرض الفيلم.. ولماذا الالتفاف حول القضية وعدم الحديث بصراحة عن أهدافهم. 

تقصد بالالتفاف.. اتهامهم لمؤلف الفيلم وحيد حامد ومخرجه شريف عرفة بالإساءة لمهنة المحاماة؟!

- لا يوجد شىء اسمه إساءة لمهنة.. أيا كنت هذه المهنة..

نحن لا نتهم أحدًا.. نحن ندافع عن الشعب المصرى. وأنا سأظل أدافع عن هذا الشعب. 

(طيور الظلام).. موضوع القضية الأخيرة، كيف تضعه وسط أعمالك التى تواجه بها الإرهاب ؟!

- الفيلم الأخير هو التطور الطبيعى لتناول قضية الإرهاب. فى البداية كنا منفعلين بقضية الإرهاب.. الآن نحن ضد كل ما هو سيئ فى هذا الوطن..

ننتقد كل ما هو فاسد لأن السينما المصرية.طوال عمرها، هى المعارضة الحقيقية.

وأول الأفلام.. (الإرهاب والكباب)؟

- هذا الفيلم كان يؤكد أن الضغط يولد الإرهاب.. ليس الإرهاب بمعنى طلقات الرصاص والقنابل.. أحيانا أشعر بأن مقالات بعض الكتاب الذين يؤيدون هذا التيار.. إرهاب.. وأشعر أنها تهددنى.

نعود للقضية ماذا..

- يقاطعنى عادل إمام: انتقدنا سلوك بعض الوزراء والأحزاب بشكل واضح وصريح، لماذا لم يقاضينا هؤلاء ؟! يقولون أننا نسيء للإسلام !! إذا كانوا يدافعون عن نماذج المحامين الذين يقدمهم الفيلم ويهاجمهم.

فهذه مصيبة لأن هؤلاء (محامى طيور الظلام) يجب أن تتم محاكمتهم فعلا.. لكن القضية ليست قضية محامين.. بل (هيصة) يحرصون على إثارتها.. الأمر الذى يثبت أن قتلة الأطفال.. والكتاب الذين يدافعون عن قتلة الأطفال (حتى فى الصحف القومية).. والمحامين الذين يدافعون عنهم.. جميعهم هيكل واحد فى خندق واحد.. وهذه القضية (طيور الظلام) تأكيد كل هذا. 

والرد على مثل هذه النوعية من القضايا.. كيف ؟ 

- الرد فى يد القضاء.. وفى يد المثقفين.. وفى يد كل الناس.. 

•  يجب أن يقف الجميع فى وجه هؤلاء لكى لا يخص أحد نفسه بالدين الإسلامى.. الإسلام ملك للجميع، الإسلام دين لكل المسلمين.. عموما أنا حسن النية حتى آخر لحظة..

• وسترى ماذا سيحدث فى المحكمة، لكن كنا متوقعين أن تتم إقامة العديد من الدعاوى القضائية ضد (طيور الظلام).

وهذه القضية.. لصالح من؟!

- لصالح فئة..لصالح أشخاص.. هل يعتقد أحد أن الذين أقاموا هذه القضية يهمهم المجتمع المصري!! والشعب المصرى !!

هل تهمهم مهنة المحاماة؟

- أشك.. أما نحن فنعمل من أجل المجتمع والشعب ونواجه هؤلاء مواجهة صريحة، أما الذين يمسكون العصا من المنتصف فسيواجهون مصيرا فظيعا.

الدستور كفل لهؤلاء حق مقاضاتنا.. فلا سبيل أمامنا إلا المواجهة فى ساحة المحكمة.. 

وللأسف أنا مضطر للدفاع عن نفسى فى ساحات المحاكم.

بالمناسبة.. هل تخاف من المحاكم؟!

- عموما لا أحب دخول المحاكم وأقسام الشرطة.. يمكن دخلت قسم شرطة مرة واحدة.. لكنى أذهب إلى أى مكان للدفاع عن فنى وعن وطنى.

• لكنى أسأل كيف يصفون كاتبا بأنه صاحب فكر متعفن (جاء ذلك فى عريضة الدعوى).. هذه ليست لغة إسلام.. ولا لغة مسلمين.. هذه لغة بذيئة.. ومن قال إن مهنة المحاماة ليست مهمة عظيمة.. 

• كل المهن التى تخدم المجتمع مهن عظيمة.. أى مهنة بها الصالح والطالح.. بها الجيد والفاسد. 

ثم إن النماذج التى قدمها الفيلم.. موجودة بالفعل. نحن لم نأت بهذه النماذج من الخيال. 

هؤلاء يريدون إلغاء الهوية المصرية.. ليس السينما فقط. إنما كل شىء هنا يجب أن تقوم الدولة بتشجيع السينما (التى تمر بأزمة طاحنة).. ثم إن هناك لهجة عجيبة.. فبشكل متعاقب نجد من يخرج ويقول: الفن هابط.. الفن منحط.. ألا يوجد فى مصر شىء غير الفن الهابط والفن المنحط ؟! ليس معنى وجود فيلم أو اثنين أو مسرحية يعنى أن الكل هابط.. وطبيعى أن تكون هناك أعمال فنية دون المستوى. 

 نعود للقضية.. كيف تتصور الخطر الذى يمكن أن ينتج عنها ؟!

- لو تساهلنا فى مثل هذه القضية سنجد من يوقف زوجين فى الطريق.. ويأمر الزوج بألا يمسك يد زوجته!! سنجدهم يدخلون البيوت بحكم الدين.

من قبل الحكومة قدمت تنازلات فى حوارها مع هؤلاء (الوساطة).. لابد من وضع حد لهذه المسائل.. حتى لا نصل لليوم الذى سيحكم فيه طيور الظلام الأتوبيسات والشوارع والجامعات. وهذه الفئة تستغل مناخ الحرية لصالحها، ولصالح أهدافها الديمقراطية ليست لفئة.. الديمقراطية للجميع. 

 ويجب على الدولة أن تقوم بحمايتنا وتحمى حرية الإبداع والفكر.. وتبحث عن حلول وتشريعات لمواجهة هذه الظاهرة. 

من فى الدولة ؟

- كافة مؤسسات الدولة.. مثل الأزهر مثلا.. الأزهر طوال عمره منارة للإسلام.. الأزهر قدم لمصر الأدباء والمفكرين والمبدعين وقادة التنوير والفنانين.. كما قدم الذين حاربوا الإنجليز وقاوموا المحتلين.

هؤلاء العظماء كان النيل وأرض مصر يمولانهم.. ولم يمولهم أحد من الخارج.. ثم إن الإسلام يحب الوطن والأرض، الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحب أرضه..

يحب مكة، وبكى وهو خارج منها.. الأرض ثم الأرض ثم الأرض، والوطن ثم الوطن ثم الوطن. 

 المسلم يجب أن يحب وطنه.. والذى يحب وطنه لا يقتل أحدا فى الشارع، ولا يقتل مجندا لا حول ولا قوة له يحرس كنيسة أو قسم شرطة.. هؤلاء مثل كفار قريش يكرهون كل شىء جميل.

وأحب أن أسأل: من هؤلاء ؟! وما هو تاريخهم؟! ومن أين جاءت ثرواتهم؟! هل يدفعون الضرائب.. نحن ندفع الضرائب.. أنا شخصيا أدفع كل عام أكثر من 200 ألف جنيه للضرائب.

إذن.. لمن ينتمى هؤلاء ؟!

- هؤلاء لا ينتمون إلا لأنفسهم فقط.. ولابد من أن يقف علماء الأزهر المستنيرون فى وجه هؤلاء وأن يساندوا الوطن، المشكلة أن بعض علمائنا ذهبوا للإفتاء فى الخارج بالدولارات..

ويواصلون ذلك الآن فى محطات فضائية.. عليهم أن يواجهوا ويفتوا فيما يفعله هؤلاء.

وماذا تفعل أنت كفنان ؟

 - أفعل ما فعلته من قبل.. ضد قضية المخدرات.. وضد الانفتاح.. أكون خائنا لوطنى لو لم أواجه هذه الظاهرة.  السينما المصرية لم تترك صغيرة أو كبيرة فى معظم القضايا المهمة التى تواجه المجتمع.. مثلاً: قدمت السينما العديد من الأفلام عن أبطال حرب أكتوبر الذين لا يجدون عملا بعد عودتهم من الحرب.. وهم أبطال.. 

 أذكر.. قرأت مرة شكوى لعبدالعاطى صائد الدبابات بأنه لا يجد شقة يسكن فيها.

أكرر.. يجب أن تشجع الدولة رموزها، حتى الجوائز التى تمنحها الدولة أو فى المهرجانات تدور حولها صراعات غريبة.. ومعظم هذه الجوائز تذهب لمن لا يستحقها.. أيضا لماذا لم تكرم الدولة أسر شهداء (الإرهاب).. إنهم شهداء حرب فى معركة مثل المعارك التى خاضتها مصر من قبل.. مثل حربها ضد الاستعمار!

تقصد أن الإرهاب مثل الاستعمار؟!

- آه.. إنه يحاول أن يستعمر فكرك ويريد أن تصبح رأسك ملكا له فقط، وباسم الدين.

لا.. نحن نرفض هذا.. إنه محتل من نوع جديد.. من نوع شديد الخطورة.

وأنا أطالب بثورة ضد هذا المستعمر الجديد.. لقد بدأنا نتحدث عن المسلمين والمسيحيين لدرجة أننى أصبت بـ(فوبيا) من هذا الموضوع.

حينما أجلس مع أصدقائى أتحدث عن المسلمين والمسيحيين لم نكن نتحدث فى ذلك من قبل.. من أحب أصدقائى إلى قلبى إيفون عبدالشهيد وأمورة شفيق، وشريف عزمى توفيق.. إذن هذا المستعمر الجديد نجح فيما فشل فيه المستعمر الإنجليزى، وهو الوقيعة بين المسلمين والأقباط.. لدرجة أن لورد كيلرن قال لم أعرف المسيحى من المسلم سوى عندما يتوجه كل منهما إلى المسجد أو إلى الكنيسة.

هذا المستعمر الجديد شتم الشعب المصرى كله وليس الفنانين فقط وهو لا يعرف عظمة هؤلاء الفنانين.. ألم يعتل شيوخ المنابر ويسب عبدالوهاب وأم كلثوم، وعبدالحليم حافظ ؟!

ثم يضيف بانفعال (والأنفعال كان السمة الغالبة على الحوار)، ثم أين دور الأحزاب.. أين الحزب الوطنى؟ أين حزب الوفد ؟.. 

 وأحزاب اليسار.. ماذا قدموا فى مواجهة هذه الظاهرة.. وبالمناسبة ونحن مقبلون على انتخابات مجلس الشعب.. يجب توعية الناخبين لاختيار مرشحين ضد هذه الأفكار.

أمامنا مواجهات اقتصادية وقضايا تنموية.. الإرهاب عطلنا عنها يعطلوننا أيضا عن انتقاد الحكومة.. ويعطلون الديمقراطية.. فهم ليسوا ضد الحكومة فقط، ولكن ضد الشعب أيضا..

 أنا أريد أن أعرف.. ماذا قدم هؤلاء للشعب المصرى ؟!

أيضا على الجانب الآخر نفس الأمر.. أشخاص حصلوا على حقوق ومكاسب سياسية دون أن يقدموا أى شىء.

ماذا تقصد بالجانب الآخر ؟!

- بعض المؤسسات بها أشخاص حصلوا على مناصب ومكاسب سياسية لا يستحقونها.. أما نحن الفنانين فنعمل للوطن.. وللناس.. وللجماهير.. ولأولادى أيضا.

أذكر أننى تقدمت أنا وصديقى أحمد عبدالهادى الأستاذ حاليا بمعهد الفنون المسرحية.. للتطوع كى نحارب فى الجزائر.. ورفضونا لصغر جسمينا.. كنا على استعداد للسفر للجزائر لنحارب دفاعا عن مبادئ نؤمن بها.. وكنت أحب الاستشهاد على أرض الجزائر..

 

واليوم ؟

  - الله منحنى سلاحا أقوى.. الموهبة وحب الناس.. أنا أعتبر نفسى جنديا من جنود الله.. أحافظ على بلدى.. وعلى المساجد.. وعلى الكنائس.. وعلى ثقافتنا.. وآدابنا.. وعلمائنا.. أنا أشارك فى الحفاظ على مصر 

انتهى الحوار ولم ينته غضب عادل إمام