
محمد جمال الدين
صانع السعادة
بساطة وعفوية مقترنة بفطرة وبراءة لا تعتمد على كلمات محفوظة أو أسئلة معدة مسبقًا أو تلقين من تحت لتحت، تلك كانت أهم سمات النسخة الثالثة من احتفالية (قادرون باختلاف) لأبنائنا من أصحاب الهمم وذوى القدرات الخاصة التى حضرها الرئيس السيسى مؤخرًا، دموعى وضحكى وإعجابى هو ما انتابنى طوال فترة مشاهدتى الاحتفالية أمام الشاشة الصغيرة، سؤال من هذا وطلب من ذاك، والرئيس يجيب ويحقق ما يُطلب منه بكل ترحاب، رغم أن هناك أسئلة وطلبات الغالبية العظمى من المصريين لا يعرفون إجابتها، إلا أن أبناءنا من ذوى الهمم هم أول من طرحوها ببراءتهم وسجيتهم، أسئلة لم تخطر فى بال إعلامى أو إعلامية من طرحها، فمثلا لم أكن أعرف أن الرئيس كان يمارس رياضة الكاراتيه والتى من خلالها تعلم الانضباط والخلق الحسن رغم ابتعاده عن ممارستها حاليًا، وللمرة الأولى يعترف الرئيس بأنه بحكم مسئولياته لم يعد متواصلا مع أصحابه من زملاء الحى والدراسة مبديًا أسفه على ذلك، حتى أفراد أسرته لم يعد يتواصل معهم باستمرار لنفس السبب، وردًا على طلب الطفلة «بسملة» والتى تمنت أن تصبح طيارًا، قال الرئيس: «سأطلب من وزير الدفاع السماح لبسملة بركوب الطائرة مع أحد الطيارين وتصويرها وعرض صورتها للناس»، وردًا على سؤال من الطفل عبدالرحمن أشرف بشأن المشروع الذى سيُسهم بدور كبير فى نهضة مصر قال الرئيس: «إن مشروع تطوير الريف المصرى (حياة كريمة) يعد الأعظم والأكبر حيث يهدف إلى تحسين الأوضاع والأحوال المعيشية لنحو 60 مليون شخص مصرى وإسعادهم»، مضيفًا: «لو استطعنا أن نحسّن حياة الناس ونُيسّر لهم ونعينهم على دنياهم، سنكون فعلا حققنا شيئًا كبيرًا جدًا، فقيمة إسعاد الناس عند الله كبيرة»، مشيرًا إلى أن كل المشروعات تحتاج إلى قدرات مالية واقتصادية، مشددًا على أهمية وعى الناس والتعامل مع بعضهم البعض باحترام وهو ما لا يقدر بمال، وقال الرئيس ردًا على سؤال عن مدى سعادته بوجوده فى الاحتفالية، أجاب: «أسعد يوم هو اليوم الذى أراكم فيه وأكون متواجدًا معكم.. فأنتم مشرّفنّا وكل أسركم سواء المتواجدين معانا اليوم أو من فى البيوت أرسل لهم كل التحية والتقدير وأقول لهم لا تنسونا من طيب دعائكم لنا ولمصر»، وأضاف الرئيس: «نفسى أعمل كتير قوى ليكم لأن المفروض كدولة وشعب نقدم ما يمكن تقديمه، وبالتالى أقول للدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء ولمجلسى النواب والشيوخ، نحن بحاجة لعمل تشريع (صندوق قادرون باختلاف) نساهم فيه جميعًا لتحقيق إنجازات»، مشيرًا إلى أن أصحاب الهمم هم كنز مصر الحقيقى وعلينا جميعًا الانتباه لذلك.
حضور الرئيس الاحتفالية نتج عنه رسائل عديدة يأتى فى مقدمتها حق هؤلاء الأبناء فى الحصول على كل الحقوق التى تقدم لغيرهم من الأسوياء، فيكفى عليهم ما عانوه فى الحياة من متاعب وصعاب، وهذا تحديدًا ما عبر عنه الشاب عبدالرحمن، أحد أصحاب الهمم، خلال الاحتفالية الذى تمنى أن يكون أحد الإعلاميين المشهورين وأن يكون لديه برنامج خاص به يناقش من خلاله قضايا أخوته من أصحاب الهمم، وبروح الأب وبعيدًا عن المنصب والرسميات والتأثر بكلمات ابن من أبنائه وافق الرئيس على أن تكون أول مداخلة لعبدالرحمن فى التو واللحظة تحقيقًا لحلم شاب مصرى كسبناه إعلاميًا وفرصة نقدمه النهاردة لكل مصر والدنيا كلها، رسالة أخرى وضحت معالمها عندما أكد الرئيس فى كلمته أن الدعم الإيجابى من المصريين لأصحاب الهمم لم ولن يتوقف وسيزيد، وأن الدولة تتحرك ولكننا لم نصل للتقدير الحقيقى للكنز الذى رزقنا الله به سبحانه وتعالى، فنحن جميعًا سعداء بكم وكل الناس بتحبكم ويوجد دعم متواصل لكم من الدولة والناس.
تبقى الرسالة الأهم وهى زرع البهجة والسعادة والأمل لأبناء مصريين هم وأسرهم التى عانت معهم فى أشد الاحتياج لها.
فى نهاية الاحتفالية ودعمًا وتقديرًا من الرئيس لأبنائه من أصحاب الهمم استجاب لمقترح قدمته إحدى المشاركات، من أجل تحويل المؤتمر الدورى الذى تقيمه مصر سنويًا احتفاءً ودعمًا لذوى الهمم، إلى مؤتمر عالمى، بحيث يمكن لنظرائهم فى العالم العربى خصوصًا والعالم عمومًا الحضور والمشاركة، وقال فى معرض حديثه مع صاحبة المقترح البطلة البارالمبية رحمة خالد (وهى أول مذيعة مصابة بمتلازمة داون) واستجابة لمقترحها: «جهزوا الدعوات، ونادوا الناس من كل دول العالم، وسننظم الاحتفالية، وسأكون أول الحاضرين»، معطيًا بذلك الضوء الأخضر من أجل إطلاق فعالية عالمية على أرض مصر بمشاركة أصحاب الهمم وذوى القدرات الخاصة، مؤكدًا أن تلبية احتياجات أبناء مصر من ذوى القدرات الخاصة، أصحاب الهمم والعزيمة، وتحقيق تطلعاتهم وطموحاتهم ووضعها فى مقدمة أجندة العمل الوطنى تمثل الركيزة الأساسية وأحد أهم مقومات بناء الدولة والجمهورية الجديدة.