الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رؤيتى الشخصية..  العبث بالعقل

رؤيتى الشخصية.. العبث بالعقل

قدرُ الإسلام خطورة تغييب العقل بالمخدرات منذ بدايته وكان يعتبرها هى الإسكار وكان يعاقب عليها بعقوبة (السُّكْر)، والإسكار معناه تغطية العقل، بحيث لا يدرك الصواب من الخطأ فى التصرفات، وكان للأسكار عقوبة عادية هى الجَلد أربعين جَلدة فاستهان الناس بالعقوبة وأقبلوا على تعاطى الخمر أكثر وأكثر حتى انتشرت هذه الجريمة، ولم يجد عمر بن الخطاب بُدًا من رفع العقوبة فيها، وعَلل الرفع بقوله إن السَّكران ليهذى وإذا هذَى أفترَى وحدّ المفترى ثمانين جلدة، فضاعف العقوبة من أربعين إلى ثمانين، وبهذا التصرف بين أن العقاب يتدرج بحسب خطورة الجريمة فإذا تنوعت الجريمة وإذا زاد الخطر لا مانع من أن يضاعف العقاب فيها، وأن يشدد حتى يمكن أن يصل إلى القتل (الإعدام) لما روى عن الرسول (ص) من شَرب الخمْرَ فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه فإن عاد فى الرابعة فاقتلوه، ومن خلال هذا الحديث وما فعله عمر بن الخطاب تتحدد معالم العقوبة على السُّكْر وتغييب العقل عمدًا بأى وسيلة من وسائل المخدرات لأقسَى العقاب، ولهذا فإن الفقهاءَ لم يعتبروا العقابَ على السُّكْر وتغييب العقل من قبيل الحدود التى تتخذ طبيعة التحديد وعدم الزيادة أو النقص فيها؛ بل اعتبروها من قبيل (التعذير)، أى (العقوبة المرنة) التى تتغير بحسب تغيُّر الجريمة، وقالوا إنها لو كانت ثابتة ما شددها عمر بن الخطاب.



والذى يقوم بالتعذير فى أيامنا هى الهيئة التشريعية فى المجتمع؛ حيث تستطيع أن ترفع العقوبة بما يحقق الردع المطلوب لمكافحة هذه الجريمة النكراء وهى (العبث بالعقل).. وقد أصبحت المخدرات اليوم أعظم خطر يهدد الإنسانية؛ لأنه يغيب العقول ويعبث فى الحالة النفسية والمزاجية للجناة فيعميهم عن الصواب ويَحُول بينهم وبين إدراك الأمور أو احترام حياة الآخرين وأعراضهم فيرتكب أعتى الجرائم بدم بارد وكأنه لا يفعل شيئًا، ولا تتوقف خطورة جرائم المخدرات عند حد قتل نفس أو هتك عرض أو خطف فتاة أو الاعتداء على طفلة صغيرة أو ذبح ولد صغير لأبيه وأمّه وغير ذلك من الجرائم التى أصبحت تمثل خطرًا على الوطن؛ لأن المدمن لا يعنيه شىء سوى الحصول على المخدر ولا مانع عنده من أن يبيع شرفه وعرضه ووطنه بجرعة مخدر.

إن ظاهرة الجرائم البشعة التى حدثت خلال الفترة الماضية بسبب انتشار المخدرات ناقوس خطر يهدد الأسرة المصرية والمجتمع بأسْره، الأمْرُ الذى يتطلب تدخُّلًا تشريعيًا لحماية أطفالنا وشبابنا كأحد أشكال الردع للجرائم وحماية للوطن والمواطنين.