السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الطفولة الغائبة.. «بليه» مثالاً!

الطفولة الغائبة.. «بليه» مثالاً!

منذ أيام قليلة احتفلت مصر باليوم العالمى للطفل الذى يعد اللبنة الأولى لبناء الإنسان المصرى الجديد الذى نتمناه لأجيالنا القادمة، ولهذا نص الدستور المصرى وتحديدًا فى المادة 80 أن تكفل الدولة الأطفال من ناحية الصحة والتطعيم الإجبارى والتغذية الأساسية والمأوى الآمن، ولم يغفل دستورنا أيضًا الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة فقد نص على تأهيلهم واندماجهم فى المجتمع، وكذلك حماية الطفل من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسى والتجارى، وحظر الدستور تشغيل الطفل قبل تجاوزه سن التعليم الأساسى كما يحظر تشغيله فى الأعمال التى تعرضه للخطر، ولا يجوز مساءلة الطفل جنائيًا أو احتجازه إلا وفقًا للقانون والمدد المحددة فيه، ويكون الاحتجاز فى أماكن مناسبة ومنفصلة عن أماكن احتجاز البالغين، هذه حقوق الأطفال المكفولة فى الدستور.. مادة فى محتواها القانونى والدستورى لا غبار عليها، وتساهم بدرجة كبيرة فى تشكيل وجدان وثقافة الطفل المصرى، لكن الواقع الفعلى يثبت عكس ذلك فعند تطبيقها على الطفل المصرى نجد أنه يعانى الأمرين حتى يحصل على حق من حقوقه، الأسباب متعددة ويشارك فيها الجميع بداية من الأسرة مرورًا بالمدرسة حتى نصل إلى الإعلام.



بالنسبة إلى الأسرة سنجد أن لغة الحوار مع الأطفال شبه منعدمة رغم ما فى ذلك من تأثير ضار فى تشكيل أخلاقهم وأفكارهم وسلوكهم، ولذلك تعد تربية الأطفال على الحوار من أحسن الوسائل الموصلة إلى تعديل سلوكهم، شريطة أن تنظمه ضوابط لنضمن نجاحه وتتمثل فى مراعاة خصائص النمو وحاجاته، والحرص على الرفق واللين والحنان أثناء الحوار، مع وجود الثقة والاحترام المتبادلين، والحرص على حسن الاستماع والإنصات، بالإضافة إلى ضبط النفس وتحمل الخطأ من الأطفال ومخاطبتهم على قدر عقولهم واختيار الوقت والمكان والظروف المناسبة للحوار معهم، مع مراعاة مشاعرهم وتقديرها والاعتراف بها.. ولكن لجهل الوالدين وعدم إدراكهما لقيمة ومعنى الحوار فى بناء شخصية الطفل، غاب الحوار وفقد جدواه، خاصة أن عددًا كبيرًا من الأسر المصرية أصبح ولى أمرها مشغولًا بتوفير لقمة العيش وبالتالى لم يعد هناك وقت أصلاً للحوار، ولذا أصبح أطفالنا فريسة سهلة لوسائل التواصل الاجتماعى والسوشيال ميديا والألعاب الإلكترونية التى زرعت بداخلهم سلوكيات غريبة على مجتمعنا، كان من نتائجها العنف والانتحار وهدر الدماء تنفيذًا لشروط ألعاب إلكترونية هدامة، أضف إلى ذلك مصيبة الهاتف المحمول المقرب والونيس الأول لأطفالنا بعد غياب الأب والأم.

نأتى لدور المدرسة الذى أراه من وجهة نظرى غائبًا تمامًا، فأغلب المدرسين فى المرحلة الابتدائية التى تتعامل مع الطفل، إما ضعاف مهنيًا وغير مؤهلين تربويًا للتعامل مع طلاب هذه المرحلة، وقبولهم العمل فى مهنة التدريس لم يكن سوى سعي لتوفير باب رزق، ولهذا ظهر المدرس بالحصة، والمدرس الذى يلهث خلف الدروس الخصوصية، هذا بخلاف أن أغلب مدارسنا (الحكومية منها بالتحديد) تفتقد الوسائل الإيضاحية التى تساعد الطالب فى فهم المعلومة كما تفتقد المعامل والملاعب، وبالتالى أصبحت المدرسة لدى العديد من أطفالنا بمثابة عقاب وذنب مفروض عليهم ولابد من الفرار منه حتى ولو كان المقابل (الواد بليه صبى الميكانيكى)، فلم يعد هناك مجال للعب أو لتعلم الموسيقى والرحلات، عكس جل ما يتبع من نظم تعليمية فى الدول المتقدمة، ولذا وجدنا أطفالنا يجلسون على الأرض لعدم وجود مقاعد كافية، وشاهدنا المدرس يتبرأ من مهنته لمعاناته ماديًا، بخلاف معاناته وعدم حمايته وإهدار كرامته عند تعرضه للاعتداء الجسدى والإرهاب من قبل بعض أولياء الأمور.

نصل إلى الإعلام الذى من المفترض أن يساهم فى تشكيل وعى وثقافة أولادنا، فنجد أنه بعيد جل البعد عن أداء هذا الدور، ونظرة واحدة لبرامج الأطفال تؤكد ذلك، فجميعها لا تحتوى أى مضمون فكرى أو ثقافى أو حتى استرشادى (تعليمى) يمكن أن يستفيد منها الطفل فى بناء الوعى أو توسيع مداركه، رغم أن مصر تملك العديد من المتخصصين فى ثقافة الطفل سواء فى الكتابة أو الغناء أو الرسم، جميعهم بالتأكيد يستطيعون أن يساهموا فى تشكيل وجدان وبناء وعى أطفالنا، بدلًا ممن يتصدون للعمل مع الأطفال دون أن يملكوا أى قدر من العلم أو الفهم الذى يجيز لهم العمل مع الأطفال، وللأسف هؤلاء هم من يتصدرون المشهد الآن، وكأنه مسموح لكل من هب ودب أن يعمل مع الطفل.  

أطفال مصر يا سادة يريدون من يحنو عليهم ويرعاهم ويجعلهم فى دائرة اهتمامه، وأعتقد جازمًا أن الحل فى يد الرئيس السيسى، فهو لن يبخل عليهم وسيقف بجانبهم مرحباً وداعمًا وهذا شأننا معه، حتى نضمن حياة أفضل لأطفالنا؛ أملنا وأمل مصر فى المستقبل.