السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بعد أن لمعت أسماؤهن وتألقت أعمالهن: «السينمائيات العرب».. رحلة طويلة من القيود إلى الحرية

نادين لبكى، كوثر بن هنية، آيتن أمين، هيفاء المنصور، درة بوشوشة، مى المصرى، فرح النابلسى، نجوى النجار وغيرهن العشرات من صانعات السينما العربية، واللواتى استطعن فى السنوات العشر الأخيرة حفر أسمائهن فى المهرجانات العالمية، لتصل صورة المرأة العربية كصانعة للسينما لكل الجماهير بمختلف اللغات. بعضهن اخترن أن يتناولن قضايا مجتمعهن بمختلف فئاته، بينما البعض الآخر اخترن أن ينحزن لقضايا المرأة العربية فى محاولة منهن لكسر تلك القيود التى يفرضها عليهن المجتمع الذكورى.



 

وفى الأشهر القليلة الماضية حظيت المرأة بنجاح سينمائى كبير، حيث شهدت الدورة الماضية من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى مشاركة أكثر من 50 % من الأفلام لصانعات سيدات سواء بالإخراج أو الإنتاج. بينما استحوذت على الدورة الأعمال التى تناقش قضايا المرأة. ومن جانب آخر أعلنت إدارة مهرجان البحر الأحمر فى دورته الأولى تخصيصها للاحتفاء بالمرأة وبأعمالها، بل تم منح تكريم خاص للمخرجة السعودية العالمية «هيفاء المنصور» والتى صورت أول فيلم روائى بالكامل لها فى المملكة العربية السعودية عام 2012 وأحدث هذا الأمر ضجة كبيرة وقتها.

كما أعلنت أكاديمية الأوسكار عن استقبال 10 أفلام عربية للمنافسة على جائزة الأوسكار أفضل فيلم غير ناطق باللغة الإنجليزية، ومن بينها عملان لسيدات وهما (سعاد) من مصر للمخرجة «آيتن أمين» والذى شهد عرضه الأول بالدورة الماضية لمهرجان «كان» السينمائى الدولى.. والفيلم اللبنانى (كوستا برافا) وهو العمل الروائى الطويل الأول للمخرجة «مونيا عقل».

ورغم  المكانة التى وصلت إليها المرأة كصانعة سينما فإن هناك تحديات كبيرة تواجهها، كعراقيل داخل وخارج العمل، ومضايقات ومحاولات لحصرها فى موضوعات معينة.. «روزاليوسف» تفتح الحوار مع عدد من صانعات السينما العربية من مختلف الدول للتعرف على كيفية تحديهن للصعاب، وكسر قيود التابوهات والموضوعات التى يتناولنها فى أعمالهن.

غياب منظومة العمل

فى بداية حديثها قالت المخرجة السعودية «هند الفهاد» أنها بدأت بالعمل السينمائى منذ عام 2012، وفكرة وجود مخرجة لم تكن واردة بالسعودية وقتها، بالإضافة إلى معاناتها فى إيجاد فريق عمل للفيلم من إنتاج وتصوير وتمثيل وغيرها، لأنها لم تكن هناك منظومة أو مؤسسات للعمل السينمائى قبل 2017. ولكن حاليًا اختلف الأمر معها تمامًا، فأصبح أكثر سهولة، ولكن مع استمرار بعض التحديات الأخرى القليلة مثل عدم توافر ممثلات وعدم تأهيلهن للوقوف أمام الكاميرا، وفرق العمل السينمائى لا تزال محدودة جدًا بالمملكة السعودية.

وعن المكانة التى وصلت إليها المخرجة العربية والسعودية بشكل خاص قالت إنها فخورة بالمكانة التى وصلت إليها المخرجات السعوديات واللائى استطعن توصيل كل المشكلات وكل المعاناة للعالم أجمع. مؤكدة أن نجاحهن أصبح حافزًا لكل المخرجات لكى يعملن وينجحن ويصلن بأفكارهن لأبعد الحدود.

وأضافت الفهاد: «المرأة تستطيع أن تعبر برأيها ومن وجهة نظرها عن الإنسان الآخر، فهى لديها حس ورؤية مختلفة، فسواء كنا نقدم عملاً عن قضايانا أو قضايا الآخرين، فنحن نحمل لمسة مختلفة عن غيرنا فى تقديم القصص الإنسانية».

الجيل الجديد أكثر جرأة 

أما المخرجة الفلسطينية «نجوى النجار» فقالت إنها كمواطنة فلسطينية تواجه العديد من التحديات ليست فقط كسيدة، ولكن كفنانة متواجدة بفلسطين، فهناك دومًا تحديات بالنسبة للقصة التى يكتبونها وهل ستنقل معاناتهم للعالم وكيف يتم نسجها، بينما تواجه هى وباقى صناع الأفلام تحديات بالنسبة للتصوير فهناك أماكن لا تسمح قوات الاحتلال بالتصوير فيها، وتذكر أن بآخر عمل لها تم القبض علىّ وسجن أربعة من العاملين معها بالفيلم.

وأضافت قائلة: «عندما يستطيع أى صانع للأفلام الوصول للعالمية فهذا يعنى أنه امتلك الجرأة والمقدرة على توصيل آرائه وأعماله لكل شعوب العالم، وبالتالى فإن وصول المرأة لهذه المكانة يعنى تمكنها من الوصول إلى شبكة التواصل لكى يصل صوتها لكل العالم».

كما قالت النجار إنها لا تؤمن كثيرًا بأن المرأة هى الأجدر لتناول قضايا المرأة فلا شك أن هناك خصوصيات تعنى المرأة وتفهمها وتستطيع أن تنقل مشاعرها، ولكن هذا ليس معناه أنها لا تستطيع أن تعبر عن قضايا الرجل. فهناك رجال استطاعوا أن يعبروا عن قضايا المرأة أكثر من المرأة نفسها. مؤكدة أنها عن نفسها تسعى للقصص الإنسانية التى تستطيع من خلالها تقديم قصص الحياة سواء كانت عن رجل أو امرأة.

وفى نهاية حديثها قالت «النجار» إنه من المؤكد وجود قيود على بعض الأفكار التى تطرحها كصانعة سينما، ولكن وجود الجرأة وفريق عمل مؤمن بهذه الأفكار يجعل الأمر أسهل. مضيفة أن هناك بعض السيدات اللاتى يضعن حدودًا لجرأة أفكارهن خاصة أن السيدة تفكر بزوجها وأولادها والمجتمع من حولها.. فالأمر يحتاج لجرأة وصراحة وهذا ما تراه فى مخرجات الجيل الجديد واللاتى يتميزن بجرأة كبيرة فى طرح أفكار شائكة وغير متعارف عليها.

قضايا المرأة تُحل بالتكاتف

«دائما الأمر بالنسبة للسيدة يكون صعبًا» هكذا بدأت المنتجة والمخرجة التونسية «مفيدة فضيلة» حديثها حيث قالت: إن بدايتها بالسينما كانت بالفنون البصرية ولم تكن تتعامل مع أشخاص كثيرًا فعملها مع التكنولوجيا أكثر. وعندما دخلت مجال الإخراج بدأ الأمر يكون مختلفًا لأنها يجب أن تكون صوتها عاليًا، وفى محاولات دائمة لإثبات الذات.

وأضافت قائلة: «على الرغم من كون المجتمع التونسى يتميز بتحرره كثيرًا فى الأفكار ولكن لايزال هناك تفرقة والأولوية أو الأكثرية للمخرجين الرجال.. أما بمجال الإنتاج أصبحت أكثر معرفة بأسلحتى للتعامل مع المجال الذى يستحوذ على أغلبه ذكور».

كما قالت «فضيلة» إن فكرة المجتمع الذكورى ليست متواجدة مع صانعات الأفلام بالوطن العربى فقط، بل مسيطرة فى العالم الغربى أيضا وأكبر دليل على ذلك مطالبات صانعات الفن والسينما  بأوروبا بتطبيق قانون الـ50 % والذى يضمن تمثيل المرأة بنسبة 50 بالمائة فى جميع المهام. مؤكدة أننا فى 

أواخر عام 2021 ولا نزال نطالب بالمساواة أو بعض الحقوق مما نعتبره نوعًا من الكوميديا السوداء، ولكننا وصلنا فى النهاية إلى أن فكرة التواجد والنجاح جعلت فكرة عمل المرأة بالسينما أمرًا واقعًا معترفًا به.

وقالت «مفيدة» إن الأهم هو دعم المرأة للنساء الأخريات سواء بدفعهن للأمام أو مساندتهن أو دعمهن.. فمن المهم أن تنجح السيدة العربية لكى تشجع الأخريات على تحدى الصعاب.

التعامل معى كبنى آدم

رغم كون اسم والدها المخرج الراحل «محمد خان» كان سندًا كبيرًا لها فى بداياتها فإن المخرجة «نادين خان» قالت إنها عندما بدأت عملها فى صناعة السينما منذ عام 1998، بدأت فى خلق شخصية تواجه بها العالم الذكورى المسيطر على المهنة.. حيث بدأت فى توجيه المحيطين بها للتعامل معها كبنى آدم بغض النظر عن كونها أنثى.. مؤكدة أن مهنة صناعة السينما أغلبها من الذكور، ولكن فى السنوات الأخيرة بدأت صانعات السينما والمخرجات فى إثبات أنفسهن وتحقيق النجاح بشكل كبير، وذلك رغمًا عن أى تحدٍ يمكن أن يواجههن.

وأضافت أنها سعيدة بالمكانة التى وصلت إليها المرأة العربية حتى الآن، مؤكدة أنها ضد حصر دور المخرجات فى سرد مشاكل المرأة أو التعبير عنها فى أعمالهن، فالمخرج يمكنه تقديم العمل الجيد بغض النظر عن جنسه. مضيفة أن هناك مخرجين رجالاً مثل أبيها الراحل كانوا الأكثر تعبيرًا عن قضايا المرأة ومشاعرها.