
طارق الشناوي
كلمة و 1 / 2.. (البحر الأحمر).. يمنح قُبلة الحياة لأفلامنا الجميلة!
نجح مهرجان (البحر الأحمر) فى القفز بعيدا حتى عن التوقعات المسبقة، لو قال لك أحد الأصدقاء، قبل أربع سنوات وعلى سبيل المداعبة كنت ستعتبرها شطحة خيال غير قابلة للتصديق، مجرد أن يستقبل الشعب السعودى احتفالية، بكل هذا الزخم وتلك الضخامة ضرب من الخيال الجامح .
مجرد أن تذكر توصيف (ريد كاربت) أو تترجمها للعربية (سجادة حمرا) وتتابع نجوم ونجمات يتم استقبالهم وكأننا نتحدث عن فيلم خيال (غير علمى) لأنه لا يستند إلى أى حسابات بالورقة والقلم، بينما أغفل الكثيرون أن للوجدان حسابات أخرى.
إنها أمواج التغيير كما أشار إليها (لوجو) المهرجان، إنه رهان على الشعب للانطلاق نحو أفق أكثر رحابة، وسماء أبعد من السماء التى يتطلع إليها وهكذا يأتى التغيير وكأنه يستجيب إلى نداء داخلى يحلم به المواطن البسيط الذى رأيته فى الحى البلدى الملاصق لفاعليات المهرجان حيث تقع مدينة جده التاريخية، بكل هذا السحر الذى ينضح به المكان وأضيف له عدد من دور العرض وكأنه استفتاء من المواطن على الفن والثقافة، وتستطيع أن ترى أيضا تجمعات فنية موازية، حيث أغانينا القديمة لأم كلثوم وعبدالحليم ومحمد عبده مع عمرو دياب وحسن شاكوش.
العالم بدأ فى التعافى باستخدام القميص الواقى وأعنى به (الفاكسين)، مع قدر كبير من الاحتراز، الفيروس على الجانب الآخر لا يستسلم بسهولة، مصرا على البقاء بيننا مدة أطول وتتعدد التحورات، قرر العالم أنه لن يلجأ مجددا لأبغض الحلال، أقصد الإغلاق التام للحدود، بدأنا طريق التعافى بالعودة لكل الأنشطة وهكذا شاهدنا أغلب المطارات فى العالم وقد عادت إليها الحياة، وباتت دور العرض قادرة على استقبال الجمهور، وعادت المهرجانات الكبرى (كان) و(فينسيا) و(القاهرة) دورته الناجحة، وأخيرا أطل علينا (البحر الأحمر) وكأنه مسك الختام لعام بداية التعافى.
السعودية تملك من الذخيرة البشرية ما هو أهم وأبقى من الاحتياطى النفطى، تستطيع أن تحدد المهرجان وأهميته من (ترمومتر) لا يخطئ أبدا وهو الجمهور، بلد خصب قادر أن يمنحنا مبدعين كبارا وفى كل المجالات، وبينها قطعا وفى مقدمة الفنون الجماهيرية السينما، عاشت السعودية منذ عام 1917 فى ظل إغلاق كامل لدور العرض، وحتى عام 1980، ولا يدرك العديد من الزملاء أن تعبير (أفلام مقاولات)، كان المقصود به إنتاج أفلام محدودة للتعبئة على أشرطة كاسيت، حيث رافق قرار إغلاق دور العرض، ظهور أشرطة (الفديو كاسيت)، فكانت تنتج أفلاما متواضعة من أجل تعبئتها على شريط يعرض فى المنزل، المحروم من الذهاب للسينما، الآن يلوح فى الأفق إنتاج سينمائى مصرى سعودى قادر على أن ينافس عالميا ويقتنص الجوائز .
المهرجانات الكبرى تتوجه أساسا لدعم السينما فى البلد المضيف، وهكذا نجد دائما فى (كان) و(برلين) و(فينسيا)، أفلاما تنتمى للبلد المضيف، وهكذا شاهدنا أكثر من فيلم إنتاج مشترك مع شركات سعودية أو مدعم من قبل صندوق (البحر الأحمر)، وأسفر المهرجان عن 27 فيلما سعوديا، توزعت بين مختلف المهرجانات.
يرنو المهرجان أن يُصبح داعمًا للسينما العربية ولهذا فتح أبوابه لاستقبال الأفلام القديمة والمهددة بالفقدان لإعادة الترميم ومنحها قُبلة الحياة، وما أجملها من قبلة!!